«عين الصراط» هدمت وعلى انقاضها بنيت «عين سريد»

67 عاما مرت على نكبة الشعب الفلسطيني الذي اقتلع من وطنه وشرّد. قرية «عين الصراط» هي قرية مهجرة قلما تتداولها الألسنة، وهي قرية كانت تتبع لمحافظة طولكرم، وبعد احتلالها وتشتيت أهلها اقيمت على أنقاضها مستوطنة "عين سريد" القريبة من مدينة نتان

«عين الصراط» هدمت وعلى انقاضها بنيت «عين سريد»

صورة لأحد بيوت قرية عين الصراط

67 عاما مرت على نكبة الشعب الفلسطيني الذي اقتلع من وطنه وشرّد. قرية «عين الصراط» هي قرية مهجرة قلما تتداولها الألسنة، وهي قرية كانت تتبع لمحافظة طولكرم، وبعد احتلالها وتشتيت أهلها اقيمت على أنقاضها مستوطنة 'عين سريد' القريبة من مدينة نتانيا، لكنها بالنسبة للحاجة لطفية ربيع، المهجرة من القرية، لا زالت عين الصراط التي لا تنساها ولا تنسى ذكرياتها فيها، وتسرد لـ 'عرب 48' ذكرياتها في القرية.

وقالت الحاجة لطفية- أم نضال: 'كنا نسكن في قرية عين الصراط التي سكنتها العديد من العائلات التي هجرت إلى مدينة  الطيبة كعائلة اللوح، عمرور، تكلة، طويل ونصيرات، وكانت بنفس المنطقة بيارات لعائلة منصور وعائلة حاج يحيى'.
وأضافت: 'كنا نذهب مرة في الأسبوع لمدينة طولكرم للتسوق وعادة يكون يوم السبت، وكنا نطلق عليه اسم يوم السوق، ونحضر مأكولات وحاجيات لم تكن متوفرة في القرية مثل الحلوى والعلكة والشوكولاطة وغيرها، وكنا نذهب إلى المدينة بلباس لائق، لان مدينة طولكرم كانت حينها مركزا بالنسبة لنا وللقرى المجاورة، ومن الضروري ان يذهب الناس للمدينة بهندام جميل'.

ومضت تقول:' كان والدي عبد اللطيف يمتلك مضافة كبيرة تسمى الديوان وتقع بجانب بيتنا بعين الصراط، كان الرجال حتى من القرى المجاورة يجتمعون في المضافة يوميا. عمل والدي في  الزراعة مثل باقي أهالي القرية - الذين عملوا في بيارات البرتقال، وفي زراعة الباذنجان، القمح، الشعير، البامية، الخيار، البندورة، وكان كل عائلة تربي الدجاج قرب بيتها، وكانت كل هذه الاطعمة ذات جودة عالية وطيب مذاق، وليس مثل جودة ايامنا هذه'.
ومضت قائلة: من الطريف أن اليهود العراقيين كانوا يشترون هذه البضائع منا فقد كنا نجمع المحصول  ونتوجه به لطولكرم والبلدات اليهودية القريبة لنبيعه'.

ووصفت الحاجة ام نضال الحياة في الريف في تلك الفترة بالقول: 'في الحقيقة كانت الحياة هانئة، وكان اليهود قلة وكانت علاقتنا بهم طيبة، كنا نبيعهم ونشتري منهم، وكانت أجواء تعايش فعلية، لكن بعد ذلك تغيرت الأحوال، ولاحظنا أن اليهود بدأوا يكثرون من حولنا خصوصا المهاجرين الجدد الذين سكنوا منطقة عين الوردات (بلدة عين فيريد، تل موند من الجنوب، ومن الشرق ايفين يهودجا اليوم)، وكان يأتي لقريتنا بين الحين والآخر أطباء لتطعيم أهل القرية من الأمراض، وكنت أسمع من هؤلاء الأطباء أن حربا على وشك أن تقع، وكان الأهالي يطلبون من الاطباء عدم ذكر هذا الموضوع لعدم تخويفنا، وكنا صغارا حينها'.

وأضافت: 'يوما بعد آخر أصبح يأتي إلينا بعض اليهود ويقولون لنا أنه من الأفضل ان نخرج من القرية لأن الحرب قادمة، وبحال لم نخرج الآن طواعية فاننا سنخرج عنوة بالحرب، ولم نصغِ إليهم، بل ذهب بعض أعيان قريتنا وهم: أبو عبد الطيف، داوود الطويل، حسين نصيرات ومحمود تكلة، وتوجهوا إلى الجيش العراقي الذي تحصن في أراضي منطقة امغازين غربي قلنسوة، وأقام مع المتطوعين العرب استحكامات وخنادق، وطلبوا منهم التقدم لحماية القرية، لأن البلدات اليهودية كثرت من حولنا، فقال الجيش العراقي لهم عبارتهم المشهورة:' ماكو أوامر'، اي لا يوجد أوامر للتقدم، فطلبوا منهم تسليح قريتنا للدفاع عنها فلم يوافقوا بسبب عدم وجود سلاح كاف'.
وتابعت قائلة:' استمرت العصابات الصهيونية بالتقدم نحونا، وسمعنا عن المذابح والتهجير وسيطرة العصابات الصهيونية على يافا ومحيطها خصوصا بمنطقة الشيخ مونس واليازور، وكانت قصص مرعبة جدا، خصوصا وان قريتنا كانت تتبع للدولة اليهودية بموجب قرار التقسيم، ومرت فترة لا أعلم كم مدتها، كان الجيش العراقي المتحصن بقلنسوة (امغازين) يقصف البلدات اليهودية التي بجوارنا، وكانت العصابات الصهيونية تقصف قلنسوة، ونحن وقعنا في الوسط، وحين شعرنا بالخطر قررنا التوجه لغابة الطيبة'.
 

وتطرقت ام نضال الى قرية البصة المجاورة:' البصة كانت قرية كبيرة، أرضها وتربتها خصبة جدا جدا، كان بها ينابيع ماء صافية، واذكر كيف كنا ننقل الماء من البصة من بئر يسمى «حفاير أبو كلام»، إلى قريتنا عين الصراط، ولكون تربة البصة خصبة فإن الكثير من الفلاحين كانوا يمتلكون المزارع هناك، كانت عائلة تدعى حويطات هي اكبر عائلات البصة، اعتقد أن قسما منهم هاجر الى الطيرة والقسم الآخر إلى الضفة'.


وحسب ما قال الباحث والكاتب والمؤرخ فايز العامري فإن عين الصراط هجرت بتاريخ 3.2.1948، إلا ان بعض المصادر ذهبت لتواريخ أبعد من هذا التاريخ، على كل حال، فقد قامت الكيريت كييميت في العام 1949 بهدم جميع بيوت القرية ولم يبق إلا بيتا واحدا، وفي العام 1950 بنيت على انقاض القرية بلدة عين سريد وهي قريبة جدا من عين الصراط، وأغلبها يسكنها المهاجرون اليهود من أصول يمنية.

التعليقات