من أولى بقسائم البناء في قرية كفرمندا؟

الإعلان عن توفير 40 قسيمة بناء للأزواج الشابة في كفر مندا بعث الأمل في سكان الأحياء الأشبه بمخيمات اللاجئين، لكن الأمل سرعان ما تبخّر بعد أن اقتنص الأغنياء غنيمة القسائم ليبقى الضعفاء في زقاقات الضيق

من أولى بقسائم البناء في قرية كفرمندا؟

- الحي الجديد في كفرمندا -


الإعلان عن توفير 40 قسيمة بناء للأزواج الشابة في كفر مندا بعث الأمل في سكان الأحياء الأشبه بمخيمات اللاجئين، لكن الأمل سرعان ما تبخّر بعد أن اقتنص الأغنياء غنيمة القسائم ليبقى الضعفاء في زقاقات الضيق

 

 
تعاني الكثير من البلدات العربية من أزمة سكن خانقة، وكفر مندا ليست استثناء بل يمكن اعتبار بعض أحيائها تجسيدًا حقيقيًا للمعاناة، تذكر بمخيمات اللجوء واختناقها الكثيف. 
 
قبل سنوات رحّب الأهالي، لا سيما المحتاجون، بمشروع قسائم البناء للازواج الشابة الذي يوفر قرابة 40 قسيمة للبناء تليها مراحل  وقسائم اخرى، لكن الكثيرين منهم يعبرون اليوم عن سخطهم. لكن الواقع غير المتكافئ أعاد اليأس لقلوب الأهالي، حيث تمّ تسويق عشرات قسائم البناء منذ العام 2009 في كفر مندا وأقيمت على بعضها بنايات فخمة، فبسبب شروط المناقصات "بالمزاد" وانعدام الضوابط  بقي فان الكثير من الفقراء عالقين في أزمة السكن الخانقة. حي "الشويكة" في كفر مندا أشبه بمخيمات اللجوء، "فصل المقال" كانت هناك.
 
غضب في "حي" الشويكة
حين تتجول في البلدة تلمس غضبا واستياء شديدين في أوساط الاهالي  خاصة في حي يطلق عليه السكان "شويكة"، وينصب سخط هؤلاء على المنظومة الإدارية التي أتاحت للميسورين الحصول على قسيمة بناء وحرمت الضعفاء والمحتاجين، ويشتكي السكان من عدم قدرة المواطن البسيط على مجاراة أصحاب المال والأملاك في المناقصات على القسائم حيث وصل ثمن القسيمة الى مبلغ 280 الف شيكل! 
 
عبد السلام لا يستطيع إتمام فرحته: أقصونا!
عبد السلام عرابي، شاب في أواخر العشرينات من عمره، يسكن في منزل العائلة المتواضع مع 11 من الأخوة في حارة "شويكة"، عقد خطوبته منذ قرابة السنتين ولم يتمكن من الزواج بسبب انعدام الإمكانيات لشراء قسيمة للبناء لثمنها الباهظ، كما أن منزل العائلة لا يقدر على توفير حلٍ مؤقت بسبب حالة الاكتظاظ الخانقة.
 
يعتبر عبد السلام أن طريقة المناقصة المتبعة تمعن في إقصاء الضعفاء، ويقول: "من غير المعقول أن يستغل بعض ميسوري الحال، مشاريع الإسكان التي جاءت لتحل مشاكل السكن للضعفاء، وأن تتحول إلى مشاريع رفاهية للأغنياء، وبدلا من أن تحل أزمة السكن تعمقها، وتقصي أمثالنا لعدم قدرتنا من منافسة هؤلاء الاقوياء والميسورين". 
 
وأضاف قائلا: "من أين لي أن أتمكن من دفع مبلغ 300 ألف شيكل ثمن القسيمة إلى جانب تكاليف البناء والزواج وانا عامل بسيط؟ لن أتمكن أنا وأمثالي أن نتقدم لأي مناقصة طالما بقيت نفس الشروط المتبعة، لذك نحن نطالب المسؤولين وكافة الجهات المعنية بأن يتم العمل لتغيير شروط المناقصات".
 
وفي نهاية حديثه تساءل عرابي: "لماذا يتم بيع القسيمة للجندي الخادم بالجيش بـ40 الف شيكل هل هو مواطن ونحن لسنا مواطنين؟ على ميسوري الحال من غير المحتاجين لسكن إضافي أن يلتفتوا  للضعفاء من أبناء بلدتهم وأن يراعوا أحوالهم الصعبة والأولويات في موضوع السكن، إذ لا يعقل أن تتحول منطقة القسائم إلى "فيلات" كمشاريع تجارية والواحد منا لا يملك مساحة غرفة واحدة". 
 
خليل يفقد الأمل: الحي يختنق ولا حلول في الافق
خليل عرابي، يسكن نفس الحي الذي تفتقر زقاقاته الضيقة لأدنى شروط الحياة العصرية وفي نفس المنزل المكون من أربعة طوابق مع سبعة من الاخوة، وجميعهم متزوجون، لكنه لم يتقدم لأي مناقصة ليحظى بقسيمة بناء لحل أزمته هو وأشقائه، وحول ذلك قال: بداية رحبنا وفرحنا لفكرة القسائم لكن بعدما تبينت لي طريقة المناقصات عرفت أنني والعشرات من أمثالي من المحتاجين للسكن لن نتمكن من المنافسة لا سيما أنّ غالبية العائلات هنا تعتمد على معيل واحد، والحال الاقتصادي والمعيشي مزرٍ وقاسٍ، بينما هناك من الأقوياء من فازوا بالمناقصات". 
ويضيف خليل "طالما بقيت نفس شروط المناقصة هي المتبعة فإننا لن نتمكن ابدا من الحصول على قسيمة، الموضوع مطروح في البلد على نطاق واسع وهناك استياء كبير لكني استغرب ان لا احد يتحرك  لايجاد الحلول، إذا استمر الوضع على هذا الحال فإنّ الحي سينفجر ناهيك عن الآثار الاجتماعية والتعليمية وحتى النفسية لأن الحي يعيش ظروف قاسية ومؤلمة".
 
المهندس مصطفى: يجب تشكيل لجنة لفحص وضعية المتقدم للمناقصات
استعرض مصطفى عرابي، عضو سابق في إدارة السلطة المحلية ومهندس معتمد فيه لمدة أربع سنوات، عملية تسويق القوائم في تلك الفترة وقال: "في العام 2009 كنت اتابع طلبات المواطنين المتقدمين للمناقصات وذلك بعد أن تمت الموافقة على  تسويق 40 قسيمة للأزواج الشابة، عملت على تخفيف حدة المنافسة كي نتمكن من الحصول على عدد قسائم أكبر وبأسعار أقل، وفعلا الغالبية التي فازت بالمناقصات كانت من الازواج الشابة".
 
وحول الادعاء بأن غالبية من حصلوا على قسائم البناء هم من أصحاب الأراضي والأملاك قال عرابي: "لكل قاعدة شواذ لكني اعتقد ان هؤلاء هم قلائل ولا يتجاوزون 7-10 حالات، لكن هذا أيضًا عدد كبير ولا يجب أن يكون مواطن واحد من هؤلاء ويجب القضاء على هذه الظاهرة لأن فيها إجحاف وظلم إضافي للضعفاء اقتصاديًا، لان المشروع جاء أصلا لحل مشكلة السكن وليس مشروع عقارات ربحي، خصوصًا أن هناك حالات إنسانية كثيرة في البلد وخصوصا في حي "شويكة" ممن تتهددهم ازمة السكن بتبعاتها الاجتماعية والانسانية وحلها يجب ان يكون مسؤولية كل مسؤول وكل مواطن في البلد".
 
وحول آلية المناقصة قال: "قوانين وزارة الاسكان تتعامل مع المواطنين عن طريق الاوراق الرسمية فقط ولا يوجد هناك لجنة لفحص أهلية وتفاصيل مقدم الطلب وقانونية أوراقه، وبالتالي علينا أن نعمل على تشكيل لجنة فحص تضم ممثلين من الأهالي والسلطة المحلية وممثلين عن وزارة الاسكان لضبط العملية ومنع التلاعب في المناقصات وإتاحة المجال للمحتاجين لامتلاك قسيمة بناء للسكن بشروط مقبولة ومعقولة، كذلك على غير المحتاجين من أبناء كفر مندا أن يراعوا هذا الأمر، وأن يراعوا الحالة الاجتماعية والإنسانية للطبقات الضعيفة اقتصاديًا من أبناء بلدتنا لأنّ هذا واجبنا الديني والإنساني والأخلاقي تجاههم".

التعليقات