العمل التطوعي في مواجهة الخدمة "الوطنية"

تعود جذور العمل التطوعي في تراثنا العربي الفلسطيني إلى أزمنة بعيدة، و بلا شك أن الحاجة للعون المتبادل بين الناس هي التي أسّست له، فمن أجل بناء بيت، ومن أجل جمع محصول زراعي أو حفر بئر أو حراسة القرية وغيرها من المهام الحياتية كان لا بد من التعاون والتطوّع.

العمل التطوعي في مواجهة الخدمة

صورة لعمل تطوعي

تعود جذور العمل التطوعي في تراثنا العربي الفلسطيني إلى أزمنة بعيدة، و بلا شك أن الحاجة للعون المتبادل بين الناس هي التي أسّست له، فمن أجل بناء بيت، ومن أجل جمع محصول زراعي أو حفر بئر أو حراسة القرية وغيرها من المهام الحياتية كان لا بد من التعاون والتطوّع.

يتذكر كبار السن كيف كان أهل القرية كلها يجتمعون لصب سقف بيت جديد بالإسمنت المسلح، لم يكن وقتها الباطون الجاهز ولا شفاطة الباطون، كان صاحب البيت  يدور على الأقرباء والجيران والأصدقاء ويطلب العون على"صبّة السطح".

عرف العمل التطوعي في بلادنا من خلال التنظيمات السياسية والجمعيات الفلسطينية قبل قيام إسرائيل وهذا يحتاج بحث ودراسة.

اشتهر في بلادنا قبل حوالي أربعة عقود أسبوع العمل التطوعي في الناصرة في فترة رئاسة الراحل الشاعر توفيق زياد للبلدية، وكان المتطوعون يصلون من كل البلاد والضفة الغربية وغزة للعمل دعمًا للبلدية  الوطنية، فكانوا يشقون طرقًا جديدة ويبنون الجدران الواقية ويحفرون خطوط مياه وغيرها من الأعمال.

وقد شكل هذا نموذجا لكثير من المجالس والبلدات العربية، كذلك بعد ظهور الحركة الإسلامية تبنت نشاطات تطوعية كثيرة معظمها ترميم المقابر والمساجد في القرى المهجرة، وبظهور التجمع الوطني على الساحة الوطنية انبثق من بين شبيبته عدد كبير من مجموعات العمل التطوعي والجمعيات الفاعلة حتى يومنا هذا. 

إلا أننا نلاحظ أن العمل في الضفة الغربية مزدهر أكثر بكثير من داخل مناطق 48 وخصوصًا لدى طلاب الجامعات، وربما بسبب وجود ضرورة للعمل الجماعي مثل مساعدة الفلاحين بجني محاصيل الزيتون في مواجهة المستوطنين والأعمال البلدية نظرًا لشح الميزانيات والمعاناة في ظل الإحتلال. 

مجد الكروم: متطوعون

لفت انتباهنا على صفحات الفيس بوك نشاط لشبان من مجد الكروم ينشرون صورًا لعملهم التطوعي. "فصل المقال" التقت  ثلاثة من الناشطين في مجد الكروم، قاسم كريّم، موسى سلامة، وعمر شعبان، وهؤلاء الشبان ومعهم حوالي 20 شابًا أطلقوا على أنفسهم اسم(شباب العين الساهرة)، وهي صفحة على الفيسبوك يديرها موسى سلامة منذ تسعة أشهر،وهي تهتم بالشؤون المجدلاوية فتدور من خلالها نقاشات اجتماعية وسياسية وغيرها، كذلك فقد نوقشت على صفحاتها فكرة العمل التطوعي"عن هذا يقول موسى سلامة" كانت أفكار واقتراحات هلى صفحة العين الساهرة، نحن قررنا أن نحولها إلى فعل" .

هكذا بدأنا في مشروع  تنظيم السير والحركة على ساحة العين، بسبب الزحام هناك، وقد حققنا نجاحًا حيث عملنا 17 ليلة ويومًا متواصلة خلال شهر ومنعنا الفوضى وحققنا هدوءًا لأهل الحي ولمن يمرون من هناك.

بعدها اقترح الشاب (سعيد حمود) على الصفحة تنظيف البلدة قبل العيد، فلبى الدعوة العشرات ونظفنا الشوراع استقبالا لعيد الفطر السنة الأخيرة، كذلك نشأ مشروع مسابقة رمضان وقدمنا جوائز من متبرعين".

عن نشاطه يقول قاسم كريّم" الجميل هو أن المجموعة ليست حزبية، هي للجميع ونرحب بكل من يتطوع أو لديه أفكار، أخذنا على عاتقنا حراسة القاعة الرياضية لمدة 25 يومًا، فقد كانت في حالة ترميم ومواد البناء والقاعة بدون حراسة، وحرصًا عليها تطوعنا وشارك الكثير من الناس، كانت الحراسة  فكرة الأخ سمير كيوان، وخلال ليالي حراسة القاعة أقيمت أمسيات ومحاضرات ولقاءات اجتماعية، منها محاضرة للعامل الصحي (أحمد خلايلة) عن أضرار تدخين الأرجيلة الصحية".قبل أيام اقترح علينا طالب من الإعدادية أن نعمل خطوطًا لمرور المشاة في وسط (ساحة الرشاد)، وقررنا أن نقوم بدهن جميع معابر المشاة في القرية.

عمر شعبان عضو هذه المجموعة يقول" من خلال هذه المجموعة تعرفت على أناس كثيرين لم أعرفهم من قبل،وجدت فيهم الكثير من الخير، المهم أن المجموعة لا أهداف لها غير خدمة البلد".

يعود موسى ليقول" الدكتور محمد خطيب توجه إلينا واقترح جمع تبرعات للاجئين السوريين، وبدأنا بالمشروع، لم يكن غيرنا نحن والدكتور محمد خطيب وقد كان النجاح كبيرًا، وسلمنا ما جمعناه إلى جمعية الجليل وقد وصلت الشاحنات إلى مخيم الزعتري لأصحابها قبل أيام".
العمل مستمر فقد بلّطنا ورمّمنا إحدى غرف الصفوف في المدرسة الثانوية قبل أسبوع، وقامت الهيئة التدريسية بتكريم المجموعة.

في مواجهة الخدمة الوطنية

وعن الخدمة الوطنية التي تحاول السلطات زج شبابنا فيها قال قاسم كريم:أنا ضد الخدمة المدنية، أدعو لأن نتطوع في مؤسساتنا وقرانا ومدننا، أسميها خدمة بلدية، أو مدنية".

وعن هذا قال عمر شعبان" الخدمة المدنية التي تريدها السلطات هي اعتراف منك بأنك حصلت على جميع حقوقك وعليك أن تقدم واجبك، هذا شيء غير مقبول أدعو كل شخص يرى بنفسه إمكانية، موهبة أو قدرة في أي مجال أن يقدم لشعبه وأناسه وبلده بدلا من الخدمة المدنية.
              
باولا تيتي تتطوع...

وفي حديث مع الآنسة (باولا تيتي) من قرية البعنة حول رأيها بالعمل التطوعي قالت: كل حياتي وأنا أتطوع لأهل البعنة، أنا أشتغل في المدارس بوظيفة جزئية عن طريق المجلس ولكنني أعطي ساعات حسب حاجة الطلاب تطوعًا ولا أبخل عليهم وذلك في موضوع "علاج بالدراما".
كذلك عملنا في تجمّع فرع البعنة على جمع كتب للأطفال ووزعناها على الطلاب بهدف زيادة الوعي والثقافة، إلى جانب هذا عملنا على إجراء تبادل كتب دراسية بين الطلاب للتوفير على الأهالي، وحملات إغاثة في البلدة، ووزّعنا شهادات تقدير للشخصيات البارزة في البلدة لنشجّع المبدعين والناجحين.

وحول الخدمة المدنية قالت باولا" أنا ضد الخدمة المدنية قطعًا، يجب أن ندخل إلى جميع المؤسسات الحكومية بدون خدمة مدنية".

أمل أحمد عبدو درويش متطوعة من عكا

أما أمل عبدو درويش من عكا فهي سيدة معروفة للعكيين كمتطوعة منذ زمن بعيد، وفي حديث معها لفصل المقال قالت"أنا منذ أربعين سنة كنت أشتغل وأتطوع، خصوصًا مع العجزة من خلال مؤسسة التأمين الوطني،كنا نساعد الناس ليعرفوا حقوقهم،كذلك تطوعت في بلدية عكا، كنا نبحث عن من هم بحاجة من الناس لمساعدتهم خصوصًا التدفئة في الشتاء.

كذلك أتطوع في جمعية النساء العكيات منذ حوالي 12 سنة، أنا وصديقة لي أقمنا ناديًا للنساء، نشاطاتنا هي عبارة عن محاضرات يقدمها مختصون وخصوصًا للنساء.    

التعليقات