"استحقاق ايلول" – حق مشروع أم أوسلو جديد..؟ مواقف الأحزاب العربية في الداخل

عبد الفتاح: "تأييد الذهاب إلى الأمم المتحدة لا يعني التعويل على النظام السياسي الفلسطيني الراهن.. نريد أن نرى مراجعة جريئة وشاملة لعشرين عامًا خلت من تاريخ إدارة النضال الفلسطيني

قال عبد الفتاح في ندوة سياسية أن تأييد الذهاب إلى الأمم المتحدة لنيل العضوية الكاملة لفلسطين، لا يعني التعويل على النظام السياسي الفلسطيني القائم برئاسة السيد أبو مازن وفريقه، ولا الثقة بقدرته على قيادة الانتقال إلى مرحلة نضالية حقيقية. وأوضح: "هذه الخطوة مقارنة بوضع الخضوع المطلق للمفاوضات الثنائية على مدار عقدين، مع وضع يُنقل فيه الملف الفلسطيني مع كل المخاوف والتحفظات، إلى الأمم المتحدة، وبمعارضة شرسة من إسرائيل والإدارة الأمريكية هو بمثابة خطوة أو حركة قد تخلق ديناميكية مختلفة".
 
 
جاء ذلك في ندوة سياسية عقدها فرع التجمع الوطني الديمقراطي في مصمص يوم أمس، الثلاثاء، تحت عنوان "استحقاق أيلول – حق مشروع أم أوسلو جديدة..؟"، شارك فيها أمين عام التجمع الوطني الديمقراطي عوض عبد الفتاح وعبد الحكيم مفيد عن الحركة الإسلامية الشمالية وعضو الكنيست عن الجبهة الديمقراطية عفو إغبارية وسكرتير عام حركة أبناء البلد رجا إغبارية بحضور العشرات من المشاركين والنشطاء السياسيين وأدارها الناشط السياسي محمد فوزي.
 
عفو إغبارية: الجبهة والحزب الشيوعي أيدوا أوسلو ويؤيدون التوجه إلى الأمم المتحدة 
 
كان المتحدث الأول عفو إغبارية عن الجبهة الذي قال إن الجبهة والحزب الشيوعي أيدوا أوسلو في السابق ويؤيدون توجه السلطة إلى الأمم المتحدة اليوم وذلك بسبب فشل أوسلو بسبب عدم التزام الطرف الإسرائيلي بمستحقات أوسلو. وأضاف إغبارية أن الإسرائيليين هم من يقومون بخطوات أحادية الجانب وبسبب هذه السياسات توجهت القيادة الفلسطينية إلى الأمم المتحدة من أجل وضع فلسطين على الخارطة.
 
واعتبر إغبارية أن "صواريخ العرب" والسلاح الفلسطيني لم يساهموا في إقامة دولة فلسطين، فعندما يتم الاعتراف بدولة فلسطينية في الأمم المتحدة يصبح النقاش على دولة ذات سيادة مُحتلة من قبل دولة اخرى وهو عمليا اعتراف بكل قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
 
عبد الحكيم مفيد: الأمم المتحدة لن تحقق للفلسطينيين دولة
 
أما عبد الحكيم مفيد عن الحركة الإسلامية فقال إنه لا يوجد أحد ضد قيام دولة فلسطينية، لكن الذهاب إلى الأمم المتحدة لا يحقق دولة فلسطين، معتبرا أن المرحلة تقتضي، وبعد 18 عاما من المفاوضات العبثية، تقييم هذه المرحلة التي جلبت الويلات على الشعب الفلسطيني من تنسيق أمني وانقسام ومستوطنات وغيرها.
 
وشدد مفيد على أن الأمم المتحدة التي شرعنت الحصار على غزة لن تحقق للفلسطينيين دولة كونها مؤسسة منحازة لإسرائيل، وفي نفس الوقت أشار إلى أهمية التضامن الدولي مع الفلسطينيين، منوها إلى أن الدولة تُقام على الأرض في ظل موازين قوى مختلفة.
 
رجا إغبارية: المشروع هو مشروع أوباما
 
أما رجا إغبارية سكرتير عام حركة أبناء البلد فقال إنه لا أحد يعرف ما هي الورقة التي سوف يقدمها أبو مازن والمتعلقة بقضايا مثل الحدود وحق العودة والمستوطنات ويهودية إسرائيل، معتبرا أن مصلحة وجود أبو مازن السياسية تغلب مصلحة ما ذهب عليه في الأمم المتحدة، معتبرا أن هذا المشروع هو مشروع أوباما الذي وعد سابقا بدولة فلسطينية في أيلول. وأشار في ختام مداخلته إلى أنه لا ينكر وجود جوانب إيجابية للتوجه للأمم المتحدة، ولكنه قال إن المخاطر أكبر من الإيجابيات.
 
 
عوض عبد الفتاح: نحو مرحلة جديدة تنهي المفاوضات العبثية
 
وبدوره قال أمين عام التجمع الوطني الديمقراطي عوض عبد الفتاح في بداية حديثه إن اتفاقية أوسلو جلبت المآسي على الشعب الفلسطيني وأهملت القوانين الدولية المتعلقة بفلسطين. إن أوسلو جرت بدون مرجعية دولية وأُديرت في الخفاء ومن وراء ظهر الشعب الفلسطيني على مدار 18 عاما من المفاوضات التي كانت محصورة بين أمريكا وإسرائيل من جهة والقيادة الفلسطينية المتنفذة من جهة أخرى بمعزل عن المؤسسات الشرعية للشعب الفلسطيني.
 
وأشار عبد الفتاح إلى أن الشهيد ياسر عرفات الذي قام بالتوقيع على أوسلو بدأ بالتراجع عنه عندما أدرك الخداع الإسرائيلي وشرع بمراجعة ضمنية لهذا الاتفاق تجلت في دعمه للانتفاضة عام 2000. لكن الذين أتوا من بعد عرفات أرادوا العودة إلى الوراء أي إلى نهج أوسلو عبر التنصل كليًا ونهائيًا من المقاومة حتى اللاعنفية، بدل إعادة بناء حركة وطنية قوية ومتماسكة.
 
كما أشار إلى أن قيادة السلطة كانت تقف عقبة أمام نشاط حركة التضامن الدولي مع فلسطين كونهم يحرجون مشروعهم السياسي. لكن بعد عام 2000 بدأت حركة التضامن والتحشيد الدولي لفلسطين تستعيد زخمها من جديد بعد أن سقطت أوهام أوسلو كليًا، إذ اكتشف الجميع أن أوسلو أدى إلى تفكيك القضية الفلسطينية وشرذمة الشعب الفلسطيني وتدمير حركة التحرر الفلسطينية.
 
وقال عبد الفتاح إن النقطة الإيجابية من الذهاب إلى الأمم المتحدة هو المساهمة في التحشيد الدولي من أجل فلسطين وعزل إسرائيل وأمريكا دوليا الأمر الذي قد يؤدي إلى حراك دبلوماسي وشعبي وسياسي يؤسس لمرحلة جديدة تنهي مرحة المفاوضات العبثية، فلو نجح أبو مازن أو لم ينجح في خطوته هذه.. هناك مرحلة سياسية جديدة تُمهّد لدفن مرحلة أوسلو.
 
 
وتدارك عبد الفتاح بالقول: "إن تأييد الخطوة لا يعني منح الثقة بالرئيس الفلسطيني وبقدرته على مواصلة التصعيد الدبلوماسي والميداني، فهو يعلن أنه يريد أن يعود إلى المفاوضات بشروط أفضل. فالنظام السياسي الفلسطيني بزعامته غير قادر ولا هو مؤهل على قيادة إستراتيجية نضالية حقيقية على أنقاض المرحلة السابقة الكارثية. لكن أملنا هو أن تفتح هذه الخطوة الآفاق لذلك سواء أراد أبو مازن أو لم يرد.
 
وقال عبد الفتاح: "لو تعلق الأمر برغبتنا أو بالرؤية التي نراها، نحن كحركة وطنية، فإننا نريد أن نرى مراجعة جريئة وشاملة لعشرين عامًا خلت، أو ربما أكثر، من تاريخ إدارة النضال الفلسطيني، وأن يعاد تشكيل الحركة الوطنية الفلسطينية على أسس وطنية، ووقف التنسيق الأمني الكارثي مع الاحتلال، وخوض كفاح شعبي لا هوادة فيه ضد النظام الكولونيالي الإسرائيلي إلى أن تتحقق حقوق الشعب الفلسطيني الشرعية وفي مقدمتها حق اللاجئين في العودة.
 
غير أننا نتعامل مع واقع ومعطيات وسياسات فلسطينية لسنا طرفًا مؤثرًا فيها، بل هي سياسات تُعتمد من طرف فلسطيني واحد همّش الآخرين هو قيادة السلطة الفلسطينية، بموافقة أو بسكوت أو بنقد خجول من الأطراف الفلسطينية الأخرى بسبب عجزها أيضًا عن ترجمة دورها الناقد والمعارض إلى فعل حقيقي يؤدي إلى تغيير المعادلة القائمة. كما أن الربيع العربي لا يزال في بداياته. ويستند موقفنا المؤيد للذهاب إلى الأمم المتحدة، والمشروط بالحفاظ على الثوابت إلى كون هذه الخطوة تشكل تغيرًا من حالة الخضوع الكامل لعلاقات القوة القائمة وللإملاءات الإسرائيلية والأمريكية إلى نوع من التمرد ولو الجزئي وعبر نقل الملف إلى الأمم المتحدة. مما قد يخلق ديناميكية لتطورات أو لمواجهات سياسية وميدانية لا تريدها حتى السلطة الفلسطينية.
 
وفيما يتعلق بالموقف من الإدارة الأمريكية قال: "نحن جئنا الآن من تظاهرة أمام السفارة الأمريكية في تل أبيب، للتنديد بالموقف الأمريكي المنحاز على الدوام لإسرائيل". وقال: "لقد تأكد للكثير من الواهمين والمراهنين على الإدارة الأمريكية بقيادة أوباما أن السياسات الأمريكية لا تتعلق برئيس أسود أو أبيض أو برئيس جمهوري أو ديمقراطي، إنما هي سياسات ناتجة عن نظام رأسمالي إمبريالي، وتعكس هذه السياسات في الوقت ذاته العلاقة العضوية بين المشروع الكولونيالي الإسرائيلي والإمبريالية الأمريكية". وأضاف: "لقد حان الوقت لكل القوى المعنية بالحرية والعدالة والمساواة وحق تقرير المصير للشعوب بأن تعيد التأكيد على هذه القراءة لدور الولايات المتحدة والعالم، ولذلك لا بدّ من معاملة النظام السياسي الأمريكي باعتباره داعمًا للجرائم التي ترتكبها إسرائيل وللجرائم الناتجة عن تكريس الهيمنة في العالم. وهذا أيضًا يفضح حقيقة موقفها من الثورات العربية التي تسعى إلى احتوائها وتجييرها لمصالحها المادية، وليس مصالح العدالة والحرية التي تتشدّق بها.
 
وشدد عبد الفتاح على ضرورة إعادة بناء المفاهيم والقيم والمفردات لحركة التحرر الوطني الفلسطيني التي تفككت في ظل تحويل الصراع كأنه صراع بين دولتين، مضيفا أن إسرائيل دولة ابرتهايد تخاف تكريس هذا الواقع في الأمم المتحدة، وتخاف أيضا من حملة نزع شرعية عنها على غرار ما حصل لجنوب افريقيا في ظل نظامها العنصري البائد. وهذا ما يجب أن يحصل وهو واجبنا جميعًا..
 
واختتم بالقول إن هنالك متغيرات كبيرة واستراتيجية في المنطقة لصالح فلسطين بعد الثورات العربية، لكن هذه الثورات لم تكتمل بعد ولن تلقي بعد بكافة ظلالها على الساحة الفلسطينية، مشددا على أهمية البعد العربي في قضية فلسطين.

التعليقات