أزمة الأرض والمسكن: قنبلة موقوته في عرابة تتهدد مئات المنازل

ينتظرسكان إحياء وادي حصين ووادي ثور، والحريق، والغربية، وتين الزبيدة بفارغ الصبر نتائج جلسة التنظيم والبناء المحلية "البطوف"، التي من المفروض أن تصادق على الخارطة الهيكلية للقرية وتوسيع مسطح النفوذ وضم مئات المنازل المهددة بالهدم.

أزمة الأرض والمسكن: قنبلة موقوته في عرابة تتهدد مئات المنازل

تعاني بلدة عرابة كسائر البلدات العربية أزمة سكن خانقة مما يضطر المئات من الأهالي إلى البناء بدون تراخيص، حيث يتعرضون إلى الملاحقات قانونية والقضائية وفرض غرامات باهظة ليس بمقدور المواطن العادي تحمل اعبائها وهذا ناهيك عن الشعور بالتهديد الدائم وعدم الاستقرار وتداعياته على تربية الابناء الذين يعيشون سنوات  من القلق والتوتر وغياب الاستقرار.

وينتظر أهالي القرية، وسكان إحياء وادي حصين ووادي ثور، والحريق، والغربية، وتين الزبيدة   بفارغ الصبر نتائج جلسة التنظيم والبناء المحلية 'البطوف'، التي من المفروض أن تصادق على الخارطة الهيكلية للقرية وتوسيع مسطح النفوذ وضم مئات المنازل المهددة بالهدم إلى مسطح البناء.

وفي حال المصادقة النهائية  على الخارطة الهيكلية للحي، سيتم إزالة الخطر  وبشكل نهائي عن نحو مائة منزل صادر بحقها أوامر هدم، إذ سيتسنى لأصحابها استصدار التراخيص اللازمة لمنازل، ليضع ذلك حدا لمشوار المعاناة الطويل والمحاكمة والغرامات الباهظة التي فرضت على السكان.

ويخوض سكان حي 'وادي حصين' نضالات احتجاجية طويلة ضد الهدم والمطالبة بمنحهم التراخيص لمنازلهم القائمة وإنهاكهم بالغرامات الباهظة، حيث تم قبل أشهر إقرار الخارطة الهيكلية لحي وادي حصين الواقع شمال شرق القرية، إذ بلغ الأهالي بأنه تم إضافة 70 دونما  لخارطة الحي ليصبح مسطح النفوذ 390 دونم، لكن حتى الآن لم يعلن رسميا عن هذه المصادقة ما يعني أن خطر الهدم ما زال ماثلا.

ولرصد  هذا الواقع والتحديات التي يعيشها السكان في خضم الصراع على الأرض والمسكن، تجول مراسلنا في بعض الأحياء السكنية واستطلع مواقف السكان حول مسطح البناء والملاحقات القضائية والغرامات المالية التي تتوالى رغم الوعودات بتوسيع مسطح النفوذ والمصادقة على الخارطة الهيكلية وضم مئات المنازل لمسطح البناء ومنحها التراخيص.

عرابي: أزمة السكن قد تعمق من الأزمات الأخرى..

سامر عرابي شيد منزله منذ سنوات في منطقة 'الحريق' جنوبي البلدة، كما العشرات من سكان القرية، وذلك بعد أن وصل حد الاختناق في منزله بالبلدة القديمة التي باتت أقرب إلى مخيم كما وصفها، وقال: 'البيت ضاق بسكن عائلة من ثمانية أنفار وبعضهم مقبل على الزواج كما أن الحي ضاق بسكانه لدرجة لم تعد تطاق بسبب الاكتظاظ، لأن لذلك أيضا انعكاسات في خلق حالة احتكاك سلبي  سلوكي واجتماعي وتربوي'.

وأضاف عرابي: 'أصبح معروفا للقاصي والداني أن هناك محاولة لتصوير العربي وكأنه خارج عن القانون وفوضوي ومن هواة ارتكاب المخالفات، لكن الحقيقة أن الدولة تدفع بالمواطنين نحو الزاوية، حيث لم يتبقى لهم خيار إلا بين أمرين، أما الاختناق في سكن لم يعد يناسبك مع أبنائك  خاصة عندما يصلون لسن الزواج، وأما اختيار تجاوز القانون لأنك لم تعد تستطيع البقاء للعيش في قفص'.

وتساءل العرابي، 'ماذا يعني أن المئات يضطرون لسلوك هذا المسلك، وهذه المخاطرة التي قد تصل حد الهدم؟، وهذا أمر عام لدى العرب  وليس في عرابة وحدها، وأنا أقول على القيادات العربية والسلطات المحلية أن تبحث عن حلول جذرية لهذه الأزمة الأصعب لدى المواطن العربي، ويجب أن يكون مطلبنا وعنواننا هو الأرض والمسكن قولا وفعلا وليس فقط بالتصريحات والوعودات بالمصادقة على الخارطة الهيكلية، فأنا بت لا أثق بوعودات تكررت عشرات المرات والسنين، علينا أن نعمل بأقصى جدية للخروج بحلول حقيقية'.

ياسين: نحن أسرة من سبعة أنفار نعيش  في غرفتين، وسأتجاوز القانون

 أما المواطن صائب ياسين، فقد استعرض معاناة السكن مع اسرته بغرفتين وضيق الحال جراء أزمة السكن، وقال: 'أسكن في غرفة واحدة وصالون ورثته عن حياة والدي مع أسرتي المكونة من سبعة أنفار قرابة العشرين عاما، ونحن ذقنا الويلات لدرجة أنني أصبحت أخجل من بناتي اللواتي أصبحن صبايا'.

وأضاف ياسين: ' الجميع يعلم ويعي ماذا يعني جيل الشباب واحتياجاته، ناهيك عن تأثير ظروف السكن والضائقة على دراستهم وتعليمهم وعلاقتهم مع الأصدقاء، فبعد أن وصل الأمر إلى حد الشعور بالخجل والمهانة قررت أن اتجاوز قانون البناء مهما كان الثمن أمام حبي لبناتي لأضمن لهن مأوى ومسكن يليق بالاحتياجات والظروف الانسانية، وهكذا فعلت وشيدت منزل في حي تين الزبيدة شمال غرب البلدة، وأنا عازم على السكن هناك مهما كان الثمن'.

ودعا جميع من يعيش في ازمة سكن وضائقة للبناء بشكل جماعي كل في قريته وبلدته، وذلك كنوع من ممارسة الضغوطات على لجان التنظيم والبناء لتوسيع مسطحات البناء والمصادقة على الخرائط الهيكلية وترخيص المنازل وإنقاذها من الهدم.

 وخلص إلى القول: 'دولة إسرائيل نهبت الأرض ولم تبقي لنا شيئا والأن تمنعنا بعد أن نقوم بشراء أراضي من البناء عليها، وهذه سياسة الحصار لها آثارها في بث الاحباط واليأس لدى الشباب، وعلينا أن نواصل المواجهة لضمان حق السكن للجيل الشاب وأبناء المستقبل'.

 شلش: الجميع يترقب ويتشكك..

بدوره، قال الناشط في لجنة الحي 'بوادي حصين'، سلامة شلش: 'الحي يضم عشرات المنازل التي تفتقر لأبسط الخدمات، عدا عن الشعور وعلى مدار سنوا طويلة بأنك تسكن مؤقتا ولا تعلم متى يهدمون بيتك، ناهيك عن الغرامات الباهظة والمنهكة والملاحقة القضائية في أروقة المحاكم الإسرائيلية التي تستنزف طاقتك وقوتك'.

وأضاف شلش: 'قبل قرابة ثلاثة أشهر بدى لنا  وكأنك هناك  حلولا في الأفق بعد تحرك من إدارة المجلس المحلي ومدير لجنة التنظيم المحلية نبيل ظاهر  الذين زفوا لنا بشرى بان الأمور في طريقها للحل، وما بقي إلا اللمسات الأخيرة  حتى المصادقة على الخارطة الهيكلية، الأمر الذي تلقيناه بفرحة عارمة، إلا إننا اليوم أصبحنا نتخوف بعد المماطلة والوعودات المتكررة، وها نحن نواصل الانتظار ولا نعرف ماذا سيحل بنا والجميع يترقب ويتشكك'.

عاصلة: بعد نكث الوعود علينا بالمعركة الشعبية

 من جانبه، عقب عضو المجلس المحلي و منسق اللجنة الشعبية في البلدة، سامر عاصلة قائلا: 'لا خلاف أن مسألة السكن تتجه نحو الانفجار وأعتقد ان كل المحاولات القانونية قاربت على النفاذ ولدينا  عدة أحياء سكنية تضم قرابة 500 منزلا ترفض لجان التنظيم ترخيصها ومهددة بالهدم ويعاني أصحابها الملاحقة القضائية والغرامات المالية بزعم تشييد المنازل دون تراخيص'.

وأضاف: 'نحن بانتظار الوعد الأخير من لجان التنظيم  بالمصادقة على الخرائط علما أن المواطنين لم يعد لهم ثقة بهذه الوعودات، لكن إذا لم يتم خلال الشهرين المقبلين توسيع مسطح البناء والمصادقة على الخرائط وترخيص المنازل فعلينا الاستعداد لخوض معركة شعبية وعلى القيادات العربية أن تتحرك بهذا الاتجاه لوضع هذا الملف على رأس السلم قولا وفعلا'.

من جانبه، أوضح مهندس المجلس تميم سعدي الذي استعرض الإجراءات الأخيرة التي تم القيام بها قبالة لجان التنظيم والبناء، أن المجلس المحلي يعمل جاهدا من أجل المصادقة على الخارطة الهيكلية وتوسيع مسطح النفوذ في القرية وأنفاذ جميع المنازل من الهدم، رغم العقبات التي يضعها المجلس الإقليمي مسغاف أمام تطور وتوسع البلدة وطلباتها بمزيد من مسطح الأراضي.

وأضاف : 'لقد قام نبيل ظاهر رئيس اللجنة المحلية للبناء 'قلب الجليل' قبل أشهر بجولة في عرابة ووعد بحلول قريبة، إلا أن الخارطة الهيكلية ما زالت عالقة  في اللجنة اللوائية وهناك وعودات أيضا أن المخطط الهيكلي سيتم المصادقة عليه وإقراره في حال انتهت اعتراضات المواطنين، لكنها تبقى وعود ولا ندري؟!'.

التعليقات