مكافحة العنف ضد النساء: مسؤولية مَن؟!

-

مكافحة العنف ضد النساء: مسؤولية مَن؟!
«العنف ضد المرأة» المستشري في المجتمع الفلسطيني في الداخل، وسبل مكافحته والتصدي له، ودور الأحزاب والمؤسسات والجمعيات الأهلية وإسهاماتها في نشر الوعي وبناء مجتمع سليم، ومحاربة الموروث السلبي في مجتمعنا، وتداعيات سياسات السلطات ضد فلسطينيي الداخل وانعكاساتها على البنية الاجتماعية في القرى والمدن العربية والمختلطة وتداخلها مع قضية العنف ضد المرأة. هذا ما ناقشه اليوم الدراسي الذي عقد السبت الفائت في الناصرة في مقر التجمع ودعا له حزب التجمع الوطني الديمقراطي، ضمن سلسلة من النشاطات التي تهدف الى رفع الوعي لقضايا اجتماعية مصيرية.

قسم اللقاء إلى محورين رئيسين تركز الأول في العنف داخل المجتمع العربي، وتناول المحاضرون كل في مجال اختصاصه وموقعه الدور الملقى على المؤسسات والجمعيات الأهلية في مساعدة المعنَفات، والجانب القانوني المتعلق في الدفاع عن المرأة الضحية، ودور الشرطة في مكافحة جرائم القتل على خلفية ما يسمى "شرف العائلة". بينما تركز المحور الثاني في دور الحركات الوطنية والتقدمية ودورها وإسهاماتها في تغيير الوضع السائد ومساندة المرأة قانونيًا واجتماعيًا.

مسؤولية الأحزاب السياسية وعلى رأسها التجمع

افتتح الجلسة الأولى مصطفى طه عضو المكتب السياسي للتجمع، الذي حمّل التجمع دورًا مضاعفًا في مُجمل قضايا المجتمع كونه حزب قومي وتيار تنويري ومركزي، مؤكدًا أنّ التجمع ساوى بين الجميع ليس في طرحه فقط، بل في التنفيذ فلا فرق تجمعيًا بين الرجل والمرأة وبين المتدين والعلماني.

أما فيما يخص موضوع العنف وضرورة الإجابة عن السؤال – مسؤولية مَن مكافحة العنف ضد النساء، فرأى طه أنّ هذا الطرح لن يخرج من الدائرة الحزبية التجمعية بكافة أطرها الداخلية، إن بقي الحوار، حصرًا على الحلقات الداخلية نفسها، وقال طه "أنا أرى الأيام الدراسية مهمة جدًا، لكن يبدو الأمر وكأننا نقنع المقتنعين بضرورة التغيير، الأهم من ذلك أن ننطلق الى الخارج وهذه مسؤوليتنا ومهمتنا في كافة الفروع، بل وفي البيوت وصولاً الى الجامعات حتى نأتي بثمار التغيير الجذرية والمَهمة ليست سهلة".

لماذا هذا اليوم؟؟!!

تحدثت أفنان اغبارية عضوة اللجنة المركزية حيث بدأت حديثها أن أمورًا لا نلقى لها بالاً في الحزب وقد تشكل العائق الرئيسي لبناء مجتمع عصري وحداثي. وقالت: "إن مواجهة موروثنا الديني أو العرفي في كثير من القضايا هي شرط لنهضة مجتمعنا، ليس كون هذا الموروث ينتج هذا العنف، بل كونه يشرعنه. وفي كل المجتمعات حتى الليبرالية، هناك ظواهر من العنف الأسري والمجتمعي، لكن الفرق بين المجتمعات هو في شرعنة ما يجري والسكوت عليه أو في جرأة مواجهته وفي تطوير أدوات تربوية وثقافية وقانونية لمواجهته".

ولخصت مفهومها للعنف السائد، بأنّ المجتمع يرى المرأة أقل قدرًا وقيمة من الرجل وهذه الرؤية تساهم في إفراز وضعٍ مسيء للمجتمع ككل، مشيرةً بمرارة لما نعيشه نحن فلسطينيو ال 48، في وضعٍ كولونيالي داخلي ومجموعة مسيطََر علَيها من قبل الدولة، التي لا يكفيها عدم الاعتراف بِنا كمجموعة وانما تستغل موروثنا الثقافي القائم على المفاهيم الدينية والعرفية والمصالح الرأسمالية، وتعزّز من قدرتها على استغلالنا وإحكام السيطرة علينا، لكن هنا يبرز دور الأحزاب السياسية والنشاطات النسوية وعلى رأسها اتحاد المرأة، إلى جانب المؤسسات العامة في تحمل المسؤولية والعمل على تغيير العادات التي تنافي العدالة الاجتماعية والحداثة، وحين تكتفي النساء الناشطات حزبيًا ووطنيًا بالدوائر النسوية المهتمة بشؤون المرأة فإنها تبقى في إطار الحيز الخاص، وكأنه لا وجود للإطار العام، ولا حتى للرجال والشباب..

وتساءلت : "كيف سيحصل التغيير المجتمعي والتخطيط بغياب قطاعات كاملة من المجتمع؟!!" وفي إشارةٍ منها إلى - حلقات الذِكر أو الأطر النسوية- اعتبرت الأمر هام جدًا من أجل التثقيف والإسهام ببناء مجتمعٍ سليم. وشددت على "مهمة التغيير".

الجلسة الثانية دور الجمعيات في مكافحة العنف

ترأست الجلسة الأولى أريج صباغ من جمعية مدى، التي شاركت المُحاضِرات في الجانب العملي الذي يطرح حقائق حول ظاهرة العنف ضد النساء في المجتمع ودور الجمعيات والقانون والشرطة.

عن القسم القانوني في جمعية كيان تحدثت علا اشتيوي لتدخل في طريقة التعامل مع المرأة المُعنَفة ولتطرح الكثير من المعيقات التي تحول دون اللجوء الى الجانب القانوني رغم توفره، فجمعية "كيان" تمنح المرأة المعنَفة امكانية الوصول إلى القضاء في حال عدم قدرتها للتوجه بشكلٍ شخصي الى محامٍ خاص.

ومن بين المعيقات:

? المجتمع لا يعطي شرعية لمثل هذا التوجه.

? المرأة تخاف من الإقدام على هذه الخطوة.

? المرأة لا تستغل أمر الحماية وابعاد الشخص المعنِف عن البيت، إلا عندما تصل الى قناعة بأنه لم يعد هناك ما تخسره.

? النتيجة التي يمكن أن تصل إليه المشتكِية، مسألة الربح والخسارة، فحتى في حالة السجن لمدة طويلة قد يعود المعنِف وينتقم ويكرر فعلته وبشكلٍ أسوأ.

? في بعض الحالات يصعب إثبات الأدلة في قضايا معينة من بينها التحرش الجنسي.

? خوف المرأة المعنَفة من فقدانها مصدر الإعالة ان كان ذلك في عملها او من قبل المعتدي عليها.

? عائق متعلق باللغة والحضارة -فعندما تتوجه المرأة الى المحكمة المدنية او شؤون العائلة في بلداتٍ مختلطة، تدار الجلسة هناك باللغة العبرية، وتشعر النساء العربيات أنهن في غربة عن هذا المكان.

? الخوف من الفضائح أو الضرر الجسماني أو على العائلة ان تتعرض للأذى.

? عدم الثقة بالجهاز القضائي نفسه، خاصةً عندما يسهم في قهر المرأة المعتدى عليها. وهناك أمثلة حول تجربة نساء فقدن الثقة بالجهاز القضائي خاصة الشرطة، ويعشن في قلقٍ مستمر من فتح الملف القضائي مرة اخرى وتعريض انفسهن للفضائح وعدم وقوف القانون إلى جانبهن.

اختتمت علا مداخلتها بقولها: "المعيقات التي ذكر معظمها معروفة منذ زمن، لكن في كل مرة يتم التعامل فيها مع ملف جديد نفاجئ ونصدم من هولِ ما نلمسه، وبالمجمل يبدو انّ الجهاز القضائي والقوانين ليست هي أفضل طريقة في معالجة العنف، مع أننا نساعد وندعم الضحايا بكل ما أوتينا من قدرة، لكن يبقى العمل الأساسي هو مسؤولية المجتمع والنساء أنفسهن".

وفي إشارة منها إلى دور الأحزاب السياسية ومسؤوليتها المباشرة في تغيير حقائق ونتائج توضّح نظرة المجتمع تجاه المرأة، تساءلت أريج صباغ: "كيف تتعامل الأحزاب السياسية مع الناخب عندما نكتشف أن 30% من المجتمع يتفهم القتل على خلفية ما يسمى بشرف العائلة؟ هل يمكن للأحزاب التي تخرج لتسأل إذا كنتَ تصوّت لحزب صهيوني فمن انت؟ أن تخرج بسؤال مختلف: اذا كنت تؤيد القتل على خلفية شرف العائلة فمن انت؟ هل ستخسر الأحزاب ومنها –التجمع- 30% من المصوتين؟"...

وفي التساؤل لفتة من المتحدثة إلى إمكانية أن يصبح هذا الشعار جزءًا من برنامج وأجندة التجمع، الذي حتمًا سيدعم المرأة ويحدث تغييرًا كبيرًا في الواقع المُعاش.

حقائق... في مدارسنا

كلمة لمياء نعامنة – مركزة مشروع المدارس في جمعية السوار تناولت تجربتها في العمل على دعم ضحايا الاعتداء الجنسي. وبدت نظرتها تفاؤلية حين تتحدث عن تعاون بين المدارس وبين جمعية السوار، الأمر الذي يؤكده توجه المدارس الى الجمعية والمطالبة بدوراتٍ تثقيفية. كما اعترفت نعامنة بهول القضايا التي يكشف عنها الطلاب (وهم في المرحلة الثانوية)، فهناك اعتداءات جنسية تتعرض لها الفتاة كما يتعرض لها الشاب.. وقالت: "إنّ التجاوب والبوح بالوقائع لا يأتي منذ اللحظة الأولى لوجود برنامجنا، فمع الوقت يبدأ الانفتاح على الموضوع، ويتم لاحقًا الكشف عن خلفيات مثيرة".

والملفت للنظر في حديث نعامنة، انّ الطلبة يحاولون ابعاد حقيقة الاعتداءات الجنسية عن بلدتهم، وهو رد فعل طبيعي، لأن الجميع يرفض وجودها في محيطه.

ومن أبرز ما ذكرته المحاضِرة أن هناك تخوف كبير من قبل المعتدى عليه على الاعتراف بالاعتداء والعنف الذي واجهه حرصًا على عدم تفكك الروابط العائلية والحفاظ على السرية وعدم انتشار الفضائح.

وترى نعامنة في خط الطوارئ موجِهًا ومرشدًا في مجالات كثيرة أهمها العلاج النفسي والمشاركة والارشاد، وخيرُ دليلٍ على أهمية وجود هذا الاتصال الهاتفي أنّ هناك من يتوجه للطوارئ بعد عدة سنوات من حدوث الاعتداء، قد تمتد الى 25 سنة، هذا يعني أنّ الاعتداء له تأثيره المستمر في نفسية المعتدى عليهم، وأنه من الممكن الحصول على علاج والخروج من الأزمة ومواصلة الحياة الطبيعية.

ومن ضمن أمثلتها الكثيرة كشفت نعامنة النقاب عن الاعتداءات التي يتعرض لها الفتيان فيما بينهم او الأطفال، فالمعتدي يتصرف بشكلٍ مقصود تمامًا وعن سبق اصرار وترصد ويستغل مَن هو أضعف منه جسمانيًا فيعتدي عليه.

وبمجمل الحديث يتضح انّ 50% من الاعتداءات في المدارس تحدث من قبل طلاب على زملائهم او زميلاتهم. وأنّ 4% من المغتصبين هم مرضى نفسيين. وأنّنا جميعًا لدينا رغبات جنسية لكن تبقى امكانية ملائمة الواقع والمكان في كبت رغباتنا، وإلا لتعرض المستجم عند شواطئ البحر لاعتداءٍ شبه يومي.

حقائق خطيرة تشير إلى تقاعس "الشرطة"

الحقائق الخطيرة التي تناولت تقاعس الشرطة، كشفتها المحامية ربيع جبالي – من خلال اطروحتها لنيل اللقب الثاني في موضوع "تعامل القانون الاسرائيلي مع جرائم القتل على خلفية ما يسمى شرف العائلة".

وأشارت جبالي ألى ان القانون الاسرائيلي المكتوب لا يميز بين جرائم القتل ولا يصنفه، لكن عند التنفيذ القانوني يبدو بشكلٍ جلي انّ هناك انتقائية خصوصًا عندما نكتشف أنّ الكثير من جرائم القتل على خلفية ما يسمى الشرف، لا تصل الى المحاكم.

الباحثة المحامية أكدت انّ هناك ما يقارب الأربعين حالة التي وصلت منذ قيام الدولة وحتى اليوم الى المحاكم الاسرائيلية، وهذا الرقم ليس منطقيًا، فليس من المعقول ان تنحصر جرائم القتل في أربعين حالة، بالرغم من ان هناك المئات من الجرائم التي تنفذ باسم الشرف، لكن السؤال المطروح هو أين اختفت هذه القضايا؟!

وهذا يُشير الى أنّ معظم حالات القتل تصفى داخل الشرطة أو في النيابة، وهناك 50% من القضايا التي تدعي الشرطة انها لم تصل الى نتيجة بسبب عدم وجود أدلة كافية، وبالتالي تغلق الملفات وكأنّ شيئًا لم يكن، النصف الثاني من الملفات تقدم للنيابة التي تباشر عمل صفقات ادعاء، فتطلب النيابة من المتهم الاعتراف مقابل تخفيف العقوبة التي تتراوح بين 7-8 سنوات في الحد الأقصى وفي حالات كثيرة يتم التخفيف فيها بادعاء القتل عن طريق الاهمال الذي يخفض العقاب الى 3 سنوات أو أقل. مما يؤكد أنّ قضايا المرأة ليست في سلم اولويات الشرطة، وكثيرًا ما تُترك الحلول للعائلة بينما ينجح المعتدي عليه بعد التهديد من الوصول للقاتلة وتنفيذ جريمته، ولا نلمس أيد محاولة من قبل الشرطة لإيجاد حلول أكثر منطقية من أجل اجتثاث هذه الظاهرة.

تقول جبالي: "تبرز مشكلة كبيرة في عمل الجمعيات مقابل المجتمع وعناصره ولا يقابله التحرك باتجاه المؤسسات الحاكمة، وهنا يأتي دور أعضاء الكنيست وقدرتهم على انتزاع قانون يسمح للجمعيات بمرافقة المؤسسات الحاكمة والمشاركة في إحداث تغيير يكفل العقاب ضد المعتدي وحماية المعتدى عليه". ومن بين الحلول المقترحة "المطالبة باستجوابات داخل الكنيست لوزير الأمن الداخلي، للحصول على معلومات وتقارير مفصلة حول إغلاق الملفات وسواها من المعلومات المبهمة في أروقة الشرطة والمحاكم".

"دور المجتمع والأحزاب في مساندة المرأة المعنَفة"

في المحور الثاني الذي أدارته الناشطة النسوية عرين هواري، تحدث المحامي رياض الأنيس فأشارَ الى حدوث تغيير كبير في المجتمع بشكلٍ عام وفي جهاز الشرطة بشكل خاص، وهو بذلك لا يبرر للشرطة اتهامها من قبل المحاضِرات بأنها "مقصرة"، لكنه يرى بأنّ هناك ثورة في السنوات الأخيرة في محاربة العنف في العائلة، ويقول انّ هذه القضية يتناولها محققون خاصون في قضايا العنف، وأنّ هناك صعوبة تتعلق بإغلاق ملف موضوعه العنف في مراكز الشرطة، وبررَ المحامي هذا الأمر بالتخوف من الضغط الجماهيري الذي يتعرض له الشرطي، وفي بعض الحالات يكون فيها من الأفضل إغلاق الملفات حرصًا على الوفاق العائلي. وقد أشارَ الأنيس الى بعض الامور التي يشدد فيها القضاء على المتهم في قضايا العنف، ومن بين الأمثلة: اعتقال المتهم حتى انتهاء الاجراءات القانونية، او اخلاء سبيل المتهم لكن بشروط مقيّدة، والمسجون على خلفية عنف في العائلة لا يخرج الى عطلة كسائر المساجين الا بعد ان يأخذ استشارة من لجنة خاصة، ونادرًا ما يخرج كونه يشكل خطرًا على الزوجة، والمضحك انها الوحيدة التي تزوره.

مثال آخر على منفذي العقوبة حرمانهم من لجنة الثلث التي تحق للقاتل العادي...

أثارَ الأنيس نقطة هامة متعلقة بمسؤولية الحزب، قائلاً بأن للحزب دورا فكريا، في بلورة المواقف الواضحة في هذه القضايا. وأن السؤال يبقى كيف يمارس الحزب ويجسد هذه المواقف. وأفاد بأن الرسالة الأساسية عليها أن تكون تجاه المجتمع وليس تجاه الدولة. هل نريد أن نعيش في مجتمع نجح في دحر الاحتلال، لكنه مليء بالمخدرات وتعنيف المرأة، أم أننا نريد أن نعيش في مجتمع حر خارجيا وداخليا.

وشدد على أن الحزب العلماني لا يستطيع التردد فيما يتعلق بقضايا المرأة. وأن الحزب الأول الذي حصن مكانا للمرأة، لا يمكن إلا أن يضع هذه القضايا في أولويات أجندته. وشدد على ضرورة سعي الحزب للعمل على دخول المرأة معترك الانتخابات المحلية، كما أبرزَ أيضًا أهمية العمل الحزبي والسياسي في تغيير القيم الاجتماعية السائدة، وبخصوص المرأة يجب دعمها على جميع الأصعدة، وخلق فرص تمكين اقتصادية وامكانية عمل، والأهم من ذلك التخفيف من الضغط الاجتماعي وتحفيز المرأة على اختراق جميع المجالات الممكنة اجتماعيًا وسياسيًا وحزبيًا من أجل إحداث التغيير المطلوب.

عن الجانب القانوني الجنائي

تحدثت المحامية سونيا بولس عن "الدفاع الثقافي" في القانون الجنائي, والذي بموجبه يطالب الدفاع من هيئة المحكمة بإعفاء المتهم, وهو شخص ينتمي إلى مجموعة أقلية, من المسؤولية الجنائية عن إرتكابه لفعل يجرمة القانون بحجة أن ثقافة المجموعة التي ينتمي إليها تفرضه عليه أو تشجعه على إرتكابه. وأشارت بولس إلى أن هذا الإدعاء يستعمل غالبا من قبل مجرمين يرتكبون جرائم بحق النساء كالقتل على ما يسمى "المس بشرف العائلة" أو في حالات تزويج الأطفال أو التزويج القسري للنساء وغيرة من إنتهاكات حقوق الأنسان التي تعانيها المرأة, مطالبين بإعفائهم من المسؤولية الجنائية والأخلاقية عن جرائمهم.

وتطرقت بولس إلى الخطاب الرسمي للمحاكم الأسرائيلية والذي رفض بشكل منهجي القبول بإدعاء "الدفاع الثقافي" في جرائم الشرف. بالرغم من ذلك نرى بأن غالبية المجرمين يتمسكون بهذا الإدعاء ويحضرون "قيادات" جماهيرية تقليدية محلية أو قطرية للإدلاء بشهاداتهم لصالح المجرم لتبرير جريمته بإدعاء أن القتل هو جزء لا يتجزأ من ثقافة العرب في الداخل.

أما الخطاب غير الرسمي لإسرائيل يتلخص بمحاولتها تدعيم القيادات التقليدية الموالية لها على حساب القيادات الوطنية الديمقراطية. فالقيادات التقليدية تكرس النزعات الحمائلية والعائلية والطائفية في المجتمع وتقوية مكانتها يضمن لإسرائيل تنشئة أجيال خانعة لا تجرؤ على المطالبة بحقوقها. "ولا يمكن تجاهل ما تقوم به الشرطة عندما ترسل فتيات ونساء حياتهن معرضة للخطر "للمشايخ" وبعد أيام تظهر الفتاة جثة هامدة". وفي المقابل تمنح الدولة جوائز تقديرية لخدمات القيادة الموالية، بالرغم من تباهي الأخيرة بدعمها لجرائم الشرف.

أما التحدي الأبرز فهو في البرنامج السياسي للتجمع والمتعلق بمحاربة العنف ضد المرأة، والمطالبة بتشديد العقوبات ضد منفذي هذه جرائم القتل وفضح ومجابهة كل من يدعو للتساهل معهم.

كما ترى سونيا "أنّ التجمع لم كن واضحًا في موقفه من "القيادات" التقليدية التي تشرعن جرائم الشرف، ولا نسمع ولا نشعر برسالة واضحة يطلقها الحزب ضد هذه الجرائم وحتى عندما تقتل النساء لا يتم إستنكار هذه الجرائم في الإعلام".

وانهت حديثها بأنه حان الوقت لتفعيل دور الأحزاب التقدمية الديمقراطية سعيًا لتغيير الثقافة السائدة.


التعليقات