بعد الكشف عنها؛ مصادر في الشرطة تؤكد أن وحدات المستعربين تفعّل طواقم سرية بين العرب منذ 10 سنوات..

عبد الفتاح: تشكيل هذه الوحدات يندرج في إطار السياسة القمعية والكارثية * مركز عدالة: مجال تخصص هذه الوحدات حدد بحسب الفئة القومية وليس بحسب نوع الجريمة..

بعد الكشف عنها؛ مصادر في الشرطة تؤكد أن وحدات المستعربين تفعّل طواقم سرية بين العرب منذ 10 سنوات..
احتجت عناصر في الشرطة الإسرائيلية على تصريحات المفتش العام للشرطة، دودي كوهين، يوم أمس بشأن تشكيل وحدات مستعربين تابعة للشرطة تنشط في القدس والداخل. وأكدت على وجود طواقم سرية تعمل منذ أكثر من 10سنوات.

ففي أعقاب تصريحات المفتش العام للشرطة، والتي مفادها "عدم وجود بنية استخبارية في الوسط العربي"، انتقدت عناصر في الشرطة تصريحاته، في صحيفة "هآرتس"، ونقل عنهم قولهم إن الشرطة مستعدة بشكل جيد وهي موجودة في صورة ما يحصل في الوسط العربي، على حد قولها.

وبحسب المصادر ذاتها فإن وحدات المستعربين القائمة تقوم بتفعيل طواقم سرية بين صفوف العرب في الداخل منذ ما يقارب 10 سنوات.

وكان قد أقر المفتش العام للشرطة الإسرائيلية عن وجود وحدات مستعربين تابعة للشرطة تعمل سرا بين المواطنين، وخاصة العرب في الداخل وسكان القدس والقرى المحيطة بها.

وكان كوهين قد أقر بذلك أمام مراقب الدولة، القاضي المتقاعد ميخا ليندنشتراوس، قبل شهرين، بادعاء أنه لا يوجد لدى الشرطة "بنية استخبارية لمعالجة الوسط العربي" على حد تعبيره.

وقد كشفت صحيفة "هآرتس" عن تشكيل هذه الوحدة. وأفادت أن وحدات المستعربين التابعة للشرطة تنشط في مدينة القدس وفي القرى الفلسطينية المحيطة بها منذ سنوات، بحجة "إحباط علميات إرهابية". وتوسع نشاط هذه الوحدة إلى مناطق أخرى وإلى مجالات عمل وصفت بأنها "ذات طابع أمني".

وأشارت الصحيفة إلى أنه قبل سنتين، وفي إطار تشكيل الوحدة القطرية الخاصة للتحقيق في الشرطة المسماة "لاهاف 433" بهدف "تنجيع مكافحة الجريمة المنظمة"، جرى ضم وحدة المستعربين الأولى إلى "لاهاف 433"، لكي تكون الذراع العملاني في وسط منظمات الجريمة في البلاد.

وكان المفتش العام للشرطة قد مثل أمام مراقب الدولة، في آب/ أغسطس الماضي، لتقديم شهادته في قضية التصنت. وقال إن هناك تحديات كبيرة تواجه الشرطة في مكافحة منظمات الجريمة. وبحسبه فإنه بعد معالجة أمر عائلتي "دومراني" و"أفرجيل"، لم يتبق أمام الشرطة سوى منظمة جريمة واحدة كبيرة جدا، وهي "منظمة جاروشي". وبحسبه فإن الحديث عن "منظمة ضخمة ولا يوجد لدى الشرطة بنية استخبارية ملائمة لمعالجة الوسط العربي"، على حد قوله.

وبحسب كوهين، فإن الشرطة تسعى بواسطة الوحدة السرية الجديدة إلى تحقيق قفزة استخبارية مستقبلية في السنوات القادمة في مجال تفعيل المستعربين. وقال في هذا السياق "من الصعب جدا على الشرطة العمل في أم الفحم، كما من الصعب العمل في الجواريش في الرملة".
وفي أعقاب توجه عــ48ـرب إلى مركز "عدالة" للوقوف على الوضعية القانونية لتفعيل مثل هذه الوحدة، بعث مركز "عدالة" برسالة عاجلة إلى كل من وزير الأمن الداخلي وقائد عام الشرطة طالبهما فيها بالامتناع عن تفعيل وحدة "المستعربين" الجديدة، التي كشفت عن إقامتها صحيفة "هآرتس اليوم، الثلاثاء، ضد المواطنين العرب في إسرائيل.

كما طالبت الرسالة بنشر تعليمات ومعايير عمل هذه الوحدة بالإضافة إلى التعليمات والمعايير التي تضمن عدم التصنيف العنصري في عمل الشرطة، إذا وجدت كهذه.

وذكرت المحامية أورنا كوهين من مركز "عدالة" في الرسالة أن مجال تخصص هذه الوحدة حدد بحسب الهوية القومية للفئة التي ستنشط داخلها، وليس بحسب نوع الجريمة التي ستكافحها أو أي اختصاص مهني محدد كما هو متبع. كما أن إقامة وحدة في الشرطة بهدف العمل داخل أقلية قومية تخلق شكوكا وتخوفات من تمييز في عمل الشرطة وتصنيف عنصري للمواطنين العرب.

وتزداد هذه التخوفات بسبب النمط الذي تعاملت ولا تزال تتعامل به الشرطة مع المواطنين العرب، وبسبب النظرة المستشرية داخل الشرطة التي ترى بالمواطنين العرب كأعداء.

تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن تقرير لجنة أور التي حققت في أحداث أكتوبر 2000 قد أكد على وجود أفكار نمطية مسبقة تجاه المواطنين العرب حتى عند الضباط الكبار في الشرطة والذين يحظون بتقدير كبير.

وادعت المحامية كوهين أن السرية التي تكتنف الوحدة، والضبابية التي تسود حول طرق عملها، بالإضافة إلى اختيارها العمل بطريقة "المستعربين" تثير شكوكا جدية عن إمكانية قيامها بالمس بحقوق أساسية ودستورية للمواطنين العرب. جميع هذه الإدعاءات بالإضافة إلى عدم وجود صلاحية قانونية مباشرة لإقامة هذه الوحدة تضع علامة استفهام جدية حول قانونية إقامتها واستمرارها.
وفي حديثه مع موقع عــ48ـرب أكد الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، عوض عبد الفتاح، على أن تشكيل مثل هذه الوحدات يندرج في إطار السياسة القمعية. كما أشار إلى أن الإعلان عن تشكيلها يثير علامات استفهام كثيرة في ظل تصعيد السياسة القمعية ضد الفلسطينيين في القدس وفي الداخل.

وقال عبد الفتاح: "عودتنا المؤسسة الإسرائيلية في السنوات الأخيرة، على إتحافنا بين الفينة والأخرى، بضرر تنتجه مصانعها الأمنية وتصرّ على تذكيرنا برؤيتها ونيتها وقرارها بالتعامل مع مواطنيها العرب، على أننا عائقـًا أساسيًا أمام مخططها العنصري".

وأضاف أن استخدام وحدات المستعربين ليس إجراء جديدا، بل هو جزء عضوي من السياسة القمعية وجزء من جهاز السيطرة على عرب الداخل، وهو لم يستعمل فقط ضد أهلنا في الضفة والقطاع على نطاق واسع، خاصة في الإنتفاضة الأولى، بل اعتمد أيضًا في مناطق الـ48، وإن على نطاق أضيق.

وتابع أن الكشف عن توجه المؤسسة الإسرائيلية، باعتماد نظام المستعربين، وبصورة مكشوفة ومفضوحة، وبحجة معالجة الجريمة في الوسط العربي، يُثير علامات استفهام كثيرة في ظل تصعيد السياسات القمعية ضد المواطنين العرب، والرغبة في حصارهم وقمع تطلعاتهم الوطنية والحياتية الطبيعية.

ولفت الأمين العام للتجمع إلى أن المؤسسة الإسرائيلية وأجهزتها المختلفة، تنتقل تدريجيًا وبشكل متسارع، وعلى عكس سياسة الإحتواء والسيطرة، إلى وضع عرب الداخل في إطار مجموعة واقعة تحت الإحتلال، وليس كمواطنين، ومن ثم التعامل معهم بالأساليب المعتمدة من جانب أنظمة الإحتلال. وهي بذلك تكشف عن زيفها وعن طبيعة نظامها العنصري الكولونيالي. كما تؤكد أن الإحتلال في الضفة الغربية ليس إجراءً استثنائيًا في بنيتها بل هو جزء عضوي من بنيتها كدولة عنصرية.

وقال أيضا: "لقد مهّدت إسرائيل بسياستها العنصرية، وإفقارها لعرب الداخل، بعد نهب أرضهم ومصادرة رزقهم وسدّ أفق التطور الطبيعي أمامهم، لإنتشار الجريمة في العديد من البلدات العربية، وفي الوقت نفسه عززت هذه السياسات انتشار الوعي القومي وتوسع حالات الغضب والإستعداد للنضال ضد هذا النظام القمعي".

وخلص إلى القول بأنه وبدل الاعتراف بخطورة هذه السياسة وكارثيتها، فإن ما يجري هو "صب الزيت على النار" مجددًا.

التعليقات