عائلة فقيرة قبل العيد: مجروح ولا مقتول..

ومن باب الاقتصاد، وبسبب كون الثلاجة مليئة أحيانا، وفارغة في أحيان كثيرة، تقول السيدة إنها تعلم أولادها أن الزعتر والزيت صحي ومفيد جدا، وكذلك الطعام النباتي

عائلة فقيرة قبل العيد: مجروح ولا مقتول..

صورة عامة لمدينة حيفا

'لم أنم منذ ثلاثة أيام، فأنا قلقة، وأهدس كل الليل كيف سيمر العيد على أولادي، وكيف أفرحهم رغم الظروف المادية الصعبة، فهم أطفال مثل الجميع. ما ذنبهم؟ لا يوجد أم تقبل أن ينقص أولادها شيئا خاصة بيوم عيد الميلاد، فالعيد أصلا للأطفال'. هكذا افتتحت حديثها سيدة من مدينة حيفا (اسمها محفوظ في ملف التحرير).

وتقول السيدة إن أطفالها يريدون شجرة العيد في البيت، في حين لا تعرف إن كانت ستتمكن من ذلك أما لا. فشجرة العام الماضي كسرت، وأصبحوا بحاجة إلى شجرة جديدة تزيد تكلفتها عن 800 شيكل. أما ثياب العيد فإن 'بيت النعمة' يهتم بتوفيرها، إضافة إلى توفير طرود غذائية.

تجدر الإشارة هنا إلى أن مصلحة تأهيل السجين قد أبلغت جمعية 'بيت النعمة'، مؤخرا، بعدم تجديد التعاقد معها لدعم نزل تأهيل السجناء في حيفا، مما يعني إغلاق النزل الوحيد في المجتمع العربي، وإلحاق ضرر بنزلائه المتواجدين حاليا بمرحلة علاجية مصيرية لضمان إصلاحهم الاجتماعي، وعدم رجوعهم إلى السجون.

لم يعد حال الإنسان المحتاج ماليا، كما روت الروايات الأدبية ووصفت لنا 'الفقير'، هو من يرتدي الثياب الممزقة، ولا ينتعل  الحذاء.

'فالفقراء' يقطنون في محيطنا، وتعود أسباب ظاهرة الفقر وانتشارها لعدة أسباب منها البطالة، المرض، الأجر المتدني، عائلات أحادية الوالدين، وعائلات كثيرة الأولاد. وتتفاقم ظاهرة الفقر، وهي في  ازدياد مستمر، في مجتمعنا العربي الفلسطيني في البلاد، حيث أن أكثر من نصفه يعيشون تحت خط الفقر.

تتابع السيدة: 'لي أربعة أولاد، شابان في العشرينات وبنت وولد في المرحلة الابتدائية. قبل 14 عاما فقدت ابنة لي، حيث توفيت في حادث دهس بجانب بيتنا، كانت في الخامسة من عمرها وتوفيت على الفور. وقد وقع الحادث بينما كانت تعبر الشارع متجهة باتجاه أخيها في الجانب الثاني من الشارع. تسبب الحادث له بصدمة نفسية وتغيرت حياته رأسا على عقب. لم ينه تعليمه فقد تسرب من المدرسة في الصف التاسع. وحتى اليوم لا يزال يعاني من حالة نفسية صعبة ومضطربة، وهو في بداية العشرينات من عمره، لا يعمل، ولا يستطيع أن يعمل بشكل ثابت، وإنما بشكل متقطع، ويفضل النوم خارج المنزل'.

وتشير هنا إلى أنها هي نفسها لا تزال تعيش المأساة، وهي عاجزة عن الخروج من الحالة النفسية التي سببها لها حادث الدهس، وفقدان طفلتها.

وبينما هي تمسح دموعها، تضيف: 'الحياة تغيرت وضاقت علي الدنيا. زوجي ترك البيت لفترة خمس سنوات، ثم عاد وأنا مريضة. ودخلنا جميعا في دائرة الفقر، والديون ترافقنا بشكل دائم، ولكل الشركات بدءا من عميدار وشركة الكهرباء ومؤسسة التأمين الوطني، وحتى ضريبة المسقفات (الأرنونا) والمياه'.

وتشير في هذا السياق إلى أنه تم قطع التيار الكهربائي عن البيت عدة مرات، كما قطعت المياه أيضا، وذلك بسبب تراكم الديون. وتضيف بأسى 'لم يعد يهمني اليوم إجراءات دوائر الحجز، ولم يعد يخيفني الاعتقال'.

وتقول إنها تمكنت من الحصول على عمل جزئي في مجال التنظيف، بينما عمل زوجها في مجال رعاية المسنيين، الأمر الذي وفر لهما دخلا شهريا بمعدل 6500 شيكل.

تضيف السيدة الحيفاوية أن 'الحياة غالية ومكلفة، وغلاء المعيشة يرتفع بإستمرار. نعيش أياما صعبة بشكل دائم'. وتشير هنا إلى ألمها بسبب عجزها عن اصطحاب أولادها إلى المطاعم في أعياد ميلادهم، وعجزها عن إهدائهم هدايا العيد والملابس الجديدة، كباقي الأولاد.

وتلفت هنا أيضا إلى أن الطرود الغذائية التي يوفرها لها 'بيت النعمة' تساعدها في توفير مصروف مدة أسبوع، وهو ما تعتبره كما يقول المثل 'مجروح ولا مقتول'.

ومن باب الاقتصاد، وبسبب كون الثلاجة مليئة أحيانا، وفارغة في أحيان كثيرة، تقول السيدة إنها تعلم أولادها أن الزعتر والزيت صحي ومفيد جدا، وكذلك الطعام النباتي.

كان سؤالها عن السفر إلى خارج البلاد مدعاة لضحكها وحسرتها، فتقول: 'يا ويلي.. نسافر خارج البلاد؟ العين بصيرة واليد قصيرة'.

وتنهي حديثها بالقول إنه لا يوجد حاسوب في البيت، وأنها تنتظر الآن 'حملة حاسوب لكل طفل' مقبل مبلغ رمزي.

التعليقات