النقب: تنكيل وحشي وملاحقات لعائلة عربية تنتهي بإغلاق ملف التحقيق!

لم تنتظر عائلة طالب الطوري من مدينة رهط، التي تعرضت للاعتداء والتنكيل الوحشي خلال مظاهرة الغضب التي أجريت عام 2013 ضد مخطط "برافر" الاقتلاعي، أن ينصفها قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة "ماحش"، لكنها لم تتوقع الاستخفاف إلى هذا الحد، وفوجئت بق

النقب: تنكيل وحشي وملاحقات لعائلة عربية تنتهي بإغلاق ملف التحقيق!

تصوير "أكتيف ستيل"

لم تنتظر عائلة طالب الطوري من مدينة رهط، التي تعرضت للاعتداء والتنكيل الوحشي خلال مظاهرة الغضب التي أجريت عام 2013 ضد مخطط 'برافر' الاقتلاعي، أن ينصفها قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة 'ماحش'، لكنها لم تتوقع الاستخفاف إلى هذا الحد، وفوجئت بقرار إغلاق ملف التحقيق دون استدعاء أي من أفراد الشرطة الذين نفذوا لاعتداء الذي كاد ينتهي بمقتل أحد أفراد العائلة، والأبلى من ذلك هو سلسلة الملاحقة والتضييق  التي تعرض لها الطوري من أذرع الشرطة المختلفة بعد تقديمه شكوى في قسم التحقيقات مع أفراد الشرطة ضد المعتدين.

 ويعود الاعتداء الوحشي إلى يوم ٣٠ تشرين ثاني(نوفمبر) ٢٠١٣، حيث خرج الوالد طالب الطوري مع أبنائه الثلاثة للمشاركة في مظاهرة الغضب التي أعلن عنها الحراك الشبابي ضد مخطّط برافر الاقتلاعي، الذي هدف لمصادرة قرابة ال ٨٠٠ ألف دونم من أراضي الفلسطينيين في النقب.

وقال الطوري: “خروجنا للمظاهرة كان احتجاجاً على المخطّط الذي يهدف لتهجيرنا من أرضنا، إلّا أنه عندما أرادت الشرطة فتح الشارع الذي أغلقه المتظاهرون هاجمونا بالخيالة والعصي، فتفرقنا ووصلت أنا وأولادي الثلاثة إلى قرية حورا، وهناك سمعت ابني يقول إنه يسمع خطوات قوّات الشرطة الإسرائيلية والخيّالة تقترب نحونا ولم نقو على تمييز القادمين بسبب الظلام الذي خيم على المنطقة، إلّا أن أصوات معدّاتهم وأسلحتهم جعلتنا تنأكد من أنهم قوّات شرطة”. 

اعتداء همجي

لم يتمكن الطوري من الهرب برفقة أبنائه الثلاثة، واستطاع واحد أن يفلت من قبضتهم، إلّا أن الطوري واثنين من أبنائه بقوا بين البيوت في قرية حورا، فهاجمتهم قوّات الشرطة الإسرائيلية بالعصي والهراوات وانهالت عليهم بالضرب المبرح حتى أغمي على الوالد، فتركوه ينزف وباشروا بضرب ابنيه وهما مكبّلين وسط توجيه الشتائم والإهانات. وعندما صاح نضال، الابن الأكبر لطالب الطوري يتساءل إن كان والده قد مات أم لا زال على قيد الحياة، قرّر الشرطي أن يتأكد من أن طالب ما زال على قيد الحياة، فباشر بضربه حتى استفاق من غيبوبته. 

تنكيل تحت جنح الظلام

كانت الظلمة الحالكة تلعب لصالح قوّات القمع الإسرائيلية، وقال الطوري إن “الشتائم كلها التي تلقيناها كانت في كفة، وعندما قالوا: إن الظلمة حالكة ولا أحد يرى ما يحصل هنا، نستطيع إطلاق رصاصة على رأس كل واحد منكم ولن يعرف أحداً ما حصل فعلاً، في كفة أخرى. إذ علمنا عندما سمعنا هذه الجملة كم دمنا رخيص، وهذا إن دل على شيء يدل على أن الشرطة الإسرائيلية لن تتردّد في قتلنا نحن العرب، إن سنحت لها الفرصة والظروف الملائمة. 

اقتادت قوّات القمع الإسرائيلية الطوري وأبناءه لمركز التحقيق، وتابع الطوري: “عندما وصلنا محطّة وقود حورا أمر الضابط المجندين بالكف عن الضرب بسبب كون المنطقة مُنارة'. اعتقد الطوري حينها أن معاناتهم انتهت إلّا أن رجال الشرطة واصلوا التنكيل بهم،  ولدى الوصول إلى مركز الشرطة زجوزا بأفراد العائلة في معتقل صغير ووانهالوا عليهم ركلا”. 

اتهامات باطلة

وأضاف: عندما أقتادوني إلى غرفة التحقيق أمرهم الضابط بفك القيود عن يداي وقدماي، وعندما تركوني وقعت أرضاً من شدة الوهن، فسأل المحقّق عن حالي فكان ردّ رجال الشرطة بأني أصبت خلال مشاركتي في رشق الحجارة، فأمرهم باقتيادي إلى مستشفى سوروكا كون التحقيق شبه مستحيل معي وأنا على هذا الحال”. 

مزيد من القمع

لم تكتف قوّات القمع بما قامت به حتى اللحظة، وروى الطوري أن “قوات الشرطة استمرت بالضرب والشتائم طيلة الطريق، حتى وصلنا المستشفى وهناك ضربوني حتى في الرواق بين الفحص والآخر. الممرّضة لم تقم بفحصي بل كان كل ما فعلته هو مجرّد الإضاءة علي بمصباح صغير، وأمرت بإعادتي للسجن وهناك خضعت لتحقيق مطوّل. وأمرت المحكمة في اليوم التالي بالإفراج عنّي وهذا إن دل على شيء يدل على أن هذا الاعتقال كله كان تعسفّيا، وأن استهدافنا كان كوننا عرباً ليس إلّا”.

ملاحقة في المنزل والشارع

لم تنتهي معاناة العائلة عند هذا الحد، فمع تقديم رب العائلة طالب شكوى في وحدة التحقيق مع رجال الشرطة (ماحاش)، تحوّل طالب الطوري ابن قرية العراقيب والقاطن في مدينة رهط عدو شخصي لضبّاط شرطة إسرائيل. 

عند الإعلان عن المهرجان الذي أقيم بعد أشهر قليلة من يوم الغضب الأخير في النقب لتكريم معتقلي النقب بعد إسقاط المخطّط، خرج طالب برفقة اثنين من الناشطين في النقب لإحضار دروع التكريم من مدينة الخليل. وعند عودته اعتقلته الشرطة الإسرائيلية على الحاجز للتحقيق، وأفرجت عنه بكفالة قدرها ١٠٠٠ شاقل بعد يوم من الاعتقال. وقال الطوري “منذ أن تقدّمت بشكوى وتم الإفراج عنّي وأنا أشعر أنني ملاحق، تم سؤالي في التحقيق عن علاقاتي في الخليل ومن أعرف هناك، بالإضافة إلى التهديد المستمر بسجني”.

لم تكن الملاحقة وهماً يشعر به طالب، وعندما كان يجلس في ساحة منزله داهمته قوّات من الشرطة مدّعية أن العمّال الذين يعملون في بيته من الضفة الغربية ولا يملكون تصريح عمل. وقال إن “الشرطة داهمت المنزل واعتقلتني بتهمة تستّري على عمّال أجانب بلا تصريح، وبعد تحقيق مطوّل تبيّن خلاله أن العمّال فعلاً يملكون التصريح اللازم أفرجوا عنّي مقابل كفالة مالية قدرها ٥٠٠٠ شاقل”. 

شرطة السير تتجند للانتقام

وتابع: “عند خروجي من مركز الشرطة وتوجّهي نحو رهط أوقفني ضابط المخابرات في النقب، برفقة ضابط شرطة السير وكان السؤال الأول: هل تعلم بأن رخصتك منتهية الصلاحية ؟. كانت إجابتي بأنني ممنوع من قيادة مركبة درجة ثالثة (سيارة شحن)، والآن أقود مركبة شخصية درجة ثانية وهذا غير ممنوع. طلبوا وقتاً للفحص وقالوا إن الفحص عبر الجهاز غير متاح، سنعتقلك حتى الغد لنرى إن كانت فعلاً رخصتك سارية المفعول”. 

اتهامات بإيواء عمال من الضفة بدون ترخيص

عُرض الطوري في اليوم التالي على المحكمة، ومدّدت المحكمة اعتقاله ٧ أيام لسبب مخالفة سير يرتبها للمرة الأولى، وفي حال كانت رخصة قيادة الطوري منتهية الصلاحية فعلاً ففي أسوأ الحالات يحصل على إنذار. إلّا أن المحكمة قرّرت بتوصية من الشرطة أن تحكم أب لثمانية أولاد بالحبس المنزل المفتوح الذي ما زال يعاني منه حتى اليوم منذ ٧ أشهر. 

الضربة القاضية كانت منذ أيام، وقال الطوري: “تحمّلنا كل هذا آملين في محاكمة من نكّل بي أمام أبنائي، ومن نكّل بأبنائي أمامي، إلّا أن إغلاق الملف يوم أول أمس كان كالصاعقة علينا خاصة بعد أن علمنا أن (ماحاش) لم تفتح تحقيقاً مع أي من رجال الشرطة”.

وفنّد محامي العائلة رواية 'ماحش'  بأنها أغلقت الملف بعد التحقيق مع رجال الشرطة المشتبه لعدم وجود أدلّة، وأكدّت العائلة أن “المحامي أبلغ العائلة بعد الاطّلاع على الملف أن القسم لم تحقّق مع أي شرطي ولم يتخذ أي إجراء في الملف”.

 

التعليقات