المؤرخ بابيه: "دولة ثنائية القومية لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي"

طرح حل الدولتين بات غير واقعي، وذلك بسبب ممارسات الاحتلال الإسرائيلي بفرض حقائق على الارض بالمناطق الفلسطينية المحتلة.

المؤرخ بابيه:

بابيه: الفلسطينيون ليسوا خدعة بصرية وأنهم باقون ولا مفر سوى الإقرار بالوضع القائم

 أكد المؤرخ الإسرائيلي  البروفيسور إيلان بابيه أن طرح حل الدولتين بات غير واقعي، وذلك بسبب ممارسات الاحتلال الإسرائيلي بفرض حقائق على الأرض في بالمناطق الفلسطينية المحتلة، وشدد على أن إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي يكمن في حل دولة ثنائية القومية، مع ضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

جاءت أقوال بابيه في ندوة سياسية نظمتها الحركات الشبابية في عارة - عرعرة، بالتعاون مع الحراك الشبابي "فينا خير"، وحركة مبادر الشبابية التطوعية وحركة "مجتمعك مسؤوليتك"، حيث استضافت المؤرخ بمحاضرة لعرض رؤيته المتعلقة بحل الدولة الواحدة، وما تحمله مثل هذه الدعوات من أمل لمستقبل أفضل للشعب الفلسطيني.

وذكر  بابيه خلال المحاضرة أن الحل الوحيد المطروح اليوم على الساحة هو حل الدولة الواحدة بين النهر والبحر، يعيش فيها الفلسطيني والإسرائيلي جنبا إلى جنب، ويكون أساسها المواطنة والمساواة التامة بين كافة المواطنين يهودا وعربا، مع ضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين.

خطة صهيونية مدروسة لإخلاء أكبر عدد من الفلسطينيين وتوطين يهود مكانهم

وتحدث بابيه بإسهاب خلال محاضرته عن تسلسل الأحداث منذ العام 1948 وحتى اليوم، وذلك ضمن خطة صهيونية مدروسة لإخلاء أكبر عدد من الفلسطينيين وتوطين يهود مكانهم،  متوقفا عند محطات فارقة، منها قرار الحركة الصهيونية إقامة شريط تم فيما بعد تسميته بقطاع غزة لغرض تحويله إلى مخيم لاجئين كبير أستوعب غالبية الفلسطينيين المطرودين من جنوب البلاد وحتى يافا.

وتكرر الأمر بابتداع مصطلح الضفة الغربية ضمن أتفاق سري بين الحركة الصهيونية والأردن لتحويلها أيضا إلى سجن كبير لاستيعاب مهجري 1948، وفرض الحكم العسكري على من تبقى من الفلسطينيين الذين صمدوا في ديارهم.

وتوقف بابيه عند عام 1964 حينها قررت حكومة إسرائيل بأنه آن الأوان لإلغاء الحكم العسكري تمهيدا لتصديره إلى مناطق الضفة الغربية التي كانت تتطلع إسرائيل دوما إلى ضمها في أول فرصة سانحة على اعتبار أنه لا وجود لإسرائيل بدون الخليل وبيت لحم ونابلس والقدس ولا يمكن أن تكتسب إسرائيل صفة شرعية بدونها لارتباطها بماضي اليهود في فلسطين.

إسرائيل لا يمكنها أبدا أن تنسحب من أراضي الضفة الغربية وتكرّس وجودها هناك عن طريق استيطان يهودي مكثف على كل شبر من الأرض

وهي الفرصة التي سنحت عام 1967، حيث أكد ابيبه أن الحكومة الإسرائيلية اتخذت في أعقابها قرارات حاسمة رسمت مصير البلد لعقود قادمة وحصل ذلك بإجماع كافة الاحزاب الصهيونية آنذاك وبزعامة حزب العمل، حيث كان أول هذه القرارات أن إسرائيل لا يمكنها أبدا أن تنسحب من أراضي الضفة الغربية وإن عليها أن تكرّس وجودها هناك عن طريق استيطان يهودي مكثف على كل شبر من الأرض مع الاحتفاظ بخيار الفوز بالأرض بدون سكانها الفلسطينيين عن طريق التهجير الجماعي أو الفردي وتشجيع الهجرة الطوعية بكافة الوسائل وهو ما يحصل إلى الآن.

والحاصل هو سجن كبير للفلسطينيين يعرف اليوم باسم الضفة الغربية، وعمليا ل المؤرخ الإسرائيلي: "أن ما هو قائم على الأرض هو دولة واحدة من البحر إلى النهر،  لكن إسرائيل تنكر ذلك عن طريق الاحتفاظ بجزء من السكان تحت حكم عسكري متواصل وحرمانهم من أدنى حقوق المواطنة، بذريعة أن هذا أمر مؤقت ينتهي مع إقامة دولة فلسطينية مستقلة وهو الأمر الذي تكذّبه الوثائق الاسرائيلية ومحاضر الجلسات الحكومية.

ويجزم المؤرخ بابيه أن إسرائيل منذ البداية أرادت ضم الضفة الغربية لكن بتقديم الأمر للعالم وكأنه حالة مؤقتة لحين التوصل إلى أتفاق دائم إلا أن الامر ليس كذلك، إذ أن إسرائيل كانت تضمر منذ البداية مسألة الاحتفاظ بالضفة الغربية، وهي التي اختلقت مصطلح حل الدولتين لتخدير العالم والعرب والفلسطينيين، وللأسف تلقفته نخب محلية وعربية وعالمية صدّقت الخدعة وبدأت تروّج لها، فيما سعت إسرائيل ميدانيا إلى تكريس وجودها عن طريق خلق وقائع على الأرض ومنع أي امكانية للانسحاب مستقبلا.

لا توجد اليوم أي أمكانية لإقامة دولة فلسطينية على أراضي 1967 ولم يتبقى عمليا إلا حل الدولة الواحدة

وهو الحاصل بالفعل، فلا توجد اليوم يقول بابيه: " أي أمكانية لإقامة دولة فلسطينية على أراضي 1967 ولم يتبقى عمليا إلا حل الدولة الواحدة الذي فرضه الواقع بانتظار أن تخرج إسرائيل من غيبوبتها ومن حالة الإنكار التي تعيشها وأن تعترف بأن الفلسطينيين ليسوا خدعة بصرية وأنهم باقون ولا مفر سوى الإقرار بالوضع القائم وهو الدولة الواحدة القائمة فعلا على الأرض إضافة إلى عودة اللاجئين، وهذا لن يحصل تلقائيا بل بعمل دؤوب من جانبنا، فلن تتخلى إسرائيل طوعا عن مكاسب حصلت عليها خلال الفترة الماضية".

وأفاض المحاضر باستعراض نماذج ذات صلة مثل خوض تجربة شخصية في مكافحة الأبرتهايد في جنوب أفريقيا، وانخراطه ضمن جماعات تدعو إلى مقاطعة إسرائيل لإجبارها على الرضوخ  للأمر الواقع، وصولا إلى التحول الكبير الذي طرأ على الرأي العام العالمي لصالح فلسطين والذي لم يُستثمر إلى الآن   بسبب حالة الانقسام الداخلي في فلسطين وعدم القدرة على تقديم قيادة فلسطينية موحدة تكون عنوانا للجماعات الداعمة للقضية الفلسطينية والتي تشهد ازديادا يوما بعد يوم.

وأجاب بابيه في ختام محاضرته عن أسئلة الحضور واستفساراتهم لتتحول الأمسية الى ما يشبه حلقة نقاش طويلة ومثيرة بين الناشط العالمي ايلان بابيه، ونخبة من أهالي عارة وعرعرة، الذين حثهم  على عدم الاستسلام لليأس وللأمر الواقع وأن يؤدي كلّ منا دوره بنشاط ودون كلل في دفع فكرة الدولة الديمقراطية الواحدة. 

التعليقات