عرفات الصغير (مسلسل العذاب مع العنصرية)

"إحدى الحاضنات فتحت ملف ابنك ووجدت هناك أنه يدعى عرفات وهو عربي، وتحدثت عن ذلك مع أقرباء لها وهم ايضا لهم أولاد في حضانة الاطفال وكاحتجاج على ذلك اخرجوا ابناءهم من الحضانة لوجود طفل عربي فيها."

عرفات الصغير (مسلسل العذاب مع العنصرية)
بعد عدة ايام من وجود ابن فتحي في الحضانة، اتصلت معلمة الحضانة به وقالت: "لدينا مشكلة مع ابنك... وبعد ان علم بقية اولياء الامور بالامر، قام عدد منهم باخراج ابنائهم من الحضانة". وتابعت حديثها قائلةً: "إحدى الحاضنات فتحت ملف ابنك ووجدت هناك ان اسمه عرفات. وتحدثت عن ذلك مع أقرباء لها، وهم ايضا لهم أولاد في حضانة الاطفال، وكاحتجاج على ذلك اخرجوا ابناءهم من الحضانة لأنه يوجد فيها طفل عربي".

الطفل يدعى عرفات وعمره سنة وأربعة أشهر وهو الابن الوحيد لفتحي الوحيدي من سكان مدينة الرملة. عرفات، الذي كان قبل عدة اشهر طفلا رضيعا، ليس مصابا بالتهاب رئوي، انفلونزا، ايدز او أي مرض معد آخر- لا سمح الله-. مشكلته الوحيدة انه طفل عربي يعيش في اسرائيل.

والده فتحي، معيل وحيد يعمل في مكانيّ عمل، ستة ايام في الاسبوع، ولذلك يتواجد في البيت ثلاث ساعات في اليوم فقط: بعد ان يعود الى البيت من المستشفى الذي يعمل فيه كممرض، وقبل ان يخرج الى العمل كمسؤول طاقم عمال دهان في "ماعتس". "في الحي الذي اسكن فيه لا توجد حضانة لجيله (سنة ونصف)، توجد حضانات فقط من جيل سنتين فما فوق. كنت مضطرا ان اضعه في الحضانة، لأنني اعمل في مكاني عمل خلال اليوم، ووالدتي التي تسكن معي، مسنة ولا قدرة لها على رعايته. اريد له ان يتطورّ ويتعرف على العالم. في الرملة نفسها توجد حضانات عربية ولكن لا توجد سفريات منظمة للحي الذي اسكن فيه، لا خصوصية ولا عمومية. ولذلك كنت مضطرا ان اضعه في حضانة يهودية".

لمن لا يعرف، الرملة مدينة تقع بين تل ابيب والقدس، احتلت عام 1948 من قبل الجيش الاسرائيلي. تأسست المدينة في سنة 716 ميلادية في عهد الخلافة الأموية، ومنذ ذلك الحين كانت لها اهمية اقتصادية، اجتماعية وإدارية كونها تقع في وسط فلسطين وعلى الطريق بين تل ابيب والقدس وبين مصر وسورية. منذ احتلالها وطرد قرابة 93% من سكانها العرب إبان النكبة، بقي في الرملة 1،500 مواطن عربي فقط.

وفق احصائيات سنة 2006، يعيش في الرملة، وهي مدينة مختلطة، قرابة 64,100 مواطن، 47,900 يهودي و 14,200 عربي وألفا مواطن من مجموعات أخرى. الجزء الأكبر من المواطنين العرب في المدينة يسكنون في حي الجواريش، ومعظمهم ينتمون للطبقة الاجتماعية-الاقتصاية الضعيفة بشكل خاص (معدل الدخل للفرد في الجواريش هو 848 ش.ج، مقابل 1,846 ش.ج المعدل القطري). ويكفي لكل انسان جولة في سيارة من مدخل الرملة وحتى الحي الموجود على هامش المدينة كي يرى الفجوة في مستوى الحياة بين السكان اليهود والعرب. المباني الشاهقة والمراكز التجارية من جهة، ومن الجهة الثانية بيوت من اسبست وصفيح. حتى الشوارع والارصفة في الحي غير مدهونة، وفي هذا السياق يروي فتحي: "انا شخصيا تطوعت لدهن الشارع الرئيسي في الجواريش لأني اعرف المجال كجزء من عملي (في ماعتس). في احد الايام استيقظت الساعة الثالثة فجرا على صوت صراخ وشتائم، وعندما خرجت لأرى ما الامر، رأيت مقاول دهان يصرخ على عماله لأنهم دخلوا الى الشارع الرئيسي في الحي وقاموا بدهنه". يضحك فتحي ويستطرد: "كان هؤلاء طاقم دهان قاموا بدهن الشوارع من جديد وعندما وصلوا الى الحي ورأوا الدهان الموجود (الذي نفذته انا)، اخذوا يدهنون ولم يعلموا ان حي الجواريش غير مخطط للدهان بتاتا".
عرفات، ابن فتحي، يعيش دون ام منذ كان ابن اربعة اشهر بسبب طلاق والديه. ولأنه لا توجد حضانات في حي الجواريش لسنه، بحث له والده عن حضانة توفر السفريات للحي الذي يقطنه، لكنه لم يجد؛ الحضانات العربية لا توفر سفريات بتاتا، والحضانات اليهودية توفر سفريات للرملة اليهودية فقط. ورغم ذلك، كان مستعدا ان يدفع مبلغا اضافيا للحضانة اليهودية لكي تأتي وتنقل ابنه عرفات من حي الجواريش، ولذلك بحث له عن حضانة يهودية..وخلال رحلة البحث عن حضانة تناسب ابنه، اصطدم فتحي بتمييز واضح من طرف الحاضنات واولياء امور الاطفال اليهود في الحضانة على خلفية كونه عربيا. ويتحدث فتحي عن شعوره قائلا: "لقد صعقني ذلك كصعقة البرق. اولا كولي امر لطفل وثانيا كعربي".

في الحضانة الاولى التي ذهب اليها، اخذت الحاضنة تريه الحضانة، وعندما سألته عن عنوانه اجابها ببراءة ودون تردد:"حي الجواريش". وفي اليوم نفسه تماما، بعد عدة ساعات، اتصلت به وقالت له انها متأسفة وبسبب بلبلة طارئة، احضرت حاضنة أخرى طفلا آخر دون معرفتها ولذلك لا يوجد مكان لابنه في الحضانة!!

ومقابل "البلبلة" التي حصلت في الحضانة الاولى، يروي فتحي عن الحضانة الثانية ويقول: "بعد ان عرفت انني عربي قالت لي: انا متأسفة، ولكن لا يوجد مكان اطلاقا لابنك، لأننا نضع في كل صف 32 طفلا وجميع الصفوف مليئة. وبينما كانت تقلب الاوراق المسجل فيها اسماء الاطفال رأيت صفحة اسماء لاحد الصفوف وفيها 23 طفلا. وعندما سألت عن ذلك، ارتفعت نبرة كلامها على الفور وقالت لي: "لا يوجد عندي مكان لابنك، انتهى الامر". ذهل فتحي من جواب الحاضنة لكنه اصر على معرفة السبب الحقيقي الذي يقف من وراء رفض الحضانة قبول عرفات. وبعد ساعتين ذهب الى عمته وطلب منها ان تتصل بالحضانة وتتظاهر بأنها يهودية. "وكما توقعت قالت الحاضنة: لا توجد أي مشكلة، متى تشائين يمكنك ان تحضري ابنك، وكررت مرات عدة القول بأنه يوجد مكان شاغر في الحضانة".
بعد رحلة البحث المذلة، وجد فتحي اخيرا حضانة يهودية لابنه العربي. ومن سخريات القدر، ان تلك الحضانة تدعى "صداقة". ولكن، تبين له انه مضطر لاخفاء هويته الحقيقية وهوية ابنه. اذ اشترط صاحب الحضانة قبول عرفات بأن يدعى في الحضانة بالأسم اليهودي "آدم"، فيما يطلق على فتحي اسم "اريك". كما اشترط ان يكون فتحي-اريك هو الشخص الوحيد الذي يكون له اتصال بالحضانة. ومن باب المغلوب على امره، وافق فتحي على هذه الشروط. واخفيت هذه الشروط عن الحاضنات اللواتي يعملن في الحضانة.

وفي احد الايام، بعد اسبوعين من قبوله في الحضانة، اتصلت شقيقة فتحي بالحضانة وطلبت الحديث مع "عرفات". وكانت على الطرف الآخر من الخط احدى الحاضنات، التي لم تكن تعرف الهوية الحقيقية لـ "آدم". وعندما انكشف السر الكبير، اتصلت مديرة الحضانة بفتحي وقالت له: "احدى الحاضنات فتحت ملف ابنك ووجدت هناك انه يدعى عرفات وأنه عربي. وتحدثت عن ذلك مع أقرباء لها لهم ايضا أولاد في حضانة الاطفال وكاحتجاج على ذلك اخرجوا ابناءهم منها لمجرد وجود طفل عربي فيها". وبعد يومين تحدثت معه ثانية قائلة: "جاء عندي اليوم زوجان وهما ثالث زوجين يأتون الي وسألا فيما اذا كنت اؤوي طفلا عربيا في الحضانة يدعى عرفات. هذا مكان رزق وانا لا استطيع ان أخسر الاطفال الذين عندي، سأبقيه في حضانتي حتى يوم الخميس، وهذا اليوم هو نهاية الشهر ايضا، وعليك ان تدفع لي بشكل منظم حتى تجد لعرفات حضانة أخرى".

وفي هذه المرحلة تطور حوار مثير للاهتمام بين الاثنين:
فتحي: "سآتي على الفور لأخذه ومنذ اليوم سيخرج من الحضانة".
المديرة: "لماذا الآن؟"
فتحي (بغضب): "انا لا اريد ان ينقل عدوى المرض لبقية الاطفال او لا سمح الله يقوم بتعليمهم كيفية اعداد متفجرات".
وفيما كانت تحاول تهدئته، اسكتها بقوله: "كيف تحاولين، من ناحية تهدئتي، فيما تقومين من الناحية الثانية بإهانتي وتقللين من قيمتي لأنني عربي. ابني سيخرج، نقطة".

يروي فتحي ذلك وهو يقدم لي صورة عرفات ليريني اياها، ويقول: "كيف لهم ان يفعلوا ذلك مع طفل لا يتعدى عمره السنة وأربعة اشهر. اين ضمير هؤلاء الناس؟ هل يعقل أن كل ما حصل لابني هو فقط بسبب الاسم؟".

فتحي اطلق اسم عرفات على ابنه لأن والده اسمه عرفات، وهذا تقليد في المجتمع العربي ان يطلق الابن البكر اسم ابيه على ابنه. "انا اطلقت عليه هذا الاسم ليس بسبب ياسر عرفات وليس لأي سبب سياسي آخر انما على اسم والدي- رحمه الله- الذي كان يكنيني قبل موته "ابو عرفات". وأنا لست مستعدا، بأي شكل من الاشكال، أن اقوم بإرضاء موظف دولة او مسجل في مستشفى على حساب ان اغير اسم ابني".

وعندما سألته عن عرفات، ياسر عرفات، اجابني دون تردد: "هذا هو رئيسي ورئيسك ورئيس جميع العرب في البلاد، ابو عمار وليس بيرس او رابين. وحتى اليهود يجب ان يقولوا لنا ذلك كعرب. وفي نهاية المطاف باستشناء بطاقة الهوية التي فرضت علينا، نحن فلسطينيون بكل ما تعنيه الكلمة وإذا سحبوها منا انا متأكد ان الحكومة الاسرائيلية ستتصرف معنا بالضبط كما تتصرف مع الفلسطينيين في قطاع غزة والضفة". ثم أضاف باعتزاز وفخر: "حتى المتظاهرون في الدول الغربية كانوا يرفعون صور عرفات كرمز للنضال والممانعة، ومن انا اصلا كي اكرهه في حين هو جزء من شعبي".

كجزء من الشعب الفلسطيني، المواطنون العرب يعتبرون انفسهم جزءا من الشعب الفلسطيني بكل ما تعنيه الكلمة. ورغم ان اغلبية العرب يعيشون في مدن وقرى خاصة بهم، ومنفصلة عن البلدات اليهودية، فإن دولة اسرائيل دائما اكدت وشددت على التعايش السائد ظاهريا في المدن المختلطة مثل حيفا، عكا، يافا، الرملة واللد. ولكن تحت السطح هذا الامر غير موجود اطلاقا.

هذه ليست المرة الاولى والوحيدة التي لا تقبل فيها حضانة يهودية طفلا عربيا. لقد حدث ذلك في المدارس ايضا، وحتى في بيع الاراضي (راجعوا التقارير السنوية للمؤسسة العربية لحقوق الانسان "على الهامش 2006" و "على الهامش 2005"). وفي الموضوع نفسه، صدر قرار محكمة في سنة 1954 في الولايات المتحدة بشأن Brown v. Board of Education of Topeka، الذي نص على ان سياسة الفصل في مجال التعليم بين البيض والسود هي "تمييزية في أساسها" ("inherently unequal"). واليوم يشكل هذا القرار الصادر من المحكمة قاعدة لمراجعة بعيدة المدى بما يتعلق بالفصل بين مجموعات مختلفة في المجتمع في كل مجالات الحياة، سواء في الولايات المتحدة او في العالم.

ولكن في اسرائيل، حتى في الامور الصغيرة جدا التي يصادفها المرء في الحياة اليومية وحتى البرامج الاستراتيجية للمدى البعيد من قبل الحكومة، يوجد فصل عنصري بين المواطنين اليهود والعرب الذين يعيشون فيها. اضف الى ذلك، انه بعيدا عن الفصل الجغرافي القائم بين السكان اليهود والسكان العرب، تشهد السنوات الاخيرة إقامة أسوار وجدران فصل بين البلدات العربية والبلدات اليهودية، وفي المدن المختلطة بين الأحياء العربية والاحياء اليهودية داخل المدينة نفسها. والهدف من هذه الاسوار والجدران واضح جدا: الفصل بين السكان اليهود والسكان العرب، ومنع التواصل بينهم، وحتى الحيلولة دون ان يرى بعضهم البعض رؤية عين. أحد الاسوار الذي يهدف الى الفصل موجود في مدينة الرملة ويفصل بين حي الفقر الجواريش وبين الاحياء اليهودية الراقية (راجعوا تقرير المؤسسة العربية "خلف الجدران" (كانون الاول 2005).
ويقول فتحي حول هذا الموضوع: "أنا كعربي لا أريد ان يفصلوا بيني وبين اليهود. كما انه لا يمكن الفصل. دعنا نقول ان ابني سيتعلم في روضة عربية فقط، وثانوية عربية ايضا ويعيش طول حياته بين عرب، في نهاية الامر سيتعلم في الجامعة اليهودية التي تدرس بالعبرية، ويعمل بين اليهود الذين يسيطرون على الاقتصاد. لا يهم كيف تضع الامور، في نهاية المطاف العربي في اسرائيل سيعود لليهود. واليوم يخسر العرب الكثير عندما يتعلمون ويعيشون بشكل منفصل لأن مؤسسة الدولة والادوات الرسمية التي يحتاجها كل شخص في الحياة اليومية موجودة في ايادي اليهود". ويضيف قائلا: "نحن نعيش على اراضينا في دولة ليست دولتنا. اذا اردت ولو ابسط شيء من البلدية او المستشفيات او ضريبة الدخل او مكتب الداخلية فإنني مجبر ان اتوجه لمصدر يهودي".

ولكن، رغم العلاقة والدمج اليومي بين المجموعتين، تشير استطلاعات رأي جديدة الى ارتفاع دراماتيكي في مستوى عنصرية الجمهور اليهودي تجاه السكان العرب. ويستدل من تقرير مركز مكافحة العنصرية، الذي نشر في آذار 2007، ان هناك ارتفاعا بنسبة 26% في الحوادث العنصرية تجاه المواطنين العرب بالمقارنة مع سنة 2006. أضف الى ذلك ان استطلاعات الرأي تشير الى ارتفاع بنسبة 100% في مشاعر كراهية الجمهور اليهودي تجاه العرب. وفي التقرير الذي نشرته جمعية حقوق المواطن في اسرائيل ("حقوق الانسان في اسرائيل، صورة وضع 2007") نشرت نتائج استطلاع رأي سنوي يتعقب "مؤشر العنصرية" في المجتمع الاسرائيلي. ويظهر من الاستطلاع ان 49.9% من الجمهور اليهودي يشعرون بالخوف عندما يسمعون اشخاصا يتكلمون بالعربية في الشارع، 31.3% يشعرون بالاشمئزاز، 43.6% بعدم الارتياح و 30.7% بالكراهية. وقد أظهر معطى آخر، وهو ايضا يشير الى نمط التفكير المبني على الآراء المسبقة التي تجذرت لدى أجزاء كبيرة جدأ من السكان اليهود في اسرائيل- أظهر ان 75.3% من المستطلعين في ذلك الاستطلاع صرحوا بأنهم لا يقبلون السكن في بناية مشتركة مع عرب (راجعوا ايضا في هذا الموضوع تقريرا في صحيفة هآرتس "أرقام قياسية جديدة في العنصرية والمس بحرية التعبير"، (8/12/2007).

عندما يتجول المرء في الرملة فإنه يرى العنصرية، التي تنخر في الديمقراطية الاسرائيلية، في كل مكان في المدينة. وفي الرملة كمدينة مختلطة، كان من المتوقع رؤية الحياة المشتركة بين اليهود والعرب، الا اننا نجد هناك ظاهرة الرفض، الفصل والاغتراب من قبل السكان اليهود. وعندما سألت فتحي فيما اذا كان يشعر ان اليهود لا يريدونه هنا في الرملة، أجاب دون تردد "طبعا. وهذا امر يمكن استخلاصه من أفعالهم على أرض الواقع. حتى في الاحاديث الهامشية في غرفة الطعام في العمل، زملائي اليهود لا يقولون انهم يؤيدون "الترانسفير" ترحيل العرب من دولة اسرائيل، لكنهم يقولون لي أنهم يصوتون لليبرمان[1]!!".
هذا الحادث ليس الحادث العنصري الاول ولن يكون الاخير الذي يصطدم به العرب في اسرائيل. وبالذات عندما تجد هذه الظاهرة دعما قويا لها لدى رجال المؤسسة وأصحاب النفوذ. وخير مثال على ذلك نجده في التفوهات العنصرية التي اطلقها رئيس بلدية الرملة يوئيل لافي، عندما قال: "أنا لن أغير اسم شارع من اجل ارضاء جمال ما او محمد ما. فليغيروا هم الههم. فليذهبوا الى الجحيم"، هكذا قال لمراسل الصحيفة المحلية "ايلون"، رون فاينرايخ. وكان المراسل قد اتصل برئيس البلدية لأخذ رده بخصوص توجه جمعية عربية، طلبت تغيير اسماء الشوارع في المدينة القديمة، التي تقطنها اغلبية عربية، لأسماء لها علاقة بالتراث العربي. فقال لافي ردا على ذلك: "يهم من هذا الامر؟ في الجواريش اطلقوا اسماء عربية. نحن لن نمس بتراث الحركة الصهيونية من اجل احد ما جاء ليسكن في شارع "همعبيليم". وإذا كان هذا الأمر لا يروق له، فليذهب للسكن في جلجولية، فهناك سيجد اسماء عربية".

واليوم، وجد فتحي لابنه حضانة في الرملة، ويجب القول- يهودية، وهو يعبر عن رضاه التام منها. ويقول: "لماذا كان يجب ان امرّ كل رحلة الاذلال هذه. فقط الله يعلم. ولكنني اشعر بالرضا، حيث ما زال هناك اناس يتمتعون بالنزاهة والقيم الانسانية، اذ اعطوا ابني ما هو مطلوب له".

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: اذا كانت الاخوّة والمساواة والعدالة غير قائمة بين الاطفال في اسرائيل، فكيف ستتحقق بين الكبار؟!


* البحث جاء ضمن مفكرة التمييز الذي تصدره المؤسسة العربية لحقوق لاإنسان
_________________
[1] ليبرمان هو عضو كنيست، رئيس الحزب اليميني المتطرف "يسرائيل بيتينو" (اسرائيل بيتنا)، وحتى شهر كانون الثاني 2008 كان نائبا لرئيس الحكومة ووزيرا لشؤون التهديدات الإستراتيجية. طوال سيرته السياسية، حرض ليبرمان على المواطنين العرب في إسرائيل وتهجم على قيادتهم الوطنية ودعا إلى تهجير كل من لا يعتبر إسرائيل "دولة يهودية صهيونية" ولا يعتبر النشيد الوطني الإسرائيلي ("هتكفا") نشيده. ويرى أن هدف الصهيونية هو الحفاظ على دولة ذات قومية واحدة، هي اليهودية، وأن وجود اقلية أخرى كبيرة – الأقلية العربية – يتناقض مع هذا الهدف، ويناقض رؤيته في وجوب الحفاظ على الدولة اليهودية "النقية". ويطالب المواطنين العرب في إسرائيل بإعلان الولاء لدولة إسرائيل وأداء الخدمة الوطنية ويهدد بترحيل من يرفض ذلك إلى مناطق السلطة الفلسطينية. راجعوا تقرير المؤسسة العربية "على الهامش 2006"، الفصل السادس.

25/1/2008

التعليقات