الأسير المحرر عبد القادر: في يوم الأسير نستذكر معاناة أسرانا

الأسرى هم الشهداء الأحياء، الشهيد ضحى بحياته فمات، والأسير أيضا ضحى بحياته في الأسر، لكنه حي، وكل هذا من أجل أن يعيش شعبه بكرامة وحرية،

الأسير المحرر عبد القادر: في يوم الأسير نستذكر معاناة أسرانا

الأسير المحرر بدر عبد الرزاق عبد القادر

قال الأسير المحرر ابن مدينة الطيبة، بدر عبد الرزاق عبد القادر، بمناسبة يوم الأسير الفلسطيني الذي يصادف في 17 نيسان من كل عام، لـ'عرب 48' إنه يستذكر في هذا اليوم معاناة الأسرى داخل السجون، ومعاناته الشخصية معهم في تلك الحقبة الصعبة والقاسية من حياته.

وأضاف: 'أستذكر البعد عن الأهل، وحرماننا من وطننا، أستذكر التنكيل والإضرابات التي كنا نخوضها احتجاجا على سوء وضعنا وظروف اعتقالنا، أستذكر معاناة الأسرى النفسية والمعنوية، وأيضا أستذكر في هذا اليوم ذكرياتي الشخصية التي جمعتني مع الأبطال الذين عشت معهم فترة طويلة من عمري وتعرفت عليهم داخل السجن'.
 



'معاناة الأسير وأهله مقدمة للشعب الفلسطيني'

وتابع قائلا إنه 'في هذا اليوم يجول في خاطري العديد من الأمور منها أيضا تقصير مجتمعنا بحق أهالي الأسرى، وهنا أسمح لي أن أوجه رسالة تحية وإكبار إلى أهالي جميع أسرى شعبنا الفلسطيني وخصوصا في الداخل. صحيح أن الاسير يعاني خلف القضبان، لكن معاناة أهله أيضا كبيرة، معاناة الأسير ومعاناة أهله هي معاناة واحدة تجسد معاناة الشعب الفلسطيني'.

وعن مكانة الأسير من وجهة نظره قال إن 'الأسرى برأيي هم الشهداء الأحياء، الشهيد ضحى بحياته فمات، والأسير أيضا ضحى بحياته في الأسر لكنه حي، وكل هذا من أجل أن يعيش شعبه بكرامة وحرية، فالأسير قبل أن يؤسر يعلم جيدا ويدرك تماما أنه سيكون لعمله نتيجة حتمية في النهاية وهي الأسر أو الشهادة، ولكنه يصر على فعل هذا الأمر فداء لشعبه وأمته، ولذلك فإنه يستحق منا كل الوفاء، والأسرى هم رجال في زمن عز فيه الرجال'.

واستذكر أيضا 'تضحيات الحركة الأسيرة، وهي ما يقارب الـ300 شهيد داخل السجون، والآلاف من الشهداء خارج السجون، ممن اغتالهم الاحتلال بعد إطلاق سراحهم أو حتى ممن قضوا نتيجة للأمراض المزمنة التي أصيبوا بها داخل السجون، مثل هذه الأمور من الخطير جدا أن نفرط بها وألا نستذكرها. يوم الأسير من أهم الأيام التي يجب على المجتمع الفلسطيني إحياؤها وكلنا أمل أن نحتفل سوية بهذا اليوم مع جميع الأسرى وهم خارج السجن'.

'أصعب يوم مر علي في السجن يوم وفاة والدي'

وعن معاناته الشخصية في السجن قال إن 'معاناتي لا تختلف عن معاناة زملائي في السجن، لكن أصعب يوم مر علي في السجن هو يوم وفاة والدي العزيز، وشعرت بغصة كبيرة وحزنت حزنا شديدا بالرغم من مواساة الأسرى لي، خاصة وأن السلطات الإسرائيلية لم توافق على طلب أهلي وطاقم المحامين بالسماح لي لتوديعه وهو على فراش الموت أو حتى المشاركة بجنازته، وهذا أمر صعب جدا'.

وعما استفاده من تجربته داخل السجن قال إن 'هناك من يدخل السجن ويخرج منه بدون أي تغيير على تصرفاته، في الحقيقة أنا استفدت الكثير داخل السجن، لأن السجن بالفعل يمكن اعتباره جامعة من العلوم، في تلك الفترة تلقيت العلوم من الجامعة المفتوحة، لكنني تعلمت وجمعت ثقافة أكبر بدون الجامعة المفتوحة على كل الأصعدة'.

وأردف قائلا: 'كان لدي معلومات ساسية في السياسة والتاريخ، لكن في الأسر زادت هذه المعلومات، كنت ملتزما دينيا قبل الأسر، لكن التزامي تضاعف في السجن. بالنسبة للقضية الفلسطينية كان لدي معلومات سطحية ومحدودة، وأحمد الله أنني تعرفت على شخصيات في السجن والتي فتحت أمامي المجال لاكتسب تجربة غنية وخبرة في هذا الأمر'.

'في الثمانينات كان أكثر أسرى الداخل من الطيبة'

وعن الفرق بين مدينته الطيبة في العام 2002 والعام 2012 قال إن 'الطيبة تغيرت كثيرا، عندما خرجت من السجن تفاجأت من التغييرات الحاصلة في الطيبة، ولكن للأسف الشديد تغيرت للأسوأ، هناك الكثير من الأمور التي كانت في العام 2002 مفروغ منها، لكن اليوم ينظرون إليها كأنها غريبة، أنا حزين على ما آلت إليه الطيبة، ولكنها تبقى بلدي وأحبها جدا وحريص على مصلحتها'.

وأكد قائلا إن 'أكثر ما تغير في الطيبة هو غياب الروح الثورية والوطنية التي تميز بها أهل الطيبة منذ فترة الانتداب وحتى الانتفاضة الأولى. أذكر في الانتفاضة الأولى كان أكثر أسرى  الداخل من الطيبة، واليوم لا يوجد سوى اثنين على ما أعتقد. الطيبة قدمت الكثير من الأبطال والمناضلين، لكنها اليوم تواجه حالة ترهل لا مثيل لها'.

واختتم بدر عبد الرزاق حديثه بقوله إن 'الطيبة تحتاج الكثير لتستعيد قواها، لكنها تبقى طيبة بني صعب والطيب بأهلها'.

يذكر أن الأسير المحرر بدر عبد الرزاق عبد القادر قضى في السجون الإسرائيلية 10 سنوات (من العام 2002 وحتى 2012) بعد إدانته بعدة تهم أمنية وهي: 'تصنيع عبوات ناسفة، ووضع عبوة في طريق دورية للجيش قرب الطيبة (العملية فشلت)'.

وقد نشأ في بيت وطني، بحكم أن جده عارف، كان من أبرز القادة الذين وقفوا على رأس الثورة الفلسطينية الكبرى التي وجهت ضد الانتداب البريطاني بين الأعوام 1936-1939، وكان عمه فيصل من أبرز القيادات الشعبية التي ناهضت الحكم العسكري في سنواته الأولى.

التعليقات