رفض تعيين قاضية مسلمة لئلا تكون سابقة للمحاكم الدينية اليهودية

في أعقاب اعتراض الحكومة الإسرائيلية على اقتراح قانون تمثيل نسائي في المحاكم الشرعية بالبلاد، والذي قدمه نواب من عدة كتل في الكنيست، أثيرت نقاشات وحوارات وتعددت الآراء المتباينة حول هذه القضية.

رفض تعيين قاضية مسلمة لئلا تكون سابقة للمحاكم الدينية اليهودية

(صورة توضيحية)

في أعقاب اعتراض الحكومة الإسرائيلية على اقتراح قانون تمثيل نسائي في المحاكم الشرعية بالبلاد، والذي قدمه نواب من عدة كتل في الكنيست، أثيرت نقاشات وحوارات وتعددت الآراء المتباينة حول هذه القضية.

اعتراض الحكومة جاء مراعاة لمصالح الائتلاف الحكومي وخشية حدوث أزمة ائتلافية بعد تهديد الأحزاب اليهودية المتدينة بالانسحاب من الائتلاف وخشية تسجيل سابقة تنعكس على المحاكم الدينية اليهودية، كما أن نواب عرب يعترضون على اقتراح القانون باعتبار أنه يمس باستقلالية هيئة القضاء الشرعي، ويعتبرون أن تعيين القضاة يجب أن يكون فقط  من خلال هيئة القضاة وبشكل مستقل.

استقلالية

عضو لجنة العمل للمساواة في الأحوال الشخصية ومديرة العيادة القانونية لحقوق الإنسان في كلية الحقوق بالجامعة العبرية، المحامية بانة شغري، قالت لـ'عرب48' إن 'لجنة تعيين القضاة الشرعيين يجب أن تكون مستقلة وأن تكون بكل تركيبتها من المسلمين وأن تكون هي الجهة المخولة بالتعيينات، وأرى أن الدين الإسلامي أرحب وأكثر سماحة من مواقف اليهود المتدينين المتشددين بالحكومة. نحن نرفض أن يتحكم بنا الدين المتشدد ويفرض علينا اعتبارات لا دخل لنا فيها أمام سماحة ديننا'.

وأضافت أن 'موقف الحكومة الرافض لاقتراح القانون نابع من مصلحة الائتلاف والحفاظ عليه كي لا يغضبوا المتدينين بالائتلاف. أعتقد أن هذا الموقف يجب أن يكون المحفز لنا للعمل نحو الاستقلالية ليس في المؤسسات الدينية فحسب بل على النواب العرب أن يدرسوا إمكانية تقديم اقتراح قانون للاعتراف بنا كأقلية قومية، مع التأكيد أننا نريد حقوقا يسمح لنا بها ديننا وعدم تكبيلنا بشرائع المتزمتين اليهود التي تكبل حرية المرأة. أدعو المعارضين للقانون من النواب العرب أن نفكر معا لنبحث كيف نعزز الاستقلالية وإقامة جهاز مستقل يسمح لنا بالتمثيل الذاتي، علما أن لجنة تعيين القضاة وافقت منذ سنوات على مطلبنا بضرورة تعيين قاضية في المحاكم الشرعية، لكن هل يعقل بعد أن انتظرنا 15 عاما لتنفيذ ذلك بأنهم لم يجدوا من بين العشرات امرأة ملائمة لهذه المهمة؟. علينا العمل موحدين من أجل الاستقلالية في إدارة مثل هذه الشؤون وكذلك العمل للاعتراف بنا كأقلية قومية، كما ذكرت'.

اعتراض سياسي

وقالت مديرة جمعية 'نساء وآفاق' د. نايفة سريسي، لـ'عرب 48' إن 'الاعتراض على تعيين قاضيات في المحاكم الشرعيّة صدر هذه المرة من الحكومة حرصا على الائتلاف وليس مهما على حساب من يأتي هذا الاعتراض وكذلك الحرص على ألا تكون سابقة تؤثر على المحاكم الدينية اليهودية'.

وأضافت أن 'كل هذه الإجراءات تجرى فقط من أجل عدم تمكين المرأة أن تتبوأ مناصب عامة سواء كانت عن طريق التشريعات القانونية أو عن طريق العادات والتقاليد أو عن تقسيم الوظائف بين الرجال والنساء، كما يصنفها المجتمع'.

وشددت أن 'المفارقة بهذا الموضوع، عند القيام بأي نشاط أو برنامج في شتى المجالات ونكون بحاجة إلى النصف الآخر من المجتمع (المرأة) عندها نتغنى بموضوع المرأة والحقوق، المكانة، الشراكة والمساواة الجندرية، ولكن في اللحظات الجدية والحقيقية عند أي مكسب ممكن أن يتحقق للمرأة سواء كان في المكانة أو الحقوق عندها تختفي الشعارات الرنانة والحقوق التي ينادون بها وتبدأ التحالفات والمصالح المتبادلة رغم الخلافات الإيديولوجية والثقافية، كل ذلك من إجل إقصاء وتهميش المرأة'.
وتساءلت 'إذا كان موضوع المرأة يوحد ويسوي الخلافات والاختلافات فلماذا لا يستعمل في مجالات أخرى مفيدة للمجتمع؟'.

وتابعت سريسي حول ما تعتبره إقصاء المرأة من الحيز العام أنه 'نهاية المطاف يتمّ تحييد المرأة وإقصائها من المناصب العامّة، سواء بالتشريعات القانونية أو بغيرها، وهذا هو نفس السيف المسلط دائما على عدم تمكين المرأة بغضّ النظر عن التبريرات، مرة باسم التشريعات ومرة باسم العادات والتقاليد ومرة باسم الدين ومرة كونها امرأة. هذه المرة تُقمع باسم السياسة والأحزاب الدينية، والحرص كل الحرص ألا تكون سابقة قانونية للمحاكم الدينية اليهودية. طبعا هذا الاعتراض له مؤيدون كثيرون من مختلف شرائح وأطياف المجتمع وهناك من يدعمونه  بكل الوسائل غير مكترثين بالثمن'.

غنايم: 'عايدة توما لم تقدم الاقتراح باسم المشتركة بل باسمها الشخصي إلى جانب نائبين عربيين من خارج المشتركة​'

من جهته رأى النائب مسعود غنايم أن 'مسألة تعيين قاضيات يجب أن تحل مع هيئة القضاة وليست بالقانون وفي الكنيست'، وقال لـ'عرب 48' إنه 'مبدئيا نحن مع تمثيل النساء في المحاكم الشرعية، لكننا نختلف على الآلية، أي ليس بآلية اقتراح القانون والكنيست بل يجب أن نتمكن من الوصول إلى ذلك بالتفاهم مع هيئة القضاة الشرعيين، وبالتالي نحن ضد هذا القانون وعرضنا صيغة أخرى لا سيما وأن هيئة القضاة الشرعيين يحاولون التأثير وتعزيز الاستقلالية في عملهم. سنعقد جلسة مع هيئة القضاة للتباحث بالأمر لإيجاد حلول من خارج الكنيست وليس من خلال قانون الكنيست، ونحن أمامنا فرصة أخرى لتطوير القضاء الشرعي من خلال العمل على استقلاليته'.

وأشار إلى أنه 'منذ عشر سنوات حدث تغيير كبير في القضاء الشرعي خاصة بعد أن دخلت وجوه رائدة للقضاء الشرعي مثل القاضي أحمد ناطور والقاضي عبد الحكيم سمارة وغيرهم الذين عملوا لتدعيم استقلالية القضاء الشرعي بعد أن كان في السابق يخضع لإملاءات الحكومة. وبالنسبة لتقديم اقتراح القانون لم يتم باسم القائمة المشتركة وعايدة توما لم تقدم الاقتراح باسم المشتركة بل باسمها الشخصي إلى جانب نائبين عربيين من خارج المشتركة'.

وأوضح أن 'هيئة القضاة أخبرتنا أنه ليس لديها أي مشكلة في تعيين قاضية مؤهلة، ونحن من جهتنا لا مشكلة لدينا في أن تكون قاضية من خلال الحوار والاتفاق وليس من خلال الكنيست في سبيل الحفاظ على الاستقلالية'.

وتساءل 'لماذا لا يوجد تدخل من هذا القبيل في المحاكم الدينية اليهودية أو المسيحية أو الملية الدرزية؟'.

التعليقات