إسرائيل قررت محاصرة "الحركة الاسلامية" على رغم القوائم التي كان يتسلمها جهاز "الشاباك"

إسرائيل قررت محاصرة

الحملة الاسرائيلية الواسعة ضد قادة الحركة الاسلامية لم تأت من فراغ , وهي ليست "شلعة أذن " أو محاولة " تلميعية " لقياداتها كما يحب بعض خصومهم تسمية الحملة , بل انها اجتهاد اسرائيلي جديد لالصاق تهم اقتصادية ضد قيادة وناشطي الحركة الاسلامية تندرج في سياق سياسة الاقصاء لقوى عربية مناهضة للسياسة الاسرائيلية, التي حاولت أيضا منع التجمع الوطني الديموقراطي خوض الانتخابات الاسرائيلية الاخيرة . ولعل تمديد اعتقال الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الاسلامية والدكتور سليمان أغبارية رئيس بلدية أم الفحم وناشطين آخرين يؤكد جدية سياسة الاقصاء التي تستهدف العرب في هذه البلاد , لذا يتوجب على القوى العربية وبضمنها الحركة الأسلامية مراجعة الذات في كيفية التعامل مع بعضها لمجابهة السياسة الاسرائيلية الهادفة لعزلنا عن شعبنا وقضيته العادلة .

اخترنا هنا مقطوعات من تقرير كتبه الصحافي الاسرائيلي البارز ناحوم بارنيع ينقل لنا الموقف الاسرائيلي الرسمي من ملف اعتقالات قادة الحركة الاسلامية, بالرغم عما صرّح به قادة الحركة الاسلامية للصحافة الاسرائيلية أكثر من مره أنهم قاموا بتسليم المخابرات الاسرائيلية قوائم بأسماء الذين استلموا تبرعات من الحركة الاسلامية . وقد ذهب أحدهم الى أبعد من ذلك حين قال ليائير أتينغر, مراسل هآرتس, أنهم ألتزموا بقوائم الاسماء التي يقّرها مكتب رئيس الحكومة الاسرائيلية بعد شطب بعض ألاسماء منها .

ومن حقنا ان نعتب على اخوتنا في الحركة الاسلامية في هذا الوقت بالذات على هذا السلوك الذي لم يرحمهم ويحمهم من عنجهية المؤسسة ألاسرائيلية الحاكمة خاصة وأن دعم اي طفل يتيم او امرأة ثكلى تشرعه كل قوانين السماء والأرض , وكان بوسع الاخوة أن يحتفظوا بأسماء اليتامى وفاعلى الخير لأننا لا نستبعد ان تكون اسرائيل قد استغلتها لمآربها في الضفة الغربية وقطاع غزة.

على أية حال فان الهجمة الشرسة على الحركة الاسلامية تستهدف في الأساس عرب الداخل وحقهم في تنظيم انفسهم في أطر تنناقض مع الصهيونية وتحافظ على الهوية والتراث ومعالم الوطن .

وفيما يلي ترجمة مقطوعات من تقرير موسع لناحوم بارنيع نشرته " يديعوت احرونوت" في ملحقها يوم الجمعة 16-5-2003:

جرى سنّ قانون منع تبييض الأموال في اسرائيل في الاساس لمحاربة المافيا الروسية , وها هو القانون يلفت انتباهنا للتبرعات التي استلمتها الحركة الاسلامية من جمعيات في الولايات المتحدة وبريطانيا ودول الخليج . الحديث يدور عن عشرات ملايين الدولارات , استلام مبالغ من منظمات اخرجت خارج القانون هي جناية , تحويل اموال لاجسام غير قانونية في
في المناطق هي ايضا جناية .

تقول ميري غولان, قائدة الوحدة القطرية لتحقيقات الرشوة في شرطة اسرائيل " تخيّلوا لو ان هذه الاموال ذهبت لرفاهية العرب في اسرائيل , كان بوسعها ان تحدث تغييرات كبيره في الوسط العربي " , من نافل القول ان المعتقلين ابرياء ما دام لم تثبت حتى الآن الادانة وفي نفس الوقت ليس خطأ ان نقول ان الحقائق ستثبت أمام القضاء , سيدور نقاش حامي الوطيس حول التفسيرات القانونية , أعترف ان المحققين لم يجدوا حتى الآن علاقة بين التبرعات وبين عمليات الارهاب , تتمحور الشكوك حول دعم عائلة أرهابي واذا كان هذا الدعم المالي يدفع بشكل منظم , فرضية المحققين ان هذا جزء من شبكة الارهاب.

عملنا بشفافية , يّدعي قادة الحركة الاسلامية . حوّلنا للمخابرات الاسرائيلية قائمة بأسماء فلسطينيين استلموا مساعدات من الحركة الاسلامية .

ترفض غولان هذا الادعاء وتقول " احذروا هم لم يعملوا بشفافية هذه الادعاءات هدفها التمويه " ...

هذا الملف ليس بسيطا , بل معقّد ايضا من ناحية جمع الأدلة والبينات وايضا من ناحية التفكير القانوني , يوجد هنا كثير من التجديد , بسبب القانون الجديد , هذه هي المرة الاولى التي يستعمل فيها قانون تبييض الاموال في سياق تحويل اموال من منظمات غير قانونية وعندما اقول ان الملف معقّد لا اقصد ان الملف ضعيف, امتنعت الشرطة من ان تعلم حتى وزيرها عن مجريات التحقيق , من جهة اخرى اهتمت المخابرات "الشاباك " ان تعلم رئيس الحكومة فقط , واجبها ان تفعل ذلك , هكذا تستطيع غولان ان تقول ان من وراء سرية التحقيق لم يتدخل رجال السياسة , فقط رجالات الشاباك والشرطة , اكثر من سنة والنيابة , المستشار القضائي للحكومة , وسيلفيا برايمن من نيابة حيفا يتابعون هذا الملف , وهكذا يستطيع رجال الحركة الاسلامية الادعاء ان هذه مبادرة شارون .انتظر عمدا زيارة باول ووجه ضربته .
... في المقبرة في ام الفحم تجمع 2000-3000 شخص لدفن صلاح محاجنة ,والد الشيخ رائد الى مثواه الاخير . المفاجأة كانت الصمت , لم يتفوه احد هناك , لم نسمع صعيق الشهداء مثال غزة ولا وشوشات الجنائز في تل ابيب , فقط خبطات الارجل على الغبار وهدير مروحية الشرطة التي حامت فوق الجنازة .. اشتكى الناس منها واعتبروا وجودها استفزازا متعمدا , مثال اخر لعدم فهم اليهود المطلق لأم الفحم , صبيحة الثلاثاء الماضي ارسلت قرابة الف شرطي لأعتقال 14 نشيطا في الحركة الاسلامية , حديث الناس لم يتمحور حول التهم بل حول عدد الشرطيين . " ما هذه الحرب ؟ " تساءل احدهم , لو أردتم أعتقال أحمد يس لأحضرتم عددا اقل.

في دول أخرى اقل تعقيدا يرسل القائد العام للشرطة زهورا للجنازة بدلا من مروحية .حتى خروجه للتقاعد كان المرحوم شرطيا في شرطة اسرائيل , في جنين ما زالوا يذكرونه , لم ينسوا قوة قبضته , الابن البكر محمد مدع عام في شرطة الخضيرة , في قيادة الشرطة يمتدحه الجميع , الابن الثاني عايد شرطي في العفولة , رائد هو الثالث بين الأبناء , ذهب للكلية الاسلامية في الخليل عندما اعتنت بها حكومة اسرائيل كقوة ضد فتح , تحول رائد الى قائد للحركة الاسلامية , الجناح الشمالي.

البلاد مليئة بحكايات عن هكذا عائلات , غنية بالاخلاص المتناقض , حكايات عن الحب والكراهية والدم والارض والحسد , هذه البلدة ولدت من عدة حكايات , العلاقة بين الاخوة محاجنة , محمد وعايد ورائد , علاقة اكثر من جيدة , قبل فترة ما عقد ابن محمد قرانه على ابنة الشيخ رائد , عما قريب سيحتفلون بالزواج .

عائلة محاجنة, مثلها مثل ام الفحم , هي ليست بالضبط قاعدة عدو , تعيش على طرفي الحاجز ,رأسها يدور في فلك حماس وأرجلها غرزت عميقا في ارضية الدولة . عندما اتصلت هذا الاسبوع ببيت الدكتور سليمان اغبارية, احد مقربي الشيخ رائد ووريثه في بلدية ام الفحم ,ردت علي ابنته , طلبت منها ابيها او امها , تفاجأت البنت وصاحت : ماما ماما واحد يهودي .

الصلاة حول القبر صامتة خرساء , فجأة يجلس الجميع , جنازة شبه علمانية , اصحاب اللحى هم اقلية , عدد قليل من أفراد أتى بلباس تقليدي , غطوا رؤوسهم بكوفية أسلامية بيضاء , وعندما انتهى وقت الجلوس وقف الجميع ليمدوا اذرعتهم ويفتحوا أكف أيديهم , " آمين " اتى الصوت من هناك من التجمع حول القبر وردّ الناس على الفور "آمين" .

في المقبرة التقيت الرجل الذي نبهني للجلوس , انه قاسم زيد مراسل "عل همشمار" في ام الفحم وهو مؤيد متحمس للحركة الاسلامية , جلسنا في المقهى القريب من المسجد . هناك يبيعون القهوة والبيتسا , صوت التلفزيون عال ويبث برنامج "مساء جديد" , ام الفحم ارادت ان تعرف ماذا يقول عنها اليهود .

" كنت في المبام ورغم ذلك انا مسلم مؤمن " ,قال زيد وأضاف " لا أرى تناقضا , آمنت في الاخوة اليهودية العربية , لكنني لم اوافق بتاتا مع علمانية مبام , عليكم ان تفهموا اننا بشر مثلكم احلامنا واحلامكم تصطدم, هذه الاحلام تشبه احلامكم وعلينا ان نحترم الاحلام ."

التعليقات