مواجهات الغضب وضغوطات المؤسسة على رؤساء السلطات المحلية العربية

تحركت بعض الجهات السياسية الإسرائيلية لعقد لقاءات مع العدد من المسؤولين العرب ورؤساء السلطات المحلية، وذلك في محاولة لتهدئة الشارع العربي.

مواجهات الغضب وضغوطات المؤسسة على رؤساء السلطات المحلية العربية

من مواجهات الغضب هذا الشهر

 حفزت مواجهات الغضب التي عمت البلدات العربية، تنديدا في السياسات العنصرية للمؤسسة الاسرائيلية واحتجاجا على العدوان الإسرائيلي المتواصل على الشعب الفلسطيني، حفزت قيادات العديد من الأحزاب اليهودية والوزراء والعديد من رؤساء السلطات المحلية اليهودية، إلى التوافد للبلدات العربية ولقاء رؤساء المجالس والبلديات، وذلك في مسعى لامتصاص الغضب الشعبي.

وتتواصل الزيارات للمسؤولين الإسرائيليين للبلدات العربية منذ أن اندلعت المواجهات، في أعقاب إعدام الفتى المقدسي محمد أبو خضير، حرقا وشن العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في الضفة وغزة، وما رافقها من ممارسات قمعية وحملة اعتقالات عنيفة غير مسبوقة طالت المئات من شباب عرب الداخل، وذلك كمحاولة للقمع والردع والترهيب، وكسر شوكة الإرادة الشبابية الصاعدة.

وأتبعت السلطات والأجهزة الأمنية الإسرائيلية، سياسة العصا والجزرة، في محاولة لقمع الحراك وامتصاص الغضب الذي يتصاعد ويحتدم، حيث أخذت تتسع رقعته في مختلف البلدات والمدن العربية بالداخل، في الوقت الذي استخدمت الشرطة والأجهزة الأمنية العنف المفرط.

وتحركت بعض الجهات السياسية الإسرائيلية لعقد لقاءات مع العديد من المسؤولين العرب ورؤساء السلطات المحلية، وذلك في محاولة "لتهدئة" الشارع العربي، وكان من بين ذلك، عقد لقاء في مجلس محلي جديدة -  المكر، بين وزير الداخلية غدعون ساعر وعدد من رؤساء السلطات المحلية العربية، ومثلها جلسة في مدينة قلنسوة في المثلث الجنوبي، جمعت رؤساء سلطات محلية من العرب واليهود.

عرب 48 رصد آراء بعض من شاركوا في هذه اللقاءات.

الغضب يأتي بسبب سياسة التمييز والإقصاء والتهميش

قال رئيس بلدية قلنسوة، عبد الباسط سلامة، في حديثه لعرب 48  "لقد جمعتنا  نحن رؤساء السلطات المحلية العربية في المثلث الجنوبي، عدة جلسات مع مسؤولين ورؤساء مجالس وبلديات يهودية، كما والتقينا بوزير العلوم، يعكوف بيري،- رئيس جهاز الأمن العام الشاباك السابق-  للتباحث في التطورات في البلدات العربية، خصوصا في قلنسوة التي شهدت احتجاجات ومواجهات كبيرة ضد الحرب على غزة وقتل الفتى محمد أبو خضير".

وأضاف سلامة: "خلال المواجهات، حاول الإعلام العبري نقل صورة مشوهة لنا، وكأننا نحن المعتدين، وهم يعلمون إننا شعب مسالم وحضاري، ونحن أصحاب قيم ومبادئ"، ونوه سلامة إلى أن بلدية قلنسوة، كانت بحاجة لمثل هذا اللقاء، لممارسة الضغط على المسؤولين حول المنازل المهددة بالهدم، حيث طالبوا أصحابها بإخلائها لتنفيذ اوامر الهدم.

وتابع سلامة:  "لقد طرحنا هذا الأمر أمامهم، وقلنا لهم، إذا تم تنفيذ الهدم، فإن الغضب سيتضاعف مئات الأضعاف، كما أكدنا لهم أن هذا الغضب يأتي بسبب سياسة التمييز والإقصاء والتهميش، فوزير العلوم اتصل بي منذ اليوم الأول للاحتجاجات، وطلب مني العمل على التهدئة، إلا إنني قلت له، أنا مع التضامن والاحتجاج على العدوان بشكل حضاري".

وخلص سلامة إلى القول: "إسرائيل لا تريد  مظاهر الاحتجاج، كون ذلك يحرجها، فالدولة تريد المحافظة على صورتها أمام العالم، لذلك أرادوا تهدئة الأمور بشتى الوسائل، لقد طرحنا قضايانا أمام  الوزراء والرؤساء اليهود،  وفي سلم أولويات المطالب والمشاكل التي طرحت، أوامر الإخلاء وهدم البيوت وأمل أن يعملوا بجدية، وأن لا تكون وعودهم مجرد حبوب مسكنة".

"وزير الداخلية طالب الرؤساء العمل على التهدئة والحفاظ على العيش المشترك"

رئيس بلدية شفاعمرو، أمين عنبتاوي، الذي شارك في لقاء الرؤساء بوزير الداخلية، نفى الادعاء  أن يكون قد تم ممارسة ضغوطات عليه، وقال: "الوزير طالبنا بالعمل على التهدئة والحفاظ على العيش المشترك... أنا لا أقبل  المشاركة في لقاء يتم تحت الضغوطات، نحن أحرار ونعمل  لمصلحة أهلنا وأبناء شعبنا، حيث طرحنا مطالبنا أمام الوزير، وعبرت خلال اللقاء عن موقفي بالغضب والاستنكار مما يتم ضد شبابنا المحتجين، وأكدت أن هذا حق اساس وشرعي، وشددت على أن ممارسة السلطة والشرطة القمعية وحملة الاعتقالات الواسعة غير المسبوقة هي ممارسات غير مبررة".

وأشار إلى أن حالة الاحتقان التي يعيشها الشباب، بسبب انسداد أفق المستقبل جراء سياسات التمييز، وفقدان الأمل لدى الشباب، خاصة وأن قطاع الشباب يعاني ضيق المعيشة، وهناك فقر وبطالة وأزمة الأرض والمسكن، وسن القوانين العنصرية، وهدم المنازل، واعتداء مجموعات "تدفيع الثمن" على الممتلكات والمقدسات، وبث أجواء الترهيب لذا، يجب علاج الوضع والقضايا لفهم النتائج والأسباب التي أدت لهذه الظروف التي تمهد للانفجار.

"عليكم وقف أسباب وعوامل الغضب التي تدفع بالشباب الخروج للشوارع لرفع صرختهم من أجل الحياة والمستقبل"

من جانبه، أوضح رئيس بلدية سخنين واللجنة القطرية للسلطات المحلية العربية، مازن غنايم،  أنه لم يتسن له حضور اجتماع رؤساء السلطات العربية بوزير الداخلية، وذلك رغم  دعوته للاجتماع، وتعذر مشاركته لأسباب انشغاله بأمور أخرى، إلا إنه أكد لـ"عرب ٤٨ أن "مطالب جماهيرنا غير خاضعة لأي مقايضة او مساومة، ونحن لا نسمح باي لقاء يجري تحت ممارسة ضغوطات".

يذكر أن غنايم التقى بوزيرة القضاء، تسيبي ليفني، بناء على دعوتها، خلال مواجهات الغضب.

وأضاف غنايم: "عندما يطلب منا المسؤولون الإسرائيليون بالتهدئة، نحن نقول إن عليهم إزالة أسباب الاحتجاج والاحتقان، وذلك عبر لجم ممارسات الشرطة القمعية، كما عليهم أن يدركوا أن أسباب وعوامل هذه الاحتجاجات كثيرة وعميقة، وبالتالي نقول لهم، عليكم وقف أسباب وعوامل الغضب التي تدفع بالشباب الخروج للشوارع لرفع صرختهم من أجل الحياة والمستقبل".

ولفت إلى أنه بالوقت الذي  شهدت البلدات العربية مظاهرات سلمية من أجل الأسرى، وعقبها احتجاجات الغضب لإعدام الفتى المقدسي محمد ابو خضير، أندلع العدوان على غزة، مما جعل الأرضية تشتعل غضبا، ناهيك عن الاحتقان الكامن لدى جماهير الداخل جراء سياسات التهميش والتمييز والإقصاء.

"كان يجب اشتراطها بوقف عنف الشرطة وإطلاق سراح كافة المعتقلين والملاحقات السياسية، والتأكيد على شرعية الاحتجاج"

بدوره، وجه عضو المكتب السياسي لحركة أبناء البلد، الأسير المحرر، لؤي خطيب، انتقادات شديدة لمثل هذه الجلسات واللقاءات، واعتبر في حديثه لعرب 48 هذه اللقاءات محاولة من المؤسسة الإسرائيلية لإعادة الدور الوظيفي للسلطات المحلية على نمط "روابط القرى".

وانتقد خطيب انعقاد مثل هذه الجلسات، وأستنكر استقبال بعض رؤساء السلطات المحلية للعديد من المسؤولين الإسرائيليين، خاصة في ظل مواجهات الغضب، واستمرار حملة الاعتقالات، والتنكيل بالمتظاهرين والعدوان الدموي على غزة، واعتداءات المستوطنين.

واستهجن خطيب مثل هذه اللقاءات، قائلا إننا "نعرف أن من بين هؤلاء ممن شارك باللقاءات يوجد رؤساء وطنيين، لذا كان يجب على أقل تعديل، أن تكون تلك اللقاءات مشروطة، وذات مرجعية وليست عشوائية وفردية، وكان يجب اشتراطها بوقف عنف الشرطة وإطلاق سراح كافة المعتقلين والملاحقات السياسية، والتأكيد على شرعية الاحتجاج".

واستنكر خطيب ما بدر عن بعض الرؤساء من تصريحات، حيث وصف بعضهم المظاهرات والخطوات الاحتجاجية بأنها أعمال شغب وتجاوز للقانون، مؤكدا أن الرئيس الذي صرح بذلك وأتخذ مواقف مناهضة للقضية الفلسطينية والهبة الشعبية، هو من خرج عن الإجماع الوطني وطعن النضال الجماهيري للشباب الذين انتفضوا انتصارا لغزة.

ودعا خطيب لجنة المتابعة واللجنة القطرية للسلطات المحلية تثبت معايير، وتشكيل مرجعية ملزمة لكل من يخرج عن الصف والموقف في مثل هذه الظروف.

"المسألة ليست مسألة صلح عشائري وصلحة"

بدوره، قال نائب رئيس بلدية أم الفحم وسام قحاوش (التجمع الوطني) في حديثه لـ"عرب 48" إنه " يجب التأكيد هذه المرة على ضرورة صياغة المعايير والضوابط ضمن مرجعية تحظى باإاجماع الوطني، وأن تتم من خلال اللجنة القطرية ولجنة المتابعة، وليس من خلال علاقات شخصية مع هذا الوزير أو ذاك".

وأضاف قحاوش: نحن نتفهم الضغوطات التي يتعرض لها رؤساء السلطات المحلية  ولكن لا نتفهم الاستجابة المجانية دون طرح مطالب الساعة على أقل تعديل،  والتأكيد على حق التعبير والاحتجاج والمطالبة بعدم إدخال الشرطة للبلدات العربية.

وتابع قحاوش أن "المسألة ليست مسألة صلح  عشائري وصلحة،  وعندما يجري  الحديث أو المطالبة بالتهدئة، نطالب أولاً بوقف العدوان واعتداءات المستوطنين والأسباب والمسببات لهذا الغضب والاحتقان،  ولا يجوز التودد لهذا الوزير أو ذاك أان الميزانيات للسلطات المحلية ليست منة من أح،د بل حق ل ايستوجب الاستجداء ولا مجال للمقايضة، وعلى هؤلاء الرؤسا أن يكونوا مع شعبهم وبالمقدمة وأن يدافعوا عن المعتقلين ويطالبوا بوقف عمليات القمع والترهيب ضد أبناء الشبيبة والفتية دون أي مبرر،  بل فقط لكونهم عبروا عن رفضهم للعدوان واعتداءات وجرائم المستوطنين".

التعليقات