السلطات الإسرائيلية تستخدم سياسة الإجلاء لقرية عربية في النقب

هدم 20 بيتًا وحظيرة للمواشي في قرية أم الحيران، بهدف اقامة مستوطنة لليهود عليها * السلطات تتهم أبناء القرية الذين رحلوا من أراضيهم بأوامر عسكرية قبل 51 عامًا بأنهم «غزوا الأرض» * احدى النساء تلخص المأساة بقولها: سنفترش الأرض هذه الليلة

السلطات الإسرائيلية تستخدم سياسة الإجلاء لقرية عربية في النقب
منذ ساعات صباح الإثنين وقوات كبيرة من الشرطة وحرس الحدود، لم يسبق لها مثيل، تساند جرافات «دائرة أراضي إسرائيل» و«كنتونورات» وحافلات، تقوم بعمليات اجلاء لعائلات من قرية أم الحيران. والهدف، هو اقامة مستوطنة جديدة لليهود تحمل اسم... حيران!

وتم هدم 20 بيتًا وحظائر للمواشي، تعود مليكتها لكل من علي سلامه أبو القيعان وأولاده، وحسّان محمد سلامة أبو القيعان وأولاده، وعزات أبو القيعان وأولاده – كما أعلمنا أبن القرية كايد أبو القيعان.

وتأتي عمليات الاجلاء هذه تلبية لمطالبة جهات عنصرية يهودية باستعمال هذا الاسلوب مع عرب النقب، على غرار اجلاء قطاع غزة، في تجربة أولى تستعملها السلطات لفحص مدى نجاحها عند العرب وفي حالة نجاحها سيتم الاستمرار بها.

وقد شهدت قريتي عتير وأم الحيران معارضة لهذه الخطوة، وقد تم اغلاق جميع الطرق المؤدية إلى القرية، كما تم اعتقال رئيس المجلس الاقليمي للقرى غير المعترف بها حسين الرفايعة.

ووجه المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها نداء إلى السكان العرب والقيادات العربية باخذ دورها بالتوجه إلى قريتي عتير وأم الحيران لمساندة الأهل من عائلة أبو القيعان.

وتعد هذه الخطوة الإسرائيلية خطوة نحو التصعيد في مجال هدم البيوت العربية و«تهويد االنقب». وجاءت هذه الخطوة في ضوء المراوغات الاسرائيلية القاضية إلى افراغ الأرض من سكانها العرب لصالح السكان اليهود.

وقام شبان يعملون لدى مقاول ويلبسون القمصان البرتقالية – التي تؤكد أنهم ضد خطة الانفصال لليهود – بالعمل على افراغ البيوت من أثاثها وتجميعها في منطقة واحدة للعمل على نقلها في «كونتونورات» إلى مكان آخر. ولحصت احدى النساء المأساة: «سنقترش هذه الليلة الأرض نحن وأولادنا».

وقد علم من سليمان أبو عبيّد، المركز الميداني للمجلس الاقليمي، أن عدد البيوت التي تم هدمها وصلت إلى 20 بيتًا، وما زالت عمليات الهدم والمصادرة لأثاث البيوت مستمرة.

الداخلية في حينه أوفير باز-بينس، ووزير الصناعة والتجارة في حينه رئيس الوزراء الحالي إيهود أولمرت، طالبا الغاء قرار إخلاء أبناء عشيرة أبو القيعان المقيمين في قريتي أم الحيران وعتير شمال شرق حورة في النقب الشمالي، معتبرًا خطوة كهذه تمس بحقوق 1500 مواطن وتميز ضدهم لاسباب قومية.

وقد بدأت في نيسان من العام 2004 السلطات الإسرائيلية تخطط لترحيل سكان القرية غير المعترف بها من الأراضي التي يعيشون عليها منذ رحلتهم السلطات العسكرية من أراضيهم في المنطقة الواقعة شمال غرب مدينة رهط حاليًا، في العام 1956، أي قبل 51 عامًا.

وكانت دولة إسرائيل قد طلبت، في نيسان-أبريل 2004، من محكمة صلح بئر السبع استصدار اوامر اخلاء لسكان أم الحيران، بزعم أنهم «يقيمون على أراضي الدولة بدون أية سلطة، وبالتالي عليهم إخلاء المنطقة والامتناع عن الدخول إلى الأرض في المستقبل».

وقالت المحامية سهاد بشارة، من مركز «عدالة»، إن تقديم الدعاوى بإخلاء سكان أم الحيران تم بدون التوصل إلى بدائل تخطيطية بغية الاعتراف بالقرية في مكانها، الامر الذي يتعارض مع ما تم وعدهم به في الماضي، والمس الصارخ بحقوق سكان القرية، والتمييز بحقهم على خلفية قومية.

وكان أبناء أم الحيران يعيشون بالقرب من وادي الزبالة (كيبوتس شوفال حاليًا) حين أصدر الحاكم العسكري أمر إخلاء بحقهم. وحين رفض أهل المنطقة أوامر الترحيل بدأ الحاكم العسكري في الجنوب باعتقال قادتهم ونقلهم بالقوة. وفي نهاية المطاف تم ترحيل جميع السكان في المنطقة إلى وادي عتير – قرية أم الحيران اليوم، وتم تأجير 3000 دونم لهم في المنطقة لزراعتها والعيش منها. أما أراضي أبناء العائلة في «وادي الزبالة» فتم مصادرتها لصالح كيبوتس «شوفال» غربي رهط.

وقد عاش السكان في بيوت آيلة للسقوط لسنوات طويلة، ما شكل خطرًا على حياتهم. وفي العام 1997 في أعقاب الرياح العاتية والفيضانات التي ضربت منطقة النقب، والتي أودت بحياة طفلتين من القرية وهدمت بيوت العائلات، قام السكان ببناء بيوت من حجر بعد أن قامت وزارة الإسكان ووزارات أخرى برصد مبالغ ضئيلة لهذا الغرض.
في آب 2001 قدمت «دائرة أراضي إسرائيل» تقريرًا حول القرى الجديدة والمتجددة لمكتب رئيس الحكومة الإسرائيلي، أوصى بالاعتراف بـ68 نقطة إسكان في إسرائيل، بينها قرية «حيران». لكن لم يكن المقصود قرية أم الحيران العربية، وانما قرية جديدة لليهود يخطط لاقامتها بجوار قرية أم الحيران التي يعيش فيها أبناء أبو القيعان، والتي يتم اليوم اجلاء أهلها لتوطين اليهود.

وأعلن تقرير «دائرة أراضي إسرائيل» عن وجود بعض «المشاكل الخاصة» التي قد تؤثر على تخطيط وإقامة البلدة اليهودية في المنطقة، معتبرًا العرب في المنطقة يمثلون جزءًا من المشكلة.

وفي 21 تموز 2002 قررت الحكومة في قرارها رقم 2265 إقامة 14 بلدة يهودية في منطقتي النقب والجليل، وألقيت المهمة على وزارة الإسكان، كما أكد مستشار رئيس الحكومة لشؤون الاستيطان في حينه، عوزي كورين. وتم المصادقة على بلدة «حيران» في 9 نيسان-أبريل من نفس العام في المجلس القطري للتخطيط والبناء كتغيير رقم 27 للخارطة الهيكلية لواء الجنوب (تمام/4/14)، وتم في نهاية المطاف، كما هو متوقع، المصادقة عليها.

....
..............

التعليقات