في ذكرى رياض أنيس../ حسن جبارين*

-

في ذكرى رياض أنيس../ حسن جبارين*
ببالغ الحزن والأسى ننعى رحيل صديقنا وحبيبنا وزميلنا المحامي الوطني البارز رياض أنيس..

وُلد الرّاحل في العام 1953 في أم الفحم، وكان زوجًا لنرجس وأبًا لميس الريم وعمّار ومرام ورَوان. إلتحق بدراسة المحاماة وأنهاها في جامعة تل أبيب في العام 1976، حيث برز هناك كواحد من قادة الحركة الطلابية. بدأ عمله في مكتبه الخاص في أم الفحم وكان من الناشطين المركزيين في حركة "أبناء البلد"، التي مثّلها كعضو بلدية في سنوات الثمانين. وفي سنوات التسعين انضمّ إلى التجمع الوطني الدمقراطي وأصبح عمودًا أساسيًا في قيادة هذا الحزب.

برز الراحل كمُحامٍ لامع في المجال الجنائيّ والمجال القانونيّ-السياسيّ. وعلى مدار ثلاثين عامًا مثّل عددًا كبيرًا من القادة والنشطاء السياسيين من غزة والضفة الغربية والقدس المحتلة والجولان السّوريّ المحتلّ، ومن الداخل الفلسطيني.

لم تكن هناك قاعة لمحكمة عسكرية إلا ووقف فيها؛ لم يكن قاضٍ عسكري إسرائيلي إلا وامتثل الراحل أمامه، شامخًا ومدافعًا عن مُوكّليه ضد قوانين الظلم والإضطهاد الإسرائيلييْن؛ ليس هناك سجن إسرائيليّ إلا وعرفه معرفة بيته- ليس حبًا بالسّجون وإنما إخلاصًا لمُقيميها من المعتقلين والأسرى العرب؛ لم يكن هناك حدث سياسيّ مؤسِّس منذ بداية سنوات الثمانين إلا وشارك الراحل مباشرة في تمثيل معتقليه (الإنتفاضة الأولى، هبة القدس والأقصى، أحداث الروحة، أحداث أم السّحالي، أيام الأرض، العدوان على لبنان وغزة، وغيرها).

كان صديقًا داعمًا ومُحبًّا لمركز "عدالة" وطاقمه. إنضمّ إلى طاقمنا كمُحامٍ مركزيّ في قضية شهداء "أكتوبر 2000" وعمل معنا بجدارة وإخلاص على مدار فترة طويلة، شارك من خلالها في وضع التصوّرات والتكتيكات القانونية في هذا الملف المركّب. كما قام بتحضير الإفادات معنا التي قُدّمت أمام لجنة التحقيق الرسمية والمثول أمامها، وكان شريكًا أساسيًا في الملفات السياسية التي قُدِّمتْ ضد د.عزمي بشارة، والتي عملنا عليها على مدار سنين طويلة. كما عملنا معًا -وبمشاركة المحامي جواد بولص- أيامًا ولياليَ، في تحضير لائحة الدفاع/ الإتهام التي قُدّمت باسم مروان البرغوثي في المحكمة المركزية في تل أبيب. كما عملنا معًا على تمثيل معتقلين من أحداث الروحة وأم السّحالي.

هناك أيضا قضايا عديدة عملنا معًا عليها، إمّا بالتشاور الودّيّ وإما بالمشاركة الفعلية. لقد كانت مشاركته وعمله التطوعيّ معنا في جميع هذه القضايا مشاركة مفصلية وهامة جدًا لنا، كما أنّ تجربته القانونية أغنت عملنا غنًى كبيرًا.

كان رياض لطيفًا، جميلاً، ذكيًا، مُحبًّا، عاطفيًا، اجتماعيًا ومتواضعًا. في لقاء خاص عقده مركز "عدالة" تكريمًا له في الشهر الفائت، وفي قمة معاناته مع مرضه الخبيث، قال لطاقم "عدالة" كلماتٍ فيها تشجيع لهم ولعملهم: "لقد عالجتُ في حياتي وعلى مدار أكثر من ثلاثين سنة آلافَ القضايا، لكنّ ما يُعطي اليوم معنًى وقيمةً لحياتي المهنية وراحتي النفسية هو نوع الملفات الجماهيرية والسياسية كتلك التي قمنا بها معًا. فاستمرّوا بعملكم هذا ليكون معنًى لحياتكم. أحبّكم كثيرًا."

نعِدُكَ بأن نكون على دربك. نُحبّكَ ونفتخرُ بكَ وبصداقتكَ.
.....

التعليقات