التعليم العربي... تجهيل متعمد وتمييز صارخ

في أعقاب ما أكده التقرير الحكومي حول الفجوة بين الطالب اليهودي والطالب العربي في ميزانيات التعليم والذي بيّن أن الحكومة والمؤسسات التعليمية الإسرائيلية تمارس سياسة تجهيل متعمدة ضد الأقلية العربية في البلاد،

التعليم العربي... تجهيل متعمد وتمييز صارخ

أهالي الزعرورة في النقب يقيمون مدرسة احتجاجا على رفض الحكومة إقامة مدرسة لأبنائهم في القرية

في أعقاب ما أكده التقرير الحكومي حول الفجوة بين الطالب اليهودي والطالب العربي في ميزانيات التعليم والذي بيّن أن الحكومة والمؤسسات التعليمية الإسرائيلية تمارس سياسة تجهيل متعمدة ضد الأقلية العربية في البلاد، وفي إطار هذه السياسة تقوم بتوسيع الفجوة بين العرب واليهود، من أجل ترسيخ الجهل والفقر في المجتمع العربي بشكل متعمد، يبدو جليا أن هذه الحكومة ماضية في سياستها العنصرية ضد المواطنين العرب بهدف تحقيق مخططاتها التجهيلية.

ووفقا لهذا التقرير الذي يحتوي على مئات الأمثلة للتمييز في الميزانيات ضد المواطنين العرب والذي بيّن أن ميزانية الطالب العربي لا تتجاوز تسع ميزانية الطالب اليهودي، فإن كافة الوزارات الإسرائيلية، وفي كل واحد من بنود ميزانياتها تقريبا، تمارس سياسة تمييز ضد العرب. 'وهذا التمييز جارف وواسع ومنتشر، إلى درجة أنه لا مفر من الاعتراف بأن الحديث يدور عن نهج، والأمر المزعزع أكثر هو أن هذا النهج يحكم على المواطنين العرب في إسرائيل بالفقر والجهل والإقصاء منذ سن الطفولة المبكرة'، حسبما كتبت المحللة الاقتصادية في صحيفة 'ذي ماركر'، ميراف أرلوزوروف'.

تمييز وغبن

وقال رئيس لجنة متابعة التعليم العربي، محمد حيادرة، لـ'عرب 48' إن 'التقرير نشر بعد أن شاركنا في جلسة بالكنيست وكشفت الإحصائيات التي عرضت حجم وعمق التمييز والغبن في كافة المجالات وخاصة التعليم. هذا التمييز عمره تماما كعمر الدولة واشتد أكثر مع زيادة التحريض على المواطنين العرب. واضح أن التمييز عملية ممنهجة وممأسسة وهذا ينعكس على مجمل العملية التعليمية والتربوية التي تشكل أساس بناء المجتمع'، غير أنه أشار إلى أنه 'آن الأوان لتصحيح هذا الغبن التاريخي، وهذا مطلب قديم جديد لن تنازل عنه، ولن نيأس من الاستمرار بالمطالبة بتحقيقه'.

ولفت إلى مهزلة 'رصد الميزانيات الحكومية' قائلا إن 'الخطة الخماسية التي كانت مطروحة بتخصيص 38 مليار شيكل لتطوير المجتمع العربي منها 7 مليار للتعليم لم تقر ثم طرحت ميزانية لا تتعدى 15 مليار شيكل، والسؤال ما هي حصة التعليم من هذه الميزانية الهزيلة؟ وبالتالي فإن الخطة الخماسية التي ادعوا أنها لتطوير المجتمع العربي هي تكريس لنفس السياسة وعلينا مجابهتها جميعا'.

محاولة تسويق 'الخدمة المدنية'

اعتبر النائب عن التجمع الوطني الديمقراطي في القائمة المشتركة، د. جمال زحالقة، أنه 'رغم المغالطات التي شملها التقرير إلا أن التمييز صفة ملازمة للحكومات المتعاقبة'.

وقال لـ'عرب 48' إنه 'بدون شك أن التمييز أوسع وأعمق من كل التقارير الحكومية لأن هذه التقارير لا تأخذ بالحسبان وضع السلطات المحلية العربية مقارنة بميزانيات السلطات المحلية اليهودية، وهناك أيضا مساقات في التعليم العربي مثل المدارس الداخلية والتعليم غير الرسمي وبالتالي فإن ما يصل الطالب العربي لا يتجاوز ثلث ما يتلقاه الطالب اليهودي'.

وأشار إلى أنه 'هناك مفارقة عجيبة أيضا وهي أن 'الحريديم' الذين لا يخدمون بالجيش يحصلون على ضعف ما يحصل عليه غيرهم من اليهودي الذين يخدمون بالجيش بينما المجتمع العربي يحصل على الثلث مما يتلقاه اليهود، وإن محاولة تسويق 'الخدمة المدنية' بفرية تحقيق المساواة هي كذبة كبرى من شأنها أن تعمّق التمييز، وفي هذه الحالة تصبح الحقوق مشروطة في مختلف المجالات وتقل فرص الحصول على حقوق، ونحن علينا مواصلة النضال من أجل انتزاع حقنا بالميزانيات والاستثمار أكثر بالطالب العربي، وقد أكدت الأبحاث العالمية أن الطالب المهمش والفقير يحتاج إلى تفضيل بنسبة 50% ولذلك فإن من أهم المعارك التي نخوضها هي معركة التعليم، ونحن سنطرح الموضوع على المؤسسات الدولية ذات الشأن لممارسة الضغط على المؤسسة الإسرائيلية إلى جانب المسارات الأخرى'.

استقلال التعليم العربي

وقال رئيس الاتحاد القطري لأولياء أمور الطلاب العرب، المحامي فؤاد سلطاني، لـ'عرب 48' إن 'المعطيات التي كشفها التقرير فاضحة، ويجب عدم السكوت'.

وأوضح أن 'التمييز الأخطر هو في جهاز التعليم إذ أن النقص يشمل كل ما يتعلق بالبنى التحتية وبناء المدارس ونقص الغرف التعليمية والمختبرات الحديثة والساحات والقاعات الرياضية، ففي النقب مثلا عدة بلدات منكوبة بفعل سياسة التمييز الحكومية لا يتوفر فيها أدنى المتطلبات ويتعلم الطلاب العرب هناك في غرف متنقلة، هذا التمييز وهذه الظروف تنعكس في نهاية الأمر على الطالب وعلى المستوى والتحصيل العلمي للطالب'.

ولم يتفاجأ من هذه المعطيات المذهلة، مشيرا إلى أن 'الأهم هو أن هذا التمييز وهذا النهج مستمر ويتسع ويتعمق بصورة دائمة، هذه سياسة مقصودة لتكريس نهج التجهيل وبالتالي فإن هذا الملف يجب أن يتحول إلى مطلب جماهيري وأن يتصدر أولويات القائمة المشتركة وكل القيادات وأن تفضح عملية التمييز الممنهجة، محليا ودوليا، علينا ألا نترك أبناءنا لقمة صائغة لسياسات التجهيل والتهميش، وأن نواصل العمل في سبيل استقلالية جهاز التعليم العربي ضمن وضع مخطط مهني وطرح بدائل لحلول جذرية'.

اقرأ أيضا: سياسة تجهيل إجرامية: ميزانية التلميذ العربي تساوي تُسع اليهودي

واعتبر النائب عن القائمة المشتركة، مسعود غنايم، أن 'الجديد بالأمر هو عدم الإنكار، والاعتراف بالتمييز، والمعطيات التي قدمها التقرير.

وقال لـ'عرب 48' إن 'التمييز في كل ما يتعلق بالتعليم العربي كان معروفا لنا بالسابق وطالما طرحنا هذا الموضوع على الوزارات والمسؤولين إلا أن الوزارة كانت تنكر ذلك وتدعي أن وجود مساواة. الطريقة التي توزع بها الوزارة الميزانيات مكشوفة أمامنا فهي تمنح الطالب اليهودي أضعاف ما تمنحه للطالب العربي. لقد كشف تمييز الوزارة ولم يعد بعد بإمكانها الاستمرار بإنكار هذه المعطيات المذهلة لحجم التمييز والفوارق بالميزانيات. هذا الأمر يستوجب وقفة جادة من الجميع فالتربية والتعليم مؤشر لمجمل البناء المجتمعي اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا، وبالتالي علينا أن نصب جل جهودنا والاستمرار بالمطالبة وممارسة الضغط على الوزارات المختلفة لسد هذه الفجوات، ونحن سنواصل الاتصالات واللقاءات مع المسؤولين ومن خلال الكنيست لتحصيل الميزانيات المطلوبة لجهاز التعليم العربي'.

التعليقات