لجنة التنظيم والبناء أم لجنة الغرامات والهدم؟

خلايلة: يجب وضع لجنة التنظيم تحت سلطة السلطات المحلية بدل وضع البلدات العربية تحت سلطة لجنة التنظيم

لجنة التنظيم والبناء أم لجنة الغرامات والهدم؟
أثارت الاعتقالات الأخيرة حول قضية الفساد في لجنة التنظيم والبناء "قلب الجليل"، والمسؤولة عن قضايا التنظيم والبناء في كل من البلدان العربية سخنين عرابة وديرحنا،  استغراب أهالي سخنين والمنطقة. الاستغراب لم يثره وجود الفساد، فهذه القضية، وقضايا أخرى يتداولها الأهالي منذ أشهر، ولكن المفاجئ في القضية أن الشرطة قررت أخيرا التدخل في الموضوع، بعد أن أصبح من غير الممكن تجاهله.
 
وتدور الشبهات حول قيام بعض الأشخاص، بينهم من يعملون في اللجنة، بتزوير ختم للبنك، واستعمال الختم المزيف لختم وصولات دفع رسوم التحسين للجنة التنظيم بهذا الختم المزيف بدلاً من دفعها في البنك، وبذلك تحول الأموال إلى جيوبهم بدل تحويلها إلى حساب لجنة التنظيم والبناء.
 
هذه الأموال من المفروض أنها أموال سخنين، لأن هذه الأموال يجب أن تحوّل من قبل اللجنة إلى بلدية سخنين ومجالس عرابة وديرحنا لاستثمارها في التخطيط وتطوير البنية التحتية في هذه البلاد. ولكن الواقع غير ذلك بتاتاً، فلجنة التنظيم "قلب الجليل" لا تحوّل للبلدات الثلاث مستحقاتها منذ سنوات، ومن المرجح أنها لم تحوّل للمجالس المحلية مستحقاتها أبداً، والحديث هنا يدور عن عشرات ملايين الشواقل، في أدنى تقدير. والسؤال الذي يسأل متى قام رؤساء السلطات الثلاثة، السابقون منهم والحاليون، بمحاسبة اللجنة حول مستحقات بلدانهم من مدخولات اللجنة، الأرجح أن أحداً منهم لم يقم بذلك لا سابقاً ولا حالياً.
 
تعدّ رسوم التحسين المفروضة على كل من يريد بناء بيت أو متجر أو مكتب، أحد أهم مدخولات اللجنة، ولكن للجنة مدخولات أخرى مثل رسوم البناء، والأهم من ذلك كله الغرامات الباهظة التي تفرضها المحاكم على من يقومون بمخالفات بناء في المناطق الواقعة تحت سلطة لجنة التنظيم. ومن يحضر يوماً واحداً من جلسات محكمة الشؤون المحلية المخصصة للجنة التنظيم "قلب الجليل" يرى أنه في المعدل يفرض القاضي في يوم الجلسات الواحد مئات الآلاف من الشواقل غرامات على أهالي سخنين وعرابة وديرحنا دون رحمة أو اعتبار للأسباب التي دفعتهم للبناء دون ترخيص. وفي بعض الأحيان يتعدى المبلغ المفروض على السكان مليون شيكل في اليوم. مما يعني أن اللجنة تجبي عشرات ملايين الشواقل سنويا غرامات مادية تفرض على أهالي البلدات الثلاث، بالإضافة إلى عشرات الملايين التي تدخل خزينتها من المصادر الأخرى، فأين تذهب هذه الأموال؟
 
ينص القانون على أن مدخولات لجنة التنظيم والبناء تغطي مصاريف اللجنة، مصاريف التخطيط لصالح البلد الذي "تخدمه" اللجنة، وما يتبقى – والمفروض أنه القسم الأكبر – يحوّل ألى المجالس المحلية.
 
فكيف تصرف لجنة التنظيم والبناء "قلب الجليل" مدخولاتها:
مصاريف اللجنة:
 
مصاريف اللجنة الرئيسية هي دفع أجرة الموظفين في اللجنة، وفي هذه اللجنة والمسؤولة عن ثلاث بلدان عربية، من المفروض أن يكون معظم الموظفين، إن لم يكن كلهم، من هذه البلدان، إلا أن الحقيقة غير ذلك تماما، ففي كل الوظائف المهمة لا يوجد فيها لسخنين وعرابة وديرحنا أي نصيب، وكل الوظائف المهمة في اللجنة، من مدير اللجنة، مهندس اللجنة، محامي اللجنة، محاسب اللجنة، مخمن اللجنة هم من اليهود فقط، فيما يشغل بعض الموظفين العرب الوظائف الجانبية ذات المرتبات المنخفضة.
 
التخطيط:
 
أما قضية التخطيط والتي من المفروض أن تكون أهم وظيفة للجنة، فإنها تشغل حيزاً جانبياً من اهتمامها، وتخطط لجنة التنظيم قلب الجليل داخل الحيّز المحدود الذي يرسمه مجلس مسجاف الإقليمي لهذه البلدات الثلاث، ولا تسعى لتوسيعه ولا يتم التخطيط المستقبلي وفق احتياجات البلدات الثلاث المستقبلية، وما يجري من تخطيط موضعي تشوبه شبهات حول الأهداف الحقيقية لما يخطط، والاعتبارات التي يراعيها المخططون، وهم على الأغلب من سكان المستوطنات المجاورة.
 
مخصصات السلطات المحلية:
 
أما تحويل الأموال الى المجالس المحلية الثلاثة، فحدّث ولا حرج، فمنذ عدة سنوات لم تحوّل اللجنة المستحقات للسلطات العربية، وفيما مضى حوّلت النزر اليسير من مستحقات هذه المجالس، وهذا ما أكده رئيس بلدية سخنين السيد مازن غنايم.
 
الأهم من كل ما ذكر أن لجنة التنظيم بتركيبها الحالية وتوجهها من المستحيل أن تخدم البلدات العربية، فالهدف من هذه اللجنة الحالية ليس خدمة البلدات العربية، بل هي وسيلة في يد وزارة الداخلية لفرض قوانين التنظيم والبناء الجائرة على المواطنين العرب، بالغرامات الباهظة وأوامر الهدم، ولا تعمل على تطوير البلدات العربية الواقعة تحت سلطتها.
 
يجب تغيير هذا الواقع ووضع لجنة التنظيم تحت سلطة السلطات المحلية، بدل وضع البلدات العربية تحت سلطة لجنة التنظيم. وفي هذا السياق بادرت بلدية سخنين قبل حوالي سنتين لعقد اجتماع مع لجنة التنظيم والبناء "قلب الجليل" بحضور رئيس وأعضاء بلدية سخنين، وممثلين عن اللجنة وحضره شماي أسيف - مدير دائرة التخطيط القطرية التابعة لوزارة الداخلية – وخلال هذا الاجتماع أبدى شماي أسيف رأيه بأنه يجب إنشاء لجنة تنظيم وبناء خاصة بسخنين، تحت أشراف وسلطة البلدية نظرا لكبر مدينة سخنين ومتطلباتها، لكن منذ ذلك الوقت لم يحدث أي تقدم ملموس في هذا المجال.
 
المسؤولية عن الوضع القائم لا تقع على لجنة التنظيم، فأهدافها معروفة والمسؤولون عنها راضون جداً عن عملها، والواقع لن يتغير من تلقاء نفسه، بل من خلال نضال مؤسساتي وجماهيري، تأخذ به السلطات المحلية الثلاث واللجان الشعبية دورا فاعلاً ونضالياً لتحريرها من سطوة لجنة التنظيم والبناء، بدل الاستسلام لها، وكأنها قدر لا مفر منه. فإذا كان مخطِط وزارة الداخلية يقر بضرورة وضع لجنة تنظيم تحت تصرف بلدية سخنين، فعلى بلدية سخنين، وأهالي سخنين، أن يؤمنوا أن من حقهم لجنة تخطيط تخطط لأجلهم لا ضدهم، ويناضلوا معاً ومن خلال العمل الجماهيري على تغيير هذا الواقع، وبدل أن يكون دور لجنة التنظيم لجنة غرامات وهدم تكون حقاً للجنة تنظيم وتطوير وبناء.

التعليقات