اللجان الشعبية في البلدات العربية بين مطرقة السلطة وسندان غياب المؤسسات

من ترشيحا إلى النقب: لجان شعبية محلية تحتاج إلى سندٍ قُطري حقيقي

اللجان الشعبية في البلدات العربية بين مطرقة السلطة وسندان غياب المؤسسات

من ترشيحا إلى النقب: لجان شعبية محلية تحتاج إلى سندٍ قُطري حقيقي

 
حسن عبد الحليم


مع اشتداد الهجمة السلطوية على القرى والبلدات العربية، وعلى السكان العرب في المدن الساحلية، بحجة تطبيق قوانين البناء، وفي ظل تغول سياسة التهويد ومخططات بناء الأحياء والمدن اليهودية على حساب ما تبقى من الأراضي العربية، ترمي لعزل السكان العرب داخل «غيتوهات»، بادر الأهالي في البلدات العربية لإقامة لجان شعبية للتصدي لتلك السياسات. وحققت هذه اللجان نجاحات جزئية في بعض الحالات، ولكنها بحاجة إلى الكثير من الدعم والتأييد لكي ترقى لحجم التحدي.

لسان حال هذه اللجان يقول إن السلطات تحد من توسع البلدات العربية، وتضع العراقيل أمام مخططات توسيع مسطحات البناء، وحينما نبني تهدم ما بنينا بحجة البناء غير المرخص.

تدويل قضايانا

وتؤكد تلك اللجان أنها لا تبني القصور في الهواء مدركة أن الدولة التي سلبتنا كل شيء وهجرت أهلنا، وتُُعرف نفسها بأنه "دولة يهودية (دولة كل يهود العالم)، تتصرف على نحو يتوافق مع تعريفها ومع أساس قيامها، ولكن هذا لا يعني عدم التصدي لتلك السياسات. وترى اللجان الشعبية أن النوايا الحسنة لا تكفي والتصدي بحاجة إلى تنظيم على مستوى وطني، يكون مركزه لجنة المتابعة واللجنة القطرية والأحزاب السياسية والجمعيات المختصة، ودعا بعضهم إلى تدويل قضية الأرض والمسكن واستغلال الضعف الذي تمر فيه إسرائيل لتعرية سياساتها اتجاه الفلسطينيين في الداخل.

النقب: لماذا لم تنظم مسيرة يوم الأرض في النقب؟


في النقب المخطط السلطوي هو الأشد ضراوة، ويهدف بالأساس إلى إفراغ الأرض من العرب وحصر أكبر عدد منهم في أقل مساحة ممكنة ووضع الأرض تحت يد السلطة لتستخدم لمشاريع التهويد. وفي سبيل التهويد تصبح القوانين مطاطة وتختلف المعايير ففي الوقت الذي تفرض السلطات الإسرائيلية عقوبات شديدة على خرق قوانين التنظيم والبناء حينما يدور الحديث عن العرب تحظى نشاطات منظمة "أور- مهمات وطنية" على الدعم الكامل من الوزارات لبناء مستوطنات في الجليل والنقب ضمن سياسة تهويد الجليل والنقب ولا ضير في أن تخالف تلك المنظمة القوانين أو السياسات المتبعة، ويمكنها أن تفرض أمرا واقعا، كما حصل في عدة حالات.
ما زالت جماهيرنا تعد المرات التي تهدم فيها قرية العراقيب، وتتابع الأنباء حول وجود حوالي 50 ألف قرار هدم بحق منازل عربية في النقب، وحوالي 45 قرية غير معترف بها مهددة بالتهجير.
وتشير المعطيات إلى أن عرب النقب، الذين يشكلون 25% من السكان تبقّى لديهم من أرض الأجداد 2% فقط من الأراضي، ولم يقف الأمر عند هذا الحد إذ أن ما تبقى يتعرض لمحاولات سلب ومصادرة، وفي المقابل تمنح السلطات الإسرائيلية الصبغة القانونية لعشرات المزارع اليهودية المنتشرة في النقب التي كانت تعتبر موازية من الناحية القانونية للقرى غير المعترف بها، وكشفت مصادر عبرية عام 2007 أن حوالي 30 مزرعة يهودية من هذا النوع يتم إعداد توليفة قانونية لها.

أقيمت في النقب عدة لجان شعبية لمواجهة التحديات الجمة، وتنشط بشكل فردي وبتنسيق جماعي فيما بينها وما بين لجنة المتابعة والأحزاب والهيئات الوطنية، ولكن التحدي أكبر من القدرات، والعبء أكبر من أن يحمل. ويقول عضو اللجنة الشعبية للدفاع عن العراقيب، عواد أبو فريخ، وعضو اللجنة الشعبية لقرية أبو تلول، عطية الأعسم، وكلاهما عضوان في اللجنة الشعبية للمطالبة بالاعترف بالقرى غير المعترف بها "الاعتراف الآن"، قالا في حديث مشترك خلال عودتهما من لقاء عدد من السفراء الأجانب في بئر السبع لشرح قضية النقب: "إن الهجمة السلطوية التي يتعرض لها النقب تنذر بكوارث إذا لم يتم الوقوف في وجهها كجسد واحد على مستوى وطني، ورفع قضيتها إلى المحافل الدولية". ويؤكدان أن اللجان الشعبية في النقب تنشط تحت مظلة لجنة المتابعة، رافضة بذلك سياسة فرق تسد التي تنتهجها المؤسسة الإسرائيلية.

وإذ أعربا عن تقديرهما لدور لجنة المتابعة، استهجنا عدم تنظيم مسيرة يوم الأرض المركزية في النقب لكونه يتعرض لأعتى هجمة سلطوية. مؤكدين أن النقب هو جبهة هامة في نضال فلسطينيي الداخل، وعلى ضرورة إيصال رسالة للسلطات مفادها أن عرب النقب ليسوا وحيدين بل خلفهم كل أبناء شعبهم في الشمال، وأن رفض المخططات لا يأتي فقط من النقب بل من أكثر من مليون فلسطيني في الداخل. واقترحا تنظيم مظاهرة حاشدة في النقب يشارك فيها مئات الآلاف لإيصال هذه الرسالة وإسماع الصوت العربي الموحد. وأشارا إلى أن حجم التحديات أضخم من أن تتصدى له الهيئات العربية ببنيتها الحالية، ودعيا إلى إعادة بناء لجنة المتابعة وتوفير لها الموارد البشرية والمادية لنكون قادرين على مواجهة التحديات الكارثية.


يافا: إعادة بناء لجنة المتابعة


تواجه مئات المنازل العربية في مدينة يافا، عروس البحر في أيام خلت، خطر الهدم أو الإخلاء، وتعاني من استشراء المظاهر العنصرية وسياسات التهويد.
رئيس اللجنة الشعبية في يافا سامي أبو شحادة، أكد أنّ المخاطر التي تحدق بيافا خاصة وبفلسطينيي الداخل بوجه عام الداخل كبيرة للغاية، وإذا لم ننظم صفوفنا لن نستطيع مواجهة أي منها. وأشار أبو شحادة إلى أن النوايا الحسنة لا تكفي، مؤكدا أن لجنة المتابعة بتركيبتها الحالية غير قادرة على حمل عبء هذه الملفات، والمطلوب إعادة بناء لجنة المتابعة بحيث تكون منتخبة، وترصد لها ميزانيات، لتكون قادرة على تحريك الشارع، واستيعاب خبراء ومهندسين ومحامين مختصين وطاقات من أجل العمل على الجانب القضائي، والجانب الإعلامي، والتعبوي.

الطيبة والطيرة: لجنة وطنية للدفاع عن الأرض والمسكن


الطيرة والطيبة تواجهان مخاطر آلاف أوامر الهدم، وتنشط هناك لجنتان شعبيتان. رئيس اللجنة الشعبية في الطيرة، حسني سلطاني، قال إن اللجنة الشعبية في الطيرة حققت بعض النجاحات بفضل التعاون بين الحركات السياسية وتجاوز الخلافات والاختلافات فيما بينها من أجل المصلحة الوطنية، وأدى ذلك بحسب سلطاني إلى وقوف الجمهور خلف اللجنة. وقال سلطاني إن دور لجنة المتابعة العليا غائب، ودعا إلى إقامة لجنة وطنية للدفاع عن الأرض والمسكن على غرار لجنة الدفاع عن الأراضي.

اللد: إسرائيل تدفعنا للصدام

مدينة اللد، التي يتعرض سكانها العرب لسياسات الاقتلاع، وهدم المنازل والإخلاء، شهدت مؤخرا أحد أسوأ فصول هذه السياسات، حيث قامت السلطات الإسرائيلية بهدم 7 منازل تابعة لعائلة أبو عيد، فيما يواجه حيا كاملا في قرية دهمش خطر الهدم، إضافة إلى مئات أوامر الهدم والإخلاء.
المهندسة والناشطة السياسية بثينة ضبيط من اللد، تحدثت عن حالة البؤس التي تفرضها السلطات الإسرائيلية على أهالي اللد وباقي البلدات الفلسطينية، مشيرة إلى مخططات السلطة تسد الآفاق أمام الشباب وتدفعهم إلى حالة من الإحباط يعبرون عنها بأشكال مختلفة. وقالت ضبيط إن الدولة تدفعنا للصدام، مؤكدة على أهمية النضال الشعبي والتضامن الاجتماعي مع المتضررين.
وأشادت بوقوف أهالي اللد والمؤسسات العربية وخاصة المدارس إلى جانب عائلة أبو عيد، ودعت إلى مزيد من التكاتف لمواجهة المخاطر المحدقة بأهالي المدينة العرب. وفيما أكدت ضبيط على ضرورة تنظيم الصفوف للتصدي للمخططات وحشد الطاقات والخبرات للعمل في الجانب القانوني بموزاة الشعبي، دعت إلى المطالبة بحماية دولية للفلسطينيين في الداخل، مشيرة إلى أن موقف إسرائيل ضعيف في الوقت الراهن ويمكن تعرية سياساتها أكثر من أي وقت مضى.

وادي عارة: النوايا الحسنة لا تكفي


اللجنة الشعبية في وادي عارة التي تواجه سيلا من أوامر الهدم، ومخططا لبناء مدينة يهودية على أراضيها، ومخطط توسيع شارع وادي عارة التي كشف عنها النقاب مؤخرا، تدعو إلى تصعيد وتنظيم النضال ضد السياسات الإسرائيلية، وقال رئيس اللجنة أحمد ملحم، إن توسيع خارطة هيكلية لقرية عربية يستغرق عشرين عامأ، بينما أنهت السلطات الإسرائيلية تخطيط مدينة حريش اليهودية على أراض عربية خلال عام واحد تقريبا.
وعلى صعيد النضال ضد السياسات الإسرائيلية يقول ملحم إن التضامن وحده لا يكفي، فالنضال ضد مخططات السلطة وسياسة الهدم يتطلب حشد جهود لجنة المتابعة واللجنة القطرية للرؤساء، والأحزاب السياسية، والجمعيات الأهلية، في إطار منظم يكون قادرا على حمل العبء الكبير، مؤكدًا على ضرورة إقامة مؤسسة داخل لجنة المتابعة مختصة بقضايا التخطيط والبناء، تضم مهندسين ومحامين مختصين وباحثين يعملون على إعداد دراسات حول كل بلدة على حدة، على أن يموّل هذا الجسم من قبل السلطات المحلية، ويعمل بتنسيق تام مع النواب العرب حول القضايا التي يمكنهم معالجتها.

ترشيحا: التفكير على مستوى وطني


تواجه اللجنة الشعبية في قرية ترشيحا مخططا لإقامة حي يهودي على أراضي البلدة يحد من توسعها مستقبلا، ويقول عضو اللجنة، نبيل حداد، إن بلدية "معلوت" لا تمثل أهالي ترشيحا، وهي تتآمر علينا مع مستوطنة "كفار فراديم"، صاحبة مشروع البناء على أراضي القرية. وإذ أشاد حداد بدور النائبة زعبي في مواجهة المخطط، أشار إلى أن قضايانا العربية واحدة والمسؤول عنها واحد، لذلك فإن مواجهة التحديات في البلدات العربية تتطلب منا التفكير على مستوى وطني لمواجهة تلك السياسات. وفي ضوء تلك التحديات التي تواجهنا يجب إعادة بناء لجنة المتابعة بحيث تضم إليها اللجنة القطرية، وينبثق عنها مؤسسة عربية وطنية ومركز مركز دراسات لمعالجة قضايا الأرض والمسكن.

التجمع اقترح، في العام 2008، لجنة قطريّة للأرض والمسكن لكن
...

اقترح التجمع الوطني الديمقراطي على لجنة المتابعة العليا، في العام 2008، تشكيل لجنة قطريّة للدفاع عن الأرض والمسكن تعتمد في بنائها على اللجان المحلية وتقيم بدورها لجانًا محلية في كل بلدة، لاقى الاقتراح في حينه قبولاً بالإجماع وطرح فيما بعد عدة مرّات، لكنه لم يطبّق بعد، وقد حان بالفعل موعد تنفيذه.
 

التعليقات