استمرار تراجع نسبة الطلاب العرب من مستحقي شهادة "البجروت"..

د.زحالقة: إثنان من كل 3 شبان عرب لا يحصلون على البجروت، ما يعني أننا مجتمع في أزمة * د. أبو عصبة: الوضع كارثي والنتائج تشير إلى فشل ذريع متواصل ومقلق..

استمرار تراجع نسبة الطلاب العرب من مستحقي شهادة
تشير معطيات وزارة المعارف التي نشرت اليوم، الخميس، إلى أن نسبة مستحقي شهادة إنهاء الثانوية "البجروت" قد تراجعت في السنوات الأربع الأخيرة من 49.2% إلى 44.4%، في حين تشير المعطيات إلى أن نسبة مستحقي "البجروت" لدى الطلاب العرب قد تراجع إلى 31.94%.

وبحسب معطيات وزارة المعارف فإن 116,415 طالبا في جيل 17 عاما درس منهم 79.2% في صفوف الثواني عشر، وتقدم منهم 72% إلى امتحانات البجروت، إلا أن نسبة مستحقي الشهادة لم تتجاوز 44.4%.

تجدر الإشارة إلى أن وزارة المعارف في السنوات الأخيرة، وفي محاولة لرفع نسبة الحاصلين على شهادة البجروت، تأخذ بالحسبان نتائج الموعد الشتوي للبجروت، حيث يستطيع الطلاب تحسين علاماتهم.

كما تشير المعطيات إلى الفجوات الكبيرة القائمة في تحصيل الطلاب، حيث تصل نسبة مستحقي شهادة البجروت اليهود (بدون الحريديين) إلى 59.74%، في حين لا تتجاوز نسبة 31.94% لدى الطلاب العرب.

وتعزو وزارة المعارف التراجع المتواصل في نسبة مستحقي شهادة البجروت في السنوات الأخيرة إلى ارتفاع نسبة التسرب من التعليم أو عدم التقدم لامتحانات البجروت لأسباب مبدئية، مثل الطلاب اليهود الحريديين، أو الطلاب من سكان القدس الشرقية.

وتشير المعطيات إلى أن نسبة النجاح لدى الطلاب اليهود قد تراجعت في السنوات الأربع الأخيرة من 70.86% إلى 61.3%، في حين ارتفعت نسبة الطلاب الحريديين وطلاب شرقي القدس من 11.8% إلى 17.63%.

ونقل عن المدير العام لوزارة المعارف، شمشون شوشاني، قوله إن هناك "ثباتا في نسبة مستحقي شهادة البجروت في وسط الطلاب اليهود، مقابل تراجع معين لدى الطلاب العرب".



تجدر الإشارة إلى أن معطيات وزارة المعارف، التي نشرت العام الماضي إلى أن المدارس العربية واليهودية الدينية (الحريدية) كانت في أسفل سلم النجاح في امتحانات البجروت. وأشارت المعطيات أيضا إلى تراجع في نسبة النجاح في البجروت لدى الطلاب العرب في السنوات الأخيرة.

كما تبين أنه في عدد من المدن المختلطة حصل الطلاب العرب على نتائج أفضل في الامتحانات من النتائج التي حصل عليها الطلاب اليهود. وعلى سبيل المثال فقد بلغت نسبة نجاح الطلاب العرب في عكا في العام الماضي 50.9%، مقابل 37% في وسط الطلاب اليهود.

وأفادت التقارير أن المعطيات تعكس إلى حد كبير الوضع الاقتصادي الاجتماعي، حيث تشير إلى أن البلدات العربية تحتل أسفل القائمة، إلى جانب البلدات التي يسكنها المتدينون (الحريديم) مثل "بني براك" ومستوطنة "بيتار عيليت". يذكر في هذا السياق أن 36% من الطلاب المتسربين كانوا عربا، وهي نسبة أعلى بكثير من نسبة الطلاب العرب التي تصل إلى 25%.

وتؤكد هذه المعطيات على أن جهاز التربية والتعليم فشل في تقليص الفجوات بين الطلاب وبالتالي فشل في جعل نتيجة النجاح في البجروت مماثلة. كما تشير إلى أنه في السنوات الأخيرة بالذات قد اتسعت الفجوات القائمة. حيث أن وزارة المعارف تقسم البلدات إلى مجموعات بحسب تدريج اجتماعي اقتصادي. ويتضح من تحليل المعطيات أن في السنوات ما بين 2001-2007 كان هناك ثبات في نسبة نجاح الطلاب الذين يعيشون في أعلى سلم التدريج الاجتماعي الاقتصادي، والتي تراوحت في حدود 64%. وفي المقابل، فإن يتم تسجيل تراجع بشكل متواصل في البلدات الضعيفة.





وعقب النائب د.جمال زحالقة على النتائج بالقول إن نسبة مستحقي البجروت في تراجع مستمر في السنوات الأخيرة، وتجاوزت نسبة التراجع 15%. وهذا يعود إلى تقليص كبير في الميزانيات المخصصة للتعليم، وتعميق التمييز ضد المدارس العربية، وتقاعس السلطات المحلية العربية عن الاهتمام بشؤون التربية والتعليم.، إضافة إلى أجواء اجتماعية تهمش الاهتمام بالدراسة والتدريس، وينعكس ذلك في التحصيل المنخفض للطلاب الذكور مقارنة بالطالبات.

وأشار النائب زحالقة في هذا السياق إلى أنه في السنة الدراسية السابقة كانت نسبة الطالبات الحاصلات على شهادة البجروت تشكل أكثر من 60% من مجموع الطلاب العرب، مقارنة بأقل من 40% لدى الطلاب الذكور. وقال: "على مجتمعنا الذي اجتاز بامتياز قضية تعليم الإناث وحقق فيها نجاحا كبيرا أن يهتم بكارثة التحصيل المنخفض للطلاب الذكور في التعليم عموما، وفي كل المواضيع بلا استثناء".

وقال إنه يعكف على إعداد دراسات حول هذا الموضوع وإثارته على كافة المستويات، وذلك بعد دراسة المعطيات الرسمية للنتائج الدقيقة في السنوات الأخيرة.

وأضاف زحالقة: إذا كان إثنان من كل 3 شبان عرب لا يحصلون على شهادة بجروت، فنحن مجتمع في أزمة راهنة ومستقبلية، حيث أصبح الحصول على الشهادة بمثابة تأشيرة دخول إلى المجتمع العصري في القرن الحادي والعشرين".

وقال: "هذه النتائج وحدها هي مؤشر إلى تعمق الفقر والجهل والتهميش أكثر فأكثر في مجتمعنا، ويجب أن نواجه هذه المشكلة على صعيدين؛ الأول داخلي يتمثل برد الاعتبار للتعليم، وخاصة تعليم الذكور، والثاني خارجي ويتمثل بمواجهة سياسات السلطة وتشكيل حالة ضغط حقيقي لرفع مستوى التعليم العربي".



ومن جهته قال د.خالد أبو عصبة، مدير معهد "مسار" للأبحاث الاجتماعية، إن النتائج تشير إلى فشل ذريع في جهاز التربية والتعليم. وهذا الفشل يتواصل منذ سنوات عديدة، والمقلق أنه في السنوات الأخيرة أن الفارق في عدد الحاصلين على شهادة البجروت بين الطلاب اليهود والعرب قد ارتفع من 20% إلى أكثر من 28% لصالح الطلاب اليهود.

وأضاف د. أبو عصبة: "نحن نتحدث عن نتائج بجروت بغض النظر عن جودة شهادة البجروت (من جهة عدد الوحدات التعليمية)، فهناك ما لا يقل عن 20% من الطلاب العرب من الحاصلين على شهادة البجروت لا يستطيعون مواصلة التعليم العالي بسبب جودة الشهادة، مقابل نسبة لا تتجاوز 10% لدى الطلاب اليهود".

وأشار أن هذا الوضع الكارثي يزداد سوءا إذا ما أخذنا بعين الاعتبار ظاهرة الغش في الامتحانات في الوسط العربي، والتي تصل إلى أربعة أضعاف ما هي عليه لدى الطلاب اليهود.

وتابع أن الأمر الفظيع هو أن الفارق بين الطلاب الذين يتعلمون في صفوف الثاني عشر مقارنة مع الحاصلين على شهادة البجروت يصل إلى أكثر من 10% في التعليم العربي، بينما لا تتجاوز 3% في التعليم العبري، بمعنى أن غالبية الطلاب اليهود الذين يتعلمون يتقدمون لامتحانات البجروت.

وأشار في هذا السياق إلى أنه يجب الأخذ بعين الاعتبار أن 41% من الطلاب في المدارس الثانوية العربية يتقدمون لامتحانات البجروت، مقابل نسبة تصل إلى أكثر من 65% في المدارس اليهودية.

وقال د.أبو عصبة إن هذه المعطيات تشير إلى كارثة في التعليم العربي، وإلى انعكاسه على التعليم العالي وعلى الحراك الاجتماعي والاقتصادي والثقافي والسياسي، الأمر الذي يتطلب من النخب، ليس الثقافية والاجتماعية وإنما السياسية أيضا، أن تتحمل جزءا من هذه المسؤولية.

ولفت أبو عصبة إلى أن مصادر الاستثمار في التعليم تعتمد على أربعة مصادر؛ وزارة المعارف والحكم المحلي والمجتمع المدني والأهالي. وأضاف أنه في حين يستثمر في الطالب اليهودي 6 أضعاف ما يستثمر في الطالب العربي، فإن هناك جانبا من المصادر تتعلق بالعرب أنفسهم، الأمر الذي يجب عدم إغفاله. وأشار في الوقت نفسه إلى أنه يجب تغيير آليات النضال أمام وزارة المعارف، فالوضع كارثي بالنسبة لمجتمع يسعى إلى الحراك السياسي والاجتماعي والثقافي والاقتصادي في الواقع السياسي الذي نعيشه.

التعليقات