السوق القديم في الناصرة... شلل تجاري في رمضان وركود عشية العيد

هجرة السوق، بظل الركود التجاري والازمة الاقتصادية الخانقة التي تسبب بإغلاق مئات المحال التجارية منذ العام 2000.

السوق القديم في الناصرة... شلل تجاري في رمضان وركود عشية العيد

يشهد السوق القديم في الناصرة، هجرة للتجار وأصحاب المحال التجارية، وذلك بالتوازي مع غياب حركة التسوق وتراجع في أعداد المتسوقين، وذلك بظل الركود التجاري والأزمة الاقتصادية الخانقة التي تسبب بإغلاق مئات المحال التجارية منذ العام 2000.

وغابت عن زقاق السوق مشاهد التسوق، وفي كثير من مواقع السوق توقفت الحياة وتحولت إلى مدينة أشباح، و"يبكي" التجار حسرة على أيام الزمن الماضي، حيث كان السوق القديم محط أنظار العائلات من الجليل والمثلث، واليوم بالكاد يتفقده أهالي المدينة، صرخة استغاثة أطلقها التجار وأصحاب المكان، لكن لا حياة لمن تنادي.

وتعكس ردود الأفعال الغاضبة للتجار وأصحاب المحال التجارية، كما وثقها موقع عرب 48، خلال جولة ميدانية قام بها مراسلنا بالسوق القديم، صورة قاتمة حول الركود التجاري رغم شهر رمضان، وحقيقة مؤلمة بظل تراجع القوة الشرائية، عشية الاستعدادات لعيد الفطر، فهذه الأجواء والحقائق، تنذر بتصفية السوق الذي يعتبر من أهم المعالم الأثرية في المدينة.

في شهر رمضان تعج الأسواق الشعبية بالمتسوقين، لكن في سوق الناصرة، مر الشهر الفضيل دون حركة تجارية أو توافد نشط للزائرين، وبحسب ما سرده أحد الزائرين المتقدم بالسن: "ما عاد السوق يعج في الحياة مثلما كان بالماضي... الله يرحم تلك الأيام.."، بالمقابل يتساءل العديد من التجار وأصحاب المحلات "لماذا قتلوا السوق؟".

سوق الناصرة الشعبي مستهدف ، ويتعرض لمؤامرة من المؤسسة الإسرائيلية  بغرض تصفيته

وأستعرض تاجر الأحذية، أحمد علي السعدي، واقع الحركة التجارية ومعاناة أصحاب المحال التجارية والصعوبات الاقتصادية التي تواجههم جراء الركود التجارية وقلة المتسوقين، ويعتقد السعدي بأن  سوق الناصرة الشعبي مستهدف ، ويتعرض لمؤامرة من المؤسسة الإسرائيلية  بغرض تصفيته، وذلك بغية ضرب الحركة التجارية والسياحية بالمدينة، ضمن مخطط قتل التجارة العربية  برمتها.

وقال السعدي إن :"الناصرة مدينة تاريخية ومقدسة منذ زمن المسيح، ونتساءل لماذا قتلوا السوق؟، لماذا عندما قاموا بترميم السوق، لم يتم بناء موقف سيارات خاص بالسوق؟، ولم تفتح شبكات طرقات مناسبة تؤدي للسوق والبلدة القديمة التي تم خنقها وعزلها عن حركة المرور والمسافرين، وبالمقابل، يتم إلزامنا بدفع الضرائب للبلدية وللدولة، في الوقت الذي لا يوجد دخل بسبب انعدام القوة الشرائية، ما يعمق من الازمة الاقتصادية للتجار واصحاب المحلات".

ورغم الركود الاقتصادي والشلل التجاري، يؤكد السعدي: "لا يمكن أن تغلق مدينة الناصرة ولا سوقها التاريخي، ويجب الاستثمار ودعمه، الدكان الذي اشتريته بمبلغ ستون ألف ليرة  في الماضي، لا يسوى اليوم شيئا، فالتجار  يعانون، دون دخل مردود مالي قليل، والسوق عشية العيد شبه خالي من المتسوقين".

السوق دون حركة تجارية للمتسوقين والفرحة بالعيد ما عادت تدخل السوق الذي تحول إلى مدينة اشباح

من جانبه، قال تاجر الأقمشة، محمود عبد الخالق حسيني  إن:" الوضع الاقتصادي صعب وقاسي على المواطنين، حوالي 90% من العائلات وضعهم الاقتصادي سيء، وهذا ينعكس سلبا على الحركة التجارية، خاصة وأننا بعدة مواسم خلال شهر، العطلة الصيفية، رمضان، والعيد، والمدارس، عدا عن الافراح والاعراس، فهذه المناسبات تثقل مصاريف العائلات، كذلك الأمر، لا يوجد تنظيم لمنطقة السوق، بدون مواقف للسيارات ومخالفات سير، وانعدام البيئة والظروف لتشجيع المتسوقين، بل بالعكس، هناك هجرة للسوق حتى من أهالي المدينة".

ويشكو تاجر الملابس، عماد السوري، اسوة بباقي تجار السوق القديمة، من شلل الحركة التجارية، وتواصل غياب المتسوقين وهجرتهم المكان، قائلا:" لا يوجد اجواء رمضان، السوق دون حركة تجارية للمتسوقين والفرحة بالعيد ما عادت تدخل السوق الذي تحول إلى مدينة اشباح، فغالبية الاهالي والمتسوقين بحثوا عن البدائل في المجمعات التجارية واسواق جنين وعليه قبل ان نلوم أي طرفن علينا أن ننتقد ونلوم اهل البلد لهجرتهم سوقهم الشعبي القديم".

إلى ذلك، قال عدنان زعبي، من تجار السوق، إن:" حالة السوق تتدهور يوما بعد يوم،  تلحظ  أن الحركة التجارية خفيفة جدا، حتى في الشارع الرئيسي، هناك عدد من الأسباب، ولكن من أهمها أن المخالفات التي تحرر للمتسوقين والوافدين إلى الشارع الرئيسي دمرت الجميع، أصبح الزبون يدخل إلى السوق وهو متخوف من أن يعود لسيارته وتكون مخالفة بانتظاره، طبعا منا لا يريد النظام ولكن ليس بمثل هذه الطرق والاساليب يفرض، وفي ظل هذا الوضع والظروف الكثير من التجار يفضلون عدم فتح المحال التجارية".

شلل تجاري وهجرة للسوق
من جهته، قال بهاء سليمان، من سكان السوق: "لا مجال لمقارنة حياة السوق الشعبي مع الحركة التجارية العامة في البلاد، فالحركة في سوق  الناصرة "مشلولة "، أين الناس وأين التجارة ؟ هل تسمي  التسوق الخفيف في رمضان وعشية العيد، بتحسن للحركة الاقتصادية، صحيح هناك حرب ووضع خاص، ولكن هذا لا يمنع أن يكون هناك حركة تجارية مشلولة، والحركة الاقتصادية  والتجارية في السوق من سيء إلى أسوء".

أما التاجر وصاحب محلات في السوق، حافظ محروم، يعتقد أن الأوضاع التي تسودها البلاد بسبب الحرب على غزة،  تنعكس على مجمل الوضع الاقتصادي والتجاري وليس فقط في الناصرة، ويأمل محروم أن تعود الحياة إلى السوق الشعبي في المدنية، ويرفض الطرح الذي يروج له البعض بأن الذهاب إلى اسواق جنين اضر في الحركة التجارية بالناصرة".

ويتفق هاني هبرات مع مختلف التجار بتراجع مكانة السوق الشعبي في المدنية، مؤكدا أن الحركة في السوق ضعيفة جدا في رمضان، وذلك في ظل تغيب الأجواء والحركة التجارية والاستعداد للعيد، لافتا إلى أن  الوضع التجاري في الماضي كان أفضل، والحياة التجارية والشعبية كانت تعج في السوق، مبينا أن أهالي الناصرة انفسهم، ولأسباب غير مبررة هجروا السوق، كما أن القرى المجاورة للمدينة، تطورت كثيرا، وما عاد الاهالي يتوافدون للسوق كما كان في الماضي.

 

التعليقات