العنف... خطر وجودي بلغ حدًا لا يطاق

تواصل لجنة مكافحة العنف المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا في البلاد استعداداتها لعقد مؤتمر مكافحة العنف، في ظل التشديد على ضرورة إعداد حملة توعية شعبية ونشر ثقافة بديلة وتطوير سلوك آخر رافض للعنف.

العنف... خطر وجودي بلغ حدًا لا يطاق

تواصل لجنة مكافحة العنف المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا في البلاد استعداداتها لعقد مؤتمر مكافحة العنف، في ظل التشديد على ضرورة إعداد حملة توعية شعبية ونشر ثقافة بديلة وتطوير سلوك آخر رافض للعنف.

وكانت القائمة المشتركة قد انتقدت وزير الأمن الداخلي، غلعاد إردان وقيادة الشرطة الإسرائيلية، على تقصيرهم وتخاذلهم المتواصل في مكافحة ظاهرة السلاح غير المرخص في المجتمع العربي، والتي تسببت بمقتل 1160 مواطنا عربيا في غضون 15 عاما.

ملف حارق

وشدد البروفيسور محمد حاج يحيى بدوره على الخطورة البالغة في هذا الملف الحارق على مختلف المستويات من العنف، سواء كانت جرائم القتل على خلفيات مختلفة من نزاعات عائلية وأسرية، أو في المدرسة والشارع والعصابات وظاهرة الخاوة التي تفشت وباتت حالة خطيرة جدا ومستعصية تحتاج إلى موارد وأدوات كبيرة لا نملكها.



وقال لـ'عرب 48' إنه 'علينا أن نتحرك بكل قوانا ومواردنا المتواضعة، ويتطلب التحرك أيضا من كل الجهات المهنية والأكاديمية والشعبية والدينية، كل من موقعه، لمناصرة كل نشاط هادف'.

وحول النشاطات السابقة فيما إذا كانت ترقى لمستوى هذا الملف الخطير، قال إنه 'لا شك إنها نشاطات مبنية على النوايا الحسنة، ولا بأس بها، وهي نابعة من الحرص على الأمن الاجتماعي والأخلاقي، لكن دعنا نعترف أن كل الجهات لا تمتلك الموارد المهنية والاقتصادية والمؤسساتية لمواجهة هذا التحدي الأخطر، ونضالنا يجب أن يكون بخطين متوازيين وهو نضالنا مقابل الدولة التي يجب أن توفر هذه الموارد وأن تطبق القانون على الخارجين عنه من أعمال عنف وجرائم وتحسين جودة الحياة لدى المواطنين، وبالمقابل علينا أن نفعّل الحراك الجماهيري والشعبي والتوعوي، وعلى سبيل المثال عندما نتحدث عن قيم التسامح وثقافة الحوار أو العمل على تحسين جودة الحياة أمام مستوى الحياة المتدني فقد يحتاج هذا العمل إلى لجان وطواقم عمل في مجالات مختلفة، وهذه تحتاج إلى موارد كبيرة، لأننا نتحدث عن مجتمع واسع. وفي وقت نحمّل الدولة المسؤولية وممارسة الضغط عليها للقيام بواجبها تجاه مواطنيها علينا أن نجري نقدا ذاتيا، وبالتالي على كل القوى أن تعيد النظر في وضعيتنا وفي الأدوات المتبعة ككل وأن نتحمل المسؤولية الجماعية لحماية مجتمعنا أمام أخطر ظاهرة نواجهها'.

خطر وجودي

واستعرض مفتش المجتمع العربي في سلطة مكافحة المخدرات، د. وليد حداد، مخاطر ظاهرة العنف والجريمة، معتبرا أنها باتت بمستوى الخطر الوجودي ولا تقل خطورة عن مسألة الأرض والبقاء.
 وقال لـ'عرب 48' إن 'التحرك بهذا الملف جاء متأخرا والتحركات السابقة لم تتم ضمن خطة وإستراتيجية واضحة، بل كانت أقرب إلى ردود الفعل. لم تضع السلطات والمؤسسات المحلية في السابق لم تضع هذا الملف على رأس أجندتها، لكن في السنوات الأخيرة تزايد الوعي تجاه مخاطر الظاهرة وحدث تغيير إيجابي لدى ممثلي الجمهور والسلطات المحلية خاصة وأن البعض منهم أصيب بنار العنف، إلى جانب بعض تغير بعض القيادات وأدائها'.

وشدد على أنه 'يجب أن نعي جميعا أننا عندما نتحدث عن هذا الملف الحارق إنما نتحدث عن خطر إستراتيجي والتعاطي معه كخطر وجودي قبل قضية الأرض، خاصة وأن ثقافة العنف السائد ليست من نوع العنف التقليدي الحمائلي، بل هي ثقافة أحياء الفقر المهمشة مثل الأقليات المهمشة في بعض دول العالم، وإذا استمر الحال على ما هو الآن فإن الأمر في غاية الخطورة'.

وأضاف: 'صحيح أن الدولة والشرطة مسؤولتان عن توفير الأمن والأمان للمواطنين، لكن نحن كمجتمع ومؤسسات منوط بنا عملية التربية والتثقيف وتوفير الأطر الملائمة لأبناء الشبيبة لسد الفراغ وتفادي الإحباطات وفق إستراتيجة بعيدة المدى لفتح آفاق وبث أمل بالمستقبل ومعنى للحياة لدى الشباب. أصبح الجميع اليوم يعرف أن العنف بلغ حد لا يطاق، ويعرف أنه تهديد إستراتيجي، لذلك علينا العمل على صياغة مواثيق تتضمن عقابا اجتماعيا لكل من يبادر إلى إثارة أو ممارسة العنف، وعلى سبيل المثال من الممكن طرح فكرة المقاطعة الاجتماعية لأفراح ومناسبات اجتماعية يتم بها إطلاق النار والمفرقعات التي تهدد حياة الناس، كما نحتاج إلى مهارات ومسؤولية في جهاز التعليم لوضع برنامج توعوي دائم للطلاب، وكذلك إشراك الأهالي في دورات خاصة. نحن لا نحتاج إلى وزارة المعارف ولا إلى ميزانيات بل يكفي أن يقوم رئيس سلطة محلية بتوجيه مدراء أقسام المعارف لإدخال برامج مكافحة العنف في المدارس وذلك مع الاستمرار بالضغط على الشرطة لردع ومعاقبة الجناة'.

مخطط مركب وخطير

وقال الناشط أليف صباغ لـ'عرب 48' إن 'المعطيات مذهلة وصادمة وأكثر بكثير مما كنا نتوقع، حيث بينت أنه سقط 1160 ضحية للعنف في غضون 15 عاما'.

وأضاف أنه 'علينا المبادرة والعمل فمرحلة التوصيف والتشخيص انتهت ونحن أولا كمجتمع علينا تحمل المسؤولية تجاه أنفسنا وتحميل الحكومات الإسرائيلية مسؤولية حماية المواطن وانتشار الأسلحة، وهي تتحمل مسؤولية الكشف عن المجرمين لأنه لو كانت هذه الأسلحة موجهة لغير العرب لأقامت الدنيا ولم تقعدها'.
وأشار إلى أن 'الشرطة تدفعنا إلى أن نطالب بتواجدها في بلداتنا وهذا مخطط مركب وخطير، ويجب الاعتماد على أنفسنا دون إعفاء الحكومة من دورها ومسؤوليتها'. 

التعليقات