التجمع في حيفا: كتاب "المهد العربي" مساهمة مميّزة في المشروع القومي الديمقراطي ضد الطائفية

التجمع في حيفا: كتاب
شارك العشرات مساء يوم الخميس الماضي في أمسية خاصة نظمها التجمع الوطني الديمقراطي في حيفا بمناسبة صدور الكتاب "المهد العربي - المسيحية المشرقية على مدى ألفي عام" من تأليف الكاتب سميح غنادري، وذلك في مقر التجمع في حيفا.

وتحدّث في الندوة سكرتير الفرع الأستاذ إميل عبد والمؤرخ د. جوني منصور والكاتب سميح غنادري وساهم في النقاش الأديب والشاعر حنا أبو حنا وعضو المكتب السياسي للتجمع محمد ميعاري.

وافتتح الندوة سكرتير فرع التجمع في حيفا، المربّي إميل عبد الذي أثنى على أهمية الكتاب والمعلومات التي يحتويها من حيث مساهمته في تثبيت القومية العربية. وأشار إلى أن الكتاب هو رد قاطع على توجهين متناقضين مفسرًا ذلك :"التوجه الأول هو المغيِّب: يميّز الأصولية الإسلامية يحتكر الحضارة العربية بقوله إنها أسلامية فقط وتنفي دور العرب المسيحيين في بناء الحضارة العربية. يختزل هذا التوجه الحضارة والتاريخ بالمعتقدات الدينية بينما هي مركب واحد فقط من مختلف المركبات المؤثرة منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. عرب بني تغلب في العراق وغساسنة الشام كانوا من النصارى من أصل عربي عريق، فإذا ما اعتنقوا المسيحية دينًا هل من الجائز أن نغيّبهم ونخرجهم من التاريخ والحضارة العربية".

وأضاف الأستاذ إميل عبد أن التوجه الثاني هو المتغيّب على أنه "يمثّل التيار المسيحي الانعزالي الذي يغيّب نفسه عن الأمة العربية ويرى بالحضارة العربية حضارة اسلامية لا تمت له بصلة.. فالتيارين المغيِّب والمتغيّب يلعبان لأيدي الدعاية الغربية ويقعان في فخ هنتنجتون بربطه صراع الحضارات بصراع الديانات، فالصراع هو صراع سياسات ومصالح وقوى اقتصادية ونفوذ وليس الطائفية" وتابع مؤكدا "أما نحن في التيار القومي نقول: إن تاريخ العرب هو تاريخ كل العرب، وحضارة العرب تتسع لكل من ساهم بها، لذا نحن ننتمي للتيار القومي، فتيارنا يتسع لكافة المعتقدات ويتجاوز وترفّع عن الانتماءات الطائفية الضيقة".

ثم تحدّث المؤرخ د. جوني منصور الذي واكب الكتاب منذ بداياته مشيرًا إلى "تميّز الكتاب "المهد العربي" بشموليته من حيث عرض المادة تاريخيًا، ونظرته النقدية الواضحة، إذ يبرز غنادري أن المسيحيين العرب لم يكونوا على هامش الحياة العربية الإسلامية، ويتطلع كاتبه نحو المزيد من تثبيت الوجود العربي المسيحي من خلال توثيق شبكات العلاقات مع المسلمين العرب الذين معًا، وفقط معًا يواجهون نفس المصير" مضيفًا بقوله "لا يفوت الكاتب ذكر مساهمات المسيحيين المشرقيين العرب والمتعرّبين في رفع مكانة العروبة بكافة مركباتها الثقافية والحضارية والقومية من خلال مبادرات ومساهمات بارزة عبر الأزمنة الغابرة" واستعرض د. منصور تاريخ العلاقات بين المسلمين والمسيحيين العرب حتى بدء النهضة العربية الحديثة مؤكدًا دور المسيحيين العرب في تأسيس الحركة القومية العربية وإحياء التراث واللغة والأدب العربي انطلاقا من كونهم جزء لا يتجزأ من الأمة العربية.

واختتم الندوة مؤلف الكتاب، الكاتب سميح غنادري قائلا :" كان همّي أن أثبت بوقائع التاريخ، أن المسيحية العربية نبتة أصيلة وأصلانية في هذا الشرق لم نستوردها من الغرب بل صدرناها له، وأنهم من هذا الوطن وتاريخه وجغرافيته وبناة حضارته. وأبيّن العلاقة مع الإسلام في الوطن العربي، مشيرًا إلى تسامح الإسلام عمومًا مع المسيحية ووحدة المسيحيين والمسلمين العرب في بقاء وحضارة هذا الشرق" وأكّد غنادري رسالته الوطنية قائلا "دعوة في مواجهة قبلية الطوائف وطائفية القبائل وتذويت هوية قومية ديمقراطية جامعة. كان علي أن أنبش تاريخ ألفي عام لإثبات هذا وأن المسيحية العربية ليست طارئة أو عابرة أو أقلية في هذا الشرق وفي تاريخنا ما يؤكد تسامح الإسلام مع المسيحية. لا أقول أن تاريخنا وردي ولكن أقول أن ما حدث من ظلومات وتمييز بحق هذا الطرف أو ذاك يجب عدم إعادتها إلى النص الديني فهذا منها براء. هي ظلمات وتمييز لسياسيين وبعض الخلفاء أو الأباطرة، اتخذوا الدين ستارًا لممارستهم القمعية، وشتان بين دين النص والدعوة ودين الممارسة والسياسة" وأكّد غنادري أن "لا تقطن وطننا العربي وبلداتنا أكثرية أو أقلية مسيحية أو مسلمة، وإنما تقطنها أغلبية عربية "مسليحية" مطلقة".

وأثنى محمد ميعاري في مداخلته على أهمية الكتاب في تثبيت الوحدة القومية كمشروع سياسي في مواجهة القبلية والطائفية التي تفتت وحدة الشعب، من خلال تذويت هوية قومية ديمقراطية جامعة فالانتماء القومي هو الأساس وهو الرسالة وهو الحل والقناعة الثابتة عندنا. وأكد ميعاري أن هذا مشروع سياسي واجتماعي وعلى رأس سلم الأولويات في حزب التجمع بهدف توحيد شعبنا بكافة أطيافه وتنوّعه ضد العنصرية والاضطهاد القومي والاحتلال.

وأشار الأديب والشاعر حنا أبو حنا في مداخلته إلى أن الوجود العربي المسيحي في بلادنا ليس تابعا للغرب، بل هو وجود أصيل وليس بطارئ أو بعابر أو مؤقت ولا وجود أقلياتي. وأكد أهمية الاستمرار في نشر هذه الرسالة إلى الأجيال الصاعدة وتذويت المعرفة التاريخية والثقافية والقيم الوطنية والقومية ضد الطائفية والجهل.
.....

التعليقات