لجنة المتابعة: لجنة اور لم تجب على التساؤل المحوري والمركزي: من هو القاتل، ومن المسؤول عن هذه الجريمة

"إقتصار التوصيات على إدانة بعض المسؤولين في جهاز الشرطة، وتوجيه "توبيخ خجول" لعدد من المسؤولين السياسيين في حينه، يعني أن الحقيقة لم تتكشف بعد"

لجنة المتابعة: لجنة اور لم تجب على التساؤل المحوري والمركزي: من هو القاتل، ومن المسؤول عن هذه الجريمة
"بعد قراءة تفصيلية ودراسة شاملة وموضوعية لتقرير لجنة التحقيق الرسمية ـ "لجنة أور" وتوصياتها، فإن سكرتارية لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في إسرائيل، وبمشاركة معظم مركباتها ومشاركة ممثلي لجنة ذوي الشهداء والطاقم القانوني المهني المتمثل بمركز "عدالة"، وبعد إجتماع مطول عقدته قبل عدة أيام، ارتأت ان تعلن عن الموقف الرسمي والجماعي للجماهير العربية الفلسطينية وقيادتها في البلاد، لما جاء في مضامين تقرير "لجنة أور"، عبر هذا البيان ـ الوثيقة ليوضح وبإيجاز ماهية رؤيتنا تجاه أهم المسائل والقضايا والتوصيات التي تضمنها التقرير. مؤكدين إننا مند البداية لم نبن على أوهام أو خيال أو توقعات مفرطة بالنسبة لنتائج عمل لجنة التحقيق، ولم نتوخى منها الحقيقة المطلقة، إنما النسبية والممكنة على الأقل.

إننا نرى ان توصيات "لجنة أور"، كلجنة تحقيق رسمية لكشف الحقيقة الموضوعية والتي تشكل أقصى ما يمكن في مساحة الديمقراطية الإسرائيلية المحدودة والضيقة، لم تحدد القتلة والمسؤولين عن مقتل 13 مواطنا عربيا وجرح المئات، في "يوم القدس والأقصى" خلال أحداث "أكتوبر 2000 ". فعلى الرغم من رفضنا الواضح في حينه، لبعض بنود كتاب تعيين لجنة التحقيق وصلاحياتها، بالرغم من انها أقيمت نتيجة نضالنا وإصرارنا ومثابرتنا، فإن اللجنة لم تجب على القضية المحورية والمركزية في هذا الصدد، والمتمثلة بالتساؤل: من هو القاتل، ومن المسؤول عن هذه الجريمة، وما هو عقابهم. وبهذا الخصوص فقد أخفقت اللجنة وفشلت في إعطاء الأجوبة الواضحة.

فإقتصار التوصيات على إدانة بعض المسؤولين في جهاز الشرطة، وتوجيه "توبيخ خجول" لعدد من المسؤولين السياسيين في حينه، بدون إدانتهم وتحديد عقابهم بشكل جدي، وفي مقدمتهم المسؤول السياسي الأول وهو رئيس الحكومة السابق أيهود براك، يعني أن الحقيقة لم تتكشف بعد، وان القتلة والمسؤولين عن هذه الجريمة لم يتلقوا العقاب الذي يستحقونه، والأخطر من ذلك انه ما زال من الممكن تكرار مثل هذه الجريمة في المستقبل، خاصة انه قد قتل منذ " أكتوبر 2000" نحو 14 مواطنا عربيا برصاص " أجهزة الامن" دون أي عقاب يذكر للجناة. وفي هذا السياق، يحق لنا التساؤل، تساؤلا إستنكاريا: هل اتخذت "لجنة أور" إعتبارات سياسية عند إعدادها للتقرير وإعلان التوصيات.
وما يثير القلق والإشمئزاز أكثر، تلك الإقتراحات التي ظهرت بعد إعلان توصيات "لجنة أور" والتي تدعو إلى منح العفو العام عن رجال الشرطة الذين أدانتهم اللجنة، مما يعكس، بمجرد رفع هذه الإقتراحات التي نرفضها كليا، طبيعة العقلية العدائية السائدة لدى جهاز الشرطة في تعاملها مع المواطنين العرب، ومخاطرها على ما تبقى من ديمقراطية في هذه البلاد أيضا.

إننا كذلك نرفض، وبإصرار، ما جاء في توصيات "لجنة أور" فيما يتعلق بمحاولة إحداث نوع من "التوازن" في المسؤولية عن نتائج "أحداث أكتوبر 2000" بين الضحية والجلاد، بإتهام بعض القيادات العربية بما يسمى "التحريض" وتحميلهم جزء من المسؤولية. فقيادة الجماهير العربية لم تحرض ولم تدع للعنف بل هي ضحية التحريض والعنف الرسمي والمؤسساتي المنهجي، ومواقف ونشاط الأحزاب والحركات السياسية والقيادات العربية في البلاد تندرج في إطار العمل السياسي الشرعي وحرية التعبير في مساحة الديمقراطية الممكنة، وكمنتخبي جمهور.

من ناحية أخرى، وفي مقابل تحفظاتنا المذكورة والنواقص والثغرات، والتناقضات أحيانا، في تقرير وتوصيات "لجنة أور"، إلا ان هذا التقرير يفتح أمامنا آفاقا جديدة في عدد من الجوانب. بل ويلقي الضوء بشكل إيجابي على عدد هام من القضايا والمسائل، لا بد من التعامل معها بإيجاب وترحيب، وبشكل عملي وواقعي. وتحويلها إلى رافعة لمواجهة سياسة التمييز والإضطهاد القومي.

وفي مقدمة هذه القضايا، تأكيد التقرير على أن معظم مؤسسات الدولة وحكوماتها، وخاصة أجهزة الامن والشرطة، تعاملت وتتعامل بتمييز صارخ وحتى بشكل عدائي تجاه الجماهير العربية في إسرائيل، كأقلية قومية، وإن "ثقافة الكذب" في جهاز الشرطة بمثابة سياسة منهجية ينبغي فضحها ووضع حد لها، بل ومواجهتها في إطار معركة جدية ديمقراطية وقانونية لا هوادة فيها.

وفي هذا الإطار تندرج توصيات التقرير في ضرورة مواصلة التحقيق الجدي، داخل جهاز الشرطة، لتشخيص الجناة والمسؤولين عنهم وتقديمهم للعدالة ومعاقبتهم على جريمتهم في مقتل وجرح المئات من المواطنين العرب. بالرغم من تشكيكنا بل وعدم ثقتنا بقسم التحقيق مع الشرطة في وزارة القضاء (מח"ש)، لتلاعبه في التحقيق والحقائق ومن ثم في النتائج، وتضليله المنهجي للرأي العام، كما اكدت تجارب وأحداث عديدة دللت على هذا النهج.

ثم إننا نرحب بما جاء في التقرير حول إدانة سياسات التمييز والإضطهاد، التي إتبعتها الحكومات الإسرائيلية ومؤسسات الدولة، ضد الجماهير العربية، جماعيا وفرديا، في مختلف نواحي الحياة وعلى مختلف المستويات، ونعتبره وثيقة رسمية هامة تدين المؤسسة الإسرائيلية وسياستها المنهجية في هذا الإتجاه. ولا شك أيضا أن هذه الإدانة هي نتاج النهج النضالي والديمقراطي للجماهير العربية في إسرائيل.

إننا نشير بإيجاب، إلى توصيات "لجنة أور" التي تدعو إلى ضرورة إنتهاج سياسة مساواة حقيقية، مع الجماهير العربية الفلسطينية في إسرائيل، كأقلية قومية في وطننا، في مختلف الصعد، وإحترام مواقفهم السياسية. تلك التوصيات التي أكدت أيضا على عدالة مطالبنا وشرعية نضالنا دفاعا عن حقوقنا ومن أجل المساواة والشراكة والتعايش السلمي الحقيقي على أساس الإحترام المتبادل. مما يعني ضمنيا الإعتراف الرسمي بشرعية وجودنا الوطني والقومي والسياسي والمدني في البلاد، كمواطنين وليس كمجرد سكان أو رعايا. مؤكدين في الوقت نفسه ان المساواة والمواطنة حق وليسا حسنة أو منة، كما أنهما ليسا للمقايضة أو المساومة، فما نحن بغرباء عن هذا الوطن، بل جزء من كينونته وسيرورته الأبدية.

وفي هذا السياق، فإننا نعتبر هذا التقرير بمثابة وثيقة رسمية هامة، وأولى من نوعها، يجب العمل على دفع توصياته وإستنفاذ جوانبه الإيجابية، على مختلف المستويات، وإستثماره لمواجهة المؤسسة الإسرائيلية، وحكوماتها المتعددة، أمام الرأي العام المحلي والدولي والمؤسسات الحقوقية الدولية.

إننا نعتبر هذا التقرير وتوصياته، في هذا الجانب، قد يشكل منعطفا هاما وتاريخيا في علاقة الدولة مع المواطنين العرب، وفي العلاقة ما بين المواطنين العرب واليهود في البلاد، إذا ما جرى التعامل معه بجدية وموضوعية، نحو بناء مستقبل جديد ومختلف لأبناء الشعبين مبني على الإحترام المتبادل والتعاون والشراكة والمساواة والديمقراطية الحقة .

وعليه، وفي إطار هذا التقييم، وهذه الرؤية الشمولية، نطالب الحكومة، وندعو مؤسسات الدولة، بإحترام توصيات "لجنة أور" هذه، والعمل الفوري على تنفيذها، دون الإلتفاف حولها أو عليها، وعبر آليات واضحة وفي إطار زمني محدد، لإخراجها من حيزها الكلامي وترجمتها على أرض الواقع. وندعو إلى عدم التعامل مع هذه التوصيات وفقا لسياسة "نقبل ولا ننفذ"، علما بأن الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تبنت وأقرت العديد من المشاريع والقرارات والوثائق فيما يتعلق بالمساواة ولم تقم بتنفيذها.
وفي موازاة هذه المطالب العادلة، والإصرار عليها، ولمتابعتها منهجيا، فإننا نعمل على تشكيل عدة طواقم مهنية، تعمل بإنسجام وفي مختلف الإتجاهات، القانونية والإعلامية والإقتصادية والسياسية والشعبية، للتعامل مع فصول تقرير "لجنة أور" ومتابعة تنفيذ توصياته وترجمة مطالبنا العينية. بالتعاون والتنسيق أيضا مع القوى التقدمية والديمقراطية اليهودية في البلاد.

وفي النهاية، فإننا إذ نحيي ونقدر مركز "عدالة" القانوني والطاقم المرافق، على دوره المهني والمحوري المثابر، بتكليف من لجنة المتابعة العليا، وجميع الهيئات والجمعيات والمؤسسات الأخرى التي عملت بشكل دؤوب أمام لجنة التحقيق الرسمية ـ "لجنة أور" من جوانب مختلفة، وعلى مدار ثلاث سنوات، نؤكد في الوقت نفسه ان المعركة لن تقف عند هذا الحد، وأن المسيرة أمامنا ما زالت طويلة، وأننا امام بداية نوعية جديدة في مسيرة نضالنا العادل والشرعي من أجل البقاء والتطور والمساواة والديمقراطية والسلام العادل والحقيقي". اعتبرت لجنة المتابعة العليا لقضايا الجماهير العربية في الداخل، تقرير لجنة التحقيق الرسمي في جرائم القتل التي ارتكبتها الشرطة بحق العرب في اوكتوبر 2000، تقريرا منقوصا لم يجب على المسألة الجوهرية المتعلقة بتحديد هوية المسؤولين عن الجريمة ومعاقبتهم.

ووجهت لجنة المتابعة انتقادات شديدة الى توصيات لجنة اور، متسائلة عما اذا كانت اعتبارات سياسية ما قد حركتها لدى اعداد الاستنتاجات والتوصيات الخاصة بالمسؤولين السياسيين وفي مقدمتهم رئيس الحكومة، انذاك، ايهود براك.

واعلنت المتابعة رفضها لمحاولة إحداث نوع من "التوازن" في المسؤولية عن نتائج "أحداث أكتوبر 2000" بين الضحية والجلاد، بإتهام بعض القيادات العربية بما يسمى "التحريض" وتحميلهم جزء من المسؤولية. ورفضت اتهام القياديين العرب بالتحريض.

وفي المقابل ترى المتابعة بعض البوادر الايجابية في تقرير لجنة اور، خاصة "تأكيده على أن معظم مؤسسات الدولة وحكوماتها، وخاصة أجهزة الامن والشرطة، تعاملت وتتعامل بتمييز صارخ وحتى بشكل عدائي تجاه الجماهير العربية في إسرائيل، كأقلية قومية، وإن "ثقافة الكذب" في جهاز الشرطة بمثابة سياسة منهجية ينبغي فضحها ووضع حد لها".

التعليقات