مهرجان "بطوفنا الأول" بين التجاوب والتشكك بالأهداف

انطلقت عند الخامسة من مساء يوم أمس، الجمعة، فعاليات اليوم الثاني من مهرجان بطوفنا الأول والذي بادر إليه كل من اتحاد مدن جودة البيئة لمنطقة حوض البطوف ومجلس عرابة المحلي، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات فاعلة في عرابة

مهرجان

انطلقت عند الخامسة من مساء يوم أمس، الجمعة، فعاليات اليوم الثاني من مهرجان 'بطوفنا الأول' والذي بادر إليه كل من اتحاد مدن جودة البيئة لمنطقة حوض البطوف ومجلس عرابة المحلي، بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات فاعلة في عرابة، بداعي التمسك بأرض البطوف وتعزيز تمسك الفلاحين بأراضيهم، في حين ارتفعت أصوات مشككة بالنوايا الحقيقية للمشروع.

والملفت للانتباه هو الحضور الكبير من العائلات من عرابة وسخنين ودير حنا وقرى البطوف، حيث تضاعف عدد المتواجدين في اليوم الثاني، الأمر الذي يدل على نجاح المهرجان في استقطاب انتباه الجمهور العربي في المنطقة.

وأكد البعض أنه يزور البطوف للمرة الأولى، ومنهم من قال إنه على استعداد للمشاركة بهكذا مهرجان في سنوات قادمة، مع التشديد على الجانب التثقيفي للأبناء، وأنه لا يمكن المساومة عليه ولا بأي شكل من الأشكال، وأهمية النضال من أجل تجفيف المستنقع فيه 'الغرق'، والعمل في سبيل ري أراضي البطوف العطشى بالرغم من مرور الماء من فوق ظهرها لإيصالها للنقب، عبر ما يسمى 'مشروع المياه القطري'.

وبرز من بين الحضور اليوم الثاني تواجد نائبي رئيس مجلس عرابة عادل خربوش وأحمد كناعنة، وعدد من أعضاء المجلس المحلي، حسين طربيه مدير اتحاد مدن جودة البيئة حوض البطوف، والبروفيسور راسم خمايسة، والقاضي الشرعي زياد لهواني، محمود أبو جازي مدير المركز الجماهيري محمود درويش، ووفد فلسطيني من رام الله.

وقال صبحي بدارنة من سخنين: 'أشجع جميع الناس على زيارة سهل البطوف، والتعرف على أرضه، والشعور بالانتماء لهذه الأرض، وإحيائها من جديد، وأننا نطالب بإصلاح الأرض وريها، وإعادتها لأصحابها في المنطقة'.

وأضاف بدارنة: 'عائلتنا تملك في البطوف حوالي 70 دونما من الأرض، ونزرع فيها البطيخ ودوار الشمس والكثير من المزروعات، وهي مصدر رزق كبير للعائلة، ولكن الأمر يتطلب مساعدة من وزارة الزراعة وجميع الوزارات والجهات المختصة من أجل تحسين جودة المنتوج والبيع، إضافة إلى التثقيف الزراعي'.

أما المواطن قاسم بدارنة من قرية عرابة فقال: 'هذا المهرجان يوقظ في داخلي ذكريات الطفولة، فكنت أسكن هنا في البطوف في أيام الصيف، وأنطر المقثاة، ويحيي في قلبي الانتماء للأرض، ويحتّم عليّ العودة الى الأرض والتشبث فيها، والوقوف ضد جميع مخططات التهويد والاستيلاء على الأراضي'.

وأضاف: 'من مهام السلطات المحلية والجمعيات الخيرية والمؤسسات في البلاد العمل على توعية المواطنين في قضية خطورة هذه المخططات، والدفاع عن الأرض قبل الاستيلاء عليها، هذا البرنامج الفني الرائع أعاد الفلسطيني إلى أرضه، ويصب في منع المخططات العنصرية والتصدي لها'.

المواطن علاء بدارنة من عرابة: 'إنني الآن على الأرض الطيبة التي نزرعها ونأكل من خيراتها، والسمسار الذي يبيع حفنة صغيرة من ترابه لا دين له ولا إيمان، الأرض أغلى ما في حياة الإنسان، ولن نفرط بها، وأتمنى أن يعود السماسرة إلى رشدهم ويسلكوا الطريق الصواب بعد ضلالهم'.

وأضاف: 'بلا شك أن المهرجان يعمق قضية الانتماء للبطوف، وكان يجب علينا إقامة هذا المهرجان منذ بدء قضية يوم الأرض، فهي من ضمنها، والغالبية العظمى من المتواجدين في المهرجان هي المرة الأولى لهم في سهل البطوف، وهذا يدل على قلة الوعي في السابق، ويجب أن نستقطبهم من جديد للبطوف'.

الفلاح علي واكد نصار من عرابة قال: 'لا أملك أرضا في البطوف، ولكني أستأجر الأراضي من أصحاب الأرض وأفلحها، الخطوة التي قام بها اتحاد مدن جودة البيئة أعتبرها ممتازة، فقد جذبت المواطنين إلى البطوف، والتعرف على الممتلكات الغالية التي بحوزتنا ألا وهي الأرض، ووجوب المحافظة عليها، وأتمنى أن يستمر هذا المهرجان، ويكون نقطة دعم وتشجيع، ونرى تحسينا ملحوظا في مكانة الأراضي في أعين المواطنين، وكلي أمل أن تكون الخطوة للأمام مفيدة والناس تعرفوا على أرضهم، وليت هذه الخطوة تتكرر بدلا من الذهاب إلى المخيمات على شواطئ البحر، فالأولى أن يقوم الأهل بزيارة البطوف'.

وأضاف نصار: 'يجب تقديم مخططات لدعم البطوف والفلاحين، ويجب أن نكون صاحين وفي مواجهة أي مخططات تستهدف انتزاع البطوف منا، فهؤلاء الذين يزورون البطوف اليوم هم من سيذودون عن البطوف مستقبلاً، وما دمنا لم نوقع على أي مستندات تستهدف سلخ البطوف من أيدينا فإننا نرحب بأي فعالية تقوي من عضد المزارعين وتسويق منتجاتهم الزراعية'.

أما لؤي خطيب من عرابة فقال: 'منذ فترة طويلة لم أزر سهل البطوف، وقد جذبني وجود هذا المهرجان، وأؤيد فكرة المهرجان فهو يشجع المواطنين في المنطقة لزيارة البطوف، ويزيد من انتمائهم للأرض، وأتمنى أن يتم إعادة الكرّة في كل سنة'.

أصوات تشكك في الأهداف..

خلاف بين لجنة البطوف ووحدة البيئة..

في وقت توافد الآلاف للمنطقة وسط رضى الفلاحين الذي بدا أنه فرصة لتسويق منتوجاتهم، تعالت أصوات ناقدة ومتشككة بالنوايا والأهداف التي تقف وراء هذا النشاط، لاسيما تدخل وإقحام وحدة البيئة في حوض البطوف بهذا المجال الذي يعتبر أنه نشاط بغير مجالها، كما اعتبره البعض على أنه يصب بالتالي في مخطط التهويد الذي طرح مؤخرا.

عاصلة: نريد التعايش الكامل..

يقول رئيس مجلس عرابة البطوف المحلي، علي عاصلة: 'في السنوات السابقة كانت هناك تجارب بوجود مناسبة مثل هذا النوع، والتجارب العديدة تتحسن دائماً حتى وصلنا في نهاية الأمر إلى نتائج طيبة في عمل مشترك مع اتحاد جودة البيئة في سخنين بالمشاركة مع مجلس عرابة والمجالس المجاورة، وآمل أن تكون هذه التجربة ناجحة لتستمر في السنوات المقبلة مع التحديثات والتجديدات'.

ميعاري: الحفاظ على البطوف لا يأتي من 'مسغاف' وبحفلات الرقص

أما رئيس اللجنة الشعبية المصغرة في قضية السماسرة والمسكن في سخنين، د. سامي ميعاري، فقد عقب على تنظيم المهرجان وأهدافه بالقول: 'إن هذا المهرجان ليس في مكانه، وإن مشاكل الأرض الحارقة لا تحل بالحفلات والرقص، ولا بمؤتمرات ومهرجانات على أهميتها، بل تحتاج إلى مهنية ونضال شعبي وبوصلة'.

وأضاف د.ميعاري: 'أنا لست ضد تشجيع المزارعين، وتعزيز ارتباطهم بالأرض، وتسويق محاصيلهم، لكن اعتقد أن إقامة مهرجان البطوف يحمل تضليلا للمزارع دون أن تدري الغالبية أبعاد هذا المخطط الذي يستهدف تهويد سهل البطوف، بينما المطلوب هو السعى لأن نستعيد البطوف من خلال إقامة مشاريع الري وتجفيف الغرق وإقامة الأسواق الشعبية لتسويق محاصيلهم، ليكون هناك مردود حقيقي وقدرة لدى المزراع على التصرف بشكل حر،  وليس من خلال طرح تصور مشترك للبطوف بين مجلس مسغاف الإقليمي (أو الوزارات المسؤولة عن مصادرة الأراضي)، الذي يسيطر على كل أراضينا وبين البيئة، خاصة وأن المشروع ممول من مسغاف'.

وتابع معياري أنه على وحدة البيئة حوض البطوف أن تعلن موقفها الواضح: 'هل هي مع قرار تحويل سهل البطوف واعتباره منظرا طبيعيا أم ضد؟ فهذا أمر يثير الريبة والشكوك، رغم أننا لسنا ضد البيئة، لكن ليس على حساب أراضينا. أما بالنسبة للتعايش فهذا مفهوم مشوه للتعايش لأن التعايش لا يتم من خلال الزعتر واللبنة والرقص، بل باسترداد الحقوق كاملة على الأرض والمسكن وكل مناحي الحياة والاعتراف بالغبن التاريخي'.

حيادرة: لن نشارك في هذه المهزلة

وفي تعقيبه على المهرجان قال رئيس لجنة أراضي البطوف ورئيس اللجنة الشعبية في سخنين، محمد حيادرة: 'نحن أصحاب الشأن لم يتم دعوتنا لهذا المهرجان، ولو دعينا فلن نشارك بهذه المهزلة، لأن البيئة التي نظمت هذا المهرجان هي المعارض الرئيسي لتجفيف الغرق وإقامة مشاريع الري، وأن حل مشكلة البطوف لا يأتي من خلال الكرنفالات والمهرجانات، وليس بعرض ركوب الحمير والتراكتورونات'.

وأضاف: 'نحن نحتفل عندما يتم إدخال مياه الري للبطوف، وإنقاذه من مخطط التهويد'.

وخلص إلى القول: 'سنعقد اجتماعا اليوم في بلدية سخنين، وكذلك اجتماعا للجنة الشعبية في منتصف الأسبوع القادم، وسنقوم بإصدار وتعميم بيان توضيح للأمر'.

أبو ريا: حل مشاكل الأرض ليست من مهمة الجمعيات

وقال الناطق باسم بلدية سخنين د. غزال أبو ريا: 'أعتقد أن قضايا الأرض والتخطيط يجب أن تكون من مهمات البلديات والسلطات المحلية بما تملك من إمكانيات، ونظرا لحجم قضايا الأرض الشائكة والمركبة'.

وأضاف أنه على الجمعيات أن تضطلع بمجالاتها التثقيفية والتربوية والبحثية ناهيك على أن وحدة البيئة حوض البطوف لم تصدرموقفا واضحا حتى الآن حول رفض وزارة البيئة من موضوع تجفيف الغرق.

د. طربيه يرد على الاتهامات

وعتقب رئيس وحدة البيئة 'حوض البطوف'، د.حسين طربيه على الاتهامات بالقول: 'المشروع غير ممول من مجلس مسغاف الإقليمي كما يشاع، بل من عدة جهات، ومنها صناديق مانحة في الدولة، وكذلك من وزارة البيئة ووزارة الزراعة وغيرها'.

وحول سؤال عن موقف وزارة البيئة من مشروع تجفيف الغرق في سهل البطوف لصالح مشروع الري، قال طربيه: 'يجب أن يوجه السؤال للوزارة، أما نحن في حوض البطوف مع التجفيف ومع الاستصلاح الزراعي'.

وحول لماذا لم يتم توجيه دعوة للجنة سهل البطوف في سخنين، أوضح أنه لم يتم توجيه دعوات شخصية لأحد سوى رؤساء المجالس، أما الدعوة فقد كانت عامة عبر مواقع التواصل الاجتماعي والصحافة.

التعليقات