عكا في خطر: سرطان التهويد ينخر البلدة القديمة

تتواصل جرائم ترحيل عائلات عربية من عكا القديمة والتي باشرت بها السلطات الإسرائيلية منذ سنوات، وتحولت قرابة نصف منازل البلدة القديمة إلى ملكية المستثمرين اليهود بهدف الربح المادي والتهويد مدعومين من مؤسسات وجمعيات صهيونية.

عكا في خطر: سرطان التهويد ينخر البلدة القديمة

عكا في خطر

في ظل مخطط التهويد واستجابة لعروض ما تسمى شركة 'تطوير عكا' و'دائرة أراضي إسرائيل' قام أمس، الإثنين، عدد من المستثمرين اليهود بجولة ميدانية في أزقة وأحياء عكا القديمة لمعاينة عدد من المنازل والبنايات العربية التي أعلنتها شركة 'عميدار' و'دائرة أراضي إسرائيل' للبيع.

وتتواصل جرائم ترحيل وتهجير عائلات عربية من المدينة القديمة والتي باشرت بها السلطات الإسرائيلية منذ عدة سنوات، وتحولت قرابة نصف منازل البلدة القديمة إلى ملكية المستثمرين اليهود بهدف الربح المادي وتهويد المدينة مدعومين من قبل مؤسسات وجمعيات صهيونية.

ويعتبر العكيون أن ما يحدث هو تنفيذ لسياسة موجهة لتهويد البلدة القديمة، إضافة إلى الربح المادي الذي سيجنيه المستثمرون من شراء تلك المنازل التي ترتفع أسعارها بشكل دائم بعد أن أعلن عن عكا القديمة مدينة إرث حضاري من قبل منظمة اليونيسكو العالمية.

وقام المستثمرون الذين وصلوا إلى المدينة من كل مكان، من أقصى الجنوب إلى أقصى الشمال، في جولة ميدانية بالمدينة حيث شارك 15  مستثمرا يهوديا فيها في حين شارك في الجولة مستثمران عربيان فقط.

وكانت شركة 'عميدار' التي تسيطر على أملاك 'الغائبين' مع 'دائرة أراضي إسرائيل' قد أعلنت هذا الأسبوع عن عطاءات جديدة لبيع أملاك العكيين التي استحوذت عليها بعد النكبة تحت مسمى قانون الغائبين في البلدة القديمة من منازل وغرف وحواصل.

استهداف العرب في البلدة القديمة

وعبّر الناشط هاني أسدي عن استيائه وغضبه من 'الجهات العربية المسؤولة' وقال لـ'عرب 48' إن 'الأمر بات مقلقا أكثر من ذي قبل رغم أن هذا المسلسل لم يتوقف منذ سنوات، وإن الجولة التي جرت أمس تصب في نفس مخطط التهويد الذي يستهدف وجود المواطنين العرب، ورغم كل توجهاتنا سابقا للمستثمرين ورجال الأعمال العرب إلا أنهم لم يتجاوبوا معنا'.

وأضاف أن 'الأمر محزن ومؤلم لأنه في الجولة التي تمت أمس في البلدة القديمة شارك 15 مستثمرا يهوديا مقابل اثنين فقط من العرب ونحن أصحاب الشأن. هناك قلة من المستثمرين تريد فعلا أن تستثمر، لكن الغالبية تأتي لتستوطن وهي مدعومة من جهات ومؤسسات لها أجندة للسيطرة على المدينة. بعض هؤلاء يواصل الشراء ويملك أكثر من عشر بنايات كانت للعرب'.

وأشار إلى أن 'أهالي عكا يحبون مدينتهم، لكن غالبيتهم الساحقة من الشرائح الضعيفة اقتصاديا، وعلى القيادات والمسؤولين أن يأخذوا الأمر بجدية والمساهمة في جلب المستثمرين العرب، لكن رغم كل هذه المأساة نحن نناشد الجمهور العربي أن يستمر بالتسوق وزيارة مدينتنا لتدعيم صمود أهلها والحفاظ على ما تبقى من أهلها الصامدين، وهذه مسؤوليتنا جميعا'.

المطلوب تطوير آليات النضال

واستعرضت المحامية مديحة رمال مخطط التهويد بطرقه وأساليبه وأدواته المختلفة، واعتبرت أنه لا 'جدوى من المنافسة في العطاءات، وأن السبيل الأنجع كان ولا زال خوض معركة قانونية من خيرة طواقم المحامين، وكذلك النضال الشعبي في سبيل إلغاء قانون أملاك الغائبين الجائر'.

وأضافت أن 'النضال الذي قمنا به ونقوم به هو أمر جيد ومطلوب تطويره، لكن وحده لا يكفي، وعلينا أن نركز بالعمل والتركيز بصورة أفضل بغية التأثير من أجل تعديل هذا القانون لمواجهة عملية التهويد والإخلاء'.

ووجهت نقدا إلى 'القيادات العربية وتقصيرها بملف المدن التاريخية الحارق والذي يعتبر من أصعب وأخطر القضايا. وأدعوهم إلى الاهتمام بهذا الملف بشكل منهجي، لأنه وللأسف لم يندرج ضمن أي إستراتيجية ورؤية عمل مستقبلية ومواكبته فعليا وتوفير مستلزمات أساسية لمناهضته والتصدي له'.

وردا على سؤال حول دور المستثمرين العرب واهتمام لجنة المتابعة بتوفير المصادر المالية وتوجيه وإقناع مستثمرين عرب للمنافسة وشراء هذه الأملاك قالت رمال 'لا أعتقد أن أي مستثمر عربي يرغب بشراء غرفة أو حاصل أو منزل مهترئ وآيل للسقوط في البلدة القديمة، لأنه غير مقنع من وجهة نظر اقتصادية استثمارية وربحية من حيث الاستثمار فعكا القديمة متهالكة اقتصاديا مع تفاقم البطالة والفقر وتعميق سياسة ومخططات الإقصاء والتهميش، وهذا الأمر مدبر لتيئييس الناس وحملهم على إخلاء البلد والرحيل، وبالمناسبة فإن مخطط إقامة مدينة الطنطورة العربية قرب جديدة المكر يهدف إلى تشجيع أهالي عكا على الخروج من عكا'.

وأشارت إلى أنه 'عندما تقرر شركة تطوير عكا بيع البيوت والأملاك فهي تحدد سلفا هدف الاستخدام فالمواطنين اليهود الذين يأتون لشرائها لا يرغبون بالسكن هنا بل يشترون بيتا إلى جانب بيت ويتوسعون قدر المستطاع ويحولوها إلى مرافق سياحية كما هو حاصل في الكثير من أحياء عكا القديمة، وثمة مخطط أعلن عنه لاستيعاب 35 ألف مهاجر يهودي للمدينة في السنوات القادمة  كضربة ديمغرافية قاضية، وهذه المخططات تنسجم مع هذا الهدف التهويدي لإخلاء المدينة بالكامل. أعتقد أن العلاج يكمن في تشكيل طاقم محامين على أعلى المستويات لتعديل قانون أملاك الغائبين وتطوير مسار النضال الشعبي'.

شظف العيش وأزمة السكن والملاحقة

وأعرب الناشط فخري البشتاوي عن غضبه وحزنه إزاء تهويد عكا، وقال لـ'عرب 48' إننا 'نعمل ونصرخ منذ سنوات طويلة ولم نجد آذانا صاغية من القيادات العربية ولم نلمس وقفة فعلية تساند المواطن العكي وتؤازره، فبعدما وجد نفسه وحده أمام الملاحقة وتضيق الخناق لم يعد بمقدوره الصمود أمام شظف العيش وأزمة السكن والملاحقة، كما أن ضعف الانتماء لدى البعض قاد ويقود إلى نتائج كارثية'.

 وأكد أنه 'في ظل هذا الضعف قام نحو 25% من سكان عكا القديمة ببيع منازلهم لجهات وشركات استثمارية يهودية مدعومة من جمعيات ومؤسسات صهيونية هدفها تهويد المدينة وتهجير سكانها العرب'.

وأضاف أن 'المستثمر العربي حتى عندما يريد أن يشتري عقارا في عكا القديمة فإنه لا يصمد أمام رؤوس الأموال اليهود وأحيانا عبر سماسرة عرب، وعلى سبيل المثال تقدم مستثمر عربي لشراء منزل مواطن عكي بعد أن قدم عرضا قدره 200 ألف شيكل إلا أن جهة يهودية منافسة قدمت عرضا مغريا واشترت المنزل بمبلغ 800 ألف شيكل، وهذا أمر مؤسف ومحزن ويشل كفاحنا'.

وأوضح أنه 'رغم كل نداءاتنا وسعينا وعملنا لتعزيز الصمود والبقاء وعدم التفريط بالمنزل والعقار، إلا أن البعض يقع فريسة التهويد أمام هذه الإغراءات لتحسين وضعه الاقتصادي ويترك عكا ويخرج منها، ونحن نقول لهم إن هذه البيوت ليست لنا ونحن لا نملك صلاحية بيعها لأن أصحابها لا زالوا في الخيام خارج الحدود ينتظرون العودة'.

وأكد أن 'المؤلم والمحزن أن ظاهرة بيع المنازل والعقار تحولت إلى ظاهرة يجب مواجهتها قبل فوات الأوان، ونحن بعكس مدينة القدس المحتلة إذ يستخدمون فيها القوة بهدف التهويد، وأرى أنهم في عكا يستولون على المدينة بالإغراءات المالية وغيرها'.

التعليقات