الناصرة: يبكون روزالين ويستذكرون طيبتها

ترك رحيل الفتاة روزالين أبو ربيع (14 عاما) من النّاصرة، والتي كانت قد سقطت مساء يوم الإثنين الماضي، في مياه نهر الأردن شمالي بحرية طبرية، وقضت غرقا، حالة من الحزن الشديد لدى زملائها وأصدقائها.

الناصرة: يبكون روزالين ويستذكرون طيبتها

المرحومة روزالين أبو ربيع

ترك رحيل الفتاة روزالين أبو ربيع (14 عاما) من النّاصرة، والتي كانت قد سقطت مساء يوم الإثنين الماضي، في مياه نهر الأردن شمالي بحرية طبرية، وقضت غرقا، حالة من الحزن الشديد لدى زملائها وأصدقائها.

ووصفها أبناء وبنات مدرستها بأنها كانت فتاة دمثة الخُلق، طيّبة المعشر وعذبةُ البسمة، رحلت وهي بعمر الورد، حين اختطفتها يد الموت دون سابق إنذار كما يقطفُ زهرة في بستان دون أن يعي كم هو من المحزن فقدانها.

رحلتْ روزالين غرقاً، أثناء سباحتها مع أفراد عائلتها، وكان مقعدها الدراسيّ بالصف التاسع بانتظارها، وقائمة أحلام طويلة تغنّت بها دومًا أمام من عرفها، كُلُّ ذلك غرق معها، دون أن تأبه قطرات مياه البحيرة ما اقترفته حين قطفت يد المنون الزهرة 'روزالين' من بين أحضان عائلتها ومجتمعها.

تلقائية وعفوية

بحزنٍ بالغ يصف أستاذُ مادة التاريخ والمدنيات، في مدرسة توفيق زيّاد- شنلر، عبد الكريم عزّام، روزالين بأنها 'هي البراءة في تجلياتها الطفوليّة بعمرها، لكنّها الشباب بوعيها، كانت تلقائية وعفوية، وذات صفات لا نجدها بكثرة في أطفالنا وبالغينا.. ورغم البراءة كانت واعية مدركة لأحلامها ومستقبلها'.
ويتابع مستذكرًا رحلتها التعليميّة معه التي امتدت لعامين 'لا أذكر أنها ولو مرة واحدة خالفت القوانين المدرسية رغم قدرتها على حواري في مضمون ومنطق هذه القوانين'.

وأضاف 'كانت ملاكًا على الأرض، لطيفة ورقيقة الإحساس، هادئة وعلى خلق طيّب، كُلّ ما أذكره منها هو استقلاليتها وشخصيتها الجريئة التي تعبر عن ذاتها بلا تردد أو خوف، وتحصيل ما كانت بحاجة له'.

وتؤكد هذا أيضا المستشارة التربويّة في ذات المدرسة، عرين فاهوم، التي كانت على علاقة طيّبة بالطالبة الراحلة روزالين، وهذا ما لمسه الجميع بمن فيهم صديقاتها جميعهن، ومنهنّ أسماء جابر، صديقتها وزميلتها في المدرسة، التي تصف طموح روزالين بالكبير جدًا، وتقول 'كانت تسعى دومًا إلى تحقيق كل ما ترنو له، تحبّ جميع الناس كما لو أنهم أفراد أسرتها، كانت حنونة جدًا وتمدّ يد العون لكل من يحتاج أيّ شيء حتى قبل أن يهمّ بالسؤال، ولم تخذل أحد أبدًا، بقلبها الطيّب الذي لم يعرف الشرّ.

اقرأ أيضا: الناصرة: تشييع جثمان الفتاة روزالين أبو ربيع


وعن أحلام تلك الفتاة، التي كانت متفوقة في دراستها، وحاصلة على عدّة شهادات تقدير من المدرسة نسبةً لتحصيلها المميّز، تقول جابر أنّ 'روزالين حلمت بدراسة موضوع الطبّ، وبدأت بتحقيق حلمها بزيارتها لعدّة جامعات، ومنها الجامعة العربيّة الأمريكيّة في جنين، إذ تلقّت هناك محاضرة في العلوم السياسيّة لدى د. هادي شيب، الذي نعاها في موقع التواصل الاجتماعي قائلاً إن روزلين طفلة ملكت ذكاء يتعدى حدود عمرها، بالأمس القريب حضرت محاضرة في العلوم السياسية مع أختها بالجامعة العربية الأمريكية، وبعد انتهاء المحاضرة تقدمت نحوي بكل قوّة تتحدث عن حلمها في إكمال دراستها بالجامعة وعن شغفها بالتعلم، واليوم ينتهي حلمها غرقا'.

اقرأ أيضا: الناصرة: انتشال جثة فتاة سقطت في المياه شمال طبرية
 

رحلتْ وبقيت وصاياها

وقال عزّام بألم 'عندما وصلني الخبر الصاعق، أول ما تذكرته طلبها مني عندما دخلت الصف مرة تعبًا فقالت لي 'أستاذ بحبكاش مكشّر إحنا منحب درسك لأنك مبتسم'، لقد أوصتني برسالة كانت قد أهدتها لي ولجميع الأساتذة والمعلمين، قبل أن ترحل، مفادها 'حافظ على ابتسامتك، أنت أستاذ يجعل ليومنا طعمًا آخر'، لذلك لن أبكيها بقدر ما سأبتسم لذكراها'.

وترسم زميلة وصديقة روزالين، عدن جبارين، ملامحها بأنها اجتماعيّة ومحبة للعلم والمعرفة، وتقول 'لن ينساها جميع أبناء صفها، فهي لم تكن كأي فتاة عاديّة عابرة'، وترى عدن وأبناء صفها أن تجعل من روزالين ذكرى يستفيد منها الجميع، وبشكل خاص التوعية بقواعد السلامة أثناء ممارسة السباحة، وتحذير الأهل والأطفال وإمدادهم بتعليمات وإرشادات يتبعونها للحفاظ على سلامتهم، كل ذلك سيفعلونه كي تكون هي مرتاحة حتى بعد مماتها'، وهذا ما تؤكده زميلاتها أنسام عودة وبيلسان حمدان، فقد عرفتاها 'اجتماعيّة تلقي السّلام على الجميع، وتهتم بإسعاد الآخرين وحل مشاكلهم، ومتفوّقة تعليميًّا، مما جعلها متحمّسة لدخول السنة الدراسيّة المقبلة، وقبل أن ترحل كتبت رسائل لجميع أساتذتها ومعلميها دون أن تدري أنّ هذه رسائل الوداع'.

فاجعة ودموع

في لقاءٍ مع عمّ الفقيدة وافي أبو ربيع، الذي كان شاهدًا على حادثة الغرق المفجعة تلك، يتحدث وعيناه تذرف دموعا حارقة، بأنّه قام بترتيب تلك الرحلة كي يغيّر الأجواء الروتينيّة المملة، إلّا أنها أدّت إلى فاجعة غرق من كانت بمثابة ابنته وقطعة من روحهِ، مستذكرًا تفاصيل تلك الحادثة 'لم أستطع إنقاذها، أفلتت من يدي حين كانت تسبح هي وبنات أعمامها وأطفالي في النهر قرب 'جسر أريك'، ابتعدت عني مترا واحدا فقط فوقعت في عمق 9 أمتار، ورغم عدم مقدرتي على السباحة قفزت وراءها، تمسّكت حينها برقبتي فحاولت أن أنتشلها، لكنني غرقت وأفلتت مني، نظرتُ حولي فلم أجدها'.

التعليقات