علي مواسي يستقيل: الفاسدون والظّلاميّون يعبثون بباقة الغربيّة!

أعلن المربي والكاتب علي مواسي اليوم، استقالته من جهاز التربية والتعليم في باقة الغربية، على خلفية الهجوم الذي تعرض له من جهات متشددة.

علي مواسي يستقيل: الفاسدون والظّلاميّون يعبثون بباقة الغربيّة!

أعلن  المربي والكاتب علي مواسي اليوم، استقالته من جهاز التربية والتعليم في باقة الغربية، على خلفية الهجوم الذي تعرض له من جهات متشددة.

ويعمل مواسي مدرّسًا للّغة العربيّة وآدابها ومسؤولًا عن الأنشطة اللّا منهجيّة في إحدى المدارس الثّانويّة، وقال إن استقالته تأتي استنكارًا وإدانة لما وصل إليه الوضع في باقة الغربيّة، من دسّ ثقافة التّرهيب والتّحريض والتّكفير والانتقام، ومحاولات خلخلة النّسيج الاجتماعيّ، وضرب جهاز التّربية والتّعليم بكلّ ثمن، وفق مواسي.

 وقال مواسي في بيان: عاش بلدنا خلال الأسبوعين الماضيين أزمة عصيبة، أشغلت كثرًا منّا عمّا يعصف ببلادنا قطريًّا من أحداث سياسيّة هامّة، افتعلها البعض وفاقمها انطلاقًا من حجّةٍ واهية، ألا وهي الألفاظ والمشاهد الّتي اعتبرها البعض 'خادشةً للحياء' في رواية اخترت تدريسها لطلّابي، رواية 'أروفوار عكّا' للكاتب الفلسطينيّ علاء حليحل.

وأضاف: وعلى ضوء ما وصلت إليه الأمور من انحطاط في النّقاش والأساليب، تنال من شخصي ومن غيري، بقيت مترفّعًا عنها وغير منخرط فيها خلال المدّة الماضية، وإصرار ثلّة ظلاميّة من النّاس على التّهويل والتّشويه والتّحريض، والاستمرار بالافتراء على شخصي وتهديد سلامتي، وكذلك سعي هذه الثّلّة لخلق معسكراتٍ في بلدنا الطّيّب، وصنع المستحيل لجرّ أهله للفتنة، على ضوء ذلك كلّه، قرّرت الاستقالة من جهاز التّربية والتّعليم في باقة الغربيّة، حيث أعمل مدرّسًا للّغة العربيّة ومسؤولًا عن الأنشطة اللّا منهجيّة في إحدى المدارس الثّانويّة، لأنّني أجده مساحة ضيّقة وقاتمة، لا تليق بطاقتي العلميّة والمعرفيّة، وتوجّهاتي الإنسانيّة، ومرجعيّتي العربيّة الإسلاميّة الوسطيّة المنفتحة الرّاقية.

 وأوضح أن أسباب الاستقالة هي:

1. أستقيل مستنكرًا ما وصلت إليه حال بلدنا، للأسف، من تفاقم خطاب التّهديد والتّرويع، وأساليب التّشهير والتّحريض الخطيرة، باسم الدّين أو غيره، من ثُلّة متسلّقة متطفّلة، تطعن وتهاجم كلّ جهة تختلف عنها، مهما كانت مرجعيّتها، دون أن يضع أحدٌ لها خطوطًا حمراء توقفها عند حدّها، ويستأصل من الجذور نهجها المعتدي على الكرامات والحرمات والخصوصيّات.

2. أستقيل وأنا متيقّن من حبّ طلّابي لي وتمسّكهم بي، لثقتي من أنّني قدّمت خلال مدّة عملي القصيرة نموذجًا تربويًّا يجعل الطّالب مركز العمليّة التّعليميّة وسيّدها، لا المعلّم، ويبتعد قدر الإمكان عن التّلقين وحشو المعلومات، يوسّع الآفاق وينمّي شخصيّات إبداعيّة ونقديّة وقياديّة، ويستثمر أساليب التّعلّم العصريّة والتّفاعليّة المحفّزة؛ وكذلك لما نظّمته من أحداث لا منهجيّة خلال شهرين، لاقت استحسان ومباركة الجميع؛ من أمسية فنّيّة استقبالًا لصفوف العواشر، واحتفال وتكبيرات عيد الأضحى المبارك، وانتخابات برلمانيّة محوسبة، ويوم محاضرات مكثّف إحياءً لذكرى هبّة أكتوبر، والاستجابة لطلب البرلمان المدرسيّ بتنظيم 'يوم الكوفيّة' احتجاجًا على مقتل الشّهيد خير حمدان وغيرها.

3. أستقيل احتجاجًا على محاولات غير المختصّين ولا المهنيّين العبث بجهاز التّربية والتّعليم في باقة الغربيّة، وعرقلة مسارات النّهوض به بأيّ ثمن، والفوضى الّتي تسوده حتّى الآن بسبب سوء الإشراف عليه في المرحلة السّابقة، وهو ما يضع مصلحة أبنائنا ومستقبلهم في دائرة التّهديد المستمرّ.

4. أستقيل لأدين اللّيونة والتّخبّط والتّقلّب وغياب الموضوعيّة الصّرفة في معالجة قضيّة بسيطة صارت أزمة ضخمة مفتعلة، وعدم الحزم منذ البداية تجاه من يرى نفسه وصيًّا على الأمّة، فيتدخّل فيما لا يعنيه من شؤون تربويّة وتعليميّة مهنيّة، وكذلك تجاه من انتماؤه لجهات سياسيّة أو فكريّة معيّنة، أكبر بكثير من انتمائه للمؤسّسة الّتي يعمل فيها، فيصرّ على إخراج ما يحصل داخل المؤسّسة إلى خارجها.

5. أستقيل رافضًا زجّ اسمي، ولا بأيّ شكلٍ من الأشكال، ومن أيّ جهة كانت، في صراعات وصفقات سياسيّة محلّيّة متردّية، إن كان في الظّاهر أو من وراء الكواليس والحُجَر المغلقة، تدنّس علمي وأدبي وقيمي، ومتحدّيًا كذلك الأصابع المشبوهة العابثة من خارج باقة الغربيّة.

6. أستقيل مستاءً من الاستهانة والاستهتار بجهود جبّارة بذلها الأخيار وأهل الحكمة في باقة الغربيّة لمعالجة المسألة واحتوائها، من وجهاء وجهات فاعلة على السّاحة المحلّيّة، ومحاولات الالتفاف على تصوّراتهم وقراراتهم؛ الّذين لولا وقفتهم الموضوعيّة والشّريفة والمنصفة، الشّجاعة والحكيمة، تجاهي وتجاه باقة الغربيّة ومجمل المسألة، لكانت الأوضاع أخطر ممّا هي عليه الآن. وأنا أدين بشدّة كلّ تطاول على شخصيّة منهم من ثلّة متطرّفين ومحرّضين باسم ديننا الحنيف.

7. أستقيل وكلّي فخر واعتزاز بحجم التّضامن الواسع الّذي لاقيته محلّيّا وقطريًّا، والشّهادات النّبيلة المفرحة الّتي قيلت بحقّي، عن علمي ومهنيّتي وقيمي وخلقي، من زملاء وأصدقاء وعائلة، وشخصيّات سياسيّة ودينيّة، أكاديميّة وثقافيّة وفنّيّة، ومؤسّسات، معتبرًا هذا كنزًا وسندًا يدفعان بقوّة نحو الاستمرار في الفعل العلميّ والثّقافيّ والسّياسيّ؛ شاكرًا كلّ من أبدى الاستعداد للمؤازرة الفعليّة والعمليّة.

8. أستقيل مؤكّدًا على أنّني عُيّنت مدرّسًا في إحدى مدارس باقة الغربيّة بعد توجّه من البلديّة وإدارة المدرسة، وإلحاح منهما لقبول الوظيفة، وأنّني فضّلت طلّاب بلدي وأهلها على غيرهم في مؤسّسات ومدارس تعتبر من الأفضل في البلاد، لإيماني بأنّ الاستثمار العلميّ والقيميّ فيمن يحتاجون إليه فعلًا، أهمّ وأولى من الاستثمار فيمن يتوفّر لهم هذا الأمر بسهولة.

9. أستقيل مواصلًا مسيرتي الأكاديميّة والأدبيّة والإعلاميّة في مساحات أجد أنّها تليق أكثر بطاقاتي وقدراتي، دون وصاية أو محاكم تفتيش ظلاميّة، وأؤكّد على أنّ نشاطي المعهود، محلّيّا وقطريًّا، في مختلف القضايا سيستمرّ كما هو وسيزيد.

10. أستقيل مبيّنًا أنّني أنا من أنهيت مسألة الرّواية بنفسي داخل جدران المدرسة ومع طلّابي الرّائعين، وفي اليوم الأوّل من توزيعها، دون أن تُدرّس، ودون أيّ ضغط أو فرض من أحد، على عكس ما يحاول البعض ترويجه لجني بطولات زائفة كاذبة، وهذا تعلمه كلّ الجهات المعنيّة وقد شكرتني عليه. لكن، وكما تبيّن للجميع لاحقًا، فإنّ المسألة لم تكن مسألة الرّواية، بل 'أجندة وفكر وشخص علي مواسي'، على حدّ قول من شنّ حملة التّحريض والتّشويه البائسة.  

وتابع: وأبيّن أيضًا أنّني خلال الأسبوعين الماضيين، أبديت كلّ تعاون وسماحة مع توجّهات الهيئة الإداريّة في المدرسة، وبلديّة باقة الغربيّة، ومختلف الجهات المعنيّة الفاعلة على السّاحة المحلّيّة، وقدّمت تنازلات مبدئيّة ومهنيّة مفضّلًا المصلحة العامّة ومصلحة طلّابي والمدرسة على المصلحة الخاصّة، وقطعًا لدابر الفتنة، ورغم ذلك لم تتوقّف لحظة واحدة حملة التّشهير والتّحريض والتّهديد.

11. أستقيل داعيًا أهل باقة الغربيّة الكرام، نساءً ورجالًا، شيوخًا وأطفالًا، إلى حماية النّسيج الاجتماعيّ الباقيّ بأيّ ثمن، والمحافظة على الثّوابت الوطنيّة والقيميّة، العربيّة والإسلاميّة، النّيّرة المتسامحة المنفتحة الرّاقية، والوقوف بحزم ضدّ المدّ الظّلاميّ التّرويعيّ التّحريضيّ، الّذي لا يقيم أيّ اعتبار للتّفاوت والتّعدّديّة وموروثاتنا الأصيلة الّتي ميّزت حضارتنا على مدار 14 قرنًا. وأدعو أهل باقة الغربيّة أيضًا إلى التّرفّع والتّعاضد والتّعاون، وعدم السّماح لقلّة مفسدة، ومن يقف وراءها، بأن يجرّونا إلى الفتنة كلّ مرّة من جديد.

12. أستقيل معتبرًا، كما كثيرين، أنّ المسألة لم تكن شخصيّة على الإطلاق، وأنّ المعركة لم تستهدفني لذاتي فقط، بل ما أحمله من قيمٍ إنسانيّةٍ وثقافيّةٍ وتربويّة، أنهلها من صُلْب الإنسانيّة والعروبة وحضارة الإسلام المتنوّرة الوسطيّة المنفتحة الرّاقية، المناقضة للظّلام، ولا مرجعيّةَ ستفرض عليّ غير هذه أبدًا!

 وأضاف البيان: وختامًا، شكر كبير لوالدي، المربّي ونائب مدير المدرسة الثّانويّة سابقًا، الحاجّ نصوح علي مواسي، وأبناء عائلتي، على دعمهم وتأييدهم قراري هذا. وشكرٌ بحجم الكون كذلك، لكلّ من وقف إلى جانبي، بشجاعة ومبدئيّة، وأبدا كلّ دعم في مواجهة المتطرّفين الظّلاميّين، في سبيل خير باقة الغربيّة وأهلها، وكامل مجتمعنا العربيّ الفلسطينيّ.

وتابع البيان: وشكري الكبير أيضًا لكلٍّ من: رئيس بلديّة باقة الغربيّة المحامي مرسي أبو مخ، ومدير المدرسة الأستاذ كرم أبومخ، ورئيس لجنة أولياء الأمور السّيّد فهد مواسي، وبروفسور خليل عثامنة، وبروفسور محمود غنايم، ولجنة الأئمّة في باقة الغربيّة وعلى رأسها الشّيخ خيري مجادلة، واللّجنة الشّعبيّة وعلى رأسها الأستاذ سميح زامل أبو مخ، وفرع التّجمّع الوطنيّ الدّيمقراطيّ وعلى رأسه السّيّد جمال دقّة، والحاجّ فؤاد مواسي، والحاجّ إياد مواسي، والأستاذ رائد دقّة، والمحامي أحمد رسلان، وزملائي أوساتذتي في أكاديميّة القاسمي، والدّكتور إلياس عطا الله، والأديب علاء حليحل، والأديب هشام نفّاع، واتّحاد المرأة التّقدّمي، ومركز "مساواة"، ومركز "مدى الكرمل"، وحزب التّجمّع الوطنيّ الدّيمقراطيّ قطريًّا، وحزب الجبهة الدّيمقراطيّة للسّلام والمساواة. شكرًا لهم على وقفتهم المشرّفة والموضوعيّة والدّعم الكبير، معنويًّا وعمليًّا.

 

 

التعليقات