العرب في الداخل قلقون على مصير الضفة ويتحسبون من دفع فاتورة فك الارتباط

العرب في الداخل ينظرون بتوجس تغلفه شكوك الى خطط شارون غداة انتهاء عمليات اخلاء المستوطنين من مستوطنات قطاع غزة الـ21 واربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية

العرب في الداخل قلقون على مصير الضفة ويتحسبون من دفع فاتورة فك الارتباط
ينظر العرب في الداخل بتوجس تغلفه شكوك الى خطط رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون غداة انتهاء تنفيذ المرحلة الاولى من خطة فك الارتباط المتمثلة باخلاء المستوطنين من مستوطنات قطاع غزة الـ21 واربع مستوطنات في شمال الضفة الغربية فهم قلقون على مصير الضفة من جهة ويتحسبون من دفع فاتورة فك الارتباط من خلال مخطط تطوير الجليل والنقب من الجهة الاخرى.

فقد تابع المواطنون العرب في اسرائيل مشاهد اخلاء المستوطنات على شاشات التلفاز التي بثت "دراما تلفزيونية عاطفية" غلب عليها بكاء وصراخ المستوطنين اثناء اخلائهم وتأدية الصلوات وعناق المستوطنين للجنود وافراد الشرطة الذين "ينفذون اوامر حكومتهم" وفي الوقت ذاته يصرخ المستوطنون في وجه الجنود ان "ارفضوا تنفيذ الاوامر" و"يهودي لا يطرد يهوديا".

لكن العرب في اسرائيل كانوا سعداء من اخلاء المستوطنات كونها بعثت في قلوبهم الامل بامكانية زوال الاحتلال.

رغم ذلك الا ان هذه المشاعر كان يشوبها القلق حيال استمرار احتلال الضفة وتوسيع المستوطنات فيها وتضييق الحصار على القدس الشرقية وتهويدها وبناء الجدار العازل وهو ما يجعلهم واثقون من ان فترة التهدئة الراهنة لن تطول.

لهذا السبب ورغم تنفيذ فك الارتباط واخلاء المستوطنات ومشاهد هدم المستوطنات فان العرب في اسرائيل لم يغيروا نظرتهم لشارون الذي ارتبط اسمه بالنسبة اليهم بتاريخ دموي حافل ضد الفلسطينيين.

بل اعتبروا ان خطة فك الارتباط هي خطوة تنطوي على حنكة سياسية تهدف الى ارضاء "الاخ الاكبر" لاسرائيل امريكا وكسب ود اوروبا فيما اسرائيل في الواقع تعمق سيطرتها في الضفة الغربية.
وقال النائب جمال زحالقة انه "من الواضح ان خطة فك الارتباط لم تأت في اطار عملية سياسية وانما في اطار محاولة اسرائيلية لجعل الاحتلال في الضفة وتثبيت الاستيطان فيها اكثر سهولة على الدولة العبرية".

واضاف النائب زحالقة ان "الاعتبارات الرئيسية في هذه الخطة هي اعتبارات المحافظة على اسرائيل كدولة يهودية.

"ومن هنا فهي خطوة استراتيجية جاء توقيتها بسبب الضغط الهائل الذي شكلته الانتفاضة الفلسطينية على اسرائيل كدولة وكمجتمع.

"وربما ايضا كانت لارييل شارون اعتبارات شخصية تتعلق بملفات الفساد ضده".

ورأى زحالقة انه مع انتهاء عمليات اخلاء المستوطنين "تبين ان المستوطنين هم نمر من ورق.

"وتبين ايضا انه حين تقرر القيادة الاسرائيلية والتيار السياسي المركزي في اسرائيل اخلاء المستوطنات فهم لا يشكلون عائقا جديا امام ذلك".

واضاف ان "الحديث عن صعوبات اخلاء المستوطنات هدفها تسويق فكرة للعالم وللقيادة الفلسطينية بان تجعل اخلاء جميع المستوطنات امرا غير ممكن".

وقال زحالقة "لدي معلومات اكيدة بان اليسار الصهيوني قام باقناع بعض القيادات الفلسطينية بضرورة بقاء كتل استيطانية من اجل التوصل الى حل دائم بين اسرائيل والفلسطينيين.

"واثبت تطبيق خطة فك الارتباط ان الادعاء بعدم امكانية اخلاء جميع المستوطنات لم يكن سوى تغليف لمطامع اسرائيل في الارض الفلسطينية".

وتابع زحالقة لافتا الى ان القضية الان تكمن في خطوات سياسية تتلو تنفيذ فك الارتباط وانه "يجب ان نأخذ من خطة فك الارتباط مبدأ اخلاء جميع المستوطنات.

"ونستطيع ان نقول ان هذا الامر ممكن تطبيقه اذا قررت القيادة الاسرائيلية ذلك وان واقع الاستيطان في الضفة الغربية يمكن تغييره ليس فقط من حيث المبدأ وانما من الناحية العملية ايضا".

واضاف ان "الامر ذاته ينسحب على عودة اسرائيل الى حدود الرابع من حزيران/يونيو 1967 .

"ورغم وجود خلافات (بين اسرائيل والفلسطينيين) على ترسيم حدود القطاع الا ان اسرائيل نفسها تدعي انها انسحبت في القطاع الى حدود 4 حزيران/ يونيو ويجب التمسك بهذا المبدأ والعمل على نقله الى الضفة الغربية ايضا".

ورأى زحالقة ان "الامر الاهم هو ان المعركة يجب ان تتمحور حول ما يحدث على الارض في القدس الشرقية حيث تقوم اسرائيل بتكثيف عملية تهويد المدينة وعزلها عن محيطها الفلسطيني وربطها بالكتل الاستيطانية حولها في اطار ما يسمى بمخطط القدس الكبرى الذي يبتر الضفة الغربية الى نصفين ويقطع عمليا أي امكانية للتوصل الى سلام لانه لا سلام بدون القدس".

ولفت زحالقة الى ان "هناك معركة سياسية تتعلق بمحاولات الحكومة الاسرائيلية بالحصول على اعتراف دولي بضم الكتل الاستيطانية اليها".

وتوقع ان "تشتد المعركة في الفترة المقبلة وانها ستتمحور حول الجدار العازل والاستيطان والقدس".

وفيما يتعلق بالمواطنين العرب في اسرائيل قال زحالقة ان "الجهد الاستيطاني الاسرائيلي سينتقل الى منطقتي الجليل والنقب" داخل الخط الاخضر.

واوضح ان هذا الامر "يعني المزيد من مصادرة الاراضي العربية ومحاصرة الوجود العربي في هاتين المنطقتين.

"وكون هذه المهمة ملقاة على عاتق (رئيس حزب العمل) شمعون بيرس شخصيا فانها دليل على عمق الاجماع الاسرائيلي بالنسبة لتهويد الجليل والنقب".

ورأى زحالقة ان "هذه معركة مباشرة للجماهير العربية (في اسرائيل) وعلينا ان نخوضها بكل ما أوتينا من قدرات نضالية وبكل الادوات المتاحة محليا ودوليا".

يشار الى ان زحالقة وغالبية النواب العرب امتنعوا عن التصويت الى جانب خطة فك الارتباط لدى عرضها في الكنيست.

وقال في هذا السياق "نحن في المجمل عارضنا خطة فك الارتباط.

"ورغم سرورنا برؤية اخلاء مستوطنات غزة وشمال الضفة الا اننا نأخذ فك الارتباط رزمة واحدة فيها استمرار الاحتلال مباشرة لمناطق واسعة في الضفة الغربية ومحاولات لضمها لاسرائيل واحتلال من الخارج لقطاع غزة وقلب الضفة الغربية".

وفي رده على سؤال حول ما اذا كان هناك فرق بين شارون ومنافسه على رئاسة الليكود بنيامين نتنياهو قال زحالقة انه "من حيث المبدأ لا فرق بين شارون ونتنياهو".

واردف انه "ربما كان شارون اكثر قدرة من نتنياهو في الحصول على تأييد اسرائيلي وامريكي لدعم المخطط السياسي الاسرائيلي الرامي في نهاية المطاف الى تقسيم الضفة وابقاء القدس تحت السيطرة الاسرائيلية".
من جانبه قال نائب رئيس الحركة الاسلامية داخل الخط الاخضر الشيخ كمال خطيب "نحن نرحب بتحرير كل شبر من الاراضي الفلسطينية واعادته الى السيادة الفلسطينية وهذا ينطبق على الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة".

واضاف الشيخ كمال "لكني لا انظر الى هذا الانسحاب من غزة على انه انجاز كبير يجب ان يشغلنا عن ابجديات ما حصل ولا عن ماذا بعد".

واوضح ان "هناك الكثير من القضايا غير واضحة وهي قضايا جوهرية مثل الحدود والميناء والمطار والاجواء والمياه الاقليمية التي لم يبت فيها".

وتابع ان "عهدنا بالجانب الاسرائيلي انه ينقض وعوده وهناك قنابل والغام كثيرة في الطريق".

وقال انه "علينا الا ننسى ان فك الارتباط هو قرار اسرائيلي ذاتي نابع من مصالح اسرائيلية الى جانب تأثيرات المقاومة الفلسطينية على اتخاذ هذا القرار".

ولفت الشيخ خطيب الى ان "شارون يعتبر ان الشعب الفلسطيني كله لا يوجد فيه شريك للسلام كما يقول ولذلك فهو تجاهل اتفاق اوسلو مثلا".

وابدى الشيخ خطيب قلقه من انتقال القيادة الفلسطينية الى قطاع غزة في اثناء تنفيذ فك الارتباط.

وقال ان "انتقال القيادة الفلسطينية الى غزة كان بأمر من وزيرة الخارجية الامريكية كوندوليزا رايس في يوم 25 تموز/يوليو الماضي".

واضاف ان "من اصغى جيدا الى خطاب الرئيس الامريكي جورج بوش امس لا بد ان ساوره القلق.

"لقد قال بوش ان /على الحكومة الفلسطينية في غزة/ ان تنفذ خطوات وسحب اسلحة المقاومة وما الى ذلك.

"والاشارة الى /حكومة فلسطينية في غزة/ يثير لدينا حالة خوف من ان تبقى القيادة الفلسطينية في غزة من اجل الابقاء على الاحتلال في الضفة".

ورأى الشيخ خطيب انه "يجب الا نتفاءل كثيرا لان الايام القادمة تحمل الكثير من المفاجآت وعلى شعبنا الا ينظر الى غزة بمنظار ضيق وانما عليه النظر بعيدا ومواجهة القادم خصوصا مع تأكيدات شارون المتكررة حول ضم القدس والكتل الاستيطانية بعد ان تخلص من كابوس غزة.

"لكننا رغم ذلك فاننا مطمئنون من ان الشعب الفلسطيني سيواصل المقاومة حتى تحرير ارضه من الاحتلال الاسرائيلي".

وحول تأثير عملية فك الارتباط على المواطنين العرب في اسرائيل قال الشيخ خطيب ان "تاثير هذه الخطة علينا سلبيا للغاية.

"فقبل ايام معدودة نشرت الصحف الاسرائيلية عن التخطيط لاقامة 25 مستعمرة في الجليل والنقب لرفدها بالمستوطنين.

"وهذا يعني تضييق الخناق على البلدات العربية ومصادرة المزيد من اراضي العرب في الجليل والنقب.

"ولذلك فانني ارى اننا سندفع فاتورة فك الارتباط".

من جهته رأى رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية في اسرائيل شوقي خطيب ان "الناتج من خطة فك الارتباط هو تفكيك مستوطنات اقيمت على اراض محتلة وهذا ينسجم مع رأينا".

واضاف "كنا نفضل ان يتم تفكيك المستوطنات وانسحاب الجيش من اراض فلسطينية من خلال اتفاق مع السلطة الفلسطينية لكن هذا لم يحصل والسؤال الان ماذا بعد؟

"لدينا مخاوف بان يكون تفكيك المستوطنات في القطاع يأتي لارضاء المستوطنين واليمين المتطرف من خلال توسيع الاستيطان في الضفة الغربية".

ورأى خطيب ان على الحكومة الاسرائيلية بعد الانتهاء من تنفيذ فك الارتباط ان تجلس مع القيادة الفلسطينية والتوصل الى اتفاق حول القضايا الجوهرية".

وفيما يتعلق بتأثير فك الارتباط على العرب في اسرائيل اشار خطيب بقلق الى مخطط تطوير الجليل والنقب الذي ارتبط بتنفيذ فك الارتباط وبحصول اسرائيل على معونة مالية امريكية لتنفيذه.

وقال خطيب ان "أي تطوير في الجليل والنقب سيكون على حساب الجماهير العربية لان هذا التطوير لا يتطرق الى العرب بل الى اليهود فقط".

واضاف "اننا نطالب بان لا يلحق مخطط تطوير الجليل والنقب اضرارا بنا كجماهير وكبلدات عربية.

"وطالبنا ايضا بتخصيص ميزانيات في هذا المشروع لتطوير البنى التحتية في القرى والمدن العربية والاعتراف بالقرى العربية في النقب التي لم تعترف بها اسرائيل حتى اليوم".

ويشار الى ان هناك اكثر من اربعين قرية عربية في النقب لا تعترف بها اسرائيل ويعيش سكانها في ضائقة شديدة للغاية جراء عدم الاعتراف بها وعدم مدها بالخدمات الاساسية.

ولفت خطيب ايضا الى ان العرب في اسرائيل دفعوا ثمنا باهظا جراء الصراع الداخلي في اسرائيل حول فك الارتباط وتمثل هذا الثمن في مقتل اربعة مواطنين عرب في شفاعمرو بنيران مستوطن ارهابي قبل ثلاثة اسابيع في محاولة لعرقلة تنفيذ فك الارتباط.


التعليقات