«حقوق المواطن» تطالب بتوفير كتب بالعربية في المكتبات العامة في "نتسيرت عيليت"

قدّمت جمعية حقوق المواطن صباح اليوم، الاثنين، التماساً إدارياً للمحكمة العليا باسم مواطنين عرب ضد بلدية «نتسيرت عيليت» ووزارة الثقافة والرياضة، مطالبةً إياهم بتوفير كافة الخدمات المكتبية المتاحة في المكتبات العامة في المدينة للمواطنين الع

«حقوق المواطن» تطالب بتوفير كتب بالعربية في المكتبات العامة في

قدّمت جمعية حقوق المواطن صباح اليوم، الاثنين، التماساً إدارياً للمحكمة العليا باسم مواطنين عرب ضد بلدية «نتسيرت عيليت» ووزارة الثقافة والرياضة، مطالبةً إياهم بتوفير كافة الخدمات المكتبية المتاحة في المكتبات العامة في المدينة للمواطنين العرب وبلغتهم الأم.

وجاء في الالتماس الذي قدمته المحامية نسرين عليّان والمحامي عوني بنا من جمعية حقوق المواطن، انّ المكتبة العامة في «نتسيرت عيليت» تشمل مكتبة مركزية أقيمت عام 1990 في المركز الجماهيري 'بركوفيتش'، فيما أقيم خلال السنوات الماضية فرعان إضافيان، أحدهم في مدرسة 'كسولوت' بناءً على طلب جمهور القراء الناطقين بالروسية، وتم تدشين الآخر عام 2010 عند إقامة المركز الجماهيري على اسم 'جرين' في حي 'هار يونا'. وتحتوي المكتبات الأربعة على 70 ألف كتاب ومجلة في مجالات عدة وبلغات مختلفة، منها العبرية والإنجليزية والروسية وحتى الإسبانية والفرنسية، ولا يوجد كتاب واحد باللغة العربية.

إقامة مكتبة منفصلة للمواطنين العرب: نعم، ولكن!

وشدّد الملتمسون على أن موقف إدارة البلدية المعارض لإقامة مدرسة عربية في المدينة، والإعلان غير الواضح عن إقامة مكتبة منفصلة للمواطنين العرب، والتي لم تقم حتى اللحظة، يشير الى أن البلدية تعارض إقامة أية مؤسسة ثقافية أو اجتماعية عربية في المدينة، وأنّ معارضتها هذه تستند إلى اعتبارات مرفوضة وغريبة.  

كما ادعوا في تطرقهم إلى إعلان البلدية عن نيتها إقامة مكتبة عربية في حي 'الكروم' في المدينة، وهو حي غالبية سكانه من العرب ويقع على تخوم مدينة الناصرة، أنّ إقامة مكتبة منفصلة لا تناقض المطالبة بإضافة كتب وخدمات مكتبية باللغة العربية في المكتبة المركزية وفروعها الثلاثة، علماً أن السكان العرب يسكنون في أحياء مختلفة في المدينة ولا ينحصر سكنهم في الحي 'العربي'.  كما جاء أن هذه الخطوة لاتلغي التمييز ضد المواطنين العرب، بل تعزّزها وتعبر عن سياسة مرفوضة تهدف إلى فصل المواطنين العرب عن باقي أحياء المدينة.

وأضاف الملتمسون انّه على المكتبة هذه أن تستوفي كافة الشروط من حيث التجهيزات والموارد والتمويل والوظائف. إلا أنه حتى اللحظة، وبعد أكثر من عامين منذ وعدت البلدية بذلك، لم تقم الأخيرة بتحديد جدول زمني لإقامتها أو تعيين وتمويل مكتبيين أو حتى شراء كتب، وقامت فقط بوضع خزانة كتب واحدة على هامش القاعة الرياضية في المركز الجماهيري في حي 'الكروم'. وشدّد الملتمسون أن هذه السلوكيات تعتبر تطبيقاً للعقيدة المرفوضة 'منفصل ولكن متساوي'، وأن فصل الحيز والسكان وفق انتمائهم القومي هو فصل مرفوض وغير قانوني ويناقض الحق الدستوري للمساواة. 

وإدعى الملتمسون أن اقصاء المواطنين العرب، والذين يشكلون خمس سكان المدينة، من الحيز العام ومن مرفق تربوي وتثقيفي واجتماعي هام يتم تمويله من المال العمومي، هو مسٌ بحق المواطنين العرب للمساواة والكرامة، وبحقهم في اللغة والتعليم، وبحقهم في الحصول على حصتهم في الموارد العامة والبلدية على نحو متساوٍ، وهو مخالف لقانون المكتبات العامة ولأهداف قانون منع التمييز في المنتجات والخدمات.  

وجاء في ادعاءات الملتمسين أن إقامة حاجز لغوي وثقافي أمام المواطنين العرب يمنعهم من تلقي خدمات بديهية، ويميز بين المواطنين على أساس انتمائهم القومي وهويتهم اللغوية، وأنّ المس أشد خطورةً نظراً للأهمية الاجتماعية والثقافية للخدمات المكتبية ولمكانة اللغة في إنتاج هوية ثقافية وقومية جامعة وأهمية تعزيز شعور الانتماء في الحيز العام. 

كما جاء أنّ المكتبة العامة تعمل وتمول وفق قانون المكتبات العامة، الذي يسعى إلى تنظيم عمل المكتبات العامة لصالح الجمهور بهدف دفع التعليم والثقافة قدماً،  ويستند إلى ركائز أساسية أهمها كون المكتبة العامة مفتوحة أمام الجمهور، وأن الخدمات المكتبية الأساسية تقدم بدون مقابل مادي، بهدف تأمين الحق  لكل إنسان في الوصول لموارد التعليم والثقافة والمعرفة دون شروط ودون علاقة بقدراته الاقتصادية. إلا أن أهداف القانون هذه لا تتماشى ومعارضة البلدية بإضافة الكتب باللغة العربية، وبتنصل وزارة الثقافة من واجبها بالرقابة على المكتبات العامة، علماً أن ميزانية المكتبات تتقاسم بالتساوي بين الوزارة والسلطات المحلية.

من ناحية أخرى، أكد الملتمسون أن النقص في الخدمات المكتبية باللغة العربية يمس في حق المواطنين العرب في المساواة، وأنه عندما تغلق المكتبة أبوابها أمام جمهور كبير من سكانها، فهي ليس فقط تخل بواجبها، بل تمس في حقهم بالكرامة، في حين وجود كتب بلغات أخرى غير رسمية ولا ينطقها أبناء الأقلية القومية، تضاعف هذا المس.  كما يعتبر تمييزاً في توزيع تقسيم الموارد الحكومية والبلدية، في حين أقرت المحكمة العليا في السابق انه من واجب مؤسسات الدولة تقسيم الموارد والميزانيات لكافة المواطنين على نحو متساوٍ. 

وإدعى الملتمسون أن العربية هي لغة رسمية في إسرائيل، وأن انعدام الكتب بالعربية يمس في حق المواطنين العرب للغة، مؤكدين على الأهمية الكبرى للغة الخاصة للأقلية القومية، إذ تتخذ وظيفة خاصة في تطوير والمحافظة على هويتهم الثقافية والقومية. وعليه، فإن أهمية منح تعبير عام للغة الأقلية لا تقتصر فقط على توفير معلومات للمواطن. إن التقيّد في استخدام لغة الأقلية تنبثق من حقها في المحافظة على هويتها القومية وعلى تميزها الثقافي في الحيز العام.

وأشار المتلمسون إلى أن المواطنين العرب في «نتسيرت عيليت» يشكلون أقلية قومية ولغوية وثقافية، وأن إحدى ميزات الهوية الثقافية المنفصلة هي اللغة الخاصة. وعليه،  فإنه ليس فقط من حق المواطنين العرب تلقي خدماتهم باللغة العربية بل واجب البلدية تأمين هذا الحق والعمل على تحقيق حرية اللغة والثقافة.

إضافة إلى ذلك، ادعى مقدمو الالتماس أن البلدية ووزارة الثقافة ينتهكون حق المواطنين العرب في التعليم والثقافة والحصول على معلومات، مؤكدين أن المكتبة العامة تعتبر وسيلة هامة لتحقيق الحق الأساسي للإنسان للتعليم وللثقافة، وأن منالية الحصول على خدمات مكتبية للمواطنين العرب، خاصةً للطلاب، مهم للغاية لتحقيق الحق في التعليم ولتطوير قدراتهم التعليمية وللتطور العام بغية تحقيق حقوق اخرى.

كما أكدوا أن النقص في الكتب العربية تؤدي لا محالة إلى توسيع الفجوة التعليمية بين الطلاب العرب واليهود. علماً أن وزارة المعارف خصصت مكاناً خاصاً للمكتبة المدرسية في الكينونة المدرسية، بعد تبني ركائز بيان اليونسكو بشأن المكتبات المدرسية، الذي اعتبرها جزءاً لا يتجزأ من العملية التربوية. وأضاف ' أن المكتبات المدرسية توفر معلومات وأفكارا تعتبر عاملاً أساسيا للنجاح في العمل في المجتمع المعاصر القائم على المعلومات و المعارف ويحقق الانتفاع الفعلي و الإيجابي للمعلومات والمعارف لدى المتعلم استعدادا و رغبة في تكوين استقلالية فكرية و أدبية واكتساب قدرة فعلية على التفكير الناقد والمبدع المستقل '. إلا أن هذه الركائز ترفع كشعارات رنانة فارغة، حيث لا تقدم البلدية أو الوزارات المسؤولة أية من هذه المعلومات والمعارف، ويضطر 2000 طفل عربي في سن المدرسة، الالتحاق بمدارس عربية بعيدة عن مكان سكناهم، لمعارضة البلدية إقامة مدرسة خاصة للطلاب العرب، الأمر الذي يؤكد على الحاجة الماسة لخدمات مكتبية داخل البلد لمساندتهم في اتمام واجباتهم المدرسية، كحد أدنى.

وفي تعقيبه على تقديم الالتماس، قال السيد هاني سلوم، من سكان «نتسيرت عيليت» وأحد الملتمسين  'يشكل العرب نسبة 20% من السكان، ويعيشون فيها منذ سنوات الستين. لغتنا لغة رسمية، ونحن كمواطنين ندفع الضرائب البلدية، وعليه، من حقنا- كباراً صغاراً- الحصول على الميزانيات والموارد المتساوية، وأن تتوفر لنا الفرصة لقراءة كتب بلغتنا في كافة المجالات، وان نحظى ببرامج ترفيهية وثقافية بلغتنا الام، كما يحظى باقي المواطنين.'

من ناحيتها، قالت المحامية نسرين عليان مقدمة الالتماس، إن ' العربية لغة رسمية في دولة إسرائيل، وواجب على سلطات الدولة تقديم الخدمات للمواطنين العرب بلغتهم الأم. إقصاء اللغة العربية من المكتبات البلدية في نتسيرت عيليت، هي إقصاء للمواطنين العرب من الحيز العام، وعودة إلى تطبيق العقيدة المرفوضة 'منفصل ولكن متساوي'. لقد مر عقد على قرار المحكمة العليا الذي ألزم بلدية نتسيرت عيليت إضافة اللغة العربية على لوح الإعلانات البلدية، وها نحن نضطر مجدداً التوجه للمحكمة لتحقيق ما نعتبره مفهوم ضمناً'.  

 

التعليقات