حيفا: قراءة إسرائيل ما بعد الانتخابات في المركز الثقافي العربي

عقدت جمعية الثقافة العربية، بالتعاون مع المركز العربي للدراسات الاجتماعية والتطبيقية، اليوم الجمعة، يوم دراسياً تحت عنوان “نتائج الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية ٢٠١٥: حقبة سياسية جديدة”، قدّم خلاله قراءة لانتخابات الكنيست الأخيرة ونتائج

حيفا: قراءة إسرائيل ما بعد الانتخابات في المركز الثقافي العربي

عقدت جمعية الثقافة العربية، بالتعاون مع مدى الكرمل- المركز العربي للدراسات الاجتماعية والتطبيقية، اليوم الجمعة، يوماً دراسياً تحت عنوان “نتائج الانتخابات البرلمانية الإسرائيلية ٢٠١٥: حقبة سياسية جديدة”، قدّم خلاله قراءة لانتخابات الكنيست الأخيرة ونتائجها.

وافتتح مدير جمعية الثقافة العربية، الكاتب إياد برغوثي اليوم الدراسي مرحباً بالجمهور في المركز الثقافي العربي. وشدّد برغوثي على أهمية عقد مثل هذه الأيام الدراسية، وعلى أهمية التواجد الشبابي الذي كان حاضراً في اليوم الدراسي. 

وشارك في الجلسة الأولى تحت عنوان “خطاب القائمة المشتركة” كل من الباحث في مدى الكرمل ومدير برنامج دراسات إسرائيل، د. امطانس شحادة، والكاتب في صحيفة “هآرتس” كوبي نيف، بالإضافة إلى الصحافي والمذيع جاكي خوري. وترأست الجلسة د. منار محمود.

شحادة: المصوّتين والمقاطعين لا يختلفون سوا على الأداة وبالتالي عليهم التشديد على القواسم المشتركة

افتتح د.امطانس شحادة الجلسة الأولى، وعرض نتائج استطلاع رأي أجراه مركز مدى الكرمل، تحت عنوان “مواقف الناخب العربي من القائمة المشتركة”، وقال إن “من خلال البحث، نرى أن هناك نمواً لثلاث تيّارات داخل المجتمع العربي، الأول هو تيّار متفائل بالعمل البرلماني، ويرى أنه من الممكن إحداث تغيير في مكانة الفلسطينيين في الداخل من خلال العمل البرلماني وأيضا التأثير وإحداث تغيير على صعيد القضية القومية الفلسطينية ككل. أمّا التيّار الثاني فهو لا يؤمن بإمكانية إحداث تغيير من خلال العمل البرلماني بالإضافة إلى تيّار صغير جداً يصوّت لأحزاب صهيونية بسبب عدم ثقته بالأحزاب العربية”.

وأضاف شحادة أن “كلا التيارين الأول والثاني، المصوّتين للقائمة المشتركة والمقاطعين للانتخابات، يختلفان على الأداة، وهل إذا كان من الممكن إحداث أي تغيير من خلال العمل البرلماني، إلا أنهما يتفقان في ساحات كثيرة أخرى مثل النضال الشعبي وتعريف دولة إسرائيل وعلاقتهم بها. وكما يتبيّن من الاستطلاع، يوافق كلاهما، المصوّتين للمشتركة والمقاطعين للانتخابات، بصورة كبيرة على أن إسرائيل هي دولة ديمقراطية لليهود فقط، وغير ديمقراطية للعرب. بالإضافة إلى أن مصوّتي القائمة المشتركة يعتقدون بصورة أكبر أنه من الممكن إحداث تغيير في الحقوق المدنية للفلسطينيين في البلاد من خلال العمل البرلماني، وأقل على صعيد القومي”.

نيف: النظام في إسرائيل بنى جداراً يحجب الآخر بشكل كامل

أمّا الكاتب والناقد السينمائي، كوبي نيف، فقال في مداخلته تحت عنوان “لماذا لم يصوّت المجتمع اليهودي للقائمة المشتركة ؟”، إن “المشكلة أن المجتمع اليهودي لا يرى أن الحل هو بالشراكة العربية اليهودية، وبالعمل المشترك. ما قام به النظام في إسرائيل على مدى عشرات السنين كان بناء جدار يحجب الآخر الذي هو العربي بشكل تام، إذ لا يرى اليهودي العربي بتاتاً، ولا يرى فيه لا شريكاً ولا موجوداً حتى”.

وعن الحل، قال نيف إن “ما على الفلسطينيين في إسرائيل فعله هو المطالبة بتمثيل مساو لنسبتهم في الدولة بشكل كامل، وعليهم المطالبة ب ٢٠٪ في كافة أماكن وجودهم كي يعلم الإسرائيلي أن لا مناص من الحياة إلا مع العرب، وأن يخترقوا هذا الجدار الموجود وعليهم التواجد في كل مكان”.

خوري: القائمة المشتركة اختفت عن الإعلام بعد النتائج النهائية مباشرة

وعن الخطاب الإعلامي للقائمة المشتركة، تحدّث الصحافي جاكي خوري، وقال إن “الربيع الإعلامي للقائمة المشتركة كان بين تاريخ 20/1، أي الإعلان عن القائمة المشتركة وتشكيلها، حتى تاريخ 18/3، أي بعد يوم واحد من الانتخابات الإسرائيلية وظهور نتائج الانتخابات النهائية”.

وأضاف خوري أن “حدث الوحدة ذاته فرض نفسه على الساحة والخطاب الإعلامي أجمع، فنشأ خطاب القوة الثالثة وسؤال التوصية على أحد المرشّحين بالإضافة إلى المناظرات. إلا أنه ومع إعلان النتائج النهائية للانتخابات اختفى كل هذا فجأة بفوز الليكود وذهب كل الاهتمام الإعلامي الإسرائيلي إلى مكان آخر، وفي المقابل لم تنجح القائمة المشتركة في العودة إلى صلب الإعلام الإسرائيلي والعناوين حتى مع هدم البيوت وتشريد العائلات حتى مسيرة أيمن عودة التي لم تحصل على تغطية ملائمة”.

وعن الخطاب الإعلامي ذاته، قال خوري إنه وللمرة الأولى يتم التجاوب مع مطالب الناس، وكان الشاغل هو طرح مشاكل الناس الأساسية وماذا تريد الجماهير.

وافتتحت الجلسة الثانية بعد استراحة قصيرة تحت عنوان “إسرائيل ما بعد انتخابات ٢٠١٥” وشارك فيها كل من البروفيسور غادي الغازي، ود. هنيدة غانم، ود. مهند مصطفى، بالإضافة إلى د. محمود محارب. وترأستها الباحثة د.أريج صباغ- خوري.

الغازي: اليسار الصهيوني يمنع ولادة يسار حقيقي

بعد أن افتتحت صبّاغ الجلسة، تحدّث البروفيسور غادي الغازي في مداخلة تحت عنوان “حرب في الصيف وانتخابات في الشتاء.. محنة اليسار في إسرائيل”، قال إن “نتائج الانتخابات الأخيرة لم تحسم في فترة الحملات الإعلامية، بل حُسمت منذ الحرب الأخيرة على غزة، فالجمهور الإسرائيلي يعلم أن حرباً قادمة ستكون لا محالة وبالتالي يذهب للتصويت لنتنياهو واليمين الذي يمسك زمام الأمور الحربية، وأقوى فيها من الآخر المتمثّل بهرتسوغ وليفني”.

وأضاف الغازي أن “اليسار الإسرائيلي لا يطرح بديلاً للشارع الإسرائيلي، ولا يستطيع أن يصارح المجتمع الإسرائيلي بالحقيقة كيف يمكن إنهاء الحرب المستمرة منذ عشرات السنوات وكيف يتم إنهاء هذه الحرب بشكل تام من خلال قول الحقيقة، الحقيقة التي من الممكن أن لا يرغب المجتمع الإسرائيلي بسماعها، إلّا أنه يريدها، وهي الحديث عن تفكيك المستوطنات وطرح موضوع اللاجئين الفلسطينيين وحق العودة”.

وعن اليسار الصهيوني الحالي، قال الغازي إن “اليسار الصهيوني الموجود في إسرائيل اليوم ليس فقط غير مفيد، بل هو مضر أيضاً، إذ أنه يمنع ولادة يسار حقيقي يضم كل من يحارب الاستعمار ويطالب بعدالة اجتماعية حقيقية ليست العدالة الاجتماعية التي يطرحها اليسار الصهيوني الحالي وهو ذاته يحتكر كافة الثروات والمؤسسات المهمة وبالتالي هو بطبيعة الحال المستفيد من الطبيعة الاستعمارية وانعدام العدالة الاجتماعية”.

وتابع أن “صناعة يسار حقيقي تحتاج لبناء تحالف واسع يضم كل القوى المستضعفة الفقيرة والمناهضة للصهيونية والاستعمار وليس يساراً أبيضاً، الأبيض ليس له مصلحة في توزيع عادل للثروات، ولا مصلحة في إنهاء الاحتلال”.

واختتم حديثه بالقول إن “ما أطمح إليه ليس فقط القائمة المشتركة التي رأيت بها يساراً حقيقياً بعكس ما ادعت حركة ميرتس أنها هي اليسار الوحيد، أطمح لتشكيل تحالف مضطهدين وليس فقط انتخابياً، بل نضالي أيضاً”.

غانم: إسرائيل الثالثة، المستوطنين

وقدّمت بعدها د. هنيدة غانم قراءة مقارنة لأنماط التصويت لحزب الليكود منذ العام ١٩٧٧ وحتى ٢٠١٥، وافتتحتها برسالة وجّهتها للنائب أيمن عودة في أعقاب توجّهه للقاء رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو، وقالت إن “على أيمن عودة أن يتوجّه للقاء نتانياهو برفقة حنين زعبي ليقلب هو الطاولة بدلاً من أن تُقلب عليه”.

وقالت إن “المشهد السياسي الإسرائيلي مر بثلاث مراحل أساسية، المرحلة الأولى كانت المرحلة التي سيطر عليها مؤسسي دولة إسرائيل وامتدّت حتى العام ١٩٧٧ وتميّزت بهيمنة اليهود من أصول غربية على قيادة الدولة ومؤسساتها، أمّا المرحلة الثانية فكانت منذ بداية العام ١٩٧٧، وهي مرحلة الليكود واستقطاب الشرقيين، حينها شعر الشرقي أن باستطاعته تحديد المشهد السياسي الإسرائيلي، وإسرائيل الثالثة التي نراها اليوم هي نهاية مرحلة الشرقيين وولادة مرحلة جديدة وهي المستوطنين، إذ أن السياسيين أصبحوا يحصلون على شرعيتهم من علاقتهم مع المستوطنين”.

وتابعت غانم بالقو إن “التغييرات الديموغرافية ذات الخطاب الاستيطاني التي حصلت في إسرائيل، حوّلت حزب الليكود بالكامل إلى حزب مستوطنين بالإضافة إلى أنه تحوّل إلى الحزب الوحيد القادر على قيادة دولة إسرائيل وسيستمر”. وتوقّعت غانم أن “يختفي اليسار في إسرائيل، وتنقسم إسرائيل إلى يمين ليبرالي ويمين استيطاني”.

مصطفى: اليمين الإسرائيلي الجديد يشبه اليمين المتطرّف في أوروبا

أمّا الباحث والمحاضر، د.مهند مصطفى، فقال في مداخلته تحت عنوان “اليمين الجديد في إسرائيل والعودة إلى نموذج الحزب المهيمن”، إن “يميناً جديداً نتج في إسرائيل شبيه باليمين المتطرّف في أوروبا، والفرق الوحيد أن هذا اليمين في أوروبا هامشي جداً، أمّا في إسرائيل فهو في السلطة ويقود الدولة منذ العام ١٩٧٧”.

وأضاف مصطفى أن “هذا اليمين يتميّز بكونه يعتبر الدين كمرجعية أخلاقية، إذ يعيد اليهودية بربطها بالقومية إلى الحيّز العام. بالإضافة إلى أنه يتعامل مع الهجرة إلى الدولة كخطر، ويقلّص حيز التعدّدية القومية، ويتميّز بإسلاموفوبيا وتصوير الإسلام كعدو أساسي وإرهاب ويحتكر الوطنية والصهيونية. وبالتالي هو لا يختلف عن اليمين المتطرّف الذي نشأ في أوروبا”.

وعن الحزب المهيمن قال مصطفى إن “إسرائيل لم تصل بعد إلى حزب مهيمن واحد، بل إنها تتميّز بنظام حزبي مهيمن هو الوحيد القادر على تشكيل حكومة، وإذا استمرت على هذا النهج ليس مستبعداً أن يصبح فيها نظام الحزب الواحد المهيمن”.

محارب: ليدفع المحتل ثمن الاحتلال

واختتم اليوم الدراسي بمداخلة ألقاها المحاضر وعضو المكتب السياسي للتجمّع الوطني الديمقراطي، د.محمود محارب، تحت عنوان إسقاطات نتائج الانتخابات الإسرائيليّة على القضية الفلسطينية، وقال إن “أي حكومة إسرائيلية كانت ستأتي لا تريد أي تتجاوب مع الحد الأدنى لمطالبنا وللقضية الفلسطينية عموماً، فما بالكم بحكومة يمين، ويمين متطرّف”.

وأضاف محارب أن “الحديث أصبح يدور عن مجتمع كامل عنصري يتسّم بأفكار عنصرية، المساواة فيه أصبحت تطرّف، والحديث ليس عن الليكود أو أحزاب اليمين فقط، إنّما هو مشروع كامل تتشارك فيه كافة الأحزاب والجهات الإسرائيلية بما فيها ميرتس وغيرها، كلهن مع الاستعمار والاستمرار بالاستيطان ونتنياهو هو القائد”.

وتابع أن “ما يريده نتنياهو من الشعب الفلسطيني هو الاستسلام، الاستسلام السياسي والفكري أيضاً ويسعى بكل قوته إلى تخفيض تطلّعات الشعب الفلسطيني وتحويل الحركة الوطنية الفلسطينية ومنظّمة التحرير كلها من حركة تحرّر ومقاومة إلى روابط قرى ومدن تسعى لرضى إسرائيل عنها بدون أن يقدّم أي تنازل”.

واختتم محارب حديثه مشدّداً على أهمية تدويل القضية الفلسطينية، وقال إن “علينا كفلسطينيين الخروج إلى العالم، وإرغامه على أن يتخذ موقفاً من إسرائيل كدولة كولنيالية، وعلى الناشطين الديمقراطيين اليهود المطالبة بفرض عقوبات على إسرائيل، ليدفع المحتل ثمن الاحتلال”.  

التعليقات