لينا الجربوني.. سجينة مهيضة الجناح!

لينا المعتقلة منذ 11-4-2002 وتقضي حكماً بالسجن الفعلي لمدة 17 عاماً، قصتها لم تبدأ من عملية اعتقال "ناجحة" نفذها جنود الاحتلال خلال ساعة من الزمن في اولى ايام نيسان الربيعية، أنها تبدأ من ذلك اليوم المشؤوم الذي انتهت منه وقد أفاقت من غيبة الوعي جراء اعتداء الجنود عليها.. وحيث لم يكن الخيار سوى الصمود وقهر السجان.

لينا الجربوني.. سجينة مهيضة الجناح!

لينا ووالدتها





سيظل مطلع نيسان من كل عام، مناسبة تحظى باحتفاء من نوع خاص لدى عائلة الأسيرة لينا الجربوني، وسيظل أيضا، "بصمة" واضحة في حياة العائلة أو "علامة فارقة" في الذاكرة الجمعية لها.

هي نظرة واحدة لتقاسيم وجهها.. نظرة واحدة لا غير لعينيها كانت كفيلة بفضح اسرار لينا التي حاولت جاهدة إخفاء أوجاعها وانكسار روحها و"التستر" على امراض تنهش جسدها.

ولينا الجربوني (37 عاماً) ما كانت تعرف يوما قبل اعتقالها منذ عشر سنوات، ان المرض والاعياء موجع الى هذا القدر.. والى هذا الحد الذي يمكن ان يرى فيه المريض "نجوم الظهر"، سيما ان كنت سجينا لدى دولة الاحتلال.

"لقد رأيتها ذابلة، مهيضة الجناح، مسكونة بالحزن، لم تشأ الحديث عن مرضها، كانت حريصة على الحديث عن كل شيء إلا مرضها" قالت والدتها أم السعيد وغرقت في الدموع.

واضافت "سألت لينا عن وضعها وصحتها وعن سبب حالتها المتردية، ورغم محاولتها التهرب وإخفاء الحقيقة، الا انها روت لي تفاصيل معاناتها التي لا تنقطع بفعل المرض والهوان وعتمة ورطوبة السجن".

عميدة الأسيرات الفلسطينيات التي تتمتع بمعنويات عالية وتتصدى منذ سنوات لكافة محاولات الإدارة للنيل منها وزميلاتها الأسيرات، أبلغت والدتها أنها بدأت تعاني من آلام مستمرة في البطن والخاصرة. ونقلت أم السعيد عنها: "راجعت طبيب العيادة عدة مرات لكنه لم يهتم بوضعي ورفض علاجي وإجراء الفحوصات لي، واكتفى بتزويدي بالحبوب المسكنة"، مشيرة إلى أن نوبات الألم تقتلها، ولم تعد قادرة على تناول الطعام وفقدت القدرة على النوم.. غير انها لم تقل لها انها طريحة الفراش منذ ثلاثة اسابيع!

لينا المعتقلة منذ 11-4-2002 وتقضي حكماً بالسجن الفعلي لمدة 17 عاماً، قصتها لم تبدأ من عملية اعتقال "ناجحة" نفذها جنود الاحتلال خلال ساعة من الزمن في اولى ايام نيسان الربيعية، أنها تبدأ من ذلك اليوم المشؤوم الذي انتهت منه وقد أفاقت من غيبة الوعي جراء اعتداء الجنود عليها.. وحيث لم يكن الخيار سوى الصمود وقهر السجان.

"تابع طبيب السجن مضاعفات وضعي دون أدنى شعور بالمسؤولية، وكان يتلذذ بإهمالي ورفض تحويلي للمستشفى"، تقول لينا وتضيف "أبلغت مدير السجن بنتائج الفحوصات وطلبت منه متابعة التقرير الذي كتبه طبيب المستشفى الذي أكد فيه ضرورة التسريع في إجراء العملية، وحذر من مضاعفات التأخير، ولم يصلني من الإدارة رد، وبعد تهديدي بالإضراب أبلغوني أن إدارة السجن ستحدد موعداً لكنها تستبعد أن يكون قريباً".

صورة الوضع المؤلم لممثلة الأسيرات الجربوني أثار غضب وسخط رفيقاتها في الأسر، تقول والدتها "بدأت الأسيرات بالضغط على الإدارة لعلاج لينا، وبعدما رفضت بدأن بتنفيذ خطوات احتجاجية وهددن بإعلان الإضراب المفتوح عن الطعام".

وإثر الخطوات الاحتجاجية نقلت لينا للمستشفى، وروت لوالدتها: "بقيت في المستشفى حتى انتهت الفحوصات التي كشفت وجود التهاب حاد في الزائدة، وقرر الأطباء أنني بحاجة ماسة لإجراء عملية جراحية على الفور، ورغم ذلك رفضوا تحديد الموعد وأعادوني للسجن دون علاج مناسب".

وكانت الجربوني أبلغت محامي نادي الأسير لدى زيارته لها مؤخرا، أنها تعاني حالياً من انخفاض في الوزن بشكل ملحوظ حتى اليوم، ولا تستطيع أن تأكل بشكل طبيعي كما كانت سابقاً، ورغم أن طبيب المستشفى أوصى بتقديم طعام خاص يتناسب وحالتها الصحية ولا يؤثر على الزائدة، إلا أن إدارة السجن لا تهتم ولم تلتزم بتطبيق هذه التوصية، ما يفاقم معاناتها.

من منزلها في بلدة عرابة البطوف في الداخل الفلسطيني، عبرت أم السعيد والدة لينا عن مشاعر الخوف والقلق على حياة ابنتها، وناشدت كافة المؤسسات والهيئات التحرك الفوري والسريع لإنقاذ حياتها وإلزام سلطات الاحتلال بنقلها للمستشفى وتوفير كل الرعاية لها وإجراء العملية الجراحية قبل فوات الأوان".

وهكذا.. "اللاطمانينة" يمكن أن تكون الكلمة الوحيدة اللازمة لتخليص هواجس الأسيرة الجربوني دون مزيد من الكلام، ذلك أن الأرض الفلسطينية التي تئن تحت الاحتلال مليئة بكمائن العسكر التي قد تصطادك بالاعتقال، أو ربما بالرصاص!!

حتى هذه الأيام ( بعد عشر سنوات من السجن) تبقى الأشياء الجميلة في تجربة لينا التي لا تزال ماثلة، مثل ومضات ضوء في مساحة معتمة، غير أن تفاصيل البشاعة في تلك التجربة تسكنها هذه الأيام وتفاقم لديها القلق من احتمال الموت مرضا .

المصدر: موقع صحيفة القدس

 

التعليقات