المؤسسة العربية لحقوق الإنسان تتهم إسرائيل بتدنيس وتخريب الاماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية

-

المؤسسة العربية لحقوق الإنسان تتهم إسرائيل بتدنيس وتخريب الاماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية
أعلنت المؤسسة العربية لحقوق الانسان عن صدور تقريرها السنوي الرابع حول انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها اسرائيل بحق مواطنيها العرب. وتمحور التقرير، هذه المرة، حول الانتهاكات الاسرائيلية للأماكن المقدسة الاسلامية والمسيحية في البلاد.

جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي، عقد أمس الأول الاثنين، قدم فيه مدير المؤسسة، محمد زيدان، سردًا لأهم المعلومات التي وردت في التقرير.

وقال أن هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها التطرق لهذا الموضوع من زاوية حقوق الإنسان، حيث كان التطرق لهذا الموضوع يتم دائما من الزاوية الدينية.

وأضاف أن المؤسسة رأت أن هنالك ضرورة لبحث هذا الموضوع من زاوية حقوق الإنسان، واجتهدت لإصدار تقرير حول هذا الموضوع، من خلال مشروع الأبحاث والتقارير، الذي تحول إلى تقليد في المؤسسة، حيث تصدر المؤسسة أربعة تقارير سنوية.
وقال أن التقرير سوف يرسل إلى مؤسسات حقوقية دولية وإلى هيئات دولية مثل الأمم المتحدة والإتحاد الأوروبي، للضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها المستمرة للأماكن المقدسة العربية في البلاد.

وجاء في التقرير أن انتهاكات الأماكن المقدسة تتم بعدة طرق، تشمل عدم الاعتراف القانوني بقدسية الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، أو التدمير الكلي للأماكن المقدسة، أو إغلاقها ومنع المواطنين من دخولها، أو تدنيس وانتهاك الحرمات بشكل مباشر، مثل تحويلها إلى بارات ومطاعم، وما إلى ذلك، أو نزع القدسية عنها واستغلالها تجاريا، مثل تحويل المقابر إلى مناطق صناعية، بعد اعتبارها أمكنة غير مقدسة، أو استيلاء مجموعات متطرفة عليها ثم تحويلها إلى كنس، أو منع الترميمات وأعمال الصيانة فيها، واعتقال المبادرين لأعمال الصيانة، أو هدم المساجد بحجة عدم الترخيص، أو طمس المقابر وتجريفها.

وأوصت المؤسسة في التقرير، أن على إسرائيل أن تسهل وتسمح، من خلال التمويل أو من خلال وسائلٍ أخرى، للمجتمعات المدنية الإسلامية والمسيحية بأن تقوم بترميم وتطوير أماكنها المقدسة، وأن تعمل على جلب السياحة الدينية للمجتمعات الإسلامية والمسيحية في داخل إسرائيل، بطريقة تعود بالنفع المباشر على تلك المجتمعات، أن تعترف رسمياً بأن "الأماكن المقدسة" المشار إليها في قانون حماية الأماكن المقدسة للعام 1967 هي أماكن يهودية، إسلامية ومسيحية، وأن تطبق هذا التشريع، ويجب أن يتم انتخاب مجلس الأمناء الذي يدير ممتلكات الوقف الإسلامي في الدولة بصورةٍ مستقلة، وأن يتم اختياره من قبل المجتمع الإسلامي.

كما أوصت المؤسسة بأن تمتنع إسرائيل نهائيًا عن هدم الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، وأن تقوم بالتحقيق الشامل في الاعتداءات وأعمال التدنيس التي تتعرض لها هذه المواقع، وأن لا تمنع المسلمين أو المسيحيين من الصلاة في أماكنهم المقدسة.

وشمل التقرير ملحقا خاصا حول الأماكن المقدسة العربية، من مساجد وكنائيس، التي تم تدميرها ومنع الأهالي من الدخول إليها، منذ عام 1948.

وإليكم تلخيص تقرير المؤسسة:
إبّان إعلان استقلال دولة إسرائيل في أيار 1948، أخذ مؤسسو الدولة على أنفسهم تعهداً واضحاً لا لبس فيه بأن دولة إسرائيل "سوف تضمن الحرية الدينية، الفكرية، التعليمية والثقافية" و- "سوف تحمي الأماكن المقدسة لجميع الأديان."

وقد جاء هذا التعهد بهدف تهدئة القلق الدولي والتخوّف من أن تأسيس الدولة سيؤدي إلى إعطاء امتياز للأماكن المقدسة التابعة لديانةٍ واحدة – هي اليهودية – على حساب الأديان التوحيدية الأخرى (المسيحية والإسلامية)، والتي تعتبر الأراضي المقدسة مهداً لولادتها.

إن ممارسات دولة إسرائيل على مدار الـ 56 عامًا، كما يبين هذا التقرير، هي دليل على أنه لم يتم تجاهل هذا التعهد فحسب، بل أن الدولة شجعت أو دعمت بصورةٍ متعمدة وفعالة تدمير وتدنيس الأماكن المقدسة التابعة للمسلمين والمسيحيين. ويُظهر البحث المفصّل الذي أجرته المؤسسة العربية لحقوق الإنسان ظلمًا جسيمًا ارتكبته الدولة منذ تأسيسها. فقد قامت المؤسسة العربية بإعداد قائمة بجميع المساجد والكنائس المعروفة داخل إسرائيل والتي إما تم دميرها من قبل إسرائيل خلال حرب ألـ 1948 وبعدها أو أصبحت محظورة كليًا على المواطنين العرب المحليين الذين كانوا يؤمونها للتعبّد فيها. وتبين القائمة بأن 250 مكان عبادة على الأقل تعرض للتدنيس والتخريب على أيدي إسرائيل.

ويبدو هذا بحد ذاته مروعاًً للغاية، إلا أن التقرير الحالي يُظهر بأن الظلم مستمر حتى يومنا هذا. وعلى الرغم من المحاولات التي تبذلها الأقلية العربية داخل إسرائيل لاسترجاع وترميم أماكنها المقدسة، إلا أن الدولة مستمرة في صدها وتجاهلها خلال انتهاكٍ صريحٍ وواضح للقانون الدولي المتعلق بحقوق الإنسان والتعهد الذي أخذته على نفسها عند إعلان استقلالها.

في الواقع، كانت إسرائيل، في معظم الحالات، حذرة بأن لا تدمر المساجد والكنائس التي وقعت تحت أيديها في العام 1948: ففي حين دمرت أكثر من 400 قرية فلسطينية، إلا أنها في العادة لم تمس أماكن العبادة. وهذا الأمر، إما يدل على أن إسرائيل اعتبرت أن للأماكن المقدسة مكانة مختلفةً وخاصة أو أنها أخذت بعين الاعتبار احتمال إثارة ردود فعلٍ معادية قد تتعرض لها من قبل المجتمع الدولي إذا لم تظهر احتراماً مناسباً ولائقًا لهذه الأماكن المقدسة.

من ناحيةٍ أخرى، فإن تجاهل وتدمير وتدنيس الأماكن المقدسة التابعة للمسلمين والمسيحيين خلال ألـ 56 سنة الماضية، يُظهر بأن نوايا إسرائيل كانت مشينة ومستهترة. إذ لم يمر أسبوع دون سماع أخبار عن وقوع إساءة لمسجد أو كنيسة أو مقبرة أو مزار، وذلك دون أن يتم معاقبة المرتكبين لهذه الإساءات. وحتى حين ترتكب الإساءات من قبل مواطنين يهود، فإن المسؤولين في الدولة يغضون الطرف، مما يعني أنهم يوافقون ضمنيًا على انتهاك حرمة الأماكن المقدسة التابعة للمسلمين والمسيحيين.

وقد قامت الدولة باتخاذ استراتيجيات مختلفة لمنع المواطنين العرب من محاولة الدخول إلى أماكنهم المقدسة، والاعتناء بها واستعمالها، وذلك من خلال:
لقد تم الإعلان عن معظم أماكن العبادة بأنها "أراضٍ مغلقة" لا يمكن دخولها دون الحصول على تراخيصٍ خاصة من السلطات، وفي الوقت نفسه لم تكن لتعطى مثل هذه التراخيص بتاتًا للمواطنين العرب. كما أن بنايات أخرى أصبحت محظورة على المواطنين العرب بعد أن أُغلقت أبوابها ونوافذها أو تم تطويقها بالأسيجة. ففي قرية حطين تم نصب سياج من الأسلاك الشائكة حول الحدود الخارجية للمسجد الذي ما زال قائمًا منذ 900 سنة كي لا يتسنى للمواطنين العرب الوصول إليه.

وأقفلت أبواب المسجد الكبير في بئر السبع على الرغم من عدد السكان المسلمين المتنامي في المدينة، الذين ليس لديهم أي مكانٍ آخر للصلاة فيه. في حالاتٍ أخرى عديدة، يُمنع المواطنون العرب بصورةٍ فعلية من الوصول إلى أماكنهم المقدسة لأنها تقع الآن داخل مجتمعاتٍ يهودية، إذ يسود جو من التخويف والعداء ضد العرب الذين يحاولون دخول هذه المناطق. فعلى سبيل المثال، تم إنشاء مركز تجاري للتسوق حول مسجد البحر في طبريا، كذلك الأمر في قرية البصة شمال الجليل حيث تم إنشاء منطقة صناعية حول الكنيستان والمسجد الواقعة هناك.في الوقت الذي يحظر فيه على المواطنين العرب الوصول إلى هذه الأماكن المقدسة، يتمتع المواطنون اليهود بحرية الدخول إلى هذه الأماكن دون أية قيود. فقد أُعطي العديد من المزارعين اليهود التعاونيين (الذين يعيشون في الكيبوتسات) أراضي القرى المدمرة وقاموا باستعمال المساجد والمزارات المتبقية كحظائر للمواشي أو مخازن للعلف. ففي شهر نيسان من العام 2004، قام مزارع يهودي بتحويل مسجد عين الزيتونة بالقرب من مدينة صفد إلى حظيرة للبقر، وقد أزال الحجارة التي نقش عليها اسم المسجد وتاريخ بنائه، أما الجدران فقد أصبحت الآن مغطاة بالرسومات والكتابات العبرية.

وفي حالاتٍ أخرى، أعطي أفراد أو مجموعات يهودية الإذن لتغيير استعمال المساجد. ففي عين حوض، جنوب حيفا، تحول المسجد إلى حانة، بينما مساجد عسقلان وقيساريا فقد تحولا إلى مطاعم. وتحول مسجد بسيسو في مدينة بئر السبع إلى حانوتٍ. وفي شهر كانون الثاني من العام 2004، دعت بلدية بئر السبع مقاولي البناء المحليين لتقديم العطاءات لتحويل المسجد الكبير إلى متحف، على الرغم من الالتماس المقدم للمحكمة لتعليق ووقف العمل في المسجد.
سمحت السلطات الإسرائيلية لجماعاتٍ يهودية، والتي تتكون عادةً من مواطنين يهود متطرفين، بالاستيلاء على المساجد والمزارات وتحويلها إلى أماكن يهودية للعبادة، على الرغم من أن هذه المواقع لم تُبطل أبداً قدسيتها من قبل الجهات الإسلامية. فقد تم تغطية قبر في مسجد النبي روبين على الطريق العام تل أبيب-أشدود بالمخطوطات العبرية، ويُستعمل الآن من قبل مصلين يهود. وأفادت التقارير الصحفية أنه في شهر حزيران من العام 2004 اقتحم متطرفون يهود مزار الشيخ سمعان بالقرب من كفار سابا، وقاموا بتجديد القبر الموجود داخل المزار بما يتلاءم مع أعراف الديانة اليهودية وأغلقوا الموقع لكي يتمتعوا وحدهم بدخوله. بعد ذلك، قاموا بوضع الإشارات على الطرق المجاورة لتحديد موقع المكان الجديد للعبادة. قامت الشرطة ومسؤولون في الدولة والسكان اليهود المحليون بتهديد وتخويف المواطنون العرب الذين هجروا من قراهم (لكنهم أصبحوا مواطني دولة إسرائيل) الذين حاولوا ترميم أماكنهم المقدسة أو استرجاعها. ففي قرية المنشية بالقرب من عكا، قامت الشرطة بفرض الغرامات على سيارات أهالي القرية الأصليين من العرب كلما حاولوا زيارة مسجدهم، وتم تهديدهم بالاعتقال عندما حاولوا مواجهة وتحدي سياسة ملاحقتهم. وقامت الشرطة أيضاً بمصادرة أحذية المصلين في المسجد الكبير في بئر السبع عندما حاولوا الصلاة بالقرب من المسجد، وسجن أحد القياديين بقرار محكمة في شهر كانون الثاني من العام 2004 لوضعه لافتة على المبنى تشير إلى أنه مسجد. ومنعت السلطات السكان العرب في الجليل مراراً وتكراراً من الصلاة في مسجد الغابسية القائم منذ 240 عاماً، فقد قامت بإزاحة السجاجيد التي يستعملها المصلين أثناء الصلاة وقاموا باعتقال أحد القياديين. وفي شهر كانون الثاني من العام 2004، تم اعتقال المسؤولين في جمعية الأقصى عندما حاولوا ترميم أحد المساجد في اللد.قوبل المصلون بأقصى عقوبة عندما حاولوا مطالبة السلطات باسترجاع أماكنهم المقدسة. فقد قام أهالي قرية أم الفرج المهجرة، التي تقع شمال شرق عكا، والذين طردوا منها في العام 1953، بالتخييم لعدة سنوات في محاولة لدخول مسجدهم مرة أخرى. وقد طالبوا بوقف استعمال المسجد كحظيرة للماشية من قبل جماعة محلية يهودية تعمل في الزراعة، وتقطن في مستوطنة تدعى موشاف بن عامي. وبعد فترة قصيرة، في شهر كانون أول من العام 1997، تم تدمير المسجد. ولم يحاكم أي شخص، إلا أن مهجري القرية متأكدون بأن جماعة الموشاف هي التي كانت وراء هدم المسجد. وفي حالةٍ مشابهة، تم تدمير المسجد في صرفند في شهر حزيران من العام 2000 بعد أن تم ترميمه واستعماله من قبل السكان السابقين. وفي شهر شباط 2000 قامت جماعة موشاف ياشين بتدمير مسجد قرية وادي الحوارث بعد أسبوعين من ترميمه، ولم يتم ملاحقة أي شخص قانونياً أو قضائياً في كلا الحالتين. والهدف من وراء حالات الهدم غير الرسمية هذه منع المصلين المسلمين والمسيحيين من المطالبة باسترجاع وترميم أماكنهم المقدسة.

إضافةً إلى ذلك، أهملت السلطات الأماكن المقدسة وتركتها عرضة للانهيار والخراب. حيث فقدت الكنيسة الكاثوليكية في قرية البصة طابقها الثاني، والجزء المتبقي من الكنيسة الآن على وشك الانهيار. وهياكل الكنيسة والمسجد في قرية سحماتا - شمال الجليل – أصبحت بدون أسقف. وفي كثير من الحالات قام مواطنون يهود برش الدهان على جدران الكنائس والمساجد وكتبوا عليها "الموت للعرب". ولم يتم عمل أي شيء لوقف التخريب الذي حلّ بهذه المواقع الدينية، ولم تقم الشرطة قطّ بملاحقة المعتدين عليها قضائياً أو قانونياً. ويبدو أن المسؤولين في الدولة غير مهتمين بحمايتها. ففي شهر آذار من العام 2004، أضرمت النيران في المسجد الأربعين في بيسان، وقد ألحقت النيران أضراراً فادحة وجسيمة بالمسجد، بما فيه السقف، مما أدى إلى انهياره. وقامت الشرطة بمصادرة بطاقات هويات المواطنين المسلمين الذين حاولوا تصوير الضرر الذي لحق بالمسجد. وأفادت التقارير الصحفية أيضاً بأن أحد سكان طبريا حاول في شهر حزيران من العام ذاته إضرام النيران في المسجد العمري في مركز المدينة مستخدماً قنبلة يدوية، حيث صاح قائلاً: "لا أريد أن أرى عرباً أو مسلمين أمام عيني... سوف أحرق الكثير منهم!" وكانت هناك محاولات متكررة لحرق المسجد العمري ومسجد البحر المجاور له في طبريا.

وتظهر صورة مماثلة فيما يتعلق بالمقابر الإسلامية والمسيحية، حيث لا تُقدم أية حماية لهذه المقابر، التي أقيمت عليها المباني السكنية وغيرها خلال تجاهلٍ كامل للمشاعر الدينية الإسلامية والمسيحية، وبموافقة سلطات التخطيط.

وقامت السلطات بطمس، بشكل جزئي، مقبرة دير ياسين الواقعة في الأحياء الغربية من القدس لشق طريق رئيسي، ويمكن الوصول إلى الجزء المتبقي من المقبرة فقط عن طريق تسلق سد ترابي. أما القبور فمهملة وغير معتنى بها وشواهدها محطمة. وفي قرية البصة تم نبش القبور بالجرافات فتناثرت عظام الموتى في المقبرة، التي أقيمت فوق أرضها منطقة صناعية. وفي قرية صرفند العمار - غرب الرملة - قامت السلطات بتجريف خمسة قبور لإفساح المجال لتوسيع المستوطنة اليهودية تسريفين، وتم نقل القبور إلى منطقةٍ معينة، وتم تغطيتها بالرمال وطلاؤها بالزفتة لإنشاء ملعب لكرة القدم. وفي شهر شباط من العام 2004، قامت شركة البناء ماعاتس بتدمير جزء كبير من المقبرة في قرية عرب الصبيح عندما قامت بوضع الجرافات فوق القبور، وتم استخدام حجارة الأضرحة المتكسرة في تبليط أرصفة الشوارع ومصارف المياه.

وبعد شهرين، أي في شهر نيسان من العام ذاته، قامت الشركة بوضع الحجارة على القبور في قرية الطيرة المدمرة - جنوب حيفا - تمهيداً لبناء طريق وفق طلب بلدية طيرة الكرمل.
ويظهر عدم احترام السلطات لهذه المواقع المقدسة بشكل جلي من خلال التمييز العلني والصريح ضدها. فعلى الرغم من قانون حماية الأماكن المقدسة للعام 1967، والذي يحمي جميع الأماكن المقدسة "من أي تدنيسٍ أو أي انتهاكٍ آخر"، إلا أن السلطات الإسرائيلية اعترفت لوزارة الخارجية الأميركية بأنها تعترف "فقط بالأماكن اليهودية بموجب قانون حماية الأماكن المقدسة". وهذا ينعكس بشكلٍ واضح في الميزانيات الممنوحة للديانات المختلفة (الإسلامية والمسيحية والدرزية): فعلى الرغم من أن المسيحيين والمسلمين والدروز يشكلون 18% من مجموع السكان، إلا أنهم تسلموا فقط 1.9% من ميزانية وزارة الأديان للعام 2003، حيث لم تخصص الوزارة ميزانية لبناء مكان عبادة واحد لغير اليهود منذ تأسيس الدولة، على الرغم من أن عدد السكان العرب ازداد ثمانية أضعاف منذ ذلك الوقت.

ويظهر التقرير أيضًا بأن هناك قصورًا واضحًا ومستمرًا من قبل السلطات فيما يتعلق بإنشاء مواقع أثرية لغير اليهود داخل إسرائيل، وبأن سلطة الآثار الإسرائيلية تحاول أن تعزز وتشجع الرواية اليهودية في المنطقة. وينعكس هذا في تطوير السياحة داخل الدولة بالتركيز على مواقعٍ يهودية، مثل صفد وطبريا، والتي تحصل على أفضلية وأولوية في المعاملة إزاء المواقع العربية الأخرى، مثل الناصرة وعكا.

وأخيرًا، يظهر التقرير بأن هناك محاولة واسعة النطاق لتخويف وتهديد السلطات الدينية غير اليهودية داخل إسرائيل، كجزء من المحاولات لإسكات معارضتها لمعاملة الدولة للمواقع المقدسة الإسلامية والمسيحية. وتتم ملاحقة القياديين المسيحيين بصورةٍ مستمرة، وذلك من خلال رفض السلطات الموافقة على انتخاب بطريرك الروم الأرثوذكس ارينايوس الأول، الفحوصات الأمنية المكثفة التي أُخضع لها البطريرك اللاتيني ميشيل صباح في المطار وعدم إصدار التأشيرات لعشراتٍ من رجال الدين الكاثوليكيين.

وفي الآونة الأخيرة، أخذت الدولة تمارس سياسة مثيرة للاستياء والقلق تجاه قياديي الحركة الإسلامية وطائفة الروم الأرثوذكس. إذ قامت الأجهزة الأمنية باستهداف الناطق بلسان بطريركية الروم الأرثوذكس، د. ثيودوسيس حنا، وقائد الحركة الإسلامية، الشيخ رائد صلاح. ففي شهر آب من العام 2002، اعتدت السلطات الأمنية على د. حنا خلال المظاهرات التي شارك فيها على الحاجز العسكري بين القدس وبيت لحم، احتجاجاً على الحصار العسكري الإسرائيلي الذي فرض على كنيسة المهد في بيت لحم، واقتادته إلى مركز الشرطة في القدس الغربية لاستجوابه على مدى سبع ساعاتٍ متواصلة. وفي شهر أيار من العام 2003، اعتقلت السلطات الأمنية الشيخ رائد صلاح بعد أن داهمت بيته في منتصف الليل، وهو حالياً لا يزال في السجن ينتظر محاكمته، بعد أن تم إسقاط الادعاءات بأن حركته مرتبطة بالإرهاب، وبدلاً من ذلك تم اتهامه باستعمال التبرعات التي وصلت من خلال قنواتٍ واضحة من الجمعيات الأوروبية والأميركية الإسلامية.

ويظهر التقرير بشكل لا مجال فيه للشك، بأن الهدف من وراء هذه الإجراءات التعسفية الإسرائيلية هو ما يلي: حرمان المواطنين العرب من رموزهم وتراثهم الفلسطيني، كجزء من محاولة أوسع لحرمانهم من هويتهم التاريخية والقومية. القضاء على الدليل لوجود فلسطيني قوي في الأراضي المقدسة يسبق الوجود الإسرائيلي، خوفـاً من أنه إذا كان هذا الأمر واضحاً للمواطنين اليهود، فمن الممكن أن يضعف إيمانهم ببعض المعتقدات المركزية للصهيونية، مثل أن اليهود استوطنوا في أرض معظمها خالية من العرب. الضمان بأن ادعاء دولة إسرائيل بملكية الأراضي المقدسة لا يتم التنازل عنه، وذلك من خلال تشجيع وتعزيز الاعتراف الدولي بالمواقع المقدسة المتنوعة في إسرائيل.

بيد أن هذه الاعتبارات السياسية تتناقض مع توقعات المواطنين العرب والمجتمع الدولي في أن إسرائيل، كوصي (حارس) على الأراضي المقدسة، يجب أن تتصرف بشكل يتم فيه الحفاظ على المواقع المقدسة، بغض النظر عن الاختلافات الدينية. إن مثل هذه الاعتبارات غير الشرعية تنكر الحقوق المحفوظة في القانون الدولي للمواطنين العرب داخل إسرائيل، التي تمنحهم حق أداء الصلاة وممارسة شعائرهم الدينية بحرية والحفاظ على أماكنهم المقدسة.

التعليقات