بحث: تعامل الإعلام الإسرائيلي مع النكبة يتراوح بين إنكارها وإنكار المسؤولية عنها

الإعلام الإسرائيلي يعكس مقولات رسمية تنكر النكبة * إزدياد الحراك الفلسطيني يفرض النكبة على الأجندة الإسرائيلية * معظم الأخبار ترى في النكبة تهديد مستمر يهدف لنزع الشرعية عن إسرائيل

بحث: تعامل الإعلام الإسرائيلي مع النكبة يتراوح بين إنكارها وإنكار المسؤولية عنها

أظهرت نتائج بحث أجراه مركز "إعلام" بالتزامن مع الذكرى الـ 66 لنكبة الشعب الفلسطيني أن تعامل الإعلام الإسرائليلي مع النكبة يتراوح بين انكارها وانكار المسؤولية عن حدوثها  والنظر إليها كتهديد مستمر يهدف لنزع الشرعية عن إسرائيل. كما يبين أن إزدياد الحراك الفلسطيني لإحياء النكبة يفرضها على الأجندة الإسرائيلية.

ونشر مركز إعلام اليوم ملخص البحث الذي سيصدر قريبا بعنوان "نكبة فلسطين في أوساط الجمهور الإسرائيلي: أنماط الإنكار والمسؤولية" للبروفيسور أمل جمّال وسماح بصول، ويعتمد على رصد وتحليل المقالات والأخبار التي تطرقت للنكبة ونشرت في الإعلام العبري خلال السنوات 2008 حتى 2012 ووصل عددها الى 318 مقالًا وخبرًا نشرت في الصحف: هآرتس، يديعوت أحرونوت، معاريف، يسرائيل هيوم وهموديع.

ويوضح القيمون على البحث أن أهميته تكمن في توفيره قراءة لمساحة المعرفة والوعي الإسرائيلي في كل ما يتعلق بالنكبة وطرق التعامل معها على الصعيدين الشعبي والرسمي.

وأظهرت النتائج أن الكم الأكبر من المقالات والأخبار المتعلقة بالنكبة نشرت في العام 2011 حين إجتاز الفلسطينيون من مخيمات اللاجئين في سوريا خط وقف إطلاق النار مع إسرائيل خلال إحيائهم لذكرى النكبة، الأمر الذي يؤكد أن الحراك الفلسطيني وإحياء ذكرى النكبة بطرق مبتكرة وغير مألوفة له أثر كبير على الجمهور والإعلام الإسرائيلي، وكلما إزداد الحراك والتمسك بالرواية الفلسطينية يزداد الإهتمام بالرواية الفلسطينية عالميًا، وكذلك إسرائيليًا سواء على الصعيد الرسمي او الإعلامي، لكنه يقابل في معظم الحالات بإنكار النكبة.

أما على الصعيد التحليلي لمضامين الاخبار والمقالات المنشورة، يُظهر البحث أن هناك خمسة أشكال لكيفية تعامل الجمهور الإسرائيلي مع موضوع النكبة وهي:  إنكار النكبة والتعامل معها كإختراع لدعم الدعاية الفلسطينية وتزوير التاريخ، إنكار المسؤولية لحدوث النكبة وليس إنكار حدوثها،  النكبة هي حدث تراجيدي مستمر حتى يومنا هذا،  النكبة هي تهديد مستمر يهدف لنزع الشرعية عن إسرائيل،  النكبة هي ذاكرة جمعية يجب إحترامها.

وبرز من خلال النتائج أن هناك تباينًا ما بين إنكار النكبة وإنكار المسؤولية لحدوثها، لكن الكم الأكبر من الأخبار يرى في النكبة تهديد مستمر يهدف لنزع الشرعية عن إسرائيل، وهذا ليس بالأمر المفاجئ في ظل تعاظم التعامل السلبي من قبل المؤسسة الإسرائيلية مع موضوع النكبة والمتمثل بسلسلة من القوانين وعلى رأسها "قانون أساس – الميزانيات" الذي ينص بمعاقبة المؤسسات والجمعيات التي تعتبر يوم "الإستقلال" كيوم حداد او حزن.

أما إسقاطات إنكار النكبة أو إنكار المسؤولية لحدوثها فتتمثل بمحاولات محاربة الذاكرة الجماعية والرواية الفلسطينية وما يترتب على ذلك من حملات إعلامية تبرزها كأكذوبة، الى جانب محاولات طمس ما تبقى من معالم القرى الفلسطينية المهدمّة.

ويتضح من خلال البحث أن هناك ستة دوافع أساسية لانكار النكبة تتلخص في ما يلي:

- أيديولوجية، تعكس التخوف من زعزعة الفكر الصهيوني.

- أخلاقية، تتعلق بانكار إسرائيل المسؤولية الأخلاقية لحدوث النكبة.

- نفسية، تتعلق بالحفاظ على كون اليهود ضحية.

- إستراتيجية، تتعلق بتملص إسرائيل من المسؤولية في قضية اللاجئين الفلسطينيين وكونهم مركب أساسي لحل النزاع.

- قانونية، تكمن في الخوف من محاسبة ومقاضاة الإسرائيليين المسؤولين عن حدوث النكبة وفتح النقاش في الحق على الأرض وأملاك اللاجئين.

- دبلوماسية، تتعلق بوضع إسرائيل في موقف دفاعي يعزز الموقف الفلسطيني.

إلى جانب تعاظم إنكار النكبة البارز جليًا في الإعلام الإسرائيلي، يجد  الباحثان أن هناك كما لا بأس به من المقالات والأخبار التي تتطرق للنكبة كحدث تراجيدي ومأساة شعب، لكن هذه التعددية في الآراء ما هي الا محاولة لتصوير الخطاب الاعلامي والجماهيري الإسرائيلي على أنه موضوعي، لكنها في حقيقة الأمر محاولة لتبييض صفحة الإنكار الممنهج والممؤسس. 

من الجدير ذكره بأن مركز إعلام سينظم ندوة خاصة لعرض نتائج البحث بمشاركة مجموعة من الصحافيين والاكاديميين ستعقد في مدينة يافا نهاية شهر أيار الحالي كجزء من الفعاليات لاحياء ذكرى النكبة الـ 66.

وقالت سماح بصول، المشاركة في البحث، لعرب ٤٨ إن هناك محاور أساسية في البحث تناولت كل الأخبار والمقالات ومجمل المواد الصحفية التي تناولها الإعلام العبري في العام 2011 حول النكبة وذلك في أعقاب تشريع قوانين، ومنها قانون النكبة، وتغريم كل مؤسسة تعتبر يوم"استقلال اسرائيل" يوم حزن، وغيرها من القوانين، حيث بينت كل تلك المواد الإعلامية حالة من الإجماع المجنّد لدحض الرواية التاريخية للنكبة وتخويف المجتمع الاسرائيلي من هذه الرواية، بحيث عكست الانكار الواضح للنكبة".

وأضافت  بصول: في عامي 2011-2012 وبعد اتساع النشر حول النكبة في الإعلام الخارجي-(ليس العربي والفلسطيني)، ظهرت أصوات إعلامية قليلة وخافتة، خارجة عن هذا الإجماع إلا أنها شكلية، أو فلنقل محاولة لـ "تبييض الوجه"، من خلال اعتبار الفلسطينيين  ضحية لحدث تاريخي، مع محاولة تحميل الفلسطينيين والعرب مسؤولية النكبة، وتنصل إسرائيل منها واعتبارها حربا خسرها العرب.

وأضافت بصول: "يبين البحث أن الإعلام الاسرائيلي هو بوق واحد يطلق نفس الصوت بنغمات مختلفة".

وقالت إن هناك دوافع كثيرة لعدم الاعتراف بالنكبة، فيدعون بأنهم غير مسؤولين عنها، وبطريقة أو بأخرى- يحملون الفلسطينيين مسؤولية النكبة لأن الإنكار مهم لهم بدافع الخوف من الرواية الحقيقية والتي من شأنها زعزعة الثقة لدى المواطن اليهودي بالرواية الصهيونية، بكل ما يمكن أن ينطوي على تداعيات واستحقاقات يترتب عليها هذا الاعتراف، ومن بينها حق العودة وغيرها من الاستحقاقات.

التعليقات