عربـ48 والخدمة العسكرية وأشكالها وبدائلها.. بين الهاجس والتطبيق/ هاشم حمدان

-

عربـ48 والخدمة العسكرية وأشكالها وبدائلها.. بين الهاجس والتطبيق/ هاشم حمدان


لم تجد نفعاً كل محاولات أسرلة الأقلية الفلسطينية في الداخل، أو ما أصطلح على تسميتهم بعربـ48 أو عرب الداخل، وكل محاولات إذابة إنتمائهم إلى الشعب العربي الفلسطيني والأمة العربية وبالتالي تفتيتهم إلى حمائل وطوائف وفرق، رغم كل الأساليب التي اتبعت والمخططات التي وضعت، بالوعد والوعيد والترغيب والترهيب، لتحقيق هذا الهدف. بيد أنه ومنذ عام النكبة لا تنفك هذه الأقلية المتبقية في وطنها تواجه بشكل متواصل معركة الحفاظ على أرضها وهويتها القومية. ولسنا بحاجة إلى "مختبر" تاريخي لإثبات أن ما يقارب الـ130 ألف فلسطيني الذين كانوا مذهولين من فظاعة النكبة وكالقشة في مهب الريح التي عصفت بكيانهم، أصبحوا اليوم مليون و300 ألف فلسطيني يتحصنون خلف سياج إنتمائهم القومي، الحصن الوحيد الحصين الذي يصون هويتهم القومية ويقيهم شر مخططات الشرذمة والتمزيق.

ولهذا السبب يأتي إهتمامنا بالمخططات التي يتم طبخها في المطابخ الإسرائيلية الأمنية والسياسية المغلقة والمفتوحة وتجري إعادة صياغتها وتبديل ألوانها لتظهر في قوالب جديدة لتلائم الإحتياجات الصهيونية في مضمونها أولاً، ولتلائم المواصفات والمتطلبات التي يفترض أنها تسهل عملية تمريرها ثانياً، وكل ذلك لمواجهة التطورات في واقع فلسطينيي الداخل إنطلاقاً من الفكر الصهيوني الذي يسعى لتجسيد يهودية الدولة ومعالجة المسألة الديمغرافية التي تهدد الدولة اليهودية.

ومن أبرز تجليات هذه المخططات الصهيونية مشاريع الترانسفير وفكرة نقل السيادة على مناطق ذات مجموعات سكانية عربية في إسرائيل واستبدالها بأراض فلسطينية أو بكتل إستيطانية وكذلك مشروع فرض الخدمة الوطنية الصهيونية على الشباب العرب.

ومن هنا فإن مشروع فرض الخدمة الوطنية الصهيونية على الشباب العرب يعتبر أحد أخطر المشاريع التي تقف على أبواب الأفق شبه المسدود أمام الشباب العرب، ولهذا فإن التصدي لهذا المشروع يجب أن يكون في صلب إهتمامات كافة الحركات الوطنية والهيئات الفاعلة، وذلك لأنه من الخطورة بمكان، تجاهل أن الخدمة العسكرية وبدائلها وأشكالها الجديدة المطروحة مثل الشرطة الجماهيرية والخدمة الوطنية والخدمة المدنية (ناهيك عن أشكالها القديمة العمالة والخيانة)، قد أصبحت الآن في مركز ألإهتمامات والأولويات الإسرائيلية وتشهد السنوات الأخيرة الأخيرة على ذلك، في ظل معطيات تشير إلى إنحسار الأحزاب الصهيونية من الشارع العربي وقفزة نوعية لصالح التيارات الفاعلة على الساحة العربية وخاصة التيار القومي، وتجلى ذلك في عدة محطات نضالية كان أبرزها الهبة الشعبية(أكتوبر 2000) التي اندلعت مع إنتفاضة القدس والأقصى.

وفي هذا السياق يجدر التأكيد على أن الخدمة المدنية أو الوطنية تقع في دائرة الخدمة العسكرية بغض النظر عن التسمية وتقوم على إنتفاء الإنتماء وتجريد المتطوع أو المجند من إنسانيته، ولذلك فهي تقع أيضاً في خانة التشوه الأخلاقي والعدمية القومية، كما إن أي تبرير للإنخراط في الخدمة العسكرية أو بدائلها لا يبتعد عن تبرير الخيانة!، ولا حاجة لاستدعاء "جهيزة" لتقطع قول أي مدع يدعي عكس ذلك، إذ يكفي أن نسوق أن الجندي حسين أبو ليل، الذي لقي مصرعه في عملية تفجير النفق، قد أبتدأ متطوعاً - 4 ساعات شهرياً- وانتهى به الأمر جندياً على أبواب رفح!! كما أن الشرطة الجماهيرية، التي نشهد في ظلها ارتفاعاً حاداً في أعمال الجريمة في مدينة الناصرة، على سبيل المثال، أو في مدينة أم الفحم أو الطيبة وغيرها، قد خطط لها فيما خطط مواجهة إحتمالات تكرار الهبة الشعبية عام 2000 ، وتقوم بمهام حرس الحدود في قطع الطرق ونصب الحواجز وأعمال الدوريات في المناطق "الساخنة"!




من النتائج المباشرة لنكبة فلسطين على عرب 48 أن تحولوا بين عشية وضحاها من أغلبية ساحقة في وطنهم، الذي كان لهم السيادة داخله والإمتداد القومي خارجه، إلى أقلية قومية مذهولة من فظاعة الصدمة وشبه عاجزة تعيش غريبة في وطنها ومعزولة عن عالمها العربي، تحت وطأة سياسة القمع السياسي والإجتماعي والإقتصادي. وفي هذه الظروف كان من إعتقد أن الهوية الفلسطينية قد اندثرت،حيزياً، إلى الأبد من جهة، واعتقد أيضاً، من جهة أخرى، أن الصهيونية هي حركة تحرر قومي، وأنه لا بد من التأقلم (التأسرل) مع الواقع الجديد، إسرائيل باعتبارها تجسيداً لحق تقرير المصير للشعب اليهودي.

ولذلك فلا عجب أن طالب شموئيل ميكونيس من الحزب الشيوعي الإسرائيلي (ليس راكح، أي قبل إنقسام الحزب وانسلاخ ميكونيس –سنيه، حالياً يتبنى الحزب موقفاً مغايراً تماماً) في أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات بفرض " الخدمة العسكرية الإجبارية" على جميع المواطنين الإسرائيليين دون إستثناء، بمن فيهم السكان العرب وبضمنهم الفتيات العربيات، على إعتبار أن خدمة الفتيات العربيات في الجيش تشكل مساهمة في تحرير النساء العربيات من تخلفهن ومن إضطهادهن الإجتماعي المتوارث عبر مئات السنين!!.

وفي سياق خطابه في الكنيست، أثناء النقاش الذي دار عام 1950 حول قانون الخدمة العسكرية (تعديل)، وجه ماير فلنر سؤالاً لدافيد بن غوريون حول عدم تجنيد الأجيال المناسبة من السكان العرب بموجب القانون الأول للخدمة العسكرية!! في حين لم ينس عضو الكنيست توفيق طوبي التذكير بأن إستثناء العرب من التجنيد العسكري يشكل أحد أبرز ظواهر سياسة التمييز العنصري ضد العرب!!

وفي تموز 1954 أعلنت الحكومة الإسرائيلية ان وزير الأمن قرر فرض التجنيد الإجباري على الشباب العرب الذين ولدوا بين 10/09/1934 وبين 12/07/1937 وفقاً لقانون الخدمة العسكرية. ورغم تعديل هذا القانون لاحقاً وقصره على الشباب العرب الدروز، إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن الحزب الشيوعي قد رحب، في حينه، بقرار التجنيد، واعتبرت صحيفة الإتحاد أن هذا القرار سيرفع النضال ضد الإضطهاد القومي إلى مرتبة أعلى، وأن الحزب سيناضل من أجل عدم ممارسة سياسة التمييز العنصري في الجيش!! وللإنصاف فقد طالب بإعفاء الفتيات العربيات من الخدمة وذلك مراعاة لمسألة التقاليد والدين ومكانة الفتاة العربية بين السكان العرب! والإكتفاء بتجنيد الشباب مع التأكيد على منحهم المساواة المطلقة في الحقوق في صفوف الجيش!! واعتبار أن قرار الحكومة ينبغي أن يكون دافعاً لتشديد نضال السكان العرب والجماهير الديمقراطية الإسرائيلية لوضع حد للإضطهاد القومي، ومن أجل المساواة المطلقة في الحقوق في كل مجالات الحياة!!
( أنظر: الحزب الشيوعي الإسرائيلي بين التناقض والممارسة- جورج كرزم)

ولم يسدل الستار نهائياً على هذا الفصل عند فرض الخدمة العسكرية الإلزامية على الشباب العرب الدروز فقط، ولم تقف الدوائر الإسرائيلية، الأمنية والإستيراتيجية خاصة، مكتوفة الأيدي إزاء ما يحصل أمام ناظريها من تغيرات في الميزان الديمغرافي وما يحصل من تطورات في المسيرة السياسية للجماهير الفلسطينية في الداخل وتعزز الإنتماء القومي والهوية القومية والتفاعل مع القضية الفلسطينية لدرجة الإنخراط العسكري في صفوف الثورة الفلسطينية.

ولا نجافي الحقيقة إذا قلنا أنها (الدوائر الإسرائيلية) ربما تكون قد نظرت بشكل "حذر" و"بتردد" إلى مسألة تجنيد الشباب العرب وما ينطوي عليه من "مغامرة" قد تكون غير مأمونة العواقب! وفي الوقت نفسه ظل يراودها الحلم التاريخي "بترويض" الجماهير الفلسطينية في الداخل وإدخالها في " بوتقة صهر" وقولبتها بالشكل الذي يخدم مصالحها الأمنية ويذيب الهوية القومية لهذه الجماهير ويمكنها بالتالي من التحكم في سياق ومسار تطورها، على نمط "الجيش كبوتقة صهر لعملية بناء أمّة"، (أنظر الكتاب الأخير ل د. عزمي بشارة: من يهودية الدولة حتى شارون، الفصل الثاني: نشوء النزعة الأمنية- بطحونيزم).

ومع تأجج ما يسمى بـ"الخطر الديمغرافي" في ظل إجماع قومي إسرائيلي يتمركز حول يهودية الدولة، عقد مؤتمر هرتسليا في كانون أول/ديسمبر 2000، صدر عنه وثيقة ضمن كراسة خاصة حملت إسم " ميزان المناعة والأمن القومي- إتجاهات لسياسة عامة". وكان قد بادر إلى عقد المؤتمر شخصيات بارزة في القيادة الأمنية والنخبة الأكاديمية، وكان المحاضرون من أبرز الوجوه في المؤسسة السياسية والأمنية والأكاديمية.

وما يعنينا هنا هو أن الوثيقة أعطت وزناً كبيراًُ للتهديد الديمغرافي الذي يشكله الفلسطينيون، على جانبي الخط الأخضر، على إسرائيل اليهودية، كما أشارت إلى دلالته "الأمنية الخطيرة" وإلى دلالته في كل ما يتصل بهوية إسرائيل كدولة يهودية بالإضافة إلى دلالته الإقتصادية.
كما تضمنت الوثيقة توصيات عدة نذكر من بينها توزيع اليهود في مناطق إشكالية من ناحية ديمغرافية وخاصة في الجليل ومرج إبن عامر والنقب ، وذلك من أجل الحؤول دون نشوء تواصل إقليمي لأكثرية عربية يقطع أوصال إسرائيل، وكذلك تبادل مجموعات سكانية بين إسرائيل والدولة الفلسطينية، ودراسة منح العرب في إسرائيل إمكانية الإختيار بين المواطنة الكاملة في دولة إسرائيل وبين المواطنة في الدولة الفلسطينية مع حقوق مقيم في البلاد.

وفي مؤتمر "ميزان المناعة والأمن القومي" الذي عقد في كانون أول/ ديسمبر من العام 2003 في هرتسليا، كشف النقاب عن تكليف رئيس الحكومة، أرئيل شارون، بعض الجهات المختصة بشؤون "الأمن القومي الإسرائيلي" بدراسة وبلورة تصور عملي لإمكانية شمل فلسطينيي الداخل في" الخدمة الوطنية الإلزامية". وكان شارون قد تحدث في " خطاب هرتسليا" حول مفهوم الدولة الديمقراطية اليهودية وترتيب العلاقات بين التجمعات السكانية المختلفة على أساس شكل من أشكال الخدمة الوطنية العسكرية والتساوي في الحقوق والواجبات، وذلك في تلميح للعرب في الداخل أنه سيكون عليهم حسم مسألة الولاء للدولة العبرية عند الحديث عن الحقوق.

وقد جاء في خطاب شارون بهذا الخصوص : "مهمتنا جميعاً هي تصميم شكل اسرائيل اليهودية الديموقراطية. دولة يسود فيها توزيع العبء ومنح الحقوق وتحميل كافة القطاعات الواجبات بواسطة إداء خدمة وطنية بشكل أو بآخر".

وكان وزير الأمن الإسرائيلي، شاؤول موفاز، قد عين لجنة برئاسة الجنرال دافيد عبري في بداية عام 2004، وأوكل إلى اللجنة فحص إمكانية توسيع "الخدمة الوطنية" كبديل للخدمة العسكرية لمن تم إعفاؤهم من هذه الخدمة.

وفي 17/08/2004 أعدت "لجنة عبري" التي بحثت في "توسيع الخدمة الوطنية" في إسرائيل توصيات قدمتها إلى رئيس الحكومة اريئيل شارون، حيث أوصت بإلزام المواطنين العرب بما يسمى بـ"الخدمة الوطنية". وأوصت اللجنة أيضا، بأن من لا يؤدي هذه الخدمة، "لن يتمتع بحقوق أساسية، مثل مخصصات الأولاد، قروض إسكان بضمان حكومي، الحصول على قسائم أرض من دائرة أراضي إسرائيل وامتيازات أخرى(رغم أن العرب لا يحصلون عليها!)".واعتبرت "لجنة عبري" في تقريرها الأولي هذا أن "الخدمة الوطنية" تأتي بديلا للخدمة العسكرية واقترحت إمكانية إستبدال اسمها بالخدمة المدنية للتخفيف على العرب وجعل أمر تقبلها ممكناً!.

وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى وجود أحزاب صهيونية تضع في برامجها السياسية قضية فرض الخدمة الوطنية على العرب مثل حزب "إسرائيل بيتنا" الذي يترأسه أفيغدور ليبرمان، ويشتمل مخططه على صياغة قانون مواطنة جديد ينص على إلزام كل مواطن في إسرائيل بقسم الولاء لإسرائيل وأمنها وقيمها ورموزها ونشيدها الوطني. وأن من يبدي رفضه لذلك سيفقد مواطنته الاسرائيلية، بمعنى أنه سيكون بمكانة مقيم دائم ويمنع من الترشيح والإنتخاب.




كان من الطبيعي، بعد فرض التجنيد الإلزامي على الشباب العرب الدروز، أن يكون للدروز دور بارز في التصدي للمؤامرة فقامت حركة مقاومة قمعتها السلطة بالحديد والنار، وتعرض قادتها للتهديد بالتصفية الجسدية في حال متابعة نشاطهم. وكان من أبرزهم الشيخ فرهود فرهود رئيس لجنة المبادرة الدرزية لاحقاً. وفي أواخر الستينيات وأوائل السبعينيات انطلقت مجموعة من الشباب ترفع شعار مقاومة التجنيد وتشكلت "لجنة المبادرة الدرزية" في آذار 1972 وترأسها الشيخ فرهود. في حين كان العشرات يقبعون في السجون لرفضهم الخدمة العسكرية ومن بينهم كان المحامي سعيد نفاع والشاعر سليمان دغش والسيد جمال فرهود إبن الشيخ فرهود فرهود.

سنة 1977 انضمت اللجنة بتأثير أعضائها الشيوعيين إلى الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة ونشطت في هذا الإطار، ثم ما لبثت أن دبت الخلافات في صفوفها حول آليات العمل واستقلاليتها، وبلغت ذروتها في مطلع التسعينيات بحيث تعطل عملها واقتصر على إصدار البيانات الصحفية بين الحين والآخر.

في أواسط التسعينيات تشُكّل حزب "التجمع الوطني الديمقراطي" ، وبدت آفاق العمل القومي أكثر وضوحاً وصار الصف الوطني القومي هو فتحة الأمل، وخصوصا في ظل الدعوة إلى اعتماد الدافع القومي الوطني أساسا للرفض، وعدم قصر ذلك على الأسباب الضميرية. وذلك للتمييز بين رفض الدروز للخدمة العسكرية من منطلقات قومية وبين الرفض لأسباب ضميرية كما هو الحال مع رافضي الخدمة من بين الشباب اليهود التقدميين. وكان لا بدّ من الحسم فحسمت الأمور وخرج من صفوف "لجنة المبادرة" الغالبية الساحقة من أعضائها، وانقسم الباقون على أنفسهم لاحقاً، فالشيوعيون ظلوا تحت اسم " لجنة المبادرة الدرزية " وأبرزهم الكاتب محمد نفاع سكرتير الحزب الشيوعي والشاعر نايف سليم وجهاد سعد الذي انتخب سكرتيراً لها. واتخذ الآخرون اسم "حركة المبادرة الدرزية" أبرزهم الشيخ جمال معدي رئيس اللجنة السابق.

وانطلق التيار القومي بطريق تجديدية تحديثية مشكلاً "ميثاق المعروفيين الاحرار"،الذي يركزه اليوم المحامي سعيد نفاع، مؤكداً على رفض الخدمة وانقاذ العرب الدروز من أوزارها وعودتهم إلى حضن شعبهم باعتبار أنه حق قومي ووطني وإنساني، وتوج انطلاقته بلقاء التواصل القومي ألأول في عمّان / 2001 مع "الحزب التقدمي الاشتراكي" برئاسة وليد جنبلاط، مخترقاً الحصار الذي فرضته المؤسسة الصهيونية على العرب الدروز عامة وقواهم الوطنية القومية خاصة، وفي أعقاب اللقاء اعلن مشايخ الدروز في لبنان ومعهم رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط عن دعوتهم لدروز فلسطين لرفض الخدمة في الجيش الاسرائيلي.

ومع تنامي ظاهرة رفض الخدمة القسرية المفروضة على الشباب العرب الدروز بحيث اضطرت معها لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست أن تضع هذه الظاهرة على جدول أعمالها في منتصف عام 2004، في ظل تعتيم إعلامي إسرائيلي على ظاهرة الرفض، تعرض ميثاق المعروفيين الأحرار برئاسة المحامي سعيد نفاع وكذلك التجمع الوطني الديمقراطي ود. عزمي بشارة إلى التحريض عليهم في التصريحات الإعلامية وصلت حد المطالبة بالترحيل، بذريعة أن هنالك دولاً معادية ومنظمات ارهابية معادية وراء تنامي ظاهرة الرفض.





في أعقاب مؤتمر"ميزان المناعة والأمن القومي" الذي عقد في كانون أول/ديسمبر 2003، بدأ يتضح أن "الخدمة الوطنية" تلعب دوراً في حسم المسألة الديموغرافية إلى جانب الإنفصال عن "أكبر ما يمكن من الفلسطينيين في أصغر ما يمكن من الأرض".

وفي هذا السياق تجدر الإشارة إلى مقالة د.عزمي بشارة: خطاب هرتسليا- كانون أول/ديسمبر 2003، نظراً لأهميتها في الإستقراء المبكر لما تضمنه مؤتمر هرتسليا (خطاب شارون) والتي حذر فيها من مستلزمات وإستتباعات فرض الخدمة الوطنية كشرط "لنيل الحقوق على اعتبار أن حسم ولاء العرب الوطني للدولة اليهودية كفيل بحل إشكال المسألة الديمغرافية إلى حد بعيد، لأنه لا يمكن حسم هذه المسألة في الداخل بالترانسفير الذي لم يعد ممكناً".

وتوقع كاتب المقالة( د.بشارة) بموازاة الانفصال عن الفلسطينيين وبعده، خطوات سياسية وتعبئة ايديولوجية عنصرية وسن مجموعة من القوانين تتجه إلى ما يلي:

أ) التمييز بين المواطنة والإقامة الدائمة بواسطة الخدمة الوطنية، أو على الأقل بين مستويين من الحقوق بحيث ترتبط قضية حق الاقتراع بمسألة الولاء.

ب) تدور محاولات مستمرة لمنح الإسرائيليين في الخارج حق الاقتراع كما يحصل في حالة المواطنين الأمريكيين في الخارج. وفي نيويورك وحدها يعيش مائة ألف إسرائيلي.

ج) تقسيم العرب في الداخل إلى طوائف وانتماءات جزئية تخفف من وطأة المجموعة القومية الواحدة ديموغرافياً وسياسياً على الدولة اليهودية. هذه الانتماءات الجزئية تسهل ربط ولاء مباشر بينها وبين الفرد وبين الدولة الصهيونية. وفي جعبتهم سيناريوهات أخرى كثيرة.

ونظراً لمخاطر ما يترتب على سعي إسرائيل في البحث عن مخرج لـ"مسألتها الديمغرافية"، فإننا نقتبس ثانية مقالة د. عزمي بشارة: شارون يصرح-شباط 2004، جاء فيها:

"هم يعرفون أن "الترانسفير" غير وارد لأنه يعني العودة على تجربة اللجوء التي يرفضها أي مواطن عربي في الداخل وسوف يقاومها والنتيجة هي مذبحة حقيقية. إذاً التهجير كاقتلاع بالقوة غير وارد. وشارون لن يتخلص من المواطنين العرب مع أرضهم سوية، فماذا يبقى؟ يبقى أن تواصل إسرائيل سيطرتها على الأرض ويسمح للناس الإقامة عليها ولكن مواطنتهم تكون في إطار السلطة أو الدولة الفلسطينية التي تقوم في إطار حل دائم، كخطوة كفيلة بتأمين بقاء مجرد من الحقوق السياسية. وبرأيي فإن ما يتبقى من اقتراحات شارون بخصوص عرب الداخل هو الفصل بين إقامة المواطنين العرب residence وبين حقوقهم السياسية التي تحملها المواطنة citizenship. وهذا تعبير عن مزاج سياسي قائم في المؤسسة الصهيوينة الحاكمة ويعكس رغبة بالتخلص، في إطار الحل الدائم، من دور المواطنين العرب المحتمل أو الممكن في الداخل.

من ناحية أخرى تريد إسرائيل أن تورط عرب الداخل في حالة ابتزاز من نوع التعبير المستمر عن الرغبة بالبقاء كمواطنين في الدولة وهي تعتبر ذلك مديحاً لها، إذ أن العرب في الداخل يدفعون إلى تأكيد التمسك بالمواطنة في إسرائيل في مقابل الدولة الفلسطينية. ولا حد للفخر الإسرائيلي بهذه التعبيرات عن التمسك بالمواطنة الإسرائيلية. كأنك تمسك بتلابيب مكسيكي في أميركا وتسأله عن سر تمسكه بالمواطنة الأمريكية، مع الفرق أن المواطنين العرب في الداخل لم يهاجروا إلى إسرائيل, بل هي التي هاجرت إليهم.

وما السؤال إلا ابتزاز. فالفرد كفرد يبحث عن حياة أفضل خاصة في ظروف الأزمات وحالة عدم الاستقرار. ولكن العرب في الداخل لم يهاجروا إلى إسرائيل, بل هم في وطنهم. وبمعنى ما فإن المواطنة قد فرضت عليهم في البداية, وبدونها أي بدون "الهوية الإسرائيلية" لما كانوا بقوا في وطنهم. لم تكن هنالك أداة قانونية إسرائيلية أخرى للبقاء. وقد كانت لعنة حقيقية تحت الحكم العسكري ثم تحولت إلى امتياز مقارنة بوضع الفلسطينيين القانوني تحت الاحتلال. ثم تحولت المواطنة إلى إطار الحياة اليومية والسياسية وإلى أداة للمطالبة بتحسين الظروف والمساواة.

طبعاً في البداية كان هنالك من تعاون مع إسرائيل, مع الدولة التي قامت على خرائب الشعب الفلسطيني في ظروف عزلة وحصار بعيداً عن الأمة العربية. وقد رافقت حياة العرب في الداخل دائماً قوى انتهازية تدعوهم إلى التخلي عن الهوية الوطنية والانتماء الوطني مقابل المساواة في الحقوق التي تمنحها المواطنة الإسرائيلية. وهذه القوى ما زالت موجودة وتغير خطابها ومظهرها بموجب الظروف, ولكنها موجودة. وتصريحات شارون تقويها, لأنها تدفع هذه القوى للتعبير عن الولاء والإذعان للسياسة الإسرائيلية مقابل المواطنة. وبهذا المعنى فإن هذا يقوي نزعة شارون أن تكون المواطنة مشروطة بالولاء السياسي أو الخدمة العسكرية أو الخدمة الوطنية أو غيرها من تعبيرات الولاء للمشروع الصهيوني.
وتكرر إسرائيل مسألة الديموغرافية حتى بات سلوكها يؤكد أنها ليست دولة يهودية وديموقراطية بل دولة "يهودية وديموغرافية".

لا توجد دولة مسكونة بهوس ديموغرافي بهذا الشكل. في كل مكان في العالم ينعت التعامل مع قسم من المواطنين كأنهم مشكلة ديموغرافية بالعنصرية. وفي أي حال فإن حل المسألة في المناطق المحتلة بنظر الغالبية في إسرائيل حاليا هو الانفصال من طرف واحد وقيام كيان فلسطيني منقوص السيادة مغلف خارجياً بجدار الفصل العنصري وتقع الحدود على شرقه حيث يرابط الجيش الإسرائيلي و"تشجع" إسرائيل (وهذا تعبيرهم) الهجرة إلى شرقي النهر. وأكاد أجزم بأن شارون يعتقد أن مستقبل الكيان الفلسطيني محكوم بالارتباط بشرقي الأردن وليس بإسرائيل غرباً. فإسرائيل تخشى أن يطور مثل هذا الارتباط دولة ثنائية القومية".


كما تجدر الإشارة إلى أن التجمع الوطني الديمقراطي قد أولى مسألة الخدمة الوطنية أهمية كبيرة، فبالإضافة إلى المواقف التي طرحها د.بشارة، ,وفي مؤتمر التجمع الرابع في آذار/مارس2004، اتخذ الحزب قراراً حازماً بشأن الخدمة الوطنية، حيث جاء في نص القرار: "يؤكد المؤتمر رفضه القاطع لمشروع ما يسمى بالخدمة الوطنية ومحاولات فرضه على المواطنين العرب داخل إسرائيل. لم يطرح أرئيل شارون هذا المشروع حرصاً منه على مصلحة الجماهير العربية، بل لمصلحة مؤسسة الدولة وانسجاماً مع سياسة الاحتواء والتوجه القاضي بإحكام الهيمنة على الأقلية القومية العربية الفلسطينية والتحكم بمصيرها ومستقبلها. إن الادعاء بأن القيام بالواجبات سيؤدي إلى تخفيف القمع القومي والتمييز العنصري أو إلغائهما، هو ادعاء باطل لا أساس له في الواقع. فسياسة القمع القومي والتمييز ومصادرة الأراضي والمحاصرة والتهميش التي تتبعها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تجاه العرب الفلسطينيين في إسرائيل هي نتاج العنصرية المتأصلة في المؤسسة الإسرائيلية وتفرعاتها المختلفة. مشروع "الخدمة الوطنية" مرفوض لأنه يأتي بديلاً للخدمة العسكرية، وربما مقدمة لها، ولنا كامل الحق في رفض الخدمة العسكرية ورفض بدائلها. وفي المجمل فإن أي محاولة خبيثة لربط الحقوق بالواجبات تتناقض ومبادئ الديموقراطية، التي تحدد بأن الحقوق مطلقة لا علاقة لها بالواجبات، التي هي أمر نسبي وخاضع لاعتبارات كثيرة. وإذ يؤكد مؤتمر التجمع الوطني الديموقراطي رفضه لمشروع الخدمة الوطنية، فهو يدعو القوى والأحزاب الوطنية ولجنة المتابعة ورؤساء السلطات المحلية وكافة ممثلي الأقلية العربية الفلسطينية في إسرائيل إلى إعلان موقفها الواضح الرافض للخدمة الوطنية، كما ويتوجه إلى شبابنا إلى التمسك بحقهم في رفضها والوقوف ضدها بحزم. ويعود المؤتمر ويؤكد رفضه للخدمة العسكرية الإلزامية على أبناء شعبنا من العرب الدروز، ويشدد المؤتمر كذلك على ضرورة التصدي لظاهرة التجند والتطوع في الجيش والأجهزة الأمنية الإسرائيلية".


وأجمعت القوى الفاعلة عامة( الجبهة الديمقراطية والحركة الإسلامية أساساً، بالإضافة إلى التجمع طبعاً) على رفض مشروع الخدمة الإلزامية ويمكن تلخيص مواقفها برفض محاولة الربط بين حقوق المواطن العربي وبين ما يسمى بالواجبات تجاه الدولة، باعتبار أنه وبحسب مبادىء الديمقراطية فان حقوق الإنسان مستقلة ومطلقة، أما الواجبات فهي مسألة نسبية تؤخذ فيها بالحسبان اعتبارات كثيرة ومختلفة. وحتى الضرائب لا تفرض على الجميع بنفس المبلغ ولا حتى بنفس النسبة، وهناك من له إعفاء كامل من الضرائب. كذلك الأمر بالنسبة للخدمة العسكرية. فالخدمة العسكرية مرفوضة وبدائلها أيضاً مرفوضة. وعلى الدولة أن تحترم كل ذلك لأنه من حق الفلسطينيين في الداخل رفض المشاركة في الآلة العسكرية الإسرائيلية والبدائل المطروحة لهذه المشاركة. كما أن طرح الخدمة الوطنية مقرونا بالحقوق غاية في الظلم والعنصرية فقد كان من لا يخدم في الجيش لا "يستحق" زيادة على الحقوق الأساسية(وهذا هو الوضع القائم حالياً). لكن لجنة عبري تتحدث الآن عن حرمان من الحقوق. والحديث عن "فرض الخدمة المدنية على العرب لا يأتي من باب تحقيق المساواة بل يأتي من باب تبرير فكري ايديولوجي لسياسة التمييز العنصري التي انتهجتها حكومات إسرائيل المتعاقبة. وهذه المقترحات تأتي لتسوغ التمييز على مدار 56 سنة مضت، عبر سياسة منهجية ترفض التعامل مع المواطنين العرب كمواطنين متساوين من منطلقات عرقية. فالقرى العربية الدرزية أو البدوية، التي يخدم بعض أهلها في الجيش حالها مزر، ولم تتجنب الحكومات الإسرائيلية مصادرة أراضيها والدوس على حقوق أهلها والتمييز ضدهم في جميع المجالات.



بين الحين والآخر يتسرب إلى وسائل الإعلام أنباء أقل ما يمكن أن يقال أنها خطيرة ويفترض أن تلتفت إليها القوى الوطنية الفاعلة ولجنة المتابعة واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية قبل أن يفوت الأوان.

فقد نشرت صحيفة "هآرتس"، منذ عدة أسابيع، معلومات تكشف الإرتفاع المقلق في نسبة المتطوعين في الخدمة الوطنية والمتجندين للجيش. كتبت الصحيفة:

" لقد كان من شأن مقتل الخمسة جنود من "كتيبة الجوالة الصحراوية" أن يضع أمر خدمة البدو في الجيش في صلب الإهتمام الشعبي. ولكن التقارير لم تقم وزناً، بما فيه الكفاية، لحقيقة أن معظم القتلى لم يكونوا من البدو، فثلاثة منهم من القرى العربية في المثلث والجليل وقد خدموا في الجيش تطوعاً.

لقد أدى اندلاع الإنتفاضة عام 2000، ومقتل 13 عربياً بنيران الشرطة الإسرائيلية إلى تراجع ملحوظ في نسبة المسلمين والمسيحيين(كما جاء في الصحيفة) الذين يتجندون للجيش، ولكن المعطيات الجزئية التي صرح بها الجيش لصحيفة هآرتس تفيد أنه قد سجل ارتفاع ملحوظ مجدداً في نسبة التجند.

فنسبة المتجندين من العرب المسلمين ارتفعت في العام 2003 بنسبة 64.5% عن عام 2000، وارتفعت نسبة العرب المسيحيين بـ 16%. وأفادت مصادر الجيش أيضاً أنه حصل ارتفاع بنسبة التجنيد في العام 2004 بنسبة 20% من العرب عامة.

لم يقدم الجيش معطيات رقمية عن التجنيد، ولكن يتضح اليوم أن عدد المتجندين في كل سنة لا يزيد عن 150 متجنداً. نصفهم تقريباً في سلاح المشاة وخاصة في "كتيبة الجوالة الصحراوية" وعدد قليل جداً في وحدات مشاة أخرى، في حين يخدم المجندون ذوي اللياقة الطبية (بروفيل) المنخفضة في وحدات الإسناد مثل السياقة.

إن المجندين من البدو يلاقون تعاملاً معادياً معهم من شعبهم لكونهم يساهمون في الحرب الإسرائيلية ضد إخوانهم الفلسطينيين، غير أن المجندين العرب من المسلمين والمسيحيين يصطدمون بحقيقة الغياب المطلق لعادة التجند للجيش الإسرائيلي.

بدأ التجند الفعلي للعرب من المسلمين والمسيحيين أثناء سنوات التسعينيات، ولكن بأعداد قليلة جداً، وأخذت ترتفع بالتدريج حتى عام 2000، ثم حصل تراجع ملحوظ في أعقاب اندلاع الإنتفاضة، والآن بدأت ترتفع من جديد.

وتنسب "شعبة القوى البشرية" في الجيش الإسرائيلي هذا الإرتفاع في عدد المجندين إلى النشاط المكثف الذي تقوم به "مديرية التجنيد"، حيث يقوم ممثلون من المديرية بزيارة القرى العربية وخاصة القرى متعددة الطوائف، وتقديم الشروحات في المدارس الثانوية وحركات الشبيبة حول إمكانيات التجند العسكري.

ومع ذلك يحاول الجيش ألا يندفع إلى تلك القرى إلا بعد أن تتم دعوته!! وتعتبر القرى البدوية والدرزية "أهدافاً سهلة".
ويقول أحد كبار المسؤولين في "شعبة القوى البشرية" أنه قد حصل انخفاض طبيعي عام 2000 في نسبة المتجندين العرب، وعلى أثر ذلك قامت الشعبة بتكثيف نشاطها الإعلامي في عام 2002، وأسفر ذلك عن نتائج ملحوظة. وأضاف أن الجيش يوفر للمجندين مساراً للتأهيل المهني مع اقتراب انتهاء مدة الخدمة العسكرية.
ونقلاً عن صحيفة "يديعوت أحرونوت" فأن اللجنة التي عينها وزير الأمن شاؤول موفاز برئاسة دافيد عبري قد أوصت باتباع امكانية فرض "الخدمة الوطنية" على الشباب العرب، ومع ذلك تعتقد اللجنة أنه يفضل عدم فرض ذلك طالما استمر الصراع الإسرائيلي الفلسطيني".




وقبل عدة أيام نشر نبأ مفاده أن مجموعة من الطلاب في أحد المدارس الثانوية في تل أبيب قاموا بربط أنفسهم ببوابة القاعة في المدرسة، حيث كان يفترض أن يقدم عميد في الجيش الإسرائيلي محاضرة في إطار برنامج موسع ومشترك بين وزارة التربية وبين "سلاح" التربية في الجيش الإسرائيلي، وبحسب البرنامج يقوم ضباط في الجيش بمرافقة طلاب الصفوف العليا في المدارس لتشجيعهم على الإتخراط في صفوف الجيش!

وقد احتج الطلاب على تسلط الجيش على جهاز التربية وعلى تحويل المدرسة إلى عسكرية تحضيرية.

وقالوا:" إننا نحتج على إدخال عناصر عسكرية إلى داخل المدرسة، لأن هذا الأمر من شأنه أن يساهم في إختفاء المجتمع المدني وتحويل المجتمع برمته إلى عسكري".

قد يكون هذا الخبر عاديا حتى الآن، ولكنه لن يبقى كذلك حين نعرف أن هذا البرنامج المشترك بين وزارة التربية ووحدة التربية في الجيش الإسرائيلي سيتم بموجبه إلحاق ضباط ب74 مدرسة في المرحلة الأولى، وفي السنة القادمة سوف يوسع البرنامج ليشمل 250 مدرسة!!.

والسؤال الذي يطرح نفسه أين تقف المدارس العربية من هذا المخطط؟ وهل سيجري تطبيقه في المدارس العربية أيضاً؟


وفي سابقة تعتبر الأولى من نوعها في إسرائيل، قامت الشرطة الإسرائيلية باستدعاء أكثر من 16 طالبًا في الصف العاشر في المدرسة الثانوية الشاملة في مدينة رهط في النقب، للتحقيق معهم وأخذ شهاداتهم حول ما أسموه "التحريض ضد التجنيد وعائلات المجندين والدعوة إلى التمرد"!

وقام رجال شرطة مدينة رهط بالدخول إلى المدرسة الثانوية، لإجراء تحقيق مع بعض المعلمين حول "تفوهات لمعلم ضد التجند في الجيش الإسرائيلي، وضد الصلاة على القتلى المسلمين في الجيش الإسرائيلي"! وبعد أن أنهوا تحقيقاتهم، أخذوا قائمة بأسماء الطلاب الذين يتعلمون في شعبة الصف العاشر في المدرسة، ومن ثم غادروا المكان.

وقد وصلت الشرطة في ساعات الليل إلى بيوت 16 طالبًا على الأقل وقامت باستدعائهم للتحقيق!!

ولا شك هنا أن هذه الحادثة تعكس توجهاً جديداً من قبل السلطات في موضوعة التجند للجيش، فهل سيصبح الحديث عن رفض العرب للخدمة العسكرية وبدائلها جريمة تصنف في عداد الدعوة إلى التمرد وتقتضي إنزال عقوبات؟


وتتناقل وسائل الإعلام أيضاً أنباء أخرى كثيرة تحمل دلالات كبيرة بين السطور تكشف عن وجود مخططات تصب في الخدمة العسكرية وبدائلها. ومن الواضح مما أسلفنا أن مسألة الخدمة بكافة أشكالها، من غير المستبعد أن تكون قد تجاوزت مرحلة الدراسة والإقتراح وانتقلت إلى حيز التنفيذ، ويجري تنفيذها بـ "هدوء وحذر" لضمان نجاحها وباتت الآن في عداد الخطر المحدق، ورغم أن الأرقام لا يزال بالإمكان اعتبارها أرقاماً صغيرة جداً، إلا أنه يخشى أن تتفشى كالوبأ وعندها يكون قد فات الأوان!!


التعليقات