المحكمة تكتفي بفرض 6 شهور عمل لمصلحة الجمهور على جندي تسبب بمقتل 4 من أفراد عائلة واحدة في المثلث..

تم تعديل لائحة الاتهام من القتل الى التسبب بالوفاة، بعد أن أدلى ضابط في الجيش بشهادته عن دور الجاني كسائق عسكري ودوره المميز في وحدة "جولاني" العسكرية..

المحكمة تكتفي بفرض 6 شهور عمل لمصلحة الجمهور على جندي تسبب بمقتل 4 من أفراد عائلة واحدة في المثلث..
ما زالت الصفقة التي أبرمتها النيابة العامة والتي أقرتها المحكمة المركزية في الناصرة، في قضية مقتل أربعة أفراد عائلة واحدة من قرية جت المثلث في حادث طرق، تسبب به عنار كوهين 22 عاما، من "كيبوتس طيرات تسفي"، تثير علامات استفهام عديدة وردود فعل مشككة في جدية مؤسسات الدولة والقضاء الاسرائيلي في التعامل مع حياة المواطن العربي. اذ حكمت المحكمة على عنار كوهن بالعمل لخدمة الجمهور لمدة ستة أشهر، وسحب رخصته لمدة ثمانية اعوام، يسمح له خلالها بقيادة التراكتور في مكان عمله!!

تعود خلفية القضية ليوم 11/08/2005 اذ تسبب كوهن، وهو يهودي أنهى الخدمة العسكرية في وحدة قتالية مختارة، ويعتبر عضوا فعالا في الحياة الاقتصادية بالكيبوتس الذي يعيش فيه، في مقتل اربعة افراد من عائلة واحدة من قرية جت في منطقة المثلث، في حادث طرق وقع في مجيدو، وهي عائلة المرحوم محمد عيسى ( 41 عاما)، زوجته أمينة (39 عاما)، الابن أمير ( 16 عاما) والابنه (هبه 5 اعوام). بينما نجا من الحادث الابن كرم (13 عاما)، والابنة (وعد 15 عاما)، اللذان ما زالا يعانيان من إعاقات جسدية ومعاناة يومية جراء هول الصدمة النفسية التي أصيبا بها بعد فقدانهما لأسرتهم!

وقد علم موقع عــــ48ـــرب أن هذه الصفقة التي أقرتها القاضية "مونيش" تمت دون استشارة عائلة الضحايا أو إبلاغها بذلك، علما أنها علمت بمضمونها عبر وسائل الإعلام.

ومن جهتها اعتبرت العائلة قرار الحكم جائرا وغير منصف، وبمثابة جائزة لشخص دمر أسرة بأكملها. عن معاناة العائلة حدثنا عبد عيسى عم اليتيميين كرم ووعد اللذين أصيبا في الحادث قائلا: " إننا نعيش في مأساة حقيقية بعد فقدان أخي وعائلته في الحادث. والأبعاد النفسية والاجتماعية لأفراد الأسرة لا يمكن وصفها والتعبير عنها بالكلمات، فوالدتي بعد فقدان ابنها أصيبت بحالات اكتئاب حادة، وتدهورت حالتها الصحية، أما أبناء أخي اللذان لم يتبق لهما أحدا يرعاهما سواي، فأنهما يعيشان في بيتي. فكرم وبعد سنتين من الحادث ما زال يتلقى العلاج بين الفينة والأخرى في المستشفى، ومؤخرا خضع لعملية جراحية معقدة في رجله، وهو لا يقوى على الحركة بقواه الذاتية وبحاجة لرعاية ومرافقة دائمة، حتى عند دخوله الى الاستحمام!!

كلمات مؤثرة، ونبرة كلها ألم وحسرة من إنسان قسي علي الدهر يوما، ليتركه يعيش مأساته اليومية لحظة بلحظة، لكنه يأبى أن يستسلم يوما، ويختار التحدي والصبر طريقا يسلكه، من أجل العودة ولو بعد حين الى حياة اعتيادية، إن صح هذا التعبير أصلا!.

يحدثنا عبد عيسى: "بالنسبة لنا هذا الحكم الذي تلقاه القاتل لا يقترب للعدالة أبدا، فالحاكم قتل عائلتي من جديد، وقد وقع علينا القرار كالصاعقة، لا يعقل أن يتسبب شخص بقتل عائلة بأسرها وتتم تبرئته، أين العدالة في أن نعيش بمأساة يومية ونفقد أعز الناس، ويتيتم الأطفال في صباهم ويمارس القاتل حياته بشكل طبيعي؟؟ إنني أستغرب حقا هل العمل لصالح الجمهور ستة أشهر يعتبر عقابا في حالة هذا القاتل!".

وعن الجانب القانوني لقرار الحكم يقول عيسى: " لا قانون ولا عادلة في مثل هذا القرار، هذا أستهتار بأسرتنا، وأقول لك صراحة لو أن القاتل هو عربي لكان الحكم قد أختلف تماما، هذا قرار جائر وعنصري، وأنا أعلم الاحكام التي تلقاها شبان عرب أدينوا بمثل هذه الحوادث عندما كان الضحايا من اليهود!

ويضيف : " أين حملات محاربة حوادث الطرق التي يتحدثون عنها ؟ هل هذه الاحكام تردع السائقين؟ ، على كل قاتل أن يدفع الثمن دون تمييز بسبب قوميته لكن للأسف حتى القضاء تعامل مع القضية من منظار قومي عنصري!

يذكر في هذا السياق أنه تم تعديل لائحة الاتهام بحق كوهين من القتل الى تهمة التسبب بالوفاة عن طريق الاهمال. وكان ضابط في الجيش الاسرائيلي قد أدلى أمام هيئة المحكمة بشهادته عن دور كوهن كسائق عسكري ودوره المميز في وحدة جولاني العسكرية.

وفي أعقاب ذلك أبرمت الصفقة، وعدلت لائحة الاتهام. وجاء في قرار الحكم:" السائق قاد السيارة، ولم يتبع وسائل الحذر، ولم ينتبه لظروف الشارع، كما وأنه لم يكتشف بان الإطار الخلفي للسيارة فقد الكثير من الهواء ونتيجة لذلك تسبب بانحراف مركبته"!.

كما وجاء في قرار الحكم أيضا: "لم يقم السائق بأي شيء لمنع انحراف مركبنه، رغم كل ذلك فإن درجة الإهمال التي تنسب للسائق قليلة جدا، خصوصا وأنه لا يوجد له أي خلفية جنائية، ولا يتواجد في سجله اي مخالفة سير".

وكتبت القاضية مونيشك:" انطباعي أن السائق هو شخص عقلاني وصاحب مسؤولية، خصوصا وأنه جندي مسرح يعي كافة التقيدات التي ستفرض عليه، لذا وعلى الرغم من سحب رخصة القيادة الخاصة به، فإنني اسمح له بقيادة التراكتور في عمله بالكيبوتس".

التعليقات