طمرة: يعلن بيع كليته بالمزاد العلني لمقاضاة مشفى

المشفى ابتلع حقه وهو صاحبه والمبادر الأول، مازن خطيب من طمرة صاحب الأرض والفكرة والتراخيص، وبلا رحمة تم إقصاؤه بالكامل من الصورة والتنكر له ولحقه ودوره في هذا المشروع العظيم

طمرة: يعلن بيع كليته بالمزاد العلني لمقاضاة مشفى

مشفى الرحمة..

التقيته في رابية "العش" في أحضان الجبال الفاصلة بين بلدة كوكب أبو الهيجاء ومدينة طمرة حيث أقيمت ورشة عمل هناك لم تتضح معالمها بعد. وبلا موعد وعند إطلالة شمس صبح من ربيع نيسان في روابي بعيدة عن الضجيج يهيمن عليها سكون المعابد، ولا يكسر الصمت إلا ثغاء خراف ترعى في محيط المكان وصفير وغناء راعيها، لكنها لا تخلو من بؤس وقساوة حال الرجل الذي التقيته دون ميعاد، وبدأ تجاسره على ماضيه ومرّ حاضره. وبمحض صدفة وبدون قرار مسبق وأنا في طريقي الروتيني لعملي انعطفت يسارًا في طريق ترابي حيث قامت ورشة عمل بدائية حديثا هناك. ترجلت واقتربت من الرجل بملابسه الرثة حيث كان يعمل وهو يتصبب عرقا والشقاء ظاهر على وجهه.

تجاوز الخمسين بكثير، أو ربما، هكذا يوحي وهو في حالة لا يحسد عليها من ملامح الشقاء وشظف العيش رغم سحر الطبيعة وعذرية المكان، إلا أن حالته لا تبدو مكترثة لهذه الشاعرية.

مازن خطيب من مدينة طمرة، تبادلت معه مقدمات الحديث الروتيني، فاندفع بفضوله ووحدته في عمله لمعرفتي وبتفاصيلي الشخصية، وبالتعارف التقليدي، وسرعان ما فاجأه تعريفي لنفسي له بأنني صحافي، وعاتب بلهجة استنكارية معاتبة ولا تخلو من نبرات الغضب، وقال: "وأخيرًا وجدتك.. أهو أنت؟!.. لقد انتظرت هذا اللقاء منذ زمن". وأعاد لذاكرتي تقريرا كنت قد كتبته عن مشفى الرحمة في طمرة، و أوضح لي أنه يعتبرهم قد تطاولوا على حقه في المكان وسلبوا منه تعب وحلم العمر.

تذكرت ذلك التقرير عن افتتاح مشفى "الرحمة" في مدينته طمرة. وتخلل هذا التعارف السريع غصة عميقة بدت أنها تحمل لدى الرجل دلالة وجرحًا عميقا، وتوجه لي الرجل معاتبا بالمرارة والأسى رافقه سيل من دموع الرجال بدا مرا بمرارة وحرقة العوز، كما أكد لي، وأثار حزني وفضولي معا لمعرفة أين كانت سقطتي المهنية والإنسانية التي جرحت هذا الرجل عميقا لاسيما وأنا مفرط في حساسيتي تجاه الغبن، بحيث بدأت أتشكك بأنني قد انزلقت في مطب لا إنساني وغير مهني لهذا الحد الذي يستدعي هذا الوجع من دمع الرجل وعزته، فضلا عن عدم "المهنية والنزاهة" الصحفية.

وعندما روى لي الرجل حقيقة قصته مع مشفى "الرحمة وجمعية "الزهور" القيمة على المشفى التي ابتلعت حقه وتجاهلي لذلك في تغطيتي الصحفية، أجبته بأني جئت في حينه فقط لتغطية صحفية تقليدية بافتتاح مشفى حمل بشرى مشروع إنساني للمنطقة، ولم آت بغرض إجراء تحقيق صحفي والبحث عن "خفايا مشروع" لم أتوقعها مع مجرد الافتتاح، إلا أننا عرفنا لاحقا أن تغطيتنا لافتتاح مشفى الرحمة كانت قد جهلت حقيقة أكدها لنا هذا الرجل أن المشفى قد ابتلع حقه وهو صاحبه والمبادر الأول، مازن خطيب من طمرة صاحب الأرض والفكرة والتراخيص، وبلا رحمة تم إقصاؤه بالكامل من الصورة والتنكر له ولحقه ودوره في هذا المشروع العظيم مما اضطره للبحث عن العمل الأسود حيث المكان الذي التقينا فيه كما روى لنا.

بعد عام وأكثرعدت والتقيت الرجل مجدّدا بعدما علمت أنه أعلن عن نيته بيع كليته لتمويل المحامين في مساره القضائي ضد مشفى "الرحمة" وجمعية "الزهور" ليلخص لنا ربما الفصل الأخير من حكايته التي سردها وكأنها من الزمن السحيق عندما اختمرت لديه قبل قرابة عشر سنوات، فكرة إقامة مشفى للمنطقة بمدينة طمرة على أرضه الخاصة، وهو يعي جيّدا حجم مشروع ضخم كهذا ومستلزماته، لذلك بحث عن شريك له بعدما كان قد خصص مساحة من أرض الخاصة لهذا الغرض.

يقول خطيب: "عملت على استصدار كل التصاريح التي استنزفتني ماديًا، وبالتالي رست الشراكة مبدئيا بيني وبين جمعية "الزهور" بعدما اتفقنا على الشراكة بعد لقاء تم بيني وبين مسؤولين كبار في الحركة الإسلامية، ثم طالبوني بتحويل أرضي من ملك خاص إلى ملك وقف إسلامي بذريعة أنه حتى يتسنى لهم جمع التبرعات لصالح إقامة مشروع "مشفى الرحمة" علما أن الأرض مازالت باسمي ورخصة البناء والمشفى كذلك، ولم تسجل في دائرة الطابو حتى اليوم".

ويتابع خطيب: "لقد جمعوا الملايين من التبرعات على اسمي، وما أثار استيائي وغضبي أكثر هي مهزلة تقديم عرض مفاده تقاضي مبلغ 2500 شيكل شهريا من المشروع".

وتابع: "مشكلتي أنني أمنت لأناس اعتبرتهم من شرفاء الأمة إلا أنني وقعت بفخهم". وأضاف: "بعد تدخل العشرات من المشايخ ورجال المجتمع كوسطاء بيننا قمت بعد سنوات من المرارة والشقاء بتجميد الإجراءات القانونية في محاولة لإيجاد تسوية وإعادة حقي كاملا بعد عشرة سنوات من المعاناة والكوابيس اليومية إلا أنهم قدموا عروضًا هزيلة، و آمل أن يتم الاعتراف بحقي كاملا رغم أن المسافة حتى الاعتراف لا تزال شاسعة".

تعقيب الرحمة: لا نتنكر للاتفاق والشراكة..

بعد أن تنصل مدير مشفى الرحمة زاهر همام من التعقيب على الأمر لموقع عــ48ـرب، توجهنا إلى الأستاذ يوسف منصور كممثل عن جمعية "الزهور" القائمة على مشفى الرحمة، فقال: "نحن لا نتنكر لحق الرجل وشراكته. صحيح أن الأرض أحيلت للوقف، لكن مازن خطيب رفض عروضنا للتسوية معه، وطرح شروطا تعجيزية لانستطيع الموافقة عليها، ونحن لازلنا نسعى لإيجاد حل يرضي الطرفين، وآمل أن يتم ذلك بالشكل المقبول رغم أنه اختار طريق المحاكم".

التعليقات