بعد منحها صفة مدينة: عرابة، هل هي مدينة أم قرية كبيرة؟

أصدرت وزارة الدّاخليّة قرارها بمنح قرية عرّابة البطوف صفة المدينة، وذلك بعد سلسلة لقاءات ومداولات بين إدارة مجلس عرّابة المحليّ والوزارة، وهذا القرار لاقى ردود أفعال، بين مرحّبة وأخرى متحفّظة ومستهجنة.

بعد منحها صفة مدينة: عرابة، هل هي مدينة أم قرية كبيرة؟

عرابة 2016 بعدسة "عرب 48"

أصدرت وزارة الدّاخليّة قرارها بمنح قرية عرّابة البطوف صفة المدينة، وذلك بعد سلسلة لقاءات ومداولات بين إدارة مجلس عرّابة المحليّ والوزارة، وهذا القرار لاقى ردود أفعال، بين مرحّبة وأخرى متحفّظة ومستهجنة، إذ اعتبر البعض أنّ صفة المدينة ستفتح المجال للمشاريع التّطويريّة وستزيد الميزانيّات لتطوير البلدة بما يتناسب مع المتطلّبات والخدمات العصريّة، إلاّ أنّ شريحة اعتبرت أنّ المدينة ليست ميزانيات وعدد سكان بل عليها استيفاء مقوّمات وشروط جمّة من الصعوبة أن تتوفّر في هذه القرى الكبيرة، وبعض أحيائها الشّبيهة بالمخيّمات.

النّاشط المحامي صابر نصّار اعتبر أنّ البلدة تفتقر للمقوّمات، قال: 'في وضعها الرّاهن، عرّابة هي أشبه بقرية كبيرة وبعيدة كل البعد عن ملامح ومقوّمات المدينة عامّة والمدينة العصريّة خاصّة: عرّابة تفتقر إلى ملعب كرة قدم وفرقها الرّياضيّة تلعب مبارياتها على ملاعب القرى المجاورة التي لا يتجاوز تعداد سكّانها بضعة آلاف. هي تفتقر أيضًا إلى منطقة صناعيّة وأكثر من ذلك، ترهّل بنيتها التّحتيّة وضيق شوارعها وانعدام الإنارة فيها ليلاً يزيد الوضع سوءً. هذه هي نصف الكأس الفارغة.

وأمّا نصف الكأس الآخر، فهو الأمل بأن يكون قرار وزير الدّاخليّة له ما يسوّغه وأن يكون بارقة أمل، إذ يضيف نصّار: 'نأمل أن يرافق هذا الإعلان عن عرّابة كمدينة، زيادة في الميزانيّات العاديّة وغير العاديّة وأن تترجم هذه الميزانيّات على ارض الواقع. نطمح ونحلم كذلك أن تكفّ المؤسّسات الحكوميّة عن سياسة الكيل بمكيالين تجاه كل مجتمعنا العربيّ'.

واعتبر علي نعامنة أنّ الإعلان جاء مبكّرًا مستدركًا: 'ولكن رغم ذلك قد يكون لهذه الخطوة إيجابيّات في حال تمّت المبادرة بأجراء تغييرات لتوفير أبسط المقوّمات للنهوض بالعمل'، وأضاف في السّياق ذاته:  'هذا يحتاج إلى تخطيط مهنيّ استراتيجيّ بأعلى الدّرجات، وهو ليس بالأمر البسيط، وبما أنّ الموافقة تمّت، يجب أن تخوض السّلطة المحليّة هذا التّحدّي بإشراك كل الطّاقات المحليّة في مختلف التّخصّصات التّعليميّة والثّقافيّة والتّخطيطيّة لبلورة مشروع المدينة الحديثة التي ستتداخل في المبنى القرويّ المركّب، وهذا الأمر ليس سهلاً لأنّ المدينة ليست عدد سكان وميزانيّات فقط بل مؤسسات وبنى تحتيّة ملائمة تجعلها قابلة للحياة كأساس لنهضة فعليّة ينعكس على مستوى الفرد والجماعة، والأهم على مستوى بناء الإنسان العصريّ والمدينة الحديثة.

أما رئيس قسم المعارف بالمجلس المحليّ، جبر نصّار، فاعتبرها خطوةً هامّة على مستوى إمكانيّة تطوير حياة البلدة ومستوى الخدمات، وقال: 'يصل تعداد سكّان عرّابة 25 ألف نسمة، ولدينا مؤسسات مناطقيّة تقدّم خدمات للبلدات المجاورة'، واعتبر نصّار أنّ 'هناك مقوّمات أساسيّة للمدينة العتيدة من حيث المؤسّسات التّعليميّة والثّقافيّة والبنى التّحتيّة التي تحتاج إلى تخطيط حديث وتطوير مع منحنا الميزانيات وصحيح أنّها قرية كبيرة لكنها قابلة لأن تكون مدينة وتحتاج إلى عمل ضخم'.

وأضاف 'لدينا ملاكات من المختصّين والمهنيّين والموظّفين وأقسام تتطوّر وتتوسّع وهناك قسم الهندسة ينشط ويقوم بتخطيط مشترك مع الأربعة، قرى محيطة بنا ومجلس مسغاف الإقليمي من اجل توسعة المسطح واقامة منطقة صناعية تناسب التخطيط المديني المستقبلي وبالتالي أنا شخصيًّا متفائل حتى يدخل مفهوم المدينة بالعمل على توفير الشّروط والمقوّمات للنهوض بحياة البلد، مع العمل على تطوير البنية التحتيّة، منها الشّوارع والأرصفة ومواقف السّيّارات والمحالّ التّجاريّة وأعتقد أنّ هذه الخطوة هامّة وأفضل من أن نراوح في نفس المكان'.

واعتبر النّاشط الاجتماعيّ، داهش عكري، أنّ 'أيّ صفة تمنح لبلداتنا التي عانت وتعاني تمييزًا كبيرًا وتهميشًا عميقًا، لن يغيّر في جوهرها الكثير' وقال لعرب 48: 'نحن لسنا ضدّ هذا التّحوّل الذي تفرضه حاجة البلدة من ضرورة تطوير بنيتها وهيكلها الأداريّ، وتوسيع وتعميق الخدمات والمبنى الثّقافيّ والاقتصاديّ والعمرانيّ عامّة واستحقاقاته، من ميزانيّات لكن أعتقد أنّ قرارًا من هذا النوع يشترط تنفيذه توسيع المسطّحات وإقرار الخرائط الهيكليّة للبناء، مجاراة مع التّكاثر الطّبيعيّ وكذلك توفير المناطق الصّناعيّة لتطوير الاقتصاد المحليّ وتشغيل العاطلين عن العمل، وكذلك يتطلّب تغيّر كبير في البنى التّحتيّة الخدماتيّة والمؤسّسات التّعليميّة والثّقافيّة'، وأضاف عكري: 'هناك أحياء وأزقّة في كل البلدات القديمة، هي أقرب إلى مخيّم لاجئين منها لأحياء بلدة حديثة مرشّحة لأن تكون مدينة. ويجب أن تنعكس هذه الخطوة في ترجمة على الأرض لتحقيق المستلزمات المدينيّة'.

اقرأ أيضًا | منح عرابة البطوف صفة مدينة

التعليقات