كفر مندا في مواجهة «الفصل الاجتماعي»

في القرن الواحد والعشرين، وجدت اللجنة الشعبية في كفر مندا أنه من الصواب بناء صفوف عواشر للبنات فقط. نعم، الفصل بين الجنسين.

كفر مندا في مواجهة «الفصل الاجتماعي»
أثار قرار اللجنة الشعبية واللجنة التربوية المنبثقة عنها هذا الأسبوع حول فصل صفوف العواشر للبنات عن البنين في ثانوية كفر مندا عاصفة من ردود الفعل في الشارع المنداوي لم تهدأ بعد. وراوحت الردود بين مؤيد ومعارض حيث اعتبرها البعض بمثابة عقابٍ اجتماعي وإنساني، فيما كان الأمر مفاجئًا أنَّ البعض رأى بأنّ الخطوة تأتي „تربوية ناجعة” و „وسبيلاً وحيدًا لمنع الاحتكاك بين الجنسين وتحسين التحصيل لدى الطلاب”.

كثيرون يرون أنَّ هذه الخطوة تعني إعادة العجلة إلى الوراء”وتحديدًا إلى „العصر الجاهلي”، وتذكر بـ „وأد البنات”، كما من شانها أن تترك اثأرا اجتماعية نفسية وإنسانية وخيمة. وتأتي مثل هذه المبادرة لتزيد من القمع وتفرض قيودًا مضاعفة على التقييدات التقليدية القائمة. كما تساءل البعض حول العقلية الذكورية التي تقف خلف المبادرة بأنه يجب التعامل معها كجريمة اجتماعية وإنسانية وان هذه خطوة اخرى من العقاب لا صلة لها بالتربية ولا بالأخلاق.

عالم: „خطوة تاتي للتغطية على فشل جهاز التعليم”

في وقت يحتدم فيه الجدل في البلدة التي تعاني مدارسها تراجعا في التحصيل لدى الطلاب يتردد الكثير من الاهالي الحديث لوسائل الاعلام في هذا الشان لسبب حساسية الموضوع لاسيما وانهم يعتبرون ان جهات دينية تقف خلف هذا القرار الذي اعتبرته أوساط بأنه „متخلف”. ويؤكد البعض أنَّ هذه المبادرة وخلف الكواليس تاتي بدواعٍ „اخلاقية” تتعلق بحالة الاختلاط وحول ذلك يقول الناشط نواف العالم: „علمنا ان الخطوة هي خطوة تجريبية لمدة سنة دراسية سيتم تعميمها في حال نجحت على باقي الصفوف. وان الفكرة مستمدة من نموذج „ناجح” في مدينة ام الفحم. لكنني اعتقد من الخطا الفادح تحويل أبنائنا الى حقل تجارب”.

ويضيف: „نفترض جدلا، انه قد حصل تقدم بتحصيل الطلاب، لكن ماذا عن الآثار التربوية والاجتماعية وحتى النفسية جراء هذا العزل؟ ماذا بالنسبة للالتحاق بالجامعات او التعاطي مع مجالات الحياة المختلفة؟ أعتقد أنَّ المشكلة تتلخص بجهاز التربية والتعليم والحل لا ياتي من خلال الفصل الذي قد يتخذ طابع العقاب مما يستدعي الامر تشكيل لجنة من طاقم مهني وعلاجها بشكل مهني بعيد عن المنطق التجريبي”.

اغبارية: „أنا مع بيئة طبيعية وضد الفصل”

المربية أفنان إغبارية، هي مديرة مدرسة „شيزاف” في حيفا، و ذات باع طويل في العمل التربوي وتؤمن ان البيئة الصحية والطبيعية هي اساس لبناء شخصية واثقة و سوية وتقول: „إن الصف المدرسي يمثل الحال الاجتماعية العامة والطبيعية للمجتمع حيث يسود فيه الاختلاط والتفاعل اليومي بشكل طبيعي، والصف المدرسي يتواجد فيه الطالب والطالبة على مدار 7ساعات يوميًا كاستمرار طبيعي لحياة الطالب كما هي الحال في الحياة الاسرية والحياة العامة”.

وتضيف: „أعتقد انه عندما يتم عزل الفرد عن بيئته الطبيعية هذا يعني فرض شروط عليه. وقد ينعكس هذا في كثير من التصرفات والسلوكيات غير السوية. من تجربتنا في المدرسة وبحكم التخصص لاحد الصفوف في موضوع الكهرباء، لم يتواجد في الصف طالبات واتّضحَ أنَّ الانضباط كان في اسوأ احواله حيث سادَ نوع من الفوضى والفلتان وحتى الكلام البذيء. بينما عندما يكون الصف مختلطًا لايتم ذلك وهذا ما ينطبق على الحياة والجلسات الاجتماعية".

واضافت اغبارية: „اذا كان الموضوع يتم بدافع ديني فانا اعتقد ان في ذلك قراءة غير صحيحة حيث ان في الاسلام كانت المراة الى جانب الرجل تواجه التحديات وبالتالي اعتقد أن أبناءنا يحتاجون الى بيئتهم الطبيعية كما هو في الحياة الاجتماعية العامة".

وفي تعقيبه حول معارضة الأهالي في كفر مندا لمثل هذه الفكرة قال عضو اللجنة الشعبية المربي نواف حوشان، من المبادرين للفكرة إن „السلطة المحلية وقسم المعارف تبنت فكرة اقامة صف عاشر للبنات بداية لكنها فاجئتنا بالاسابيع الاخيرة وغيرت موقفها”.

وتابع: „القرار جاء بعد دراسة طويلة واستعنا بابحاث ودراسات تؤكد الاختلافات بين العناصر النسائية والذكورية وكذلك زيارتنا لمدرسة „خديجة بنت خويلد” في أم الفحم كنموذج ناجح ونحن مؤمنون بالفكرة وطرحنا الفكرة وتوجهنا لاهالي طالبات العواشر لطرح هذا الخيار امامهم وجميعهم سجلوا لصفوف البنات ووقعوا على ذلك وعرضناها على السلطة المحلية وقسم المعارف واخذنا موافقتهم وشرعنا بالاجراءات القانونية الا انهم فاجؤونا مؤخرا وتراجعوا عن قرارهم لاسباب جديدة لم نكن نعلمها بداية.”

التعليقات