حول الإنتخابات المباشرة للجنة المتابعة العليا: مناظرة بين التجمع والجبهة في حيفا..

مصطفى طه: "تنظيم الأقلية الفلسطينية في الداخل على أساس قومي يقع في صلب برنامج التجمع مقابل رؤية اندماجية، ومعارضة الجبهة المبدئية لذلك تأتي من هذا الباب"..

حول الإنتخابات المباشرة للجنة المتابعة العليا: مناظرة بين التجمع والجبهة في حيفا..
بدعوة من جمعية بلدنا في حيفا، عقدت يوم أمس الأول، الإثنين، ندوة بعنوان "انتخابات مباشرة للجنة المتابعة العليا بين مؤيد ومعارض"، شارك فيها العشرات معظمهم من الطلاب الجامعيين إضافة إلى مصطفى طه، نائب الأمين العام للتجمع الوطني الديمقراطي، وأيمن عودة، السكرتير العام للجبهة الديمقراطية، وعبد عنبتاوي مدير مكتب لجنة المتابعة العليا، وأدارت الندوة الصحافية سماح بصول.

افتتحت الصحافية سماح بصول الندوة، فرحبت بالحضور وقدمت الضيوف المشاركين في الندوة. وتحدث عبد عنبتاوي وقدم مداخلة تخللها لمحة تاريخية حول لجنة المتابعة واللجنة القطرية للرؤساء، وتركيبتها الحالية التي تشكل الأحزاب السياسية العامود الفقري لها، وقال: إن هناك إجماعا لدى مركبات المتابعة جميعًا على أهمية وجود اللجنة كقيادة للأقلية العربية في البلاد، وفي الوقت ذاته هناك إجماع على ضرورة إعادة بنائها من جديد، بحيث تستطيع الارتقاء إلى مستوى التحديات المفروضة علينا وخصوصًا في ظل مثل هذه الحكومة اليمينية المتطرفة التي أخذت تنشر العنصرية يوميًا.

وأوضح أن هناك الكثير من القواسم المشتركة بين مركبات المتابعة في العديد من القضايا، ولكن في الوقت ذاته هناك تباينات عديدة في المواقف السياسية في العديد من القضايا، كالانتخاب المباشرة للجنة المتابعة العليا مثلاً، والتباين الأكثر بروزًا هو بين التجمع والجبهة وسيطرح كل منهما موقفه في هذه الندوة.

وقدّم مصطفى طه، نائب الأمين العام للتجمع مداخلة جاء فيها: "نحن متفقون على ضرورة وجود لجنة المتابعة العليا كهيئة قيادية تمثيلية، ولكننا ندرك في الوقت ذاته أهمية وضرورة إعادة بنائها من جديد لتكون هيئة قيادية فعلية قادرة أن تمثل أقلية تعيش التحديات اليومية في دولة غير طبيعية تتعامل مع مواطنيها كأعداء، وتسهر وتخطط وتضع الكثير من إمكانياتها المادية والمخابراتية لخنقنا وتشويه هويتنا وخصوصًا بين الجيل الشاب".

وأضاف: "طرح التجمع منذ تأسيسه فكرة إعادة بناء وتنظيم لجنة المتابعة من جديد وأوكل المكتب السياسي د. محمود محارب حينها فوضع تصورًا متكاملاً حول الموضوع. فعندما نطرح فكرة انتخابات مباشرة للجنة المتابعة لا نقصد عملية انتخاب بالشكل الميكانيكي السطحي الذي يصوره البعض، بل نتحدث عن مشروع طويل الأمد ويحتاج لسنوات طويلة من التثقيف والتعبئة الجماهيرية، ووضع آليات واضحة بحيث تأخذ الأحزاب السياسية دورًا فاعلاً لرفع جاهزية الناس، وإجراء الانتخابات فيما بعد، على أن تتناول الأحزاب السياسية الرئيسية على رئاسة لجنة المتابعة إلى حين إجراء الانتخابات، ولكن للأسف الشديد عملت الجبهة على عرقلة التناوب مؤخرًا، وتم انتخاب السيد محمد زيدان رئيسًا لها رغم عدم كونه عضوًا فيها".

وتابع نائب الأمين العام للتجمع أنه لا يمكن الحديث عن انتخابات مباشرة للجنة المتابعة العليا بمعزل عن مواقف الأحزاب السياسية فيما يتعلق بتنظيم الأقلية الفلسطينية في الداخل قوميًا، ففي حين طرح التجمع موقفًا واضحًا منذ انطلاق مسيرته أكد فيه على ضرورة تنظيم الأقلية الفلسطينية على أساس قومي بما فيه بناء المؤسسات القومية، ومؤسسات المجتمع المدني، فإن الحزب الشيوعي والجبهة يطرحان موقفًا معارضًا يعتبر فيه كل محاولة من هذا الباب "تطرفا قومجيا" ذا نزعة انفصالية، وفي هذا الموقف فإن التجمع يمثل شقي نقيض يحتل فيه الحزب الشيوعي والجبهة الموقف الإندماجي، وحين كانت تقوم أطر من هذا القبيل كان الحزب الشيوعي يحاول إما احتواءها للسيطرة عليها وفي حال فشل في ذلك يعمل على شلها أو القضاء عليها كما كان حال لجنة الدفاع عن الأراضي، والإتحاد القطري للطلاب الجامعيين العرب وغيرها.

وجاء في سياق مداخلة طه أيضًا أنه في "87% من دول العالم تعيش أقليات قومية أو إثنية أو دينية وفي جميعها تطالب الأقليات بإدارة أمور نفسها بنفسها. فعلى سبيل المثال في الصين هناك (55) أقلية، (44) من هذه الأقليات حصلت على (حكم قومي إقليمي) يمثلون 71% من هذه الأقليات وتعيش على 64% عن أرض الصين، وهذا هو حال الباسك في إسبانيا، والكوبيك في كندا، وغيرها من مئات الأقليات في العالم، فإذا كان هذا حال أقليات تعيش في دول طبيعية فكم بالحري عندما يتم الحديث عن دولة غير طبيعية تتعامل مع مواطنيها كأعداء وكخطر أمني وتشرع القوانين العنصرية اليومية ضدهم، فنحن لا نتجنى على أحد حين نقول إن الساحة الفلسطينية فرزت سياسيًا كما فرزت إقليميًا بين تياري الممانعة والإعتدال. يمثل التجمع تيار "الممانعة" هنا في حين تمثل الجبهة تيار "الإعتدال". وبأن الفرز برز بشكل واضح أثناء العدوان الإجرامي على غزة".

وتابع أنه بنظرة تاريخية إلى الوراء نرى أن الحزب الشيوعي وقف بالمرصاد لكل حركة جاءت تؤكد على هوية الإنتماء القومي والوطني كما كان الحال من حركة الأرض، وحركة أبناء البلد، والحركة التقدمية والتجمع مؤخرًا، فنعتتهم جميعًا بـ"التطرف القومجي". وتساءل طه: "كيف يمكن الحديث عن النكبة مثلاً دون لفت النظر إلى أن الحزب الشيوعي وقع على وثيقة استقلال إسرائيل، ولم يراجع موقفه نقديًا حتى الآن؟! وكيف يمكن الحديث عن النكبة دون لفت النظر إلى أن جزءا من أبناء شعبنا كان يحتفل "بعيد الإستقلال" ويرفع الأعلام الإسرائيلية، وتذهب وفود قيادية رسمية لتهنئة حكومة إسرائيل باستقلالها، أما اليوم فقد أصبح إحياء ذكرى النكبة حدثـًا مركزيًا منذ أن تأسس التجمع وكان المحرك الأساسي لها؟! وكيف يمكن الحديث عن المشاريع السلطوية الهادفة لتشويه شبابنا كمشروع "الشرطة الجماهيرية" دون أن نرى موقف التجمع الذي يدير معارك يومية في جميع المواقع ضدها، في حين نرى أنه أينما وجد رئيس مجلس جبهوي تقريبًا، وجدت الشرطة الجماهيرية؟!

وأنهى طه مداخلته بالقول: "وظيفة الحزب السياسي والقيادة السياسية ليس الاستسلام للأمر الواقع، وإنما التعامل معه بهدف تغييره نحو الأفضل، وحين تهبط جاهزية الناس يأتي دورنا لرفعها، وعند اليأس واجبنا أن نرفع المعنويات وإرغامهم على رؤية الضوء في آخر النفق المظلم، وإذا لم يوجد هذا الضوء علينا خلقه، وعلى كل حال صمد شعبنا في أحلك الظروف، أيام الحكم العسكري البغيض عندما كنا أقل عددًا وعدة، وأقل وعيًا وأكثر خوفًا فكم بالحري اليوم ونحن أكثر عددًا وعدًا وأكثر وعيًا وأقل خوفًا؟!

وفي مداخلته شرح أيمن عودة، سكرتير عام الجبهة الديمقراطية، لماذا ترفض الجبهة انتخابات لجنة المتابعة معللاً أن التحضير لعملية الإنتخابات ليست قضية سهلة، وتساءل: إذا صوّت فقط 30% من أبناء شعبنا ألا نفقد الشرعية؟ وكيف نشغل الناس في انتخابات كهذه وخصوصًا وأنهم يشاركون في انتخابات الكنيست وانتخابات المجالس المحلية، وأما الإقتراح البديل فهو إقامة النقابات المختلفة، كنقابة معلمين عربية وفي الوقت ذاته تحافظ على تمثيلها في نقابة المعلمين العامة، وكذلك الأمر مع النقابات الأخرى.

وفي نهاية المناظرة شارك العشرات في توجيه الأسئلة، وجهت بمعظمها إلى أيمن عودة الذي اعترف في رده على أحد المتسائلين عن الموقف الرسمي للحزب الشيوعي والجبهة من الشرطة الجماهيرية بالقول: "إني أعترف هنا أن الموضوع غير محسوم لدينا، فهناك من يعارض، وأنا أحدهم، وهناك من يؤيد، وسيطرح الموضوع داخل الهيئات الرسمية لاتخاذ موقف واضح بالنسبة للشرطة الجماهيرية خلال الشهر القادم".

التعليقات