المرأة الفلسطينية ودورها في الكفاح الوطني ../ أحمد مروات*

* رغم الحصار لم ترضى بالذل والانكسار *

المرأة الفلسطينية ودورها في الكفاح الوطني ../  أحمد مروات*
منذ انطلاق اتحاد العاصمة النسائي في القدس الذي تأسس عام بمشاركة نخبة من نساء الأعلام الفلسطينيين الذين ساهموا في القضية الوطنية في المدن الرئيسية القدس ويافا وغيرها عام1929. تميز بتزايد النشاطات الخيرية التي قامت بها المرأة الفلسطينية وغيرها لخدمة شعبها..
أسس أعضاء الاتحاد لجنة للإسعاف الأولي ونزلت المرأة مشمرة ساعدها للميدان تضمد الجراح في كل مناسبة وما أكثر هذه المناسبات في سبيل الجهاد الوطني وما أكثرها لتسعف وتضمد الجراح وتمسح الدماء الذكية..
كان التحرر الأول للمرأة الفلسطينية نوعا ما هو من الاضطهاد ألذكوري الذي لجم إمكانياتها والذين هيمنوا على طاقاتها وإمكانياتها العظيمة تجاه المساواة في المجتمع الفلسطيني وفي اتخاذها كافة القرارات في الأنشطة السياسية والميدانية والنهوض نحو العدالة التي آمنت وحاربت من اجلها…
المرأة الفلسطينية اختارت بان تكون جندية في صفوف الدفاع عن فلسطين واختارت لها برنامجا إلا أنة كان ضيقا خاصة أنها استثنيت من المشاركة السياسية مع الرجل الفلسطيني فصبت جل اهتمامها اجتماعيا فتمثل بالأعمال الخيرية وكانت كفيلة بأن تخدم قضيتها بكل أمانة ولو بالنذر اليسير..
فيلاحظ القارئ أو المتتبع لتاريخنا المحلي وبالذات التاريخ النسوي في فلسطين ما قبل النكبة وما ترافق من تأسيس الجمعيات النسائية ومنذ نشأتها الأولى عام 1921 وأولها في مدينة نابلس أن النخبة التي نهضت بتأسيسها كانت من نساء الوجهاء في المدن المركزية التي مثلت السياسة المحلية وخير دليل على ذلك اتحاد العاصمة النسائي كما أسلفت الذي تأسس في روابي القدس في أواخر العشرينيات التي رأسته زليخة الشهابي. فأكثرية المنتسبين والقائمين بأعمال الاتحاد كن من نساء الوجهاء ومنهم من عائلة الحسيني والنشاشيبي هؤلاء العائلات التي دبت بهم الشهامة وروح المنافسة ومزقوا فلسطين إلى نصفين بسبب النزعة العائلية والقبائلية الفارغة التي كانت إحدى أسباب سقوط فلسطين جريحة مترنحة بالدماء غدرا !!!!
كانت أهمية العمل للمرأة وتقدمها بمجتمعها معززا بالشهادة العلمية ألأكاديمية كإحدى شروط النجاح وعدم استمرارية العمل الميداني المرهق كعمل بعض الكادحات الذي تمثل في السوق العربي كبيع الخضروات وعلب الكبريت بين الأزقة والشوارع والعمل في مصانع التبغ مقابل ثمن بخس.. والخدمة في البيوت..
مع هذا فقد اتخذت المرأة المتعلمة من خلال الجمعيات القانونية نصب أعينها قرارات تتماشى مع واقع الحياة الصعبة التي تمر بها فلسطين والانتداب وشبح الصهيونيين الذي بدا يزحف في تلك الحقبة الزمنية..
قام الاتحاد النسائي بتأسيس مستوصف لمعالجة المعوزين والتطعيم ضد ألأمراض الوافدة. وعينت فيه ممرضة استقبلت يوميا مئات المرضى فتساعد من تساعد وتحيل من لا يستطيع مساعدته على الأطباء…
أخذ الاتحاد على نفسه تشكيل لجنة خاصة بالمستوصف من خيرة أطباء وقد أصدرت هذه اللجنة بيانا أن المستوصف قام بمعالجة أكثر من 2500 مريضا نصفهم من الأطفال..
تنوير الرأي العام بالقضية الفلسطينية عن طريق الاتصال بالأطباء والمفكرين والأدباء والتجمعات العالمية بواسطة الندوات والنشرات لدعم القضية في كافة الطروحات…
في مثل هذة الظروف التي شهدتها فلسطين في أواخر الانتداب البريطاني عمقت مظاهر ألازمة أبعادها السياسية في أطار الصراع العربي –الصهيوني وبأبعادها الاجتماعية في تبعية الفقر والجهل والتخلف العام التي لحق بصورة المرأة الفلسطينية قبيل النكبة الفلسطينية كما أوردت كاتبة يهودية وأسمها "سارة ليفي" في صحيفة (دافار) الصهيونية في عددها الثالث من عام1937. وقد جاء في مقدمة مقالتها "أود أن أتحدث عن شعورنا نحو العرب , فنحن ما زلنا نعطف على العرب عطفا أكيدا ونكن لهم الحب والصداقة إذ أننا نعلم أنهم أبناء إسماعيل وان عطفهم علينا أيام ألأندلس ما زال ماثلا وحتى عندما جئنا إلى فلسطين وجدنا الأخلاق العربية التي تستحق المديح منا ومن العالم اجمع..وليس هناك ما يستائني من العرب إلا رأيه في المرأة وأن معاملة الرجل العربي للمرأة العربية لهو أمر محزن جدا , وأود أن أقص على القراء قصة عربية وكم كنت أتمنى لو يسهل على الكثير من العرب بأن يفهم لغتنا العبرية لأخذوا بهذه القصة لما لها من عبر…"
"جاء يوما رجل عربي لصديقه اليهودي وقال له زوجتي مريضة وعلى وشك الموت. فقال اليهودي الم تستدعي الطبيب ؟؟ فأجاب العربي ببرود لا أريد أن أعالجها فقد اجتازت الثلاثين بكثير والعلاج سيكلفني مالا يمكنني أن اشتري به زوجة فتية بعمر خمسة عشر ربيعا !!!!
هذه هي المرأة العربية المسكينة. وهذه هي حالتها أنها في نظر زوجها كسلعة أو جارية لا رحمة لها ! "" " دافار عدد 13 1937 المكتبة القومية .
وردا على هذه الكاتبة ذهب الكثير من النساء كقدسية خورشيد , وأسمى طوبي من أصحاب القلم تدافع عن صورة الرجل العربي وتفند إلصاق تهم غير صحيحة بالعرب وبتقاليدهم الغراء خاصة أن هذة الكاتبة استغلت هفوة الرجال وخاصة بزواج الرجل من أربع نساء!..
أخذت الجمعيات والاتحادات النسائية تأسس وتشكل فروعا لرعاية الطفولة ومراكز لإرشاد الأمهات ولكيفية ألاعتناء بأطفالهم وتنشئتهم خير استقامة..
وفي كل المناسبات – كوعد بلفور المشئوم وغيرة , كانت المرأة المتمثلة بالجمعيات والرابطات تقوم بإرسال البرقيات إلى لندن والحكومات المحلية تشجب بها وتستنكر خبث هذا القرار الذي غير مجرى التاريخ…
كما وأرسلوا بمئات البرقيات والرسائل يستغيثون ملوك العرب وأمرائهم بالإفراج عن المناضلين السياسيين المبعدون عن ديارهم كالذين ابعدوا لجزيرة سيشل وغيرهم ممن قبعوا في سجون الانتداب الزائف….
كانت من بين أهداف الاتحاد النسائي التي وضعتها المرأة الفلسطينية نصب عينيها هو ترسيخ المفهوم الثوري والقومي لدى الفلسطينيين والفلسطينيات من خلال تعميق ارتباطاتهم بالحركات الثورية والعربية والعالمية.. تنوير الرأي العام بالقضية الفلسطينية عن طريق ألاتصال بالمثقفين والمفكرون والعاملين في كافة الحقول السياسية وإثراء مفهوم القومية من خلال الندوات والنشرات وبوسائل أخرى عديدة مثل المناشير أو من خلال إذاعة هنا القدس الفلسطينية التي استقطبت شخصيات نسائية كثيرة منهم قدسية خورشيد التي قدمت موضوع "شخصية المرأة الفلسطينية" عام 1938.
وماري صروف شحادة التي كانت تقدم برنامج "التربية في الأسرة العربية" والأديبة أسمى طوبي التي قدمت برنامج "حديث إلى ألام العربية".
من خلال عمل المرأة الميداني والصحافي والخيري, ومع تصاعد الأوضاع السياسية المزرية نحو العرب تشابكت علاقة مشتركة بين المرآة والرجل للخوض في نتاج ألازمات العنصرية التي كانت تبرزها السياسة البريطانية بشكل مستمر…
مع حلول النكبة عام 1948 ترافق وجود مجتمع لاجئ في الشتات..
دور المرآة في هذه الحقبة الزمنية كانت قاسية ومؤلمة مثل اضطرار البعض منهم العمل الميداني ومكافحة آفة البطالة والعوز من ناحية ودخول الحكم العسكري وما شهدته البلاد من جور…
أسهمت المرأة الفلسطينية في ظل هذه ألأحداث بصورة واضحة لتمسكها بالقومية العربية والتمسك بالهوية وحق العودة إلى وطنها ألأصلي..
ففي المخيمات الفلسطينية مثل عين الحلوة وغيرها أخذت المرأة الفلسطينية وخاصة المثقفة بتعليم ألأطفال وتنشئتهم للمستقبل وبث روح الوطنية بدمائهم وفي عقولهم الصغيرة.. ومنهم من قام بتدريب الفلسطينيات على الإسعافات الأولية كالدكتورة المناضلة صبا الفاهوم التي كانت أبرز أعضاء ألاتحاد العام للمرآة الذي تأسس في القدس عام 1965 ليكون قاعدة لمنظمة التحرير الفلسطينية وممثلا شرعيا وحيدا للنساء داخل الوطن وخارجة وإطارا شعبيا وديمقراطيا يوحد كلمة المرآة الفلسطينية ويوحد صفوفهن للمشاركة في جميع النشاطات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.. نحو السعي إلى دمج المرآة في حركة تحرير وطنها من المحتل وحق تقرير المصير وحق العودة وبناء الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشريف…..


* الكاتب مدير عام أرشيف الناصرة الفلسطيني
..

التعليقات