أبناؤها ورفاقها يكتبون عنها: عوض عبد الفتاح ود. بسام مصاروة وسلمان ناطور..

"هذا الإرث الباقي هو عزاؤنا في هذا الفقدان لعزيزة عرفناها، وعرفنا بيتها، وعائلتها الأصيلة، وعملنا معا ولا زلنا في إطار حركة وطنية صاعدة فاجأ ظهورها ونجاحها الكثيرين"..

أبناؤها ورفاقها يكتبون عنها: عوض عبد الفتاح ود. بسام مصاروة وسلمان ناطور..

صورة من الأرشيف: حفل توزيع منح دراسية

عوض عبد الفتاح/ كوكب أبو الهيجاء

الموت هو اللحظة الأقسى في حياتنا. قد يعتاد المرء على سماع الأخبار عن الموت اليومي للناس الذين يقتلون فى الحروب، لكن ليس بالإمكان أن لا تصدم عندما تفقد من تحب ومن تعز ومن كان يشكل جزءا حيويا من فضائك.

الأخت والصديقة والرفيقة روضة بشارة عطالله غادرتنا في أوج عطائها في أوج كفاحها في سبيل إنسان منتم وحر. انسحبت قسرا من هذا الحيز بعد مقاومة بطولية للمرض اللعين.

عاشت شامخة شموخ الوطن والإنسان الحر، فقضت شهيدة. ظلت تعمل وتوجه حتى وهن الجسم لكن ليس قبل أن تترك إرثا أصيلا راكمته هي وزملاؤها على مدار السنوات الماضية. كان ذلك من خلال نشاطها الدؤوب والمبدع في جمعية الثقافة العربية.

الدكتورة روضة حظيت بزواج من الدكتور في علوم اللغويات والمثقف إلياس عطالله فزاد العطاء، وزاد الإبداع، وكثر الإنتاج الذي يصب في بنيان الوجود الوطني لمجتمعنا الفلسطيني في الداخل في مواجهة الزيف والعبث بهويتنا الجماعيه ومستقبلنا .

كان قد وضع الأساس لهذا الصرح الثقافي الوطني الكبير الدكتور والمناضل عزمي بشارة، رفيقنا والقائد السابق للتجمع الوطني الديمقراطي، وشقيقها الذي حرم من توديعها بسبب وجوده في المنفى بعد المؤامرة الإسرائيلية على خلفية دعمه للمقاومة اللبنانية.

هذا الإرث الباقي هو عزاؤنا في هذا الفقدان لعزيزة عرفناها، وعرفنا بيتها، وعائلتها الأصيلة، وعملنا معا ولا زلنا في إطار حركة وطنية صاعدة فاجأ ظهورها ونجاحها الكثيرين، وهي حركه تهدف إلى خدمة الإنسان الفلسطيني ووجوده في وطنه.

رنا بشارة

د. روضة بشارة أنت نجمة الميلاد الساطعة في أرض فلسطين أرقدي بسلام !
أنت التي أعطيت المعنى الآخر للأمومه الوطنية التي ستزهر بالأمل والكرامة والحرية القريبة

يوسف أحمد أبو حسين/ أم الفحم

لم أعد أشكّ بتاتاً في أن شهر كانون الأول هو الشهر الأكثر حزناً وألماً وقهراً، هو شهرٌ لا يطغُى عليهِ الفرح، هو شهرٌ تستعيد فيه شريط ذكرياتك مع أقرب الناس إلى قلبك حتى لو هم لم يفارقوا هذه الحياة الدنيا بهذا الشهر.

بجمالكِ لا يوجد مثيل وبحنانك لا بديل، لا زلت أسمع صوتك الدافىء يهمس في أذنيَّ وابتساماتُكِ تحتلُّ مخيَّلتي.

أيِّ عدلٍ هذا الذي يسرقك منّا أي حياةٍ هذه التي تأخذك عنّا، بل هل كان من الضروري أن ترحلي الآن أصلاً؟
د. روضة عطالله أحبك حتّى النخاع

د. بسام مصاروة / أبو غوش - القدس

ودعنا إلى مثواها الأخير، أمس، الزميلة والرفيقة العزيزة د. روضة بشارة عطا الله مخلفة وراءها جيلا كاملا مثقفا يعرف هويته القومية العربية، ويتمسك بمبادئه الوطنية والقومية. هذا الجيل يقاوم أي نوع من الاضطهاد أو التميز العنصري محافظا على هويته القومية، ومصرا على نيل كل حقوقه الشرعية دون التخاذل أو التأتأة أمام دولة الاحتلال.

أكثر من بكى روضة بالأمس هم أولاد روضة.. هولاء الذين كانو بالأمس أطفالا، وأصبحوا اليوم شبابا مثقفا متعلما نفتخر بهم. كانت لهم روضة الأم الحنون والأخت الموجهة، والبوصلة الوطنية.

كم بكاك أولادك يا زميلتي العزيزة. رأيت كل ذلك من خلال دموع أولادك.

أفتخر كل الفخر بأنني زميل لك في المهنة. بكيتك من خلال دموع أولادك أبناء التجمع الوطني الديمقراطي، وشعرت بحجم الخسارة التي خسرتها بعدم تقربي منك، والعمل معك عن كثب في الكثير من الأمور.

لم تكن اللقاءات بيني وبين الأخت روضة بالكثيرة، ولكنها كانت مؤثرة في داخلي عندما استحضرت بالأمس شريط ذكرياتي القصير معها، وأنا أقف مودعا لها مع رفاقي من التجمع الوطني الديمقراطي إلى مثواها الأخير.

هذا الشريط كان كافيا كي أطلع على حماس وجدية روضة في العمل الوطني والقومي. اكتشفت بلقائي الأول بها قبل عدة سنوات أنها طبيبة أسنان. في القاء الثاني اكتشفت أنها أنهت دراستها الجامعية في جامعة صوفيا في بلغاريا، وأنا أنهيت دراستي الجامعية بجامعة بلوفديف في بلغاريا. كان ذلك اللقاء في أحد مؤتمرات حزب التجمع الوطني الديمقراطي.

في حينه أخبرتني روضة أنها أنهت دراستها الجامعية في صوفيا عام 1979، وكانت أول طبيبة أسنان عربية في الداخل. وأخبرتها أني أنهيت دراستي الجامعية ببلوفديف عام 1998، واذكر أني أخبرتها أني متزوج من بلغارية، فقالت لي مازحة ومتحدية: على الرغم من ذلك أنا ما زلت أتذكر اللغة البلغارية أفضل منك.

وبدأت التحدث معي باللغة البلغارية، ففوجئت بطلاقتها في اللغة البلغارية لديها. وقفنا وتحدثنا بالبلغارية لبضع دقائق. كنت أعرف نفسي كمن هو متمكن تماما من هذه اللغة واعتبرتها نوعا ما لغة أولى وثانية لي، ولكن فوجئت عندما سمعتها كيف تتحدث البلغارية بطلاقة وبهذا المستوى.

كان ذلك آخر لقاء بيننا، ولكنني سأذكره دائما، وسأذكر لغتها البلغارية الجميلة التي تحدثت بها إلي، وسأذكرها كرمز وطني. رحمك الله يا روضة.

سلمان ناطور / دالية الكرمل

روضة بشارة...
ليس سهلا أن تودع إلى ما لا لقاء إنسانا تعرف جيدا أهمية بقائه على قيد الحياة. كل إنسان لبقائه قيمة كبيرة عند أقاربه وأهله وأصدقائه، ومن هنا يأتي البكاء عليه، لكن هناك أناسا لبقائهم معنى آخر، وقيمة زائدة إذا كانوا يصرون على تكريس ذاتهم أو شيئا كبيرا منها للآخرين، لمجتمعهم وشعبهم ولقضية عادلة تخصهم أو قد لا تخصهم إلا لكونها قضية إنسانية وطنية وعادلة.

روضة بشارة كانت في هذا المكان. لم تكن مجرد مثقفة، بل كانت من صنف المثقفين/ات الذين اختاروا طريق النضال مدركين أن الثقافة هي السلاح الأهم لتمكين مجتمع وتحصين شعب وشحذ طاقته وشحن ثورته ضد الاحتلال والظلم .

الحراك الثقافي الذي أحدثته روضة بشارة عبر جمعية الثقافة العربية، بما فيه ليس فقط من أبعاد سياسية وطنية بل حداثية وتعددية أيضا، هذا الحراك سوف يبقى مشعا في مشهدنا الثقافي الفلسطيني. كانت المحرك الأول لهذا الحراك، ورسخت تجربة رائدة ومتميزة في حياتنا الثقافية والنضالية.
سنذكرها دائما..

التعليقات