إجماع عام ضد "الخدمة المدنية" في مؤتمر "أنا مش خادم" في حيفا. زحالقة: هدف المؤسسة تعميق تماهي العربي مع الدولة.

شارك مئات الشباب والشابات العرب، من مختلف البلدات العربية، اليوم السبت، في مؤتمر قطري ضد مخطط "الخدمة المدنية" تحت عنوان "أنا مش خادم".

إجماع عام ضد
شارك مئات الشباب والشابات العرب، من مختلف البلدات العربية، السبت 27.10.2007، في مؤتمر قطري ضد مخطط "الخدمة المدنية" تحت عنوان "أنا مش خادم"، والذي نظّمته "جمعية الشباب العرب-بلدنا" و"الائتلاف الشبابي ضد الخدمة المدنية"، بالتعاون مع "لجنة مناهضة الخدمة المدنية وكافة أشكال التجنّد"، وتحت رعاية "لجنة المتابعة العليا لشؤون المواطنين العرب"، وبدعم من مؤسسة "التعاون".

حيث تضمنّت فعاليات المؤتمر ثلاث ندوات مركزية، تحدّث فيها عددٌ من القيادات الساسية العربية والشخصيات الاجتماعية والقيادات الشبابية، وتمحورت المداخلات خلالها حول جوانب مختلفة من أسباب مناهضة مخطط الخدمة المدنية.

قال رئيس كتلة التجمع الوطني الديمقراطي البرلمانية، عضو الكنيست د. جمال زحالقة، إن المؤسسة الحاكمة تهدف من وراء ما تسميه "الخدمة الوطنية" إلى أسرلة الشباب العربي وجعله يعمّق تماهيه مع الدولة، وهو الأمر الذي سنتصدى له ونقف له خطا منيعا بوحدة صفّ عربية تامة، حيث يجتمع على رفض هذه الخدمة كل الأطياف السياسية العربية، برغم اختلاف الإجتهادات والرؤى.

وزاد زحالقة في مقابلة أجراها معه عقب المؤتمر موقع "واينت" التابع لجريدة "يديعوت أحرونوت"، والذي أفرد صفحته الرئيسية وأولى للمقابلة الإهتمام الأكبر حيث جعلها الخبر الرئيس، زاد زحالقة بشكل قاطع "إننا سنعتبر كل من يتطوّع للخدمة الوطنية أجرب سيلفظه المجتمع العربي من صفوفه".

وأكّد زحالقة أنّنا في حزب التجمع الوطني الدمقراطي لن نقبل أن نخدم جلادنا، كما أننا سنناضل وسنحارب كل من تسوّل له نفسه فعل ذلك،

ونوّه رئيس كتلة التجمع البرلمانية أن أريئيل شارون كان "اقترح في الماضي أن تكون الخدمة إلزامية، لكننا صمّمنا على محاربة هذه المبادرة الخبيثة والتصدي لها. حيث لاحظت الحكومة أن هنالك في صفوف العرب معارضة شديدة لهذه النيّة فحوّلوها إلى ما أسموه "خدمة وطنية" لا شكّ لدينا أنها ستتحوّل لاحقا إلى خدمة إجبارية، متسائلا، لماذا لم تفرض هذه الخدمة على قطاعات أخرى من المواطنين.

وأكد زحالقة على أن "من حقنا أن نحافظ على انتمائنا وعلى هويتنا. وإننا نرى إلى أن مجرّد التطوّع أنه محاولة لتنفيذ الأسرلة على شبابنا"، وقال إن العرب يدفعون الضريبة ويحترمون القوانين، وفي أية دولة ديمفراطية فإن الواجبات تكون نسبية بينما الحقوق يجب أن تتساوى لدى الجميع. وهنالك أقليات كثيرة معفية من الخدمة في جيش إسرائيل.

وكان تحدّث خلال الجلسة الافتتاحية، التي أدارتها رشا حلوة عضوة إدارة جمعية "بلدنا"، المهندس شوقي خطيب، رئيس "لجنة المتابعة العليا"، الذي حيّا المؤتمر وأكّد أنه تعبير عن الموقف الجماعي العام الرافض للخدمة المدنية، بكل تسمياتها، وحثّ على العمل على نشر روح العطاء للمجتمع.

وتحدث الأستاذ سهيل ميعاري، عن مؤسسة "التعاون"، الذي دعا إلى رفض المخطط ودعا إلى العمل على صيانة الهوية الوطنية للشباب العربي الفلسطيني في الداخل ونشر ثقافة التطوع بين أبنائه.

كما تحدثّت في الجلسة، باسم الائتلاف الشبابي ضد الخدمة المدنية، سنا زريق، عن إصرار الشباب على البحث عن غدٍ ومستقبل أفضل بمقابل رفض مخططات التشويه الثقافي وطمس الهوية الفلسطينية.

أدار الندوة الأولى للمؤتمر، التي كانت تحت عنوان "دور الأطر الشبابية في محاربة الخدمة المدنية"، محمد بدارنة، وتحدّث خلالها، علي حاج، من جمعية "إقرأ" الطلابية، الذي دعا إلى رفض المخطط والتركيز على التوعية الوطنية، وجمال عبده، من حركة "أبناء البلد"، الذي قدّم الخلفية التاريخية والسياسية للمخطط، كرد على هبة الأقصى ومقاطعة انتخابات 2001، ورفض إلقاء اللوم على الضحية وأكّد ارتباط الخدمة المدنية بالجهاز الأمني. وتحدّثت ريم حزان، عن "الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة"، حول المخطط كامتحان لحصانة شبابنا العربي من مشاريع الأسرلة وأمام الإغراءات الاقتصادية المختلفة، وتحدّث بعدها، ممدوح اغبارية، رئيس الاتحاد القطري للطلال الجامعيين العرب، عن أهمية طرح قضايانا من منظور وطني فلسطيني وعلى أساس جماعي، وعرض عدة معطيات حول التأثير السلبي للخدمة العسكرية على نسب الحصول على شهادة "البجروت" والتعليم العالي.

أدارت الندوة الثانية للمؤتمر، التي كانت تحت عنوان "انعكاسات الخدمة المدنية على الهوية والانتماء"، إيناس مرجية، وتحدّث فيها بروفيسور رمزي سليمان، حول الخدمة المدنية كآلية لتعميق الأسرلة والرفض الأخلاقي للأسرلة، وحول افتقاد ثقافة التكافل الاجتماعي بسبب التهميش والتبعية الاقتصادية، وأهمية استخدام التطوع لتطوير الهوية الوطنية. ودعا المطران عطالله حنا رجال الدين والعلماء المسلمين والمسيحيين والدروز باتخاذ موقف واضح ضد هذه الظاهرة المسيئة والتوقيع على وثيقة ضدها ونشرها وتوزيعها.

كما دعت حنين زعبي، مديرة مركز "إعلام"، إلى اتخاذ موقف رافض للخدمة المدنية كموقف مبدئي نابع من السياق التاريخي، وإلى إشراك الشباب في تحديد مستقبل ومصير شعبهم، وقالت إننا لسنا مطالبين بإيجاد أي بديل للخدمة.

ووصف أمير مخول، مدير "اتجاه-اتحاد جمعيات أهلية عربية"، مخطط الخدمة المدنية كمحاولة للهندسة السياسية وكتجذير وتعميق لحالة التجزيئية الفلسطينية. وطالب الباحث مهند مصطفى بالخروج من بعض المعادلات المتبعة بالنقاش حول الخدمة المدنية، وخصوصًا ربطها بالخدمة العسكرية، وعلاقة الحقوق بالواجبات، ودعا إلى تشجيع المجتمع العربي على الاعتماد على ذاته والتشديد على الخطاب الأخلاقي. وتحدّث في الجلسة أيضًا المحامي سامي مهنا حول الخدمة المدنية واصفًا إياها كطريق إلتفافي للوصول إلى الأسرلة ولتقويض الهوية القومية.

وتحدّث خلال الجلسة الثالثة والأخيرة للمؤتمر، النائب جمال زحالقة الذي قال إن الهدف الحقيقي من الخدمة المدنية هو التماهي مع الدولة أي "تماهي الضحية مع الجلاد "، وأنّ هذه مسألة أخلاقية، وأنّ ما هو مدني اليوم سيتحول إلى عسكري وما هو خدمة للمجتمع سيتحوّل إلى خدمة للمؤسسة. وقال الشيخ النائب ابراهيم صرصور، خلال مداخلته، أننا شعب لا يركع ولا يخضع إلى المخططات المفروضة عليه، ودعا إلى إعداد خطط وبرامج وإلى الممانعة والعمل على تطوير مجتمعنا، وتحدّتت عايدة توما، عن "الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة"، عن أننا شعب يملك ثقافة العطاء وأننا وضعنا بدائل كفاحية تطوعية منذ زمن، وتحدّث سهيل صليبي، عن "أبناء البلد" حول أهمية رفض المخطط والحفاظ على الهوية الوطنية، وفي نهاية الجلسة، تطرّق الشيخ رائد صلاح إلى النفاق الإعلامي الإسرائيلي من خلال استخدام المصطلحات، واعتبر الخدمة المدنية مخططًا تدميريًا لبنية المجتمع العربي وأن هدفه الحقيقي هو خلق جماعة موالية للسلطة تضرب مسيرة العمل الوطني.

وفي نهاية المؤتمر، الذي تخلّل أيضًا فقرة فنية وطنية قدّمتها الفنانة سلام أبو آمنة، تم تقديم فقرة تلخيصية لفعالياته ومداخلاته، قدّمها إياد برغوثي، الذي دعا إلى إنجاح فعاليات الخيمة الثقافية التي ستجوب البلاد خلال الأشهر القادمة.

...

التعليقات