عرعرة: في الذكرى الـ92 لانهيار المدرسة ومصرع 13 تلميذا../ د. محمد عقل

وقعت هذه الحادثة في قرية عرعرة من قضاء حيفا (عرعرة المثلث اليوم كانت تاريخيا تعتبر من قضاء حيفا) في بداية العشرينيات من القرن الماضي، ولا تزال تعرف لدى الأهالي بحادثة سقوط بيت أم السعود على رؤوس التلاميذ والتي راح ضحيتها 13 تلميذاً عدا عن الجرحى الذين انتشلوا من بين الأنقاض

عرعرة: في الذكرى الـ92 لانهيار المدرسة ومصرع 13 تلميذا../ د. محمد عقل
وقعت هذه الحادثة في قرية عرعرة من قضاء حيفا (عرعرة المثلث اليوم كانت تاريخيا تعتبر من قضاء حيفا) فيبداية العشرينيات من القرن الماضي، ولا تزال تعرف لدى الأهالي بحادثة سقوط بيت أم السعود على رؤوس التلاميذ والتي راح ضحيتها 13 تلميذاً عدا عن الجرحى الذين انتشلوا من بين الأنقاض.
 
حدثني والدي الحاج أبو أحمد حسن سالم أبو عقل عن والدهقال: ولدت في شهر آذار عام 1920 بعد انهيار البيت بثلاثة أو أربعة أشهر، أي أن الحادثة وقعت في شهري كانون الأول- كانون الثاني 1919- 1920. وفي رواية سمعتها من الأستاذ محمود حسين يونس المكنى أبا فاضل قال: وقعت الحادثة في شتاء عام 1921 وبنيت مدرسة السلام ما بين سنة 1923-1924 وقد كنت ذاهباً إلى بيت أم السعود لأتعلم ولكن أحد أقاربي أعادني إلى دارنا.
 
 روى لنا الحاج أبو زهير سليمان سيف، قال: في العهد التركي تعلمنا في الكتاب عند الشيخ أحمد داود الخطيب، وكان المكان ضيقاً في خشة صغيرة، بعدها فتحوا لنا مدرسة في بيت أم السعود. وقد أجَّره الأهالي وهو الذي هدم على رؤوس التلاميذ، وبعدها بنوا المدرسة الغربية ( حالياً السلام). يروى أن المدرسة المذكورة كانت آنذاك مكونة من بيت كبير له أربع قناطر وسدات، وكان يقع جنوب الدار الكبيرة.
 
حدثني أبو خليل فارس خليل يونس، قال: كنت من بين الذين دفنوا تحت الأنقاض في بيت أم السعود... كان معلمنا اسمه الشيخ طه من قرية إجزم (1)، البيت تسطح من الصدر وانكسرت خشبة في السقف، قام عبد القادر جهجاه، وقال للمعلم يا سيدنا الشيخ: خطر، خطر! البيت رايح يقع!.. فرد عليه الشيخ غاضباً: أُسكت ثم شتمه...  بعدها أرسل الشيخ طه تلميذاً اسمه سعيد خليل لينادي المختار أحمد خليل يونس، ولكن البيت بدأ بالانهيار، فقفز المعلم وهرب، ودفن التلاميذ تحت الردم. لقد أخرجوني من بين الأنقاض سليماً ولكن قتل 13 تلميذاً هم من خيرة أبناء هذا البلد.
 
وأخبرني الحاجأبو عادل عبد القادر حسين مسعود قال: كنت أكبر تلميذ في الصف سناً. البيت أستأجره الأهالي من أحمد فارس يونس. أحضروا لنا معلماً من إجزم اسمه الشيخ طه. تعلمنا في هذا البيت مدة. وفي يوم الحادثة أحضروا لنا لوحاً من خشب له ثلاث أرجل كي نكتب عليه بالطباشير، قبل ذلك كتبنا على ألواح من تنك أو على حجر صغير، الحبر كنا نعمله بأيدينا من شحار الطنجرة، 3-4 من الكبار كنا مشغولين بتركيب اللوح الجديد الذي أرسلته وزارة المعارف، قالوا للشيخ: البيت بدو يقع يا سيدنا الشيخ! قال لهم: اسكتوا! .. لا !.. رُوحوا نادوا المختار أحمد الخليل، وفجأة ما شعرنا إلا البيت واقع! كان البيت مقسوماً إلى قسمين: قاع البيت والمصطبة، لما انهدم البيت أنا وأخي شريف جينا تحت السدة في القاع، لقد قمت من بين الأنقاض، وهرع أهالي عرعرة وعارة وأخرجوا الأولاد. مات 13 تلميذاً كان عمري يومئذ 15 سنة وحدث ذلك في سنة 1920 والشيخ طه هرب وبعد أربع سنوات بنيت المدرسة الغربية (حالياً السلام).
 
 وروى لي الحاج أبو محمد سليمان اليونس، قال: كنت في الصف وسمعت التلميذ عبد القادر العربي يحذر الشيخ طه من أن البيت سيقع لأن الجدار يمشي، وأن مثل ذلك حدث في بيتهم الذي هدم من قبل، فما كان من الشيخ إلا أن صرخ في وجهه وشتمه، لقد سقط البيت..! الكبار من بين التلاميذ الذين تأهبوا هربوا ونجحوا في الخروج منهم عبد القادر حسين مسعود ومن الذين أخرجوهم من بين الأنقاض أنا وعبد القادر عربي جهجاه وخليل يوسف مرعي.
 
ويستأنف حديثه قائلاً أنا كنت من بين من نجوا من الكارثة، أنا وخليل يوسف مرعي قفزنا إلى السدة، هب رجال القرية ونساؤها يحفرون في الردم، وبالصدفة وجدني والدي بين الأنقاض فأخذني وسلمني للنساء بعد أن وجد أنني ما زلت على قيد الحياة، ثم واصل الحفر لإنقاذ الآخرين الذين كانوا لا يزالون تحت الأنقاض.
 
كان للحادثة المذكورة أثر سيء على مسيرة التربية والتعليم في عرعرة إذ عزف الكثيرون عن التعليم حذر الموت. من بين الذين نجوا من حادثة البيت وعثر عليهم بين الأنقاض الأستاذ خليل يوسف مرعي، عبد القادر حسين مسعود، شريف حسين مسعود، سليمان يونس سلامة، عبد القادر عربي جهجاه، فارس جهجاه، إبراهيم قاسم صيداوي، فارس خليل يونس (2).
 
 وفيما يلي قائمة بأسماء التلاميذ الذين استشهدوا:
 
1)     أحمد الحاج ابراهيم عبد الغني أبو عقل.
2)     جميل الحاج يوسف مصطفى ملحم.
3)     محمد حافظ سعيد يونس.
4)     جميل الحاج توفيق سعيد يونس.
5)     ابن صالح أبو ريمه.
6)     إمْرَوِّح محمد أبو واصل.
7)     عبد الكريم محمد الحاج قاسم العتيق.
8)     محمد يوسف أبو ذيب.
9)     توفيق ابن زهية من آل أبو جرور من أم الفحم ربيب محمد مرعي الضعيف.
10)ابن الطيب أسعد يونس.
11)أحمد بن الحاج محمد سلامة يونس.
12)ابن مصطفى عوض أبو زرقا.
13)محمد بن عبد الله الحاج قاسم العتيق.
 
هوامش:
 
1) تشير معظم الروايات إلى أن المعلم هو الشيخ طه من إجزم، وبعد البحث والتنقيب تبين لنا أنه الشيخ طه صالح محمد خديش ولد في قرية إجزم من قضاء حيفا، وتوفي برصاصة طائشة في اللجون عام 1948، وكان قد أوشك على الثمانين، تعلم في الأزهر وحصل على شهادة الأهلية، عمل معلماً في عرعرة وأم الفحم، ثم أصبح مؤذناً وخطيباً للجامع في قرية إجزم، وله اليوم أعقاب في إربد في شرق الأردن.
 
2) مقابلات أجريت مع كل من: الحاج أبو حمزة عبد الله قاسم صيداوي بتاريخ 10/6/1988، الحاج أبو أحمد عبد الغني الحاج إبراهيم أبو عقل بتاريخ 27/6/1988، الحاج أبو حلمي صالح الجمال بتاريخ 5/7/1988، الحاج أبو محمد سليمان اليونس بتاريخ 23/8/1988، الأستاذ أبو فاضل محمود حسين يونس بتاريخ 8/8/1988، والدي الحاج أبو أحمد حسن سالم حسين أبو عقل ووالدتي بتاريخ 9/6/1988، الحاج أبو ماجد راجح محمد عبدالله قاسم ملحم بتاريخ 18/7/1988، الحاج أبو عوني محمود فارس جهجاه بتاريخ 16/6/1988، الحاج أبو عادل عبد القادر حسين مسعود بتاريخ5/9/1989، الحاج أبو محمد عبد الرحمن عوض أبو شرقية بتاريخ 18/8/1989، الحاج أبو خليل فارس خليل يونس بتاريخ 12/8/1988، الحاج أبو زهير سليمان محمود سيف بتاريخ 14/8/1988، الحاج أبومحمد أحمد محمد عبد الله قاسم ملحم بتاريخ 25/8/1988. من الجدير بالذكر أن معظم الرواة أعلاه قد فارقوا الحياة، فرحمهم الله وإلى جنات الخلد.

التعليقات