الناصرة: حياة "بترد الروح" في ساحة العين

يقول رئيس بلدية الناصرة، علي سلام، لـ"عرب 48" إنّه عمل على إقامة البرامج الثقافية والفنية لإنعاش هذه المنطقة، وأضاف "لمست سعادة لدى أصحاب المطاعم، فالحركة الآن في أوجها، وأعلن دعمي كي يرتقي الوضع الاقتصادي..".

الناصرة: حياة

حياة "بترد الروح" في الناصرة

تستمتع الشابتان توجان سيلاوي وبيان عابد بهذه المنطقة الساحرة، تجلسان بهدوء يطيب لهما، تبتسمان وتقولان إنه 'كلّما أردنا أن نتنزه لنكسر الملل نختار هذه الساحة الهادئة أحيانا والصاخبة أحيانا أخرى، فهي تعكس روح النّاصرة بكل ما فيها من هواء، حضارة وصبا، منطقة رائعة وحيوية، وبالعاميّة 'بترد الروح'، تلك هي ساحة عين العذراء في النّاصرة.

تتميز بتاريخها العريق، ساحة بعمر الشبابّ وذات وقار، وقد نُسب تاريخ المنطقة إلى السيّدة مريم العذراء، لأنها كانت تستقي الماء للشرب منها، وهناك تمّت بشارتها من الملاك جبرائيل عليهِ السلام، وفق تاريخ الدين المسيحي، ومع تطوّر الحياة استطاعت مدينة الناصرة أن تحافظ على تراثها السياحيّ في هذه المنطقة، بالإضافة إلى تحويلها لمنطقة فعّالة على مستوى السياحة الترفيهية، إذ تضجّ ساحة العين بالعديد من المطاعم التي يرتادها الكثير من الشبان والشابات اليافعين.

 

نشاط وحيوية

يشير صاحب مطعم 'ملح وفلفل'، فؤاد عبد الهادي، إلى أنّه عمل 9 سنوات في المطاعم، حتى أصبح الآن مالكا لأحد المطاعم في ساحة العين، وقد اختار هذه المنطقة لجماليها، مباشرًا العمل منذ بداية شهر حزيران/ يونيو، ومن هنا يتحدث عن تجربته بأن 'البداية كانت موفقة جداً، في فترة من الفترات الماضية تراجع العمل بسبب بعض المشاكل، لكن الآن نحاول بمساعدة البلدية أن نحافظ على الأمان في المنطقة، بالإضافة لعمل فعاليات وبرامج جماهيريّة فنية في الساحة لتغيير الجو'.

وبهذا الصدد يؤكد رئيس بلدية النّاصرة، علي سلّام، أنّ 'الحركة السياحيّة والتجاريّة في منطقة العين، تعود كما كانت، بل وأكثر بثلاثة أضعاف مما كانت عليه قبل عدة سنوات'، مشيرًا إلى أنّ 'هذا التحول أتى بعد أن تدخلت بلدية النّاصرة في إغلاق الشارع أربعة أيام في الأسبوع'.

ومن جهتهِ يعتبر صاحب بسطة عصير 'سانتا ماريا جوس' في ساحة العين، زياد دانيال، أنّ 'المطاعم الموجودة حاليًا هي أفضل من ذي قبل بكثير، فهناك برامج وفعاليات ليليّة تُقام بها، بالإضافة إلى المطاعم الجديدة التي تم افتتاحها'، متابعًا أنّ 'المشاكل قد قلّت بشكل ملحوظ، لأن البلدية قامت باتخاذ إجراءات إغلاق المدخل الرئيسي أيام الأربعاء، الخميس، الجمعة والسبت، للحفاظ على منطقة آمنة وهادئة، مما يوفر أجواء عائلية ممتازة، فليس هناك ضجة في الشارع'.

في ساعات الليل

بالنسبة للحركة الليليّة في ساحة عين العذراء، يقارن عبد الهادي بينها وبين حيفا، عكا وتل أبيب، معتقدًا أنّ 'الحركة هناك أقوى بكثير، ففي العين تزدهر الحياة الليليّة فقط في أيام آخر الأسبوع أما في منتصفهِ وبدايتهِ فهي أقل، قبل سنتين كانت الحركة أقوى مما هي الآن'، متابعًا أنّ 'حركة المطاعم بدأت من طلبة الجامعات في البلاد وخارجها ومن الذين عرفوا قيمة هذا المكان، إلى أن أصبح الجميع يتردد من العائلات، الجيل الشاب، والعجائز أحيانًا'.

يعود تدني عدد المترددين إلى ساحة العين في الفترة ماضية، إلى شائعات غير دقيقة تم تداولها مما سببت ذعرًا لدى الناس، ويؤكد عبد الهادي أنّه إذا  قام أحد الزبائن بالإخلال بالنظام والآداب العامة فهو كصاحب مطعم مسئول يلتزم باتخاذ الإجراءات المناسبة للمحافظة على أجواء نقيّة لزبائنهِ.

ومن جهتهِ يرى العامل في مطعم 'ملح وفلفل' وديع مرجيّة، أنّ 'هناك إقبال جيّد على المطاعم في ساحة العين من داخل الناصرة وخارجها، وذلك نسبةً للجو اللطيف في المكان'، وبخصوص ساعات الليل يرى أنّ 'هناك إقبال جيّد إذ تبقى الساحة ممتلئة إلى ساعات الليل المتأخر'، متحدثًا عن تجربتهِ 'أعمل حتى ساعات متأخرة جدًا، ليس فقط الساعة الثانية عشرة ليلاً، بل أحيانًا أنتهي من العمل في الساعة الرابعة فجراً، كل ذلك يتعلق بالنّاس، فنحن هنا موجودون من أجلهم'.

برامج فنيّة

يقول رئيس بلدية الناصرة، علي سلام، لـ'عرب 48' إنّه عمل على إقامة البرامج الثقافية والفنية لإنعاش هذه المنطقة، وأضاف 'لمست سعادة لدى أصحاب المطاعم، فالحركة الآن في أوجها، وأعلن دعمي كي يرتقي الوضع الاقتصادي إلى أعلى مستوياتهِ لدى جميع المواطنين، وليس فقط أصحاب المطاعم'.

وهذا ما يؤكده عبد الهادي قائلاً إن 'الساحة لم تعد لتناول الطعام  فقط بل أصبحت تجمع بين الفن والمتعة في الجلوس والطعام'، ويشدد دانيال على أنّ 'ساحة العين كانت نشطة في ساعات الليل، ولكنها توقفت لفترة محددة والآن تستعيد شبابها، وذلك بسبب عدة خطوات تم اتخادها، منها المحافظة على الأمان، وبرامج فنية يتم إقامتها لتحفيز الجمهور'.

غلاء معيشة شامل

يرى بعض المواطنين، ومنهم بيان عابد، أنّ 'المطاعم في مركز المدينة تمتاز بأسعار عالية نسبةً للوضع الاقتصادي الصعب الذي تعاني منه المدينة، وتدني دخل العائلات العربيّة في الناصرة وغيرها من المدن والقرى العربيّة'، وهنا يقول عبد الهادي إن 'الغلاء يظهر أولاً من أسعار المواد الغذائية، في الخضروات، الطحين، الأرز، الحليب والبيض، هذا الغلاء شامل وينعكس كذلك على أصحاب المطاعم وليس فقط المواطنين، بالإضافة إلى نفقات العمال، وإيجار المحل الباهظ'.

 ويتابع أنّ 'اختيار الأسعار بيد الزبون، فهو من يقرر ماذا يأكل وماذا يدفع نسبةً للائحة الطعام التي توجد بين يديه، إذ يحاول هو كصاحب مطعم أن يخفف عن الزبائن بواسطة عمل تخفيضات معينة، أو تقديم بعض الحلويات أو فنجان قهوة'.

بينما يرى دانيال أنّ 'سبب غلاء الأسعار رسوم الإيجار الباهظ للمطاعم، ويُفترض أن تخفض أسعار الإيجارات، فأصحاب المطاعم يعانون من ارتفاع رسوم وأثمان الضريبة، التأمين، الكهرباء وغيرها، مما يسبب عبئا كبيرا عليهم'.

التعليقات