انخفاض منسوب المياه في بحيرة طبريا يثير القلق

في سياق الحديث عن شح الأمطار هذا العام وانخفاض منسوب مياه بحيرة طبريا، يخشى المسؤولون والمستثمرون من تداعيات هذا التراجع على مختلف المستويات.

انخفاض منسوب المياه في بحيرة طبريا يثير القلق

بحيرة طبريا

في سياق الحديث عن شح الأمطار هذا العام وانخفاض منسوب مياه بحيرة طبريا، يخشى المسؤولون والمستثمرون من تداعيات هذا التراجع على مختلف المستويات.

وفيما عدا كونها خزان مياه مهمّ، تعتبر بحيرة طبريا موقعًا مقدّسا بالنسبة للعرب المسيحيين، وموقعا مهما لسياحة الحجاج للكنائس. وتعتبر أيضًا موقعا رائعا للاستجمام بالنسبة للمواطنين العرب.

جمال حوض البحيرة والطبيعة الخلابة والجو الحار والرطب في الصيف هي خصائص واضحة لهذه البحيرة. وهناك المقياس المستخدم لقياس منسوب مياه البحيرة وهو يدل على الانخفاض الحاد الذي طرأ على البحيرة عبر مقياس إلكتروني يبين تراجع كمية المياه في البحيرة لدرجة كبيرة.

تعتمد السلطات الإسرائيلية على المياه الجوفية وعلى بحيرة طبريا كمصادر مائية طبيعية، لكن البحيرة وصلت إلى مرحلة الخطر حيث تم الإعلان عن وقف ضخ المياه من البحيرة إلى منطقة النقب، جنوب البلاد، عبر مشروع المياه القطري للحفاظ على المياه المتناقصة في البحيرة والذي من شأنه أن يترك آثارا كبيرة على المصادر المائية والثروة السمكية وكذلك على قطاع السياحة والاستجمام.

خلايلة: 'وضع البحيرة مقلق'

راتب خلايلة من قرية العزير وهو صاحب شاطئ 'رستال' للاستجمام وصاحب مطعم يعتاش من المكان منذ 15 عاما بعد أن قام باستئجار مساحة من الشاطئ، أكد أن غالبية رواد المكان هم من المواطنين العرب، وقال لـ'عرب 48' إن 'تراجع منسوب المياه سيؤثر على عملنا ودخلنا لدرجة كبيرة، وذلك أولا يعود لبعد المياه عن شاطئ المستجمين والتي قد تصل المسافة بين ضفاف البحيرة واليابسة في بعض الأماكن من 200-300 متر، وهذا يمنع الكثيرين من العائلات من زيارة المكان بسبب انعدام الجمالية في المكان، وكذلك الابتعاد عن أطفالهم خلال السباحة، وخشية من خطر الغرق. ومن جهة أخرى فإن تناقص مياه البحيرة يؤثر على الثروة السمكية لأن نقص المياه يزيد من ملوحة مياه البحيرة غير المالحة نسبيا، وكذلك تكاثر الأعشاب والنباتات العالية على ضفاف البحيرة'.

وأضاف أنه 'رغم هذا التراجع في مجمل منسوب البحيرة إلا أن هذا الشاطئ هو الأقل من ناحية تراجع منسوب المياه. نحن نعمل في كيفية تعويض هذا النقص لمواجهة الموسم القادم'.

عيد: 'تأثير على الحركة السياحية'

وقال ريمون عيد من قرية عيلبون وهو صاحب مطعم سياحي في أحد الشواطئ الشمالية للبحيرة، لـ'عرب 48'، إنه 'لا شك أن التراجع  في منسوب المياه يؤثر لدرجة كبيرة على بهجة المكان وجماليته وحيويته ناهيك عن أنه مصدر أساسي لمياه النقب، لكن بالنسبة لي شخصيا فإنه حقيقة لا يؤثر على عملي لأنني اعتمد على الزبائن من السياح الأجانب بنسبة تزيد عن 90% وحقيقة يؤثر على الزبائن المحليين بسبب الأوضاع السياسية، لكن لا شك أن استمرار تراجع منسوب مياه البحيرة من شأنه أن يؤثر بالمستوى البعيد على مجمل الحركة السياحية والمستجمين في محيط البحيرة الذي يضم مئات أماكن الاستجمام. وأرى أنه في حالة استمرار تراجع منسوب المياه في السنوات القادمة سيتأثر الجميع وسيتغير كل المشهد لأن مياه البحيرة هي التي تشكل نبض الحياة وحيوية المنطقة'.



ياسين: 'مؤشر لأزمة كبيرة'

ويعمل صائب ياسين منذ سنوات طويلة في أحد الشواطئ الشمالية، وقال لـ'عرب 48' إن 'إعلان شركة المياه القطرية ومديرية البحيرة بوقف ضخ المياه للمشروع القطري المؤدي للنقب هو مؤشر لأزمة كبيرة في وضعية البحيرة المتناقصة مياهها عاما بعد عام. أما على صعيد السياحة والاستجمام ومن خلال تجربتي الشخصية فإنه سيتأثر لدرجة كبيرة بسبب بعد المياه عن الضفاف، وتناقص المياه يتسبب بتعكير المياه وصعوبة السيطرة على نظافة الشواطئ، وأعتقد أنه بالنسبة لمديرية البحيرة ستكون خسارة كبيرة على مستوى الاستثمار السياحي وتراجع حركة الاستجمام وكذلك كمصدر مياه هام خاصة لمنطقة النقب وللزراعة أيضا في المنطقة هنا التي أعتقد بأنها ستتضرر لدرجة كبيرة بالإضافة إلى الثروة السمكية التي تتميز بأنواعها هذه البحيرة'.

واعتبر أحد صيادي الأسماك أن حركة الصيد بدأت تتراجع تدريجيا لأن انخفاض منسوب مياه البحيرة يؤثر لدرجة كبيرة على حركة الصيد وكمية الأسماك بسبب زيادة الملوحة بالمياه ولأن أسماك البحيرة لا تعيش بالمياه المالحة ناهيك عن التلوث والأوساخ التي قد تتراكم، وقال إنه 'إذا استمر هذا التراجع عاما بعد عام ستكون حال البحيرة كارثة'.

مشروع المياه القطري...؟

مشروع المياه القُطري هو أكبر مشروع للمياه في إسرائيل، مهمته الرئيسية نقل المياه من بحيرة طبريا الواقعة في أقصى الشمال الشرقي على الحدود مع الجولان السوري المحتل إلى المراكز ذات الكثافة السكانية العالية في إسرائيل وإلى الجنوب القاحل وإرواء مساحات واسعة من أراضي النقب لتشجيع الحركة الاستيطانية فيه وجذب عدد أكبر من اليهود للعيش هناك.

ولإنجاز المشروع قامت الحكومة الإسرائيلية بمصادرة الآلاف من الدونمات على طول المشروع وتضررت من جراء ذلك قرى عربية كثيرة، منها قرية كفر مندا وسهل البطوف والبلدات المحيطة مثل عرابة وسخنين وغيرها التي خسرت مساحات واسعة من أراضيها الزراعية لصالح هذا المشروع الذي لم يفدها بشئ، ويهدف المشروع إلى استخدام المياه بكفاءة وتنظيم إمدادات المياه في البلاد. يمكن النقل حتى 72000 متر مكعب من الماء وأن تتدفق من خلال الناقل كل ساعة، أي ما مجموعه 1.7 مليون متر مكعب في اليوم.

ولقد أقرت الحكومة الإسرائيلية هذا المشروع في مطلع الخمسينات، وانتهى العمل منه في العام 1964، وكان ذلك أحد دوافع الدعوة لقمة عربية في القاهرة عام 1964. وهذا المشروع هو جزء من خطة إسرائيلية للسيطرة على المياه في منابع نهر الأردن. وقامت القوات السورية بتسديد ضربات باتجاه المضخات التي وضعتها إسرائيل في منطقة شمالي بحيرة طبريا، وذلك لتجاوز إسرائيل المعايير والاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمحاصصة بالنسبة لكميات المياه. وعلى أثر المشروع الإسرائيلي بادرت سوريا إلى بناء مشروع للاستفادة من المياه في تلك المنطقة، ووقعت مصادمات عسكرية بين إسرائيل وسوريا عام 1965 عُرفت بحرب المياه.

معظم أعمال المياه في إسرائيل في اتصال مع المشروع القطري للمياه، حيث أن طوله يبلغ 130 كيلومترا وهو الناقل للمياه، يتكون من نظام من الأنابيب العملاقة والقنوات المفتوحة والأنفاق والخزانات ومحطات ضخ عملاقة. بناء الناقل كان تحدياً كبيراً لأنها تقطع التقنية في مجموعة واسعة من التضاريس والارتفاعات.

التعليقات