رعاة الغنم من عرب النقب يعلنون العصيان المدني..

قوات من الشرطة وحرس الحدود تحاول إخراج الرعاة مع 50 ألف رأس مواشي من منطقة أم خشرم، التي تعرف بمنطقة إطلاق نار "81"، ولكنها تفشل..

رعاة الغنم من عرب النقب يعلنون العصيان المدني..
أعلن رعاة الغنم من عرب النقب البدو العصيان المدني على السلطات الإسرائيلية التي تحاول، حسب تقديرهم، تدمير الثروة الحيوانية للعرب في النقب، والتي تصل إلى نحو 320 ألف رأس من المواشي، غالبيتها غير مسجّلة رسميًا، والتي تشكل مصدر رزق لنحو 1300 عائلة.

وكان العصيان المدني بدأ قبل أسبوع حين تجمع أصحاب المواشي من كل أنحاء النقب في منطقة أم خشرم، الواقعة شمال مدينة رهط – شرقي مفرق بيت كاما – وذلك من أجل العمل على إلزام وزارة الزراعة بأن تبحث لهم عن مراع تكفي مواشيهم بسبب سنة المحل.

وتعتبر هذه المنطقة منطقة إطلاق نار لسلاح الجو الإسرائيلي، والمسماة منقطة رقم 81 – في حين قامت وزارة الأمن بتوزيع أوامر طرد لهذه العائلات ومواشيها، حيث وصلت إلى هناك مئات العائلات ومعها نحو 50 ألف رأس من الغنم والإبل.

وكان الاحتجاج بدأ يوم الخميس الفائت، أي بعد يومين من مصرع الأخوين سالم (21 عامًا) ونايف (13 عامًا) كايد الأطرش، في إنفجار لغم من مخلفات الجيش أصيب فيه أيضاً إبن شقيقهما أشرف فرحان الأطرش (16 عامًا) الذي وصفت حالته بعد العلاج الطبي بأنها متوسطة.

ويقول رعاة المواشي البدو" لو كانت المراعي مفتوحة كما يجب، لكنا لا نحتاج إلى الدخول بصورة غير مراقبة واحتجاجية، وكان على رجال "الدوريات الخضراء" مسؤولية عدم تنقل المواشي بصورة غير مراقبة إلى مناطق إطلاق النار – كما كان عليه الأمر في السنوات الماضية، ما سيمنع الكوارث والمصائب، كما حل بأبناء عائلة الأطرش".

وتجدر الإشارة أنه بسبب شح الأمطار في العام الحالي، لا توجد مراع من مدينة رهط الواقعة في النقب الغربي جنوبًا، بالإضافة إلى أن الجيش قام باغلاق المراعي على طول قطاع غزة، حيث لقي هناك مصرعهما أب وابنه – هما سلام زيادين (60 عامًا) وخالد (16 عامًا) – وهما من عشيرة العزازمة - في نفس يوم الثلاثاء المشؤوم.

منطقة التدريبات العسكرية الواقعة في أم خشرم – والتي تسمى "إطلاق النار 81 " – تقع على مساحة 30 ألف دونم!

ويتم في كل عام تخصيص جزء من هذه المنطقة للمراعي، وذلك بعد أن يقوم أصحاب المواشي بتأجيرها من وزارة الزراعة.

وقد كانت ضائقة أصحاب المواشي هذا العام كبيرة للغاية، حيث توجهوا إلى المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها من أجل العمل على مساعدتهم في حل المشكلة. ويقول المجلس الإقليمي، إنّ الحديث عن مجال آخر يعاني فيه السكان من تمييز صارخ، لكونهم عربًا فقط".

وقد قام المجلس ببعث رسائل إلى وزير الزراعة ووزير الأمن، ونظم تظاهرة الأسبوع الماضي أمام مكتب الوزارة في مفرق غيلات، ولكن كل ذلك لم يجد نفعًا.

من جهتها تدعي وزارة الزراعة أنها تضغط على وزارة الأمن، من أجل تمكين الرعي في أم خشرم – حيث منطقة إطلاق النار – ولكن بدون أن تنجح.

أما الرعاة البدو فيقولون من جانبهم أن وزارة الزراعة لم تبحث عن خيار آخر لهم. في الـ23 من مارس-آذار، في جلسة جمعت أصحاب المواشي، تقرر أن يدخلوا إلى أم خشرم بدون تصاريح، وذلك للتسهيل على الضائقة الكبيرة التي تعاني منها قطعانهم – حيث أن 60 بالمئة من هذه المواشي بدون مراع كافية أو بدون مراع بالمرة. إلى جانب ذلك، يريد أصحاب المواشي العرب بأن يحتجوا على التمييز الصارخ بحقهم.

وبالفعل تم نقل المواشي إلى أم خشرم خلال يومين إن كان مشيًا على الأقدام – من منطقة عراد في النقب الشرقي وحتى الحدود المصرية في الجنوب الغربي، أو بالشاحنتين الوحيدتين التي يسمح لها بنقل المواشي لعرب النقب، وذلك لكي يرغمون السلطات بأن يهتموا بتوجهاتهم.

الرعاة البدو توجهوا إلى كل من يستطيع مد يد العون لهم، من أجل عدم إبقاء مواشيهم دون كلأ لتموت جوعًا.
أما عن عملية منح تصاريح للمراعي، فحدث بلا حرج.. إنها حكومة داخل حكومة، كما هو الحال بالنسبة لكل ما يتعلق بالعرب في النقب، الذين يعيشون بمنقطع عن السلطة المركزية، وكأنهم في عالم آخر..

السلطة المسؤولة عن منح المراعي تابعة لوزارة الزراعة، ولكن أيضًا لـ"دائرة عقارات إسرائيل" من خلال ذراعها "مديرية النهوض بالبدو"، و"الكيرن كاييمت ليسرائيل". أصحاب المواشي يتلقون منطقة رعي بالإيجار أيضًا عن طريق وزارة الأمن. هذا الجهاز المركّب والمعقد يعمل تجاه البدو فقط، في حين تعالج طلبات رعاة المواشي اليهود دائرة واحدة فقط، وليس لموسم المرعى فقط بل طيلة أيام السنة.

علاوة على ذلك، فإن ما يسمى بـ"الدوريات الخضراء" تنضم إلى الجوقة، حيث يصل مفتشوها يوميًا إلى الرعاة البدو ليس من أجل مد يد العون لهم، بل لتضييق الخناق عليهم ومصادرة مواشيهم، إذا دخلت بالخطأ حتى بضعة أمتار داخل ما يسمى "منطقة إطلاق النار" – علمًا بأن 80 بالمئة من أرض النقب هي مناطق إطلاق نار، وبعدها يتم تغريم أصحاب المواشي آلاف الشواكل، لكي يتسنى له تسريح مواشيه من الحجز (الكرنتينه).

ولكن في ايدي هؤلاء الحل أيضًا.. قلنا حكومة داخل حكومة بكل ما يتعلق بغير اليهود.. الرعاة توجهوا إلى مسؤولي "الدوريات الخضراء" الذي رأوا أن في مصلحتهم المصادقة على حصاد المنطقة ليستريحوا من متابعة مواشي البدو، ولكي تكون جميع مواشي البدو في منطقة معروفة سلفًا ليسهل عليهم مراقبتها، فيما إذا لا قدر الله، قامت إحدى النعاج أو النوق بالإعلان عن التمرد أو العصيان المدني، وهربت من صاحبها إلى داخل منطقة نار مسيّجة.. وقد طالب الرعاة أن يتم التصريح لهم بحصاد المنطقة، ودعمت "الدوريات الخضراء" هذا الطلب مقابل وزارة الأمن، حيث الحديث عن حصاد بتكلفة 2 مليون شيكل، حيث سيتم بواسطة هذا الحصاد حل المشكلة. ولكن هنا لم تنته القضية، حيث قام مقاولو الحصاد العرب واليهود، بالسيطرة على المناطق المزروعة، ووقف إلى جانب أصحاب المواشي البدو هذه المرة كل من "الدوريات الخضراء" ووزارة الزراعة.

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل يتم منح أراضي الحصاد بالواسطات؟ حين وصل الرعاة مع رئيس المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها، حسين الرفايعه، يوم الجمعة الفائت، بالتزامن مع المقاولين أعلن الرعاة أنهم سيعارضون دخول ماكنات الحصاد بأجسامهم، وسرعان ما وصلت "الدوريات لاخضراء" إلى المكان مع أمر منع من المحكمة ضد المقاولين – الذين غادروا المكان.
حسين الرفايعه، رئيس المجلس الإقليمي لقرى غير المعترف بها، يقول في حديث لموقع "عرب 48"، إنّ وصول قوات الشرطة وحرس الحدود صباح اليوم، السبت، إلى منطقة أم خشرم وترهيب أصحاب المواشي، هي عملية غير مقبولة عليهم، في غياب خيارات وحلول أخرى.

ويضيف أنه على علم بالخطر الموجود في هذه المنطقة، والتي راح ضحيتها شابان وسط الأسبوع المنتهي، ولكن لا يوجد أمام أصحاب المواشي بديل آخر، عدا الدخول بمواشيهم إلى المنطقة، لارغام الدولة على وقف التمييز الصارخ بحقهم.

ويردف الرفايعه قائلا: "لليهود هناك ما يقارب مائة مزرعة سيتم فتحها لهم على آلاف الدونمات، ومن بين مائة مزرعة تم منح عربي واحد مزرعة، وهي للدعاية والتجميل فقط، لكي لا يقال إنّ هناك تمييزًا. إن سياسة الدولة واضحة للجميع، وهي تحويل هذه الثروة الحيوانية إلى عبء كبير على ظهور أصحابها، وبتضييق الخناق عليهم لكي تصبح هذه العائلات من العاطلين عن العمل وهي سياسة مبرمج لها وواضحة. لقد توجهت إلينا مجموعة من رعاة المواشي ممن تسلطت عليهم الدوريات الخضراء ووزارة الزراعة، ونساندهم في المجلس الإقليمي، وسنصل إلى المحاكم لندافع عن حقوق هؤلاء السكان، ونحن الآن في مرحلة التشاور مع محامي المجلس ومحامين آخرين".

- عرب 48: أفهم إنكم ستتوجهون إلى المحكمة العليا ضد وزارة الزراعة والأمن. السؤال الذي يطرح نفسه، نحن نعلم منذ أكثر من شهرين، إن هناك شح في الأمطار، فلماذا لم تتوجهوا إلى المحكمة العليا في وقت مبكر؟

الرفايعه: "أولا لقد توجه السكان في شهر مارس-آذار إلينا بعد أن رأوا أن الطرق أمامهم مسدودة. ساندناهم فورًا ونظمنا مظاهرة أمام مكتب وزارة الزراعة. لا نستطيع التوجه إلى المحكمة بدون معطيات رسمية، وبدون أن يكون لدينا وثائق بأننا توجهنا إلى المسؤولين ولكنهم لم يقوموا بحل القضية".

يشار إلى أن هذه القضية من مشكلة المراعي للرعاة البدو تعود على نفسها من جديد في كل عام في السنوات الأخيرة، والمطالبة هي أن يتم فتح المراعي أمامهم من بير الشرع في النقب الشمالي وحتى منطقة الجليل. ولكن ذلك لا يتم لهم.

ويتضح من معطيات وزارة الزراعة أن عدد المواشي المسجلة التابعة لعرب النقب تصل إلى 180 ألف رأس، والتي تشكّل مصدر معيشة لنحو 1300 عائلة.

ويتم إخراج 120 ألف رأس من المواشي للمرعي، التي أعلنت وزارة الزراعة عن فتحها مؤخرًا، بسبب شح المياه هذا العام، ولكن هذا التصريح لا يعني منح تصاريح لمئات أصحاب المواشي العرب في النقب. العرب أنفسهم يقولون إنهم يملكون نحو 320 ألف رأس ماشية، وفق ما يقول المجلس الإقليمي للقرى غير المعترف بها.

إنّ مصادرة المراعي تنضم إلى المراعي الواسعة التي تم مصادرتها بواسطة الجيش وتحولت بقدرة قادر إلى أحراش لصندوق "كيرن كاييمت ليسرائيل" وأراضي أخرى تابعة لدائرة "أراضي إسرائيل".

حتى اليوم تم العثور على حل لنحو 73220 رأس غنم من المسجلة، في حين لم يتم العثور لحلول لنحو 50 ألف رأس أخرى من بين المسجلة رسميًا.

التعليقات