التشريعات العنصرية الأخيرة ضد الفلسطينيين في الداخل

-

التشريعات العنصرية الأخيرة ضد الفلسطينيين في الداخل
بتاريخ 28 تموز/ يوليو 2008 صدّق الكنيست على قانون المواطنة (التعديل رقم 9) (صلاحية نزع المواطنة) 2008. ويُمكّن هذا القانون من نزع المواطنة نتيجة عمل فيه خرق للولاء للدولة، بحيث أنّ التعريف الذي يطرحه لهذا المصطلح واسع جدًا، ويتضمن السكن في 9 دول عربيّة وإسلاميّة، حددها القانون، أو في قطاع غزّة. كما يمكّن القانون من نزع المواطنة من دون تثبيت مطلب إدانة سابقة جنائية على "خرق الولاء للدولة". أي لا حاجة أن يتم اتهامك بخرق ولاء الدولة حتى تنزع جنسيتك وبالإمكان نزع المواطنة بدون إجراءات عادلة واستنادا إلى مواد سرية.

يمس هذا القانون الفلسطينيين في الداخل، وخاصةً المواطنين الفلسطينيين الذين انتقلوا للسكن في غزّة ليعيشوا مع أزواجهم/ زوجاتهم الذين ترفض إسرائيل منحهم أيّة مكانة قانونيّة في أعقاب سن قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل في العام 2003، الذي يمنع لمّ شمل العائلات الفلسطينيّة.


بتاريخ 1 تموز/ يوليو 2008 صدّق الكنيست الإسرائيلي على قرار الحكومة بصدد تمديد سريان قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل، لسنة إضافية، هي السابعة حتى الآن، وذلك حتى يوم 31 تموز 2009.

ونتيجة لهذا فإنّ المعاناة الصعبة اللاحقة بآلاف العائلات المتضرّرة من القانون ستتواصل وتطول، حيث أنّه لا يمكن لهذه العائلات تنظيم مكانتها في إسرائيل، أو أنه لا يمكنها تحسين الوضعية المؤقتة الممنوحة للزوج/ة الفلسطيني/ة من سكان الضفة الغربية أو قطاع غزة.
في يوم 30 حزيران/ يونيو 2008 جرى التصديق بالقراءتين الثانية والثالثة على تعديل لقانون أساس: الكنيست (مرشح زار دولة عدوّ خلافا للقانون).

ويسلب التعديل الجديد على "قانون أساس: الكنيست" من كل مواطن زار دول تعرف أنها دول "عدو" –مثل سورية ولبنان والعراق وإيران وغيرها- في السّنوات السّبع التي سبقت موعد تقديم قائمة المرشحين، من دون إذن من وزير الداخلية، -يسلب- حقه في الترشح للإنتخابات للكنيست. وقد قُدم التعديل على قانون الأساس للكنيست، كما ورد في التوضيحات المرافقة للقانون، على خلفية زيارة نواب عرب لعدد من الدول العربية. ويُنظر إلى هذه الزيارات، وفق اقتراح القانون الجديد، على أنها "دعم لكفاح مُسلح ضد دولة إسرائيل".

ويشكّل التعديل الجديد لقانون الأساس مسًّا قاسيًا بالحق في الترشح كحقٍّ دستوريّ. وما يميز هذا القانون هو التفافه على قرارات قضائية سابقة، منها قرار الحكم الذي أمرت فيه المحكمة العليا بإبطال قرار اللجنة المركزية للانتخابات الذي شطب ترشيح النائب د.عزمي بشارة، من ضمن سائر القرارات، في أعقاب زياراته إلى سورية، من خلال التشديد على أهمية الحقّ الدّستوريّ في الترشّح والانتخاب.
يسمح هذا التعديل باستخدام معيار الخدمة العسكرية/المدنية أثناء البتّ في استحقاق السّكن في مساكن الطلبة في جميع المؤسّسات الأكاديمية.

أضِفْ إلى ذلك أنّ القانون يمنح المؤسسات الأكاديمية مساحة تحكيم رأي وتفكير واسعة عند البتّ في الامتيازات الاقتصادية الإضافية الممنوحة للجنود المُسرَّحين، من دون علاقة بالامتيازات التي مُنحت لهم وفق أيّ ترتيب واتفاق سابقين.

وبذلك تكون الكنيست قد التفت أيضا على قرار محكمة في قضية "عدالة" ضد جامعة حيفا بحيث أقرت فيه المحكمة أن معيار الخدمة العسكرية هو غير قانوني.
في يوم 16 حزيران/ يونيو 2008 صدّق الكنيست الإسرائيلي على التعديل رقم 4 على قانون التدبيرات القضائية الجنائية (التحقيق مع المُشتبهين)، 2008، حيث جرى التمديد بأربع سنوات للإعفاء الممنوح بعدم اتباع التوثيق البصريّ والصوتيّ لتحقيقات تجرى مع مشتبه بهم بارتكاب مخالفات أمنية. ويُذكر أنّ الإعفاء من توثيق تحقيقات "الشاباك"، الذي تم تشريعه في العام 2002، كان مُعدًّا في البداية ليكون أمر ساعة مؤقتًا، إلا أنّ التمديد الجديد حوّل هذا الإعفاء إلى أمر سيدوم مدة 4 سنوات إضافية.

إسقاطات هذا الإعفاء هي شديدة الخطورة في كلّ ما يتعلق باللجوء إلى التعذيب، حيث أنّ المشتبه بهم بارتكاب مخالفات أمنية هم أكثر المعرضين لخطر اللجوء إلى التعذيب.

والإعفاء الجارف الذي يوفّره القانون يسري على استخدام آلية أساسية ومتأصلة سعيًا نحو الحقيقة. وهو يُفشل أية إمكانية لتسيير رقابة قضائية فعّالة على عملية التحقيق وعلى شرعية الأدلة التي تُجلب أمام المحكمة خلال مرحلة استيضاح التهمة، ويمسّ مسًّا قاسيًا بحقوق المشتبه بهم في الحرية الشخصية وفي إجراء مُنصف. ويهدف الإعفاء إلى منع مراقبة عمل مُحققي "الشاباك" وتمكينهم من التحقيق مع مشتبه بهم في ارتكاب مخالفات أمنية من دون أن يكونوا خاضعين لرقابة قضائية فعّالة الهدف منها أن تشكل أداة جامحة أمام "الشاباك" من اللجوء إلى وسائل تحقيق لاغية.

ويلقي غياب التوثيق البصريّ والصوتيّ بتبعاته على موثوقية ومصداقية ومقبولية الأدلة المقدّمة ضد المشتبه بهم، حيث أنّ التوثيق الخطيّ يخضع لسيطرة المحققين ويمنع المحكمة من تلقّي انطباع بصدد تصرّف وأقوال المشتبه به ومُحققيه.

وللتوثيق البصريّ والصوتيّ أهمية قصوى في الحفاظ على مصداقية وموثوقية الشهادات في الحالات التي يجري فيها التحقيق بلغة المُشتبه به، بينما يجري توثيق التحقيق بلغة أخرى. وكما هو معلوم، فإنّ الغالبية الكبرى من المشتبه بهم بارتكاب "مخالفات أمنية" هم من الفلسطينيين الناطقين بالعربية، فقط، ولذلك توجد أهمية خاصة في التوثيق البصريّ والصّوتيّ، بالذات في التحقيقات الجارية مع مشتبه بهم كهؤلاء.

ويتعاظم المسّ الذي يُلحِقه الإعفاء المُثبّت في القانون نتيجة لتراكمه إلى جانب سلب حقوق أسرى أساسية أخرى من مشتبه بهم بارتكابهم مخالفات أمنية، ومن ضمن ذلك منعهم من الالتقاء بمُحاميهم، تأجيل عرض المشتبه بهم على قاضٍ، إدارة محاكمة من دون حضور المعتقل، وغيرها. ويعني غياب التوثيق سدّ الطريق الوحيدة القائمة والمُتاحة أمام المعتقل للتبليغ عن استخدام وسائل لاغية أثناء التحقيق معه.

كما أنّ الإعفاء يُميّز على خلفية قومية، في ضوء غياب معايير ذات علاقة تبرّر التمييز والفصل بين المشتبه بهم بارتكاب مخالفات أمنية وبين المشتبه بهم بارتكاب مخالفات جنائية عادية، في كل ما يخصّ واجبَ التوثيق البصريّ والصوتيّ، خصوصًا أنّ الإعفاء، وفق النظر في تحصيلاته، يخلق تمييزًا على أساس قوميّ؛ فالغالبية المطلقة للمُحقَّق معهم في تهم يسري عليها الإعفاء هم من الفلسطينيين.

التعديل رقم 4 على قانون تقييد استعمال وتسجيل أعمال في قطع سيارات مُستعملة (منع السرقة) والذي يمنع مواطني إسرائيل من تصليح سيارة في مناطق السلطة الفلسطينية، جرى التصديق عليه بالقراءتين الثانية والثالثة في الكنيست بتاريخ 31 آذار 2008 بمبادرة عضو الكنيست موشيه كحلون.

ويقضي المنطق الكامن من وراء القانون بضمان مستوى أمان لائق في شوارع الدولة، بما يلائم المواصفات الإسرائيلية، إلا أنّ الافتراض الكامن في أساسه، بأنّ كل سيارة يجري تصليحها في مناطق السلطة الفلسطينية هي سيارة غير صالحة، لم يحظَ بأيّ تدعيم حقائقي خلال بلورة القانون.

وينصّ القانون على منع جارف ضد أيّ نوع من التصليحات، لأية سيارة، في جميع المناطق التابعة للسيطرة المدنية للسلطة الفلسطينية، أي في جميع مناطق الضفة الغربية، باستثناء مناطق المستوطنات، كما أنه يفرض على تصليح سيارة كما هو مذكور أعلاه عقوبة سجن تصل مدتها حتى 3 سنوات، إضافة إلى عقوبات تتمثل في إلغاء رخصة السيارة وإلغاء رخصة السياقة.

ويهدف هذا القانون، أولا وأخيرًا، إلى المسّ بمصادر رزق أصحاب الكراجات الفلسطينيين خصوصًا، وبالاقتصاد الفلسطيني عمومًا، وهو جزء من منظومة قوانين تهدف لخلق عزلة اقتصادية ضد السّكان الفلسطينيين في المناطق المحتلة وإلى إحداث فصل عنصريّ، هو غير قانونيّ بالتأكيد.
قانون حبس محاربين غير قانونيين (تعديل) 2008، يضيف إلى صعوبة وشدّة ظروف حبس المحاربين الذي وقعوا في الأسر الإسرائيلي، ويشكّل استمرارًا للسياسة التي تلتفّ على القوانين الدولية الإنسانية التي تنظّم موضوع أسرى الحرب وتحدّد مكانتهم وحقوقهم أثناء الأسر والعمليات الإجرائية المتعلقة بمحاكمتهم، والتي أدّت (هذه السياسة) إلى تشريع القانون الأصلي في سنة 2002.

وينفي القانون حقوقًا أساسية تخصّ أسرى الحرب (وفق تعريفهم في القانون الدولي)، مثل: الحقّ بالتواجد في المداولات، علانية المداولات، تأسيسات قرائنية صلبة للتهم الموجهة ضدهم وغيرها.

ويمنح القانون الجديد لتعديل القانون، والذي تبلور على خلفية الحرب الثانية على لبنان والوضع في غزة، صلاحية للجيش بمنع هؤلاء الأسرى من التقاء مُحاميهم لفترات طويلة تصل حتى 21 يومًا بعد احتجازهم.

ويشكّل اقتراح القانون الجديد مسًّا صارخًا بحقّ هؤلاء المعتقلين الأساسي بإجراء مُنصف وبمنع الاعتقال الإعتباطيّ، والممنوح لكلّ إنسان معتقل وفق البند رقم 9 من المعاهدة الدولية للحقوق المدنية والسياسية الصادرة في العام 1966، كما يمسّ واجب توفير المعاملة الإنسانية والمُنصفة لأسرى الحرب، المُثبت في ميثاق هاغ من العام 1907.

من الجدير بالذكر أنّ القانون الدوليّ لا يحوي فئة "محاربين غير قانونيين"، وهو تعريف ناتج عن الاحتلال الإسرائيلي يأتي كي يلتفّ على حقوق المحاربين أثناء الحرب، المضمونة وفق ميثاق هاغ ووفق قوانين حقوق الإنسان.
إقتراح قانون لتعديل أمر السّجون (تقييد زيارة سجين أمنيّ) 2007: سلب حق الأسرى الفلسطينيين وأبناء عوائلهم من زيارتهم في السجون

في تاريخ 23 كانون الثاني 2008 جرى التصديق على اقتراح قانون بادر إليه عضو الكنيست أرييه إلداد، بالقراءة التمهيدية في الكنيست الإسرائيلي، وذلك بدعم جزئيّ من الحكومة.

ويمنح اقتراح القانون وزير الأمن الداخلي تفويضًا بمنع الزيارات عن الأسرى الأعضاء في تنظيمات معيّنة "إذا كان تنظيم إرهابي يحتجز مواطنا إسرائيليا مخطوفًا بحيازته، ومنع عنه زيارة من ممثل عن الحكومة الإسرائيلية، ممثل عن تنظيم إنساني أو فرد من العائلة".

ويشكّل منع الزيارات كما ورد أعلاه خرقًا خطيرًا لأوامر القوانين الدولية ولأوامر القوانين الإسرائيلية. كما يشكل عقابًا جماعيًا ويخرق الحقوق الأساسية في الحرية والكرامة والمساواة والحياة الأسرية.

الغاية من وراء اقتراح القانون هذا باطلة- الإنتقام والردع عن طريق تحويل الأسير إلى رهينة تخضع حقوقه إلى أعمال أو أفشال شخص آخر لا يملك سيطرة عليه. ويكتسب الخرق الكامن في هذه الاقتراح خطورة أكبر في ظلّ الصعوبة الكبيرة القائمة سلفًا في إحقاق حقوق الأسرى الفلسطينيين في زيارات من أسرهم نتيجة للتقييدات الجمّة المفروضة عليهم، ومن ضمنها تقييد الزائرين وتحديدهم بالقرابة الأولى، فقط؛ ظروف الزيارات والحواجز التي تفصل بينهم وبين عوائلهم؛ سياسة الحصار ومنع التجوّل المتكررة مرارًا والمفروضة على أماكن السّكن في المناطق المحتلة؛ تعريف غالبية أبناء العوائل كممنوعين من الدخول إلى إسرائيل، إلى جانب المنع المطلق المفروض عليهم من استخدام الهواتف للحفاظ على علاقاتهم مع أبناء عوائلهم والتقييدات المفروضة على إرسال واستقبال الرسائل. ويعني إلغاء الزيارات في مثل هذه الظروف منعًا شبه تامّ لقدرة الأسير على أن يكون في أيّ اتصال مع عائلته.

إقتراح قانون الأضرار المدنية (مسؤولية الدولة) 2008: محاولة الإلتفاف على قرار المحكمة العليا وإعفاء الدولة من مسؤوليتها عن الأضرار التي ألحقتها بالفلسطينيين في المناطق المحتلة عام 67

في يوم 10 حزيران 2008، صودق على اقتراح قانون الأضرار المدنية (مسؤولية الدولة) (التعديل رقم 8) 2008، بالقراءة الأولى في الهيئة العامة للكنيست. ويسعى إقتراح القانون هذا، الذي بادر له وزير القضاء، إلى منع سكان المناطق المحتلة من إمكانية تقديم دعاوى أضرار ضد قوات الأمن، رغم أنّ الضرر لم يقع نتيجة لنشاطات حربية قتالية.

في سنة 2005 سنّ الكنيست الإسرائيلي قانونَ الأضرار المدنية (مسؤولية الدولة) (التعديل رقم 7)، الذي نصّ على أنّ الدولة لن تتحمّل مسؤولية الأضرار التي وقعت في منطقة نزاع نتيجة نشاط قامت به قوات الأمن أثناء عمليات ليست حربية (قتالية)، إلا أنّ المحكمة العليا قبلت إلتماس "عدالة" وتنظيمات حقوق إنسان أخرى ضد التعديل رقم 7 على قانون الأضرار المدنية وقالت إنّ التعديل المذكور ليس دستوريًا والدولة غير معفيّة من مسؤوليتها على أضرار سببتها قوات الأمن خارج إطار النشاط الحربيّ. والآن، يسعى وزير القضاء إلى الإلتفاف على قرار المحكمة العليا عن طريق التعديل رقم 8 وإعفاء الدولة من مسؤوليتها عن أضرار لحقت بالفلسطينيين سكان المناطق المحتلة.

وتشكل هذه الخطوة تصعيدًا آخر في تنصّل إسرائيل من واجباتها وفق القانون الدولي تجاه الفلسطينيين سكان المناطق المحتلة عام 67. وفي حال إتمام مبادرة التشريع هذه فإنّ الأمر سيؤدي إلى سدّ المسار المتبقي الذي يكاد يكون الوحيد للكشف عن القليل من الموبقات التي يلحقها الإحتلال بالفلسطينيين سكان المناطق المحتلة، والتي لا يجري التحقيق في غالبيتها في المسار الجنائي.

التعليقات