مؤتمر حق العودة في لندن يختتم اعماله

الهدف الأساسي للمؤتمر كان تشكيل مكتب دائم يلعب دور هيئة تنسيق عليا وذلك لتنسيق النشاط بين الأطراف طافة والتركيز على استقطاب مؤيّدين لحقّ العودة

مؤتمر حق العودة في لندن يختتم اعماله
انعقد في لندن يومي 17-18/10/2003 مؤتمر حق العودة بدعوة من اللجنة الراعية لحق العودة الفلسطيني من أجل البحث في تفعيل النشاط الشعبي الفلسطيني إزاء هذا الحقّ الذي هو الموضوع الأساس في أية معالجة جادة للقضيّة الفلسطينيّة. وكذلك من أجل التنسيق بين الهيئات المدنيّة الفلسطينيّة المشكّلة فوق أرض فلسطين وفي العديد من العواصم العربيّة والعالميّة، من أجل الدفاع عن هذا الحقّ والحفاظ عليه.

أما الهدف الأساسي للمؤتمر، فكان تشكيل مكتب دائم يلعب دور هيئة تنسيق عليا وذلك لتنسيق النشاط بين الأطراف طافة والتركيز على استقطاب مؤيّدين لحقّ العودة من الأشقاء العرب ومن الأصدقاء في العواصم العالميّة، يشكلون قوى ضغط منظمة تتبنّى وتدافع عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي اقتلعوا منها بالقوّة.

وأوضح المؤتمرون في سياق مناقشاتهم أنه لا توجد لهذا المؤتمر أجندة فصائليّة أو حزبيّة على الإطلاق، وأنّ الأجندة الرئيسيّة التي يتطلّع إليها هي أجندة مهمات عمليّة توكل إلى من يؤمن بها ومن يستطيع القيام بها.

كما أوضح المؤتمرون في سياق مناقشاتهم التمسّك بمنظّمة التحرير الفلسطينيّة مع وعي لضرورة حرص المنظمة على برنامج إجماع وطني وتكريس أسس ديمقراطيّة دائمة للعمل واتساع صفوفها لجميع القوى الفلسطينيّة العاملة في الساحة الفلسطينيّة. واستمع المؤتمرون على امتداد يومين إلى مجموعة من الكلمات التي شرحت أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في مختلف أماكن تواجدهم: في فلسطين 1948، وفي الضفة الغربيّة وقطاع غزة، وفي الأردن وسوريا ولبنان والعراق ومصر، وفي بقيّة مناطق الشتات والمهجر. كما تلا ذلك مداخلات عديدة ومعمّقة ساهم فيها أعضاء المؤتمر وشكّلت في مضمونها إغناء للحوار والنقاش كما شكّلت إضافة إلى الأبحاث التي قدمت وفي ختام الحوار، تم الطلب من جميع الأعضاء التقدم باقتراحات عمليّة للخطط المستقبلية وضمن الأهداف التي حددت، وتمّ على أساس هذا الحوار استخلاص المهمّات المرحليّة التالية:

على الصعيد التنظيمي:

1- تشكيل هيئة تنسيقيّة عليا تلعب دور المنشط والمنسّق وتحمل اسم (لجنة المتابعة) وتتكوّن من:

أ- أعضاء الهيئة الراعية للمؤتمر.

ب?- منسّق من كل بلد يتواجد فيه لاجئون فلسطينييون

ج- يكون لهذه الهيئة المنسّقة لجنة ثابتة من عدد محدود من الأشخاص تنسّق بين المناطق الجغرافيّة المختلفة وهم د. سلمان أبوستة، د. نصير عاروري، الأستاذ بلال الحسن، السيّد ماجد الزير، وعبلة أبو علبة.

د- اختيار منسّق عام وناطق رسمي باسم الهيئة هو د. سلمان أبو ستة.

على الصعيد العملي والتنفيذي: حرصا من المؤتمر على تحديد مهمات عملية وقابلة للتنفيذ، فقد قرر خطة العمل التالية:

أ- اعتبار قضيّة ثقافة العودة، أساسيّة وجوهريّة، بالتنسيق مع مراكز الأبحاث والكتاب والإعلاميين ورجال التربية والتعليم على نشر ثقافة حق العودة على نطاق شعبي واسع ونجاحه في أوساط الطلاب والشباب مع ما يقتضيه ذلك من ضرورات عمليّة في توفير المعلومات الأساسيّة حول أوضاع الشعب الفلسطيني وحقّ العودة إلى الوطن والديار، وبحث سبل إيصال هذه المعلومات إلى الأجيال الجديدة.

2- بعد مناقشات مستفيضة، تبنّى المؤتمر بيانا أساسيا حول (حق العودة) وهو البيان الذي عرضته اللجنة الراعية للمؤتمر ويتضمّن: أنّ حقّ اللاجئين والمهجّرين الفلسطينيين في العودة إلى ديارهم هو حقّ أساسي من حقوق الإنسان وهو حقّ غير قابل للتصرّف ولا يسقط بمرور الزمن، كما أنّ حقّ العودة نابع من حرمة الملكيّة الخاصة وعدم زوالها بالاحتلال أو السيادة. وأنه حقّ شخصي في أصله لا تجوز فيه النيابة أو التمثيل أو التنازل عنه لأيّ سبب في أيّ اتفاق أو معاهدة بالإضافة إلى أنه حق جماعي أيضا.

3- اعتبر المؤتمر أنّ إحدى مهماته الأساسيّة في الفترة المقبلة ستكون العمل على إنشاء قوة ضغط (لوبي) في كلّ بلد تتواجد فيه جاليات وهيئات فلسطينييّة فاعلة ويتمّ ذلك على قاعدة الاتصال والحوار والإقناع وكسب الأصدقاء في إطار الصلة مع أعضاء الحكومات والبرلمانات والنقابات ومراكز البحث والمؤسّسات الأكاديميّة وأجهزة الإعلام. ويتولّى العاملون في كلّ إقليم وضع الخطط العمليّة والتنفيذيّة لتحقيق هذا الهدف، ثمّ تقرير أنواع النشاط الداعم التي سيقومون بها بالتنسيق مع اللجن الثابتة.

4- وجّه المؤتمر إلى ضرورة إعداد "دليل وطني" يتضمّن تقديم وشرح المعلومات الأساسيّة حول التهجير القسري للشعب الفلسطيني وأماكن تواجد اللاجئين وأعدادهم وأحوالهم المادية والاجتماعيّة، والقرارات الدوليّة الداعمة لحقّ العودة، والردّ على الحجج التي يتمّ إيرادها من قبل جهات عديدة ضدّ حقّ العودة. والعمل على ترجمة هذا الكرّاس إلى اللغات الأخرى، ليتمّ اعتماده بعد ذلك كوسيلة اطلاع لكلّ من يهمّه الأمر على أساسيات هذا الموضوع.

5- قرر المؤتمر أن تتولّى اللجنة الثابتة إصدار نشرة غير دوريّة تتضمّن أخبار ونشاطات اللجان والأقاليم ليكون الجميع على اطلاع بما يجري.

6- على الصعيد السياسي: توقف المؤتمر أمام المواقف التي يتمّ الإعلان عنها بين فترة وأخرى والمتعلّقة بحقّ العودةومنها اتفاق سويسرا الأخير، والاستبيان الذي صدر قبل أشهر وادّعى انّ نسبة كبيرة من الفلسطينيين لا ترغب في ممارسة حق العودة بسبب وجود دولة إسرائيل. وسجّل المؤتمر المنعقد هنا، رفضه لما يسمّى اتفاق سويسرا، مستغربا كيف يبيح عدد من الأشخاص لأنفسهم أن يتنازلوا عن حقّ العودة وأن يحصروا الأمر بالعودة إلى مناطق الحكم الذاتي أو بالتوطين حيث يقيم اللاجئون في البلاد العربيّة، متجاهلين التطبيق الفعلي للقرار 194 الصادر عن الأمم المتحدة والذي يؤكّد حقّ عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي طردوا منها عام 1948. كما سجّل المؤتمر أنّ السّلطة الفلسطينيّة مطالبة بوضع حدّ لتحرّكات هؤلاء الأشخاص حتى لا يشاع وهم بأنّ الأمور تسير في هذا الاتجاه، وما دامت السّلطة قد أعلنت بأنّ هذا الاتفاق غير رسمي وغير ملزم فإنّ الكلّ ينتظر منها أن تعلن إدانتها لهذا الاتفاق نظرا لما فيه من خروج على أساسيات الموقف الوطني الفلسطيني. كما توقف المؤتمر عند استطلاعات الرأي التي تدعي بعض مراكز البحث إنجازها لتخدم هدف المساس بحق العودة، ثمّ يتبيّن أنّ هذه الاستطلاعات تمّ طبخها لخدمة أهداف مرفوضة من الشعب الفلسطيني عامة، ومن اللاجئين الفلسطينيين خاصّة، وأشار المؤتمر إلى ضرورة التنبيه بكلّ السّبل والوسائل إلى الدور الخطر الذي تلعبه مثل هذه المؤسّسات التي تدّعي العلميّة والموضوعيّة.

واطّلع المؤتمر من خلال مداخلات الأعضاء على المعاملة السيئة التي تلقاها بعض التجمّعات الفلسطينيّة في البلاد العربيّة، وجرى البحث في ضرورة تحريك اتصالات سياسيّة مع هذه الأنظمة، لتغيير شروط التعامل مع اللاجئين الفلسطينيين وجعلها شروطا إنسانيّة.

وتوقّف المؤتمر بشكل خاصّ أمام أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في العراق، ولاحظ ضرورة القيام بعمل جاد من أجل أن تتحمل وكالة غوث اللاجئين (أونروا) مسؤوليتها عنهم. ذلك أنّ العراق هو أحد البلدان العربيّة الذي لا تمارس فيه الأونروا مسؤوليتها في الإشراف على اللاجئين الفلسطينيين المقيمين فيه.

أمّا مخيّمات اللاجئين في الضفّة الغربيّة وقطاع غزّة والتي تعاني منذ سنوات من بطش وتدمير قوات الاحتلال الاسرائيلي، فقد رأى المؤتمر أنها تحتاج إلى معالجة دوليّة تقوم بها الأنروا والأمم المتّحدة، وهذا يحتاج إلى جهد فلسطيني وعربي ودولي. والجدير بالذكر هنا أنّ انعقاد المؤتمر تمّ بجهود ذاتيّة، وتحمّل الأعضاء أنفسهم نفقات السفر والإقامة، تأكيدا لهويّة المؤتمر بصفة عملا مدنيّا شعبيّا، وتجنّبا لأيّ تمويل يربط المؤتمر بهذه الجهة أوتلك أو بهذه الدولة أو تلك.

لقد بيّنت التطوّرات خلال السنوات الأخيرة أنّ حقّ العودة الذي بدأ كصرخة تنبيه، قد تحوّل تدريجيّا لى حركة شعبيّة عميقة الجذور وله في الشارع الفلسطيني والعربي تأثير ضاغط وبارز، كما فرض نفسه على المفاوض الفلسطيني، حتى أنّه شكّل حاجزا يمنع من التفريط والتنازل، ولا تزال حركة حقّ العودة تنطوي على احتمالات كبيرة للتطوّر باتجاه عربيّ وعالمي، ويشكّل هذا المؤتمر خطوة جادّة على هذا الطريق الصاعد.

التعليقات